18-فبراير-2024
أهم القصص المصورة للأطفال وفق العمر

القصص المصورة للأطفال مقسمة وفق العمر

 كان وما يزال لأدب الأطفال أهمية كبيرة، فوجوده لا بد منه عند كل الشعوب ولدى كل الثقافات، كما اعتُني أيضًا بالموضوعات المتناولة فيه حسب الفئة العمرية المقدم إليها، وفي هذا المقال سأتناول الحديث عن مجموعة من القصص المصورة وفقًا للمرحلة العمرية المقدمة إليها.

 

أهم قصص مصورة للأطفال وفق العمر

قص الحكايات فن يتقنه شفيف الروح، خفيفها، هو البوح العذب الذي يتسلل عبر الكلام إلى صميم القلب فيسكن، ويتغلغل منه إلى الذاكرة لينغرس بذورًا لا تلبث مع السنين حتى تصبح شجرًا، حتى إذا ما صارت واحة كانت للنفس ملاذًا رطبًا منعشًا تستظلها كلما ضاقت عليها سبل الحياة واشتدت بها ملمات الدهر. لذلك كان لا بد أن تتناسب كل حكاية مع المرحلة المقدمة لها، وهنا نعرض المراحل العمرية في أدب الطفل وهي مقسمة إلى الفئات التالية: 

  1. من عمر الـ6 أشهر وحتى السنتين.
  2. من عمر السنتين وحتى 5 سنوات.
  3. من عمر الـ5 سنوات وحتى 7 سنوات.
  4. من عمر الـ7 سنوات وحتى 9 سنوات.
  5. من عمر الـ9 سنوات وحتى 12 سنة.

اقرأ/ي أيضًا:
فتنة الحكاية

  1. من عمر الـ 6 أشهر وحتى السنتين

تعتبر قصص مجموعة ماكس لباربرو ليندغرين و إيفا إريكسون، من أفضل ما يمكن تقديمه لهذه الفئة العمرية، وتضم المجموعة عدة قصص منها:

  • حمام ماكس
  • كرة ماكس
  • كعكة ماكس
  • عربة ماكس
  • قطة ماكس

تدور أحداث القصص حول ماكس الطفل الصغير الذي يحب تجربة الأشياء الجديدة ويختبرها حاله حال كل الأطفال في هذا العمر، تحاكي القصص عالم الطفل ورغبته في الاكتشاف واستشعار الأمان بوجود أمه واستمداده القوة منها دائمًا.   

  1.  من عمر السنتين وحتى 5 سنوات

مجموعة كبيرة من القصص التي يمكن تقديمها لهذه الفئة العمرية ومنها:

  • المغامرات الكاملة للأرنب بيتر للكاتبة بياتريكس بوتر
  • مجموعة قصص برهان لجونيللا بيرجستروم
  • حمادة يبني لغونيللا فولده
  • الأم وطفلها الشقي والطفل الشقي مغامر بحري ل باربرو ليندغرين وإيفا إريكسون

 

  1. من عمر الـ5 سنوات وحتى الـ 7 سنوات

غالبًا ما تهتم القصص المقدمة لهذه الفئة العمرية بتقديم موضوعات تخص الأمور التي تطرأ على حياة الأطفال فيها، مثل الذهاب إلى الروضة والتعامل مع الأشخاص الغرباء، كما تهتم بمحاكاة عالم الأطفال الحركي والتقلبات المزاجية من حزن وفرح وغيرها. ومن مجالات أدب الطفل التي تقدمها القصص لهذه الفئة العمرية:

  • الذهاب إلى الروضة لجوزفين سندستروم وميرفي ليندمان
  • دراجة ليلى وليلى ترحل من البيت للكاتبة أستريد ليندغرين 
  • أينما تذهب داني تتبعها السعادة ل روز لاغراكرانتز وإيفا إريكسون
  • هل أنت جبان يا برهان، وهو واحد من قصص مجموعة برهان سابقة الذكر

  1. من عمر الـ 7 سنوات وحتى الـ 9 سنوات

في الأدب المقدم لهذه المرحلة العمرية يبدأ التركيز على تهيئة الطفل للتعامل مع بعض المصائر الوجودية الوارد حدوثها مثل الموت مثلًا وتعريفه كذلك على بعض القضايا المجتمعية المهمة مثل تبادل وجهات النظر واحترامها  والحوار البناء دون الدخول في خلافات وترهات لا ينتج عنها سوى المشاحنات وإضمار العداوة والبغض، أو طرح جوانب من بعض القضايا العالمية مثلًا، وتاليًا بعض النماذج القصصية التي تعبر عن كل ما سبق:

  • زيزفونتي تعزف وعندليبي يغني

في كل قصصها ورواياتها لم تعجز أستريد ليندغرين عن أن تدهشني وتزيد من افتتاني بأعمالها، بهذا الأفق الواسع والخيال المفعم بالحيوية والطفولة، وفي قصتها زيزفونتي تعزف وعندليبي يغني يحالف الحظُ القارئَ بالتقاء بديع للكاتبة الفذة مع المترجمة العبقرية سكينة إبراهيم بسحر مفرداتها وعاطفية سردها وعبقرية التوظيف المدهش لها حتى تكاد تظن أن اللغة الأم للقصة هي العربية وليست السويدية، ومع كل سطر تقرؤه سيتولد الافتتان بالسرد وتتزايد الدهشة ولن يكل القارئ أبدًا حتى يجتاز القصة كاملة.

ومن خلال قصة مفعمة بالعطاء تحارب ليندغرين مشاعر الكره والبغض بالحب والإيثار، هذه الرغبة في  مقاومة كل ظروف الحياة الصعبة التي تبديها ماريا الطفلة اليتيمة ذات الـ8 أعوام تجعل منها رمزًا خالدًا أبد الدهر لما تهدي زيزفونتها روحها لكي تعيش، ثم تختفي هي من الوجود المادي في الحياة ليبقى صوتها شدوًا يغرد به عندليبها على الشجرة. تحاكي القصة مشاعر الطفل النبيلة وتصور عالمه البريء المليء بالحب والرغبة في نشر السعادة أينما حل وارتحل، تعتبر القصة من أبرز الأعمال التي قدمتها الكاتبة.

  • بيضة الشمس

تتناول هذه القصة الإبداعية للكاتبة إلزا بسكوف تبادل وجهات النظر والقدرة على الحوار بطريقة بناءة بعيدة عن المشاحنات والشجار من خلال قصة خيالية رقيقة عذبة لحورية تصادف برتقالة كبيرة ذات يوم وهي تتجول في الغابة، ولجهلها بماهية هذه البرتقالة تتعاون مع أصدقائها لاكتشافها ليتم التوصل في النهاية إلى كونها برتقالة من خلال طائر السمنة الذي عرفها لما هاجر مع سربه إلى بلاد الجنوب البعيدة باحثًا عن الدفء كعادته في كل عام.

وبعيدًا عن أحداث القصة المشوقة فإنها تلامس في بعض التقاطاتها حيزًا راسخًا في الذاكرة الحسية لدى القارئ، ففي اقتباس من القصة تقول الكاتبة "إن صادفت يومًا برتقالة قليلة العصير بعض الشيء، فلا تنزعج، لعل الحورية الصغيرة قد امتصت بعض عصيرها، ولا أظنك تمانع في أن تأخذ الحورية الصغيرة جرعة أو جرعتين من عصيرك"، الآن وأنا أكتب هذه العبارة لا تفارقني ابتسامة عريضة على وجهي وأنا أتذكر كل برتقالة قليلة العصير أكلتها في حياتي وتخيلت أن الحورية الصغيرة قد امتصت من عصيرها.

أهم القصص المصورة وفق العمر
تشكل القصص المصورة للطفل معجمًا لغويًا ضخمًا منذ سنوات نشأته الأولى

  • الصبي والصبية والجدار

كم تساءلت سابقًا: كيف أمكن أولف ستارك تناول قضية حساسة ومهمة بل ومصيرية مثل جدار الفصل العنصري الذي يقيمه الاحتلال في فلسطين وتقديمها للأطفال بهذا الشكل الإبداعي المليء بالشجن والحنين والرغبة في العودة المتوارثة لدى الأجيال المُبعدة من زاوية، وإظهار الشجاعة والصمود الذي لا مفر منه للوجود داخل الأراضي المحتلة من زاوية أخرى؟ حتمًا أولف ستارك ليس كاتبًا كأي كاتب.

يقدم أولف ستارك من خلال قصة أدهم وسلافة الأخوين اللذين حال جدار الفصل العنصري بينهما وبين بيتهما ومدرستهما وشجرة البرتقال ومرآة جدهما المعلقة عليها، أقول يقدم من خلال هذه الأشياء قصة مفعمة بصراع البقاء والخلود، مغامرة يحياها أدهم عند ذهابه متخفيًا بين الخضار بسيارة للنقل ليصل أخيرًا إلى بيته السابق فيشرب من ماء البئر إكسير الحياة، ويتناول من برتقال الشجرة فاكهة الجنة، ويحمل في جيبه مرآة جده المعلقة على الشجرة ويبقي المسمار عليها، خالد على شجرة خالدة، ويحمل معه برتقالتين يأكلهما الأخوان عند عودته وينثران بذورهما في الأرض تحت الجدار إلا أنهما يتنبهان إلى حيلولة وصول الشمس إلى البذور نظرًا للعلو الشاهق للجدار، وهنا يبرز الكاتب نباهة فريدة من نوعها ربما عند أجيال عاشت صراعات الحروب وحرمت من رفاهية المتاح حتى وإن كان مجرد شعاع شمس وطبقت على حياتها المثل القائل "الحاجة أم الاختراع"، الآن، يرفع أدهم مرآة جده بطريقة تعكس أشعة الشمس على الأرض حيث النوى ويقول "ها قد أعدت الشمس".

تعتبر القصة من أجمل وأكثر القصص روعة التي يمكن أن تقدم هذه القضية بشكل باهر للأطفال.

من الضروري اطلاع  الأهل على القصة قبل قراءتها للطفل ومناقشته بأحداثها أثناء القراءة

  1. من عمر الـ9 سنوات وحتى 12 سنة

في هذه المرحلة يبدأ تقديم الأعمال الأكثر استفاضة من حيث المواضيع وطول القصة كذلك لتأخذ طابعًا مختلفًا يتعمق في بعد التفكير لدى الطفل ومحاكاة عقله، ومن أبرز القصص المقدمة لهذه الفئة العمرية:

  • لينيا في حديقة الرسام

تتناول في هذه القصة الكاتبة كريستينا بيورك حياة الرسام الكبير كلود مونييه من خلال رحلة مفعمة بالتشويق والإثارة تقوم بها بطلة القصة لينيا مع العم بلووم، حيث يزوران بيته ويعرفاننا على كل ما كان له دور بارز في شهرته وتفرد فنه، القصة جميلة جدًا ومختلفة كذلك.

  • أسئلة وتساؤلات

كعادته جوستاين غاردر مؤلف قصة أسئلة وتساؤلات يبحر في العقل ليصل به إلى بر أو بحر آخر، ربما، لكنه لا يفتؤ في الإبحار مهما كلفه ذلك من نتائج، فكل العواصف التي تهب في العقل ما هي إلا مجرد عوامل لتحريك الأسئلة والأفكار للوصول إلى نتائج مرضية، ومهما اختلف تشكيل الكلمة (مُرْضيَة أو مَرَضيّة) فالنتيجة واحدة، ففي الأولى استكانة وهدوء للملمة الذات وفي الثانية إشارة للمحاولة الجادة للنجاة وفي كلاهما رغبة في الإبحار أكثر. 

من خلال مجموعة من الأسئلة المثيرة التي تراود ذهن الأطفال في هذا السن يرشدنا غاردر إلى طريق المعرفة، ومن خلال رحلة بطل القصة يطرح الكاتب مستويات متعددة من المشاعر والأفكار في عالم المكان، وما يحتفظ به من الذكريات في عالم الزمان، ينسج قصة فلسفية تكملها رسومات المبدع أكين دوزاكين في عالم مليء بالسحر والغرابة.

 

لا بد من الإشارة إلى أن هذه القصص ليست الوحيدة التي يُنصح بقراءتها واقتنائها، ولكنها بلا شك من أفضل القصص، فالمكتبات تزخر بالعديد من الإصدارات المميزة مترجمة أو غير المترجمة. 

ومن الضروري التطرق إلى أهمية الاطلاع على القصة قبل قراءتها للطفل ومناقشته بأحداثها أثناء القراءة، والأهم من ذلك هو عدم استغباء الطفل عند المناقشة، فالأطفال من أكثر الكائنات ذكاء، وهو ليس ذكاء كأي ذكاء بل هو ذكاء مركب، فالمعلومة التي نقدمها اليوم لأطفالنا سيبنون عليها معلومات أخرى بعد سنوات، لذا علينا الحرص دائمًا على تقديم المعلومة الصحيحة وعدم التملص منها.

إن أهمية القصص المصورة للطفل لا تقل أهمية عن الطعام والشراب، هي ليست رفاهية بل ضرورة لا بد من تقديمها للطفل، حيث تشكل القصص المصورة للطفل معجمًا لغويًا ضخمًا منذ سنوات نشأته الأولى، مما يعني وجوب الاهتمام كذلك بنوعية القصص المقدمة له ومناسبتها لمرحلته العمرية، كما أن تقديمها للطفل يعتبر من أهم خطوات تأسيس الطفل في القراءة والكتابة.