05-أبريل-2024
الدمار في محيط مجمع الشفاء

(epa) عمّقت الحرب على غزة من الخلافات السياسية في بريطانيا

لا يزال موقف الحكومة البريطانية من الحرب الإسرائيلية على غزة، وتجاهلها لدعوات وقف مبيعات الأسلحة إلى "إسرائيل" عقب تلقيها مشورة قانونية من محاميها تؤكد أن الأخيرة انتهكت القانون الإنساني الدولي في حربها على قطاع غزة، مثار جدل ونقاش تتصاعد حدته يومًا بعد آخر في المملكة المتحدة.

وارتفع عدد الحقوقيين والقضاة البريطانيين الذين وقعوا على رسالة تحذّر رئيس الحكومة البريطانية، ريشي سوناك، من انتهاك القانون الدولي في حال الاستمرار في تسليح "إسرائيل"، إلى أكثر من 750 شخصًا، بينهم اللورد روبرت كارنوث الرئيس السابق للمحكمة العليا البريطانية، واللورد برينان كيه سي رئيس المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب المعنية بالشؤون القانونية والدستورية، ورئيس سابق لنقابة المحامين في إنجلترا وويلز.

 ويدعو الموقعون على الرسالة، بينهم أربعة قضاة سابقين في محكمة الاستئناف، وأكثر من 70 عضوًا في مجلس القضاء الأعلى، وأكثر من 100 شريك ومدير مكتب محاماة، وعشرات أساتذة القانون؛ إلى تعليق مبيعات الأسلحة إلى دولة الاحتلال، مؤكدين أن الاستمرار في تزويدها بالأسلحة يتعارض مع التزام الحكومة البريطانية بالقانون الدولي.

لا يزال موقف الحكومة البريطانية من الحرب الإسرائيلية على غزة، وتجاهلها لدعوات وقف مبيعات الأسلحة إلى "إسرائيل"، مثار جدل ونقاش تتصاعد حدته يومًا بعد آخر

واستنادًا إلى استنتاج محكمة العدل الدولية بأن هناك خطرًا معقولًا بحدوث إبادة جماعية في غزة، والتزامات المملكة المتحدة باتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، تنص الرسالة على أن وقف مبيعات الأسلحة هو وسيلة ردع محتملة، وإجراء من شأنه منع وقوع الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

وتدعو الرسالة أيضًا إلى العمل من أجل وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وفرض عقوبات على الذين يحرضون على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، إضافةً إلى إعادة تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

وطالبت الرسالة حكومة سوناك بتعليق: "خريطة الطريق لعام 2030 للعلاقات الثنائية بين المملكة المتحدة وإسرائيل والمفاوضات نحو اتفاقية تجارية معززة، والبدء في مراجعة تعليق اتفاقية التجارة الثنائية بين المملكة المتحدة وإسرائيل"، إضافةً إلى النظر في فرض عقوبات عليها. وفي ظل تزايد عدد الموقعين على الرسالة، إلى جانب مكانتهم كقضاة وحقوقيين بارزين، فإنه من الصعب على الحكومة البريطانية تجاهلها.

شخصيات بارزة في "حزب العمّال" تدعو لوقف مبيعات الأسلحة لـ"إسرائيل"

وفي السياق نفسه، دعا عمدة لندن، صادق خان، إلى الوقف الفوري لمبيعات الأسلحة البريطانية إلى "إسرائيل"، وذلك إلى جانب عدد من المسؤولين والشخصيات البارزة في "حزب العمّال" الذين ينتمي إليه خان ويُعتبر من أبرز شخصياته.

وقال خان إنه يجب على سوناك وقف مبيعات الأسلحة إلى "إسرائيل"، معبّرًا عن شعوره بالفزع من الطريقة التي استهدفت بها قوات الاحتلال قافلة مساعدات تابعة لمؤسسة "المطبخ المركزي العالمي" في مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، يوم الإثنين الفائت.

وبينما شدد على ضرورة وقف جميع مبيعات الأسلحة إلى "إسرائيل"، مستنكرًا إخفاء الحكومة للمشورة القانونية بشأن انتهاك الأخيرة للقانون الدولي الإنساني في حربها على غزة؛ أكد خان أيضًا أنه يجب محاسبة الحكومة الإسرائيلية على انتهاكاتها.

واعتبرت مارغريت بيكيت، التي شغلت منصب وزيرة الخارجية في حكومة توني بلير، أنه على حكومة سوناك التعامل بجدية مع مطالبات وقف مبيعات الأسلحة إلى "إسرائيل". وتأتي هذه التصريحات بعد مطالبة أكثر من 50 نائبًا من "حزب العمّال" بإنهاء مبيعات الأسلحة لدولة الاحتلال. 

وأكد تشارلي فالكونر، وزير العدل في حكومة بلير، أن قطاع غزة يشهد معاناة رهيبة، وأن: "الأدلة تتزايد على الضرر الذي لا يطاق الذي يلحق بغير المقاتلين. فلماذا لا يكون خرقًا؟ عليهم تقديم بعض التوضيحات. ما هو الأساس الذي استنتجت عليه الحكومة البريطانية أنه ليس عليها إلغاء تراخيص [الأسلحة] هذه؟".

وتأتي مطالبات ودعوات هؤلاء، الذين يُعتبرون من الشخصيات البارزة في "حزب العمّال"، في الوقت الذي لا يزال فيه الموقف الرسمي للأخير غير واضح وضبابي تجاه مسألة وقف مبيعات الأسلحة، ما يُشير إلى نوع من الانقسام بين قيادة الحزب وعدد من نوابه وكبار شخصياته.

دعوات لطرد المؤيدين لإسرائيل من "حزب المحافظين"

وبدوره، يشهد "حزب المحافظين" اضطرابات وخلافات عدة بسبب الموقف من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ومسألة مبيعات الأسلحة إليها. ويجري الحزب حاليًا تحقيقًا مع الوزير السابق آلان دنكان على خلفية دعوته لطرد من وصفهم بـ"المتطرفين المؤيدين لإسرائيل" داخل الحزب، بما في ذلك بعض الوزراء والنواب، بسبب موقفهم من الحرب. 

وقال دنكان، في حديث تلفزيوني، إنه يجب طرد بعض النواب والمسؤولين في الحزب لأنهم يمارسون مصالح دولة أخرى، أي "إسرائيل"، ويضغطون لأجلها. وذلك بالإضافة إلى عدم إدانتهم للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية على الأراضي الفلسطينية.

وأكد أن: "تفعله إسرائيل منذ سنوات كان خطأ لأن الدفاع الإسرائيلي لا يتبع القانون الدولي"، واعتبر أن دعم "إسرائيل" للمستوطنين غير الشرعيين في الضفة الغربية، وسرقة الأراضي من الفلسطينيين وضمها، هو أصل المشكلة، وهو ما أدى بحسب تعبيره إلى هجوم حركة "حماس" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، والحرب الجارية الآن في قطاع غزة.