يعرف البروفيسور آرثر مارويك علم التاريخ على أنه " مجموعات المعرفة حول الماضي التي أنتجها المؤرخون، بالإضافة إلى كل ما يتعلق بإنتاج تلك المعرفة وإيصالها وتعليمها".
وتكمن الأهمية في معرفة التاريخ لارتباطه بالحاضر إلى أبعد الحدود، وإن فهمه بشكل كامل ودقيق قد يساعدنا في التغلب على المشكلات والتحديات التي تواجه العالم، لذا انصب اهتمام العلماء على هذا المبحث منذ الأزل وألفت فيه العديد من المراجع التي لا غنى عنها لمن يعنيه الأمر، وفي هذا المقال سنذكر بعض هذه المراجع والمصادر التي تعتبر من عيون الكتب في هذا المجال.
أهم كتب التاريخ العالمية
اهتم علماء التاريخ الغربيين بإصدار العديد من الموسوعات والكتب الشاملة لتاريخ الأرض عامة وهناك العديد من الأمثلة على هذا ومنها الكتب التالية أسماؤهم:
-
موجز تاريخ العالم
يعتبر كتاب موجز تاريخ العالم للكاتبة والمؤرخة ميري هانكس من أحد أهم كتب التاريخ على الإطلاق، فقد شمل كتابها الحديث عن تاريخ العالم الإنساني منذ العصر الحجري حتى العصر الحديث، وهو كتاب يقدم التاريخ بطريقة مختلفة وجديدة ومثيرة، من خلال دراسة التطورات الإنسانية في شتى المجالات والعلاقات وكيفية تطورها وتغيرها خلال الزمن وتأثرها بالثقافات الأخرى كذلك ابتداء من الأسرة الصغيرة وانتهاء بالعالم المحيط فيها. كما تسلط الكاتبة الضوء على التطورات المعمارية التي طالت المدن بمنشآتها الصناعية والتجارية.
وتعتبر الكاتبة ميري هانكس من أهم المؤرخين الأمريكيين على مستوى العالم، وهي أستاذة فخرية في جامعة ويسكونسن، وهي كذلك رئيسة تحرير مجلة تاريخ كامبريدج العالمي المكونة من سبعة مجلدات لعام 2015.
-
تاريخ العالم
تنبع أهمية كتاب تاريخ العالم لـ فيليب باركر من شموليته لكل الحضارة الإنسانية منذ نشأتها، حتى يومنا الحاضر مدعمًا بصور لكل المراحل التي مرت بها الحقب البشرية، بالإضافة لشرح وافٍ للحضارات منذ تاريخ نشأتها حتى زوالها، كالحضارة الرومانية مثلًا، وتاريخ الحروب منذ ظهور المغول مرورًا بكل ما أحدثوه وصولًا إلى العصر الحديث والشيوعية وفيتنام.
يشرح الكتاب كذلك أسباب الحروب ونتائجها؛ كالحروب الواقعة في العصر الحديث ومنها حرب العراق وأفغانستان مثلًا، والحرب العالمية الأولى والثانية، لذا يعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب التي يمكن أن تكون دليلًا كاملًا لدارسي التاريخ.
ويعتبر الكاتب فيليب باركر(من أصول أميريكية) من أهم القامات التي ساهمت بشكل فاعل في كتابة التاريخ خاصة فيما يخص الأنظمة العسكرية وحضارات القرون الوسطى، وله العديد من المؤلفات التاريخية المهمة.
-
تاريخ أكسفورد المصور
قام بإعداد كتاب تاريخ أكسفورد المصور مجموعة كبيرة من المؤرخين البارزين تحت إشراف فيليبي فرناندز أرميستو، ويضم الكتاب تاريخ نشأة الحضارة الإنسانية مرورًا بكل مراحلها حتى يومنا الحاضر. والكتاب مدعم بصور كثيرة تحكي تاريخ تطور الحضارات لتقرب للقارئ المادة المرجو فهمها والتقاطها، كما يستكشف هذا الكتاب التاريخي المذهل كلا من الوجود الإنساني وأصول التباينات الثقافية منذ ما يُقارب 200000 سنة، بالإضافة لعرضه لتطور العلوم والمعارف على مر الحضارات والعصور.
و فيليبي فرناندز أرميستو إسباني الأصل بريطاني المولد ينحدر من أبوين صحفيين مرموقين هما بيتي ميلان و فرناندز أرميستو، كما عمل هو أيضًا صحفيًا في البداية قبل أن يتجه لكتابة وتدوين التاريخ، حاز العديد من الجوائز نظرًا لتميزه وشمولية مؤلفاته.
-
قصة الحضارة
يعد كتاب قصة الحضارة للمؤرخ العظيم ويل ديورانت واحدًا من أهم وأنجح كتب التاريخ وأكثرها مبيعًا، حيث تناول الكتاب في 11 مجلد سيرة حياة الإنسان منذ نشأته وإنجازاته الناجحة التي كان لها كبير الأثر في تطور وتنمية المجتمعات حتى يومنا الحاضر.
يؤمن ديورانت بأهمية التاريخ للحاضر، حيث أنه البداية لكل ما وصل إليه الإنسان الآن وهو أمر لا يمكن التغافل عنه ما إذا أراد الإنسان فهم واقعه بشكل حقيقي.
كان الكاتب والمؤرخ الكبير هنري توماس بكتابه (مقدمة لتاريخ الحضارة) هو الملهم الأول لديورانت في تأليفه لقصة الحضارة بمساعدة زوجته.
ويعتبر ويل ديورانت أحد الأعلام في التأريخ الإنساني الشرقي والغربي على حد سواء.
أهم كتب التاريخ العربية
لقد كان لتدوين التاريخ في العالم العربي حظ وافر منذ قديم الزمان، وأبدع المؤرخون العرب في تناولهم للتاريخ كل من جهة متخصصة، وتاليًا ذكر البعض منها:
-
مقدمة ابن خلدون
على الرغم من أن مقدمة ابن خلدون تمت كتابتها كمقدمة لكتابه " العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر"، إلا أنها اعتُمدت ككتاب موسوعي منفصل عنه لما تحويه من معلومات شاملة لكافّة ميادين المعرفة من التاريخ، والشريعة، والاقتصاد، والجغرافيا، والعمران، والسياسة، والطبّ، والاجتماع، كما تحدثت عن أحوال الناس، واختلافات البيئة، وأثرها في الإنسان، وتناولت نشوء الدولة، وتطوّر الشعوب، والأمم، وأسباب انهيارها.
وابن خلدون مؤرخ وعالم اجتماع وفيلسوف عربي، لقب بأبي التأريخ، وهو من عائلة أندلسية كبيرة تولت مناصب عليا في الدولة إبان الحكم الأندلسي ثم انتقلت بعد سقوط الأندلس إلى تونس.
-
الكامل في التاريخ
يقع كتاب الكامل في التاريخ في 12 مجلدًا، يتناول فيها ابن الأثير التاريخ العام (تاريخ العالم القديم حتى ظهور الإنسان، وتاريخ العالم بعد ظهور الإسلام حتى العام 628 هـ) وقد اتبع ابن الأثير في كتابه نظام التأريخ الحولي، أي أنه سجل أحداث كل سنة وحدها، وقد شمل كتابه أخبار وأيام العرب والعجم كذلك، وتناول في كتابه أخبار الظواهر الجوية والأرضية من غلاء ورخص، وقحط وأوبئة وزلازل.
وإن أكثر ما يميز كتاب الكامل في التاريخ هو أن صاحبه لم يكتفِ بذكر الأحداث فحسب وإنما كان محللًا بارعًا وناقدًا سياسيًا فذًا قدم من خلال تحليلاته ونقده نظرة مختلفة للتاريخ وخاض في أسباب النزاعات للوصول إلى حل لها.
ويعتبر ابن الأثير من أشهر أعلام العرب المسلمين، تعود أصوله إلى بلاد الرافدين، وفي قول إلى الأكراد، وهو من أهم من أرخ في التاريخ العام والخاص (الإسلامي) وله كتاب (أُسد الغابة في أسماء الصحابة).
كتب الرحلات تعتبر توثيقًا لحقب معينة والدول التي كان الرحالة يزورونها
-
المختصر في أخبار البشر
كتاب المختصر في تاريخ البشر أو تاريخ أبي الفداء لمؤلفه العالم والمؤرخ العربي إسماعيل أبو الفداء، وهو كتاب يقع في 4 مجلدات يتناول المجلد الأول فيها الحديث عن الأديان المختلفة والرسول محمد عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام.
يتميز الكتاب بتناوله لتاريخ الحضارة الإنسانية منذ الخليقة حتى تاريخ عصره في العام 1331هـ، مرورًا بكل الأحداث التي طرأت على العالم وكان لها أثر كبير في تغيير وجه التاريخ، ومن أهمها الديانات السماوية وأثرها على الشعوب وتقبل الناس لها بمختلف شرائحهم ومستوياتهم.
كما يعتبر كتاب المختصر في أخبار البشر كتابًا مختصرًا لكتاب الكامل في التاريخ لصاحبه ابن الأثير، وهو واحد من أهم كتب التاريخ التي ينصح بالإطلاع عليها وقراءتها.
كتب تاريخ إضافية
كانت تلك أبرز 7 كتب في التاريخ، حيث تعتبر كتبًا موسوعية تضمنت تاريخ الحضارة الإنسانية منذ نشأتها، إلا أن هناك العديد من الكتب الأخرى المختصة بحقب معينة لمؤرخين عرب أذكر منها:
- تاريخ فلسطين المصور لطارق سويدان
- الأيوبيون بعد صلاح الدين لعلي محمد الصلابي
- تاريخ الأندلس لوديع أبو زيدون
- سلسلة تاريخ الأدب العربي للدكتور شوقي ضيف
كما تجدر الإشارة إلى كتب الرحلات التي تعتبر توثيقًا لحقب معينة ودول كان الرحالة يزورونها، وذكروا أخبارها بتفاصيلها ومنا:
- رحلة ابن بطوطة
- كتاب الاعتبار لأسامة بن منقذ
- رحلة ابن جبير
وعلى أن مطالعة التاريخ مبحث مهم وأساسي على الإنسان أن يُعنى بقراءته وفهمه وتحليله، إلا أنه يعتبر من أكثر المباحث المعزوف عن قراءتها، في أيام المدرسة كان درس التاريخ هو الدرس الأثقل ظلًا وحضورًا من بين كل الدروس، ربما لأنه لم يقدم لنا بطريقة تجعلنا ندين له بالمعرفة والفهم، وربما لأننا دُرِّسنا التاريخ بازدواجية أبَتها فطرتنا السليمة وقتئذٍ، لكن الأمر الذي لا بد منه هو أهمية استدراك هذا الإجحاف في حق دراسة التاريخ وإعادة النظر كليًا في طرحه.
