01-فبراير-2024
صورة لمقال أنواع أدب الأطفال ومجالاته

مجالات أدب الأطفال وأنواعه

نظريًا، لن يختلف اثنان على أهمية الأدب للطفل، عمليًا، من يدعم أدب الطفل ويقدمه لأبنائه على غيره من الأمور سيكون وجوده نادرًا. ربما نعزو ذلك لندرة معرفتنا بأدب الطفل وأهميته، والثقافة المحيطة التي تعامل الأدب كضرب من ضروب الرفاهية لا غير، إلا أن الأدب والقراءة بالنسبة للطفل من أهم ما يمكن أن يُقدمه له الأهل طوال حياتهم، يوجب هذا عليهم بطبيعة الحال معرفتهم بأنواع أدب الأطفال ومجالاته، ليتمكنوا من تقديم الأفضل لأطفالهم.

 

أنواع أدب الطفل ومجالاته

أدب الطفل أو كما يحلو للبعض تسميته "أدب ما قبل النوم" هو فن له تاريخ متجذر في العمق حتى الإنسان الأول، حيث كان على شكل قصص مغامرات يرويها على مسامع الأطفال حتى توارثتها الشعوب لاحقًا وصارت جزءًا لا يتجزأ من ثقافتهم. وتتعدد أنواع أدب الطفل ومجالاته ومنها:

  • القصة
  • الشعر
  • الأدب الشعبي
  • مسرح الدمى
  • الرواية
  • التهاويد، وفيما يلي شرح لكل نوع منها.

 

  1. القصة

وتحوي القصة أكثر من لون فني ومنها:

  • قصص الخيال

وهي القصص المستمدة من خيال الكاتب بما يتناسب مع أفكار الطفل ومتطلباته، وتهدف إلى إيصال معلومات مفيدة للطفل من خلال عرضها بأسلوب خيالي شيق. وقصص الخيال من أبرز أنواع أدب الأطفال وهي مستمدة أصلًا من الموروث الشعبي القديم الذي قام على فكرة الخوارق والأساطير، والتي لا بد أن كل شخص منا قد حظي بالاستماع إلى إحداها. ومن القصص الخيالية الجميلة في العصر الحديث قصة بيضة الشمس للكاتبة إلزا بسكوف والتي تدور أحداثها بين مجموعة من الحيوانات مع حورية في الغابة لتوصل للطفل وباحترافية وأسلوب شيق يعرض أهمية الحوار والتوصل إلى حل للمشكلة من خلاله.

  • قصص المغامرات

من أبرز أنواع أدب الأطفال، تدور أحداثها حول بطل يخوض مغامرات شيقة ومسلية لا تخلو من العبرة والفائدة، يتم طرحها بأسلوب سلس يدعمه عنصر المفاجأة والدهشة، ومن أشهر قصص المغامرات قصة توم سوير لكاتبها مارك توين، ومنها تم استلهام الفيلم الكرتوني الشهير توم سوير.

  • القصص الاجتماعية

 وهي قصص واقعية تعالج مشاكل وظروف اجتماعية من الحاضر المعاش بغية تقديم نصيحة إرشادية متخفية للطفل يستنتجها من خلال تحليله للقصة وانجذابه نحوها، وهي من أكثر أنواع أدب الأطفال قربًا للنفس نظرًا لمعالجتها للواقع. ومن القصص الواقعية المرهفة قصة الصبي والصبية والجدار لكاتبها أولف ستارك والتي طرح بها قضية بناء جدار الفصل العنصري في فلسطين ويبحث أثره في نفوس الأطفال هناك من خلال قصة بين الأخوين أدهم وسلافة، أدهم الفتى المغامر الذي يجتاز الجدار رغم كل الحصانة التي تحيط به وسلافة الشاعرة الصغيرة التي لا يثنيها مرضها عن مواصلة السعي وراء حلمها، هذه القصة تعبر عن واقع يحياه الأطفال الفلسطينيون يقدمه الكاتب بأسلوب شيق ومدهش.

  • قصص الحيوانات

واحدة من أبرز أنواع أدب الأطفال، وهي مجموعة من الأحداث التي تدور على ألسنة الحيوانات بغية لجعلها أقرب إلى نفس الطفل وأكثر إثارة ودهشة، ومن أشهر القصص التي تدور على ألسنة الحيوانات قصة فرخ البط القبيح لكاتبها هانز كريستن أندرسن، والتي يتناول فيها الكاتب أهمية تعزيز ثقة الطفل بنفسه.

مجالات أدب الطفل
قراءة الأدب تشحذ خيال الطفل

 

  1. الشعر

تصدر الشعر رأس قائمة أنواع أدب الطفل بالظهور في الوطن العربي مع بدايات القرن العشرين، وكان رائده أمير الشعراء أحمد شوقي عندما خص الاطفال بثلاثة قصائد في ديوانه الشوقيات وهذه القصائد هي:

  • الديك الهندي
  • الدجاج البلدي
  • الصياد والعصفورة

أما في الغرب فيعتبر كتاب كنز الإوزة الأم الذي شرحه بالصور ريمون بيرجس من أبرز الأعمال الشعرية المقدمة للأطفال.

أما في إنجلترا فقد كتب ميلن مجموعة شعرية موجهة للأطفال عنوانها حين كنّا صغارًا للغاية 1924 والآن بلغنا السادسة 1927 وهي مجموعة تندرج تحت مسمى الشعر الفكاهي، وأما شعر الأطفال غير الفكاهي يعنى بوصف مشاعر الأطفال ورؤيتهم للعالم من حولهم، وتمثله أشعار روبرت لويس ستيفنسون، حديقة أشعار الطفل 1885. وأشعار ألين فيشر أرانب 1983 حيث تصوّر العالم من وجهة نظر الطفل.

 

  1. الأدب الشعبي

وهو الموروث الذي تناقلته الشعوب عبر الأزمان المتتالية، والتي تحوي مجموعات من غرائب الأخبار وعجائبها، وهي قصص ليس لها قواعد ثابتة وإنما وصلت لنا من خلال الحكواتيين وفيما بعد تم جمعها في كتب ومجلدات، ومن أبرز القصص الشعبية المتوارثة حكايات ألف ليلة وليلة وحكايات كان ياما كان.

 

  1. مسرح الدمى

أو مسرح العرائس، وهو من الفنون القديمة جدًا والتي تعود بأصلها إلى الآسيويين، في الأصل لم يختص مسرح الدمى بالأطفال فقط، فقد كان وسيلة ترفيه للكبار والصغار على حد سواء، إلا أنه في العصر الحديث اختص تقديمه بالأطفال أكثر.

 

  1. الرواية

على الرغم من ازدهارها كثيرًا في العصر الحديث إلا أن تاريخ ظهور روايات الأطفال يعود لبدايات القرن الـ19، ورواية الطفل ما هي إلا قصة مطولة يشرح فيها الكاتب قصته وشخصياته والأحداث بطريقة تفصيلية أكثر من القصة القصيرة.

وتتعدد الأمثلة على روايات الطفل في العصر الحديث، ومن رواد هذا النوع من الأدب الكاتبة السويدية المتفردة أستريد ليندغرين، حيث تتميز بأسلوب قصصي شيق بطريقة تتواءم مع ميول الطفل ورغباته وشقاوته دون إغفال عنصر النصيحة التي تُغلف بطريقة مرحة مليئة بالمغامرة اللطيفة، ومن أبرز روايات أستريد ليندغرين:

  • سر النار
  • جنان في بيت يا ليت
  • الأخوان
  • راسموس والمتشرد

 

صورة لمقال أنواع أدب الطفل
رواية الطفل قصة مطولة تفصيلية وتختلف عن القصص المصورة بالحجم ونمط الرسوم

 

  1. التهاويد

وهي أكثر أنواع أدب الأطفال تميزًا وتعتقًا، وهي الترنيمات التي كانت تهدهد بها الأمهات أطفالهن. تحمل التهويدة قصة مختصرة عن حياة ما عبرت أزمانًا عديدة وطافت عبر كل اللغات والألسن لتستقر أخيرًا في أذن صغير يغالبه النوم. التهاويد تحمل طابعًا خاصًا، طابعًا يغلب عليه الحنين والشجن، التهاويد جزء من تكويننا وهي أغلى أنواع أدب الطفل على قلوبنا، ذلك أنها لم تُرنم بلسان أمهاتنا فقط وإنما بقلوبهن الحانية.

 

ما هي أهمية تنوع أدب الطفل

كما أنه لا يمكن لإنسان تناول نوع واحد من الطعام أو الشراب لوقت طويل، فإنه لا يمكن كذلك تقديم نوع واحد من الأدب للطفل لوقت طويل كذلك، ولما قرنت بين أهمية الطعام والشراب بأهمية القراءة فأنا عنيت ذلك بكل تأكيد، على القراءة أن تحظى بنفس درجة الأهمية، فإن كان الطعام والشراب غذاء الجسد ومدده للحياة، فإن القراءة غذاء العقل ومدده لخوض غمار العوالم المختلفة وجني ثمار اختلافها.

أضف إلى ذلك أن هذا التنوع الغني الذي يحظى به أدب الطفل يكسر الملل لديه كما أنه يقدم حلولًا بطرق مختلفة تتناسب مع شخصيات الأطفال المتنوعة، التي تتناولها أنواع أدب الأطفال المختلفة المذكورة سابقًا.

 

أخيرًا، لا يخفى على أحد أن أفضل وأهم ما يساعد الطفل على التطور والنبوغ هو القراءة، ومن هنا كان لزامًا على الأبوين السعي للإلمام بكل ما هو هادف، ليساعدهما على العبور بطفلهما إلى بر الأمان، وبما أن لأدب الطفل دورًا كبيرًا في تغيير بنية الطفل العقلية، ولأنه أحد أهم الأسباب التي يحظى من خلالها الطفل بمعجم لغوي كبير يمكّنه لاحقًا من الإفصاح عما يدور في خلده من أفكار وعواطف كثيرة، نظرًا إلى هذه الأهمية الكبيرة سعى معظم الكتاب المختصين بأدب الطفل إلى تحسين أدب الطفل وتطويره والحرص على تنوع أساليبه ومجالاته؛ ليناسب أذواق الأطفال عامة، وليكون متنفسًا لهم يعبُرون من خلاله إلى عوالم أكثر رحابة وانطلاقًا.