22-يناير-2017

لقاء الجزائر وتونس في أمم أفريقيا (Getty)

استغربت كثيرًا للحنق الكبير والانتقادات اللاذعة التي وجهها جمهور وعشاق المنتخب الجزائري لكرة القدم، بعد إخفاقه أمام نظيره التونسي، غضب وتهكم واستياء حملها التعليقات على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عج هذا الفضاء الافتراضي وبخاصة الفيسبوك بكلمات غاضبة ذهب البعض فيها إلى اتهام اللاعبين ببرودة القلب، فيما شكك البعض في وطنية محاربي الصحراء.

استغربت كل هذه الانتقادات لأسباب عديدة، أهمها أن منتخب "الخُضر" كان قبل وقت قريب صانع أفراح الجزائريين، وأخرجهم من سكرات الحزن التي لفّته خلال سنين الإرهاب الدموي، وهو أمر لا يختلف عليه اثنان.

في الجزائر صوت الإلهاء بكرة القدم أعلى من صوت المواطن الغارق في عذاباته اليومية، في القرى والمداشر التي افتقد سكانها لقارورة غاز

لقد تمكن "الخُضر" من خطف عقول وقلوب الملايين وقتها، لكن اليوم سقطتان للفريق في نهائيات كأس أفريقيا التي تجري بالغابون كلفت عناصر المنتخب الكثير، ويبدو أن ذاكرة الكثيرين ضعيفة، حيث مسحت المشاركة المشرّفة للمنتخب في نهائيات كأس العالم 2014 بالبرازيل، حيث تناسى الكثيرون ما قدّمه رفقاء المهاجم إسلام سليماني من لحظات فرح وسعادة للجزائريين، فرح هيستيري، أخرج الملايين للشوارع.

ليتعرضوا اليوم لـ"الذبح" بشتى صنوفه القاسية، وكما يقول المثل الشعبي الجزائري "عندما يسقط الثور تكثر السكاكين"، وهو ما ينطبق اليوم على خسارة المنتخب الجزائري في مقابلته الثانية أثناء مواجهته لمنتخب نسور قرطاج.

اقرأ/ي أيضًا: 5 مباريات لا تفوتك من مجموعات أمم أفريقيا 2017

فبالرغم أن الإخفاق كان قاسيًا على الجزائريين، إلا أنها في النهاية تبقى كرة القدم مجرد لعبة، فيها الخاسر وفيها الرابح وفيها المتوج أيضًا، ينتهي مفعولها السحري، وتشنجاتها العصبية بمجرد انتهاء التسعين دقيقة على البساط الأخضر، لكن سقف توقعات الجزائريين في فوز فريقهم كان عاليًا في مثل هذه التظاهرة الرياضية، وهو ما لم يحدث في البداية ولم يشف غليل الجمهور الكروي في الجزائر المتعطش للفوز وللفرح.

انشغال الجزائريين بكرة القدم أنساهم الكارثة الطبيعية، بعد تساقط كثيف للثلوج في عديد المناطق الجزائرية، وقطع الطرقات

المحزن في الأمر، أن انشغال الجزائريين بكرة القدم أنساهم الكارثة الطبيعية التي عرفتها الجزائر، بعد تساقط كثيف للثلوج في عديد المناطق الجزائرية، وقطع الطرقات وتسجيل عزلة لعشرات القرى والمداشر في الجبال، وبقاء العشرات من العائلات رهينة بسبب سوء الأحوال الجوية، وتعاظمت معهم المأساة.

فكان صوت طلبات استغاثتهم بعد أن حاصرتهم الثلوج في الجبال والقرى خافتًا بل غير مسموع، وهو أمر محزن ومؤلم بالنظر إلى إمكانيات بلد يزخر بثروات طبيعية مثل البترول والغاز، وفي بلد صار صوت الإلهاء بأفيون كرة القدم أعلى من صوت واقع المواطن الغارق في عذاباته اليومية، في القرى والمداشر التي افتقد سكانها لقارورة غاز وانقطع عنها التيار الكهربائي لأيام، لمدة تتجاوز ثلاثة أيام بسبب تراكم الثلوج، وللأسف فإن مشاكل الجزائريين تتفاقم يوميًا مثل كرة الثلج التي تكبر كلما تدحرجت.

اقرأ/ي أيضًا:

الثلوج أذابت شحنة كرة القدم بين الجزائر وتونس
الأحزاب الجزائرية تواجه حاجز الـ4%