01-يناير-2020

لوحة للفنان الفلسطيني سليمان منصور

في مؤتمر عقدته مؤسسة الدراسات الفلسطينية في جامعة بيرزيت بعنوان "الثقافة الفلسطينية إلى أين؟" في نهاية عام 2016، قدم الباحث زكريا محمد ورقة أثارت جدلًا بين الحضور بعنوان "هوية للتعديل"، حيث اعتبر أن الهوية الفلسطينية، ليست مسألة حديثة، بمعنى أن ظهورها لم يرتبط بنزعات "التخيل" القومي الجديدة في العالم، كما هو رائج. وعلى العكس، رأى محمد أن الهوية الفلسطينية ذات تاريخ راسخ وأقدم من ذلك بكثير، مستشهدًا بأدبيات ورد فيها "لفظ" فلسطين منذ مئات السنوات. وقد سبق له الإشارة إلى ذلك، في دراسة نشرت بعنوان "الجغرافي المقدسي ونص الهوية الفلسطينية"[1].

ظهرت تطلعات جديدة داخل الأوساط الأكاديمية الفلسطينية، لتقديم ما يمكن اعتباره "تاريخًا غير قومي" للمكان الفلسطيني، بمعنى أنه تاريخ منشغل بالمكان أكثر مما هو منشغل بالناس، الذين هم بالأساس موضوع الهويات

لم يكن هذا الطرح الذي بدا وكأنه جديد تمامًا، غريبًا بالكامل عن الأكاديميا الفلسطينية. فبعد أكثر من عامين، قدم المؤرخ الفلسطيني باسم رعد ورقة في مؤتمر آخر في نفس المكان في جامعة بيرزيت أيضًا، بعنوان "كيف ندرس إسرائيل عربيًا وفلسطينيًا؟ ولماذا"، وجادل في الورقة التي كانت بعنوان "توجهات بديلة في سرد تاريخ فلسطين"، أن هذا التاريخ لا يجب أن يتوقف عند مئة عام ولا عند 14 عقدًا، منذ صعود الإسلام. بدا رعد أكثر حماسة من محمد، وطالب بالتأريخ للهوية الفلسطينية بدءًا من آلاف السنين. كانت هذه المجادلة  جزءًا من واحدة أعم عمل عليها رعد، ونشرها في كتاب باللغة الإنجليزية، بعنوان "التاريخ المخفي"[2].

اقرأ/ي أيضًا: تصوير القدس في الحرب.. صورٌ من سنة 1948

أما في عام 2018، فقد نشر المؤرخ الفلسطيني المعروف نور مصالحة، كتابًا بالإنجليزية بعنوان "فلسطين: تاريخ لأربعة آلاف عام"[3]. كان مصالحة أكثر حذرًا من محمد ورعد، من ناحية مراعاة السياقات الحديثة التي نشأت فيها الهويات القومية في المشرق العربي، لكنه مع ذلك، كان تواقًا لتقديم تاريخ "أسطوري" للمكان، يمتد إلى أربعة آلاف عام.

تعبر هذه الأمثلة، عن ظهور تطلعات جديدة داخل الأوساط الأكاديمية الفلسطينية، لتقديم ما يمكن اعتباره "تاريخًا غير قومي" للمكان الفلسطيني، بمعنى أنه تاريخ منشغل بالمكان أكثر مما هو منشغل بالناس، الذين هم بالأساس موضوع الهويات.

من تاريخ الفلسطينيين إلى تاريخ فلسطين

كان التيار الرائج لفترة طويلة عند المؤرخين الفلسطينيين، هو ذلك الذي عُني بالتأريخ للفلسطينيين أنفسهم، بدلًا من التأريخ لفلسطين. لم يعن ذلك الانشغال بالتأريخ للحركة الوطنية الفلسطينية فقط بالضرورة، وإنما لمجمل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي عاشها الفلسطينيون منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.

وحتى مع شعور الفلسطينيين المستمر بحتمية تعويض خسارة الأرض بعد النكبة، وبضرورة حماية المكان المسلوب من خلال توثيق أدق تفاصيله، فإن عمليات التوثيق هذه لم تكن مرتبطة بالأرض بشكل مجرد، وإنما بوجود الفلسطينيين فيها أو اقتلاعهم منها.

غير أن ما يجمع هذا التصور الجديد حول تاريخ فلسطين، هو رفضه بشكل جزئي أو كامل أن يبدأ التأريخ للهوية الفلسطينية، من الأبعاد القومية الحديثة لها. وهو ما يجعله بطبيعة الحال، منحازًا إلى تاريخ الأرض على حساب تاريخ الناس، أو تاريخ تخيلهم عن المكان.

يُظهر باسم رعد على سبيل المثال في الكتاب المذكور، عداء واضحًا لمفاهيم الوعي القومي المعاصرة، مجادلًا أن الهويات القومية جزء من عملية تضليل شاملة، كما يعتبر أن القبول بها هو جزء من "استعمار ذاتي"، يفضي إلى قبول الحقائق الاستعمارية كما هي، رغم أنه يقر بأن الهوية الفلسطينية كانت مجتزأة طوال الوقت، وأنها دخلت إلى طور أكثر تعقيدًا بعد النكبة في عام 1948.

في محاولة تجاوز أطروحة الوعي القومي، التي تعتمد على تاريخ معاصر حصرًا لفلسطين، فإن رعد يقترح البحث في مركبات أكثر عمقًا وقدمًا في تاريخ المنطقة، كما أنه يرفض الارتداد الفلسطيني إلى التاريخ الإسلامي حصرًا، كنوع من الرد على السردية التوراتية، مشيرًا إلى ضرورة استخدام عناصر أكثر تنوعًا في التاريخ القديم.

يحظى كتاب رعد بكثير من الأهمية، من ناحية كونه كتابًا في تقويض السرديات التاريخية الغربية والإسرائيلية عن المنطقة، كما أنه مساهمة في قراءة إعادة تسمية المكان الفلسطيني، إن صح التعبير، والأبعاد اللغوية والبلاغة الدينية، التي تم استخدامها في محو السكان الأصليين. حيث يقدم الكتاب معلومات مفصلة وأدلة أحفورية وتاريخية عديدة حول تناقضات الرواية التوراتية، كما أنه يعطي صورة عامة تبدو دقيقة، عن انبناء التاريخ الإسرائيلي على تراكم التصورات الغربية منذ مئات السنين عن "الأرض المقدسة"، التي كانت كلها تدور حول العهد القديم، فيما يوضح بطريقة لافتة، كيف كانت معظم هذه الكتابات التاريخية في سعيها إلى إثبات صحة رواية العهد القديم، تشكل التاريخ نفسه بما يناسب هذه الرواية، أو كيف أغلق القائمون عليها في أحسن الأحوال أعينهم عن كل ما يتناقض مع نصوص التوراة.

مع ذلك، وعلى عكس ما يقوله الكتاب عن نفسه، فإنه لم ينجز أي تصور واضح بشأن الطريقة التي يدعو فيها الفلسطينيين إلى  بناء تاريخهم الجديد، أو "استخراج" تاريخهم المخفي. وقد يمكن إيجاز جل ما أورده، في باب المحاورة مع الرواية التوراتية واستنتاج ما يقوض صحتها.

تنطلق مقاربة "التاريخ المخفي" الأساسية من ضرورة البحث عن المشتركات التاريخية الأقدم في المنطقة، وعدم التنقيب عن تاريخ للهويات المبعثرة التي تولدت ما بعد الحرب العالمية الأولى وانهيار الدولة العثمانية، معطيًا الهوية الفلسطينية كنموذج عن هذا التوجه.

لا يبدو رعد في هذا الطرح، متنبهًا إلى كون العودة إلى التواريخ القديمة، محملة بأبعاد أيدولوجية أيضًا، إذ طالما مثلت نوعًا من الارتداد عن المشتركات، بدلًا من أن تعبر عنها. وكما يلاحظ عزمي بشارة، فإن العودة إلى الأساطير الكنعانية والفينيقية والفرعونية وغيرها، كان بمثابة تخلٍ عن الناظم الحضاري العربي المشترك، وتعبيرًا عن تيارات قومية جديدة، مثل المصرنة واللبننة والفلسطنة وغيرها، لا ترى في العروبة أو في أي من هذه المشتركات رافعة ثقافية. فقد انتشرت على سبيل المثال في مصر بعد توقيع اتفاقية كام ديفد محاولات عديدة لاستلهام رموز قومية جديدة من التاريخ الفرعوني. وحتى على الصعيد الفلسطيني، فإنه تم التعبير عن هيمنة منظمة التحرير على تمثيل الفلسطينيين في مواجهة الهيمنة العربية التقليدية، من خلال استلهام الموروث الكنعاني[4].

على أية حال، يقدم صاحب "التاريخ المنسي" مجادلة غير جديدة، بشأن الهويات القومية الحديثة في المنطقة، وعلاقتها بتراث المحاصصة الاستعماري، بيد أنه يقدمها بحذر أقل، من التداعيات التي غالبًا ما ترتبط بها.

وكما يكشف عنوان الكتاب، أو كما يرد في متنه عن "اكتشاف" التاريخ، فإن أطروحة رعد لا تنتمي إلى أي من التصورات القومية التي تتعامل مع الهويات الحديثة بما هي ذاتية، تخييلية، ورمزية. وإنما يرى أنها تقوم على مجمل الحقائق التي يتوجب تصحيحها أو التوصل إليها. ولعل ما يميز هذا الطرح، أثناء إنكاره لذاتية الهويات، أنه لا يبدو آبهًا بتاريخ الفاعلين فيها، أو المتطلعين إليها.

أما نور مصالحة في كتابه الموسوعي، بعنوان "فلسطين: تاريخ لأربعة آلاف عام"، فلا يبدو على نفس الدرجة من العداء مع التصورات القومية حول تاريخ الفلسطينيين، لكنه في نفس الوقت يرى أن مفهوم فلسطين على عكس "المعتقدات" الحديثة، مفهوم ضارب في القدم، يمتد كما يوضح عنوان الكتاب إلى أربعة آلاف عام.

يستعرض مصالحة تاريخ فلسطين منذ المصادر الأولى،  ويرى أن الهوية الفلسطينية موجودة وممتدة على طول هذه الفترة. فيما يحرص على فصلها عن التطلعات الهوياتية الحديثة، التي تجسدت في نشوء الدول القومية، وهو على أية حال الافتراض الذي يشكل المبرر الأساسي لإنجاز الكتاب.

يفصل مصالحة بالتالي بين نوعين من الهويات فلسطينيًا، واحدة عابرة للحضارات والثقافات، وأخرى تشكلت مع الحركة الوطنية الفلسطينية، قبل وإبان المقاومة ضد الاستعمار البريطاني ثم الصهيوني. 

يعتمد المؤرخ الفلسطيني المعروف، على نوع من القراءة الميكانيكية الصارمة للهوية، من خلال الافتراض أن وجود مجموعة من الناس لفترات طويلة، في هذه البلاد، لا بد وأن يكون قد أسس لرابط بينهم وبين الأرض. غير أنه من خلال هذا الافتراض، لا يبدو متنبهًا إلى أن وجود هوية فلسطينية لا يتعلق بالرابط بين الناس والأرض، بقدر ما هو متعلق بطبيعة هذا الرابط. بمعنى إلى أي وحدة جغرافية وتاريخية يشعر الناس أنهم ينتمون؟ وما الرابط الذي يجمعهم، إلخ.

 يظهر مصالحة وكأنه ينجر إلى خطاب فلسطنة متطرف. ففي خضم رده على أحد مجادلات عزمي بشارة، يرى أن ما يُصطلح عليه بالهوية العربية أو الأمة العربية، هو الذي يُعد ظاهرة حديثة، مرتبطة بتخيلات القرن التاسع عشر، حيث تم علمنة مفهوم "الأمة الإسلامية"، على عكس الهوية الفلسطينية الأقدم بكثير. لا يتوقف مصالحة عند هذا الادعاء، حيث يضع القومية العربية على تضاد مع الهوية الفلسطينية، حينما يورد معقبًا على بشارة مجددًا، إنه يقوم بـ"بناء الهوية القومية العربية، بدلًا من التاريخ الفعلي لفلسطين والمنطقة"[5].

لا تستقر مجادلة صاحب "فلسطين: تاريخ لأربعة آلاف عام" عند موقف نظري واحد. حيث يتنقل بين الاعتقاد بأن الهويات بناءات متخيلة في بعض الأحيان (العروبة)، تم ابتكارها، ثم يعود مؤكدًا أن الهوية الفلسطينية ضاربة في القدم.

عمومًا، ورغم تقديم الكتاب لنفسه، على أنه منحاز لرواية السكان الأصليين ضد أسطورة "أرض بلا شعب"، فإنه يضع جل تركيزه في التأريخ للمكان فقط، أو حتى لمفهوم فلسطين نفسه، عوضًا عن التأريخ للفلسطينيين.

وبحكم التصور غير القومي الذي يتبناه كل من مصالحة ورعد، فإن الفلسطينيين ليسوا أولئك الذين تطلعوا إلى تشكيل هويتهم في هذا المكان، ولكنهم ببساطة أولئك الذين عاشوا فيه منذ آلاف السنوات. إنهم أنفسهم الذين كانوا وثنيين فيهود وصاروا مسيحيين ثم أصبحوا مسلمين. يشير رعد بشكل لافت، أن الرواية الصهيونية اعتبرت الفلسطينيين جزءًا من الغزو الإسلامي للبلاد، في القرن السابع عشر، وإلى أن جزءًا من الفلسطينيين المسلمين في محاولة الرد على هذا الادعاء، اعتمدوا على هذه المقولة، كما أن آخرين من المسيحيين، ربطوا وجودهم في فلسطين بالوجود المسيحي. مع ذلك، فإن المؤرخ الفلسطيني يظهر استعلاء متكررًا، عندما يعطي الحقائق التي يقدمها عن التاريخ القديم لفلسطين، دورًا في تحرير عقول الفلسطينيين من ما يقول إنه استعمار ذاتي، ويرى أن التخلص من هذه العقلية المستعمرة ضرورة أولى من أجل محاربة الرواية الصهيونية.

يقدم كلا المؤرخين خطابًا أصلانيًا غير قومي، كما يتضح، يعتمد على التأريخ للفلسطينيين الموجودين حاليًا، أو الذين تم طردهم، باعتبارهم نتيجة لتواصل حضاري عابر للأديان، مستمر منذ آلاف السنوات. وتزعم هذه المداخلة أن هذا التصور حول "الأصلانية غير القومية" يحكم جل هذا النموذج الجديد، من التأريخ لفلسطين القديمة. 

أصلانية غير قومية

إن السؤال الأهم، الذي لا بد من طرحه إزاء هذا المحاولات، هو إن كانت تمثل جزءًا من صياغة تاريخ حديث لفلسطين، أو جزءًا من عملية التخيل السياسي والقومي، التي تعتمد كما حدث في تجارب عديدة، على روايات تاريخية قديمة؟ أو إن كانت هذه المحاولات تعبر عن نوع من التخيل المضاد للرواية الصهيونية التوراتية؟

إن ما يميز التجارب المذكورة، أنها تنطلق جميعها من المجادلة ضد التاريخ القومي الحديث لفلسطين، أي أنها كلها تقول بخطأ الادعاء أن الهوية الفلسطينية تشكلت مع الحركة الوطنية ما بعد الحرب العالمية الأولى أو قبلها بقليل. ما يعني أن هذه الروايات تضع نفسها على تضاد شامل مع الأبعاد القومية للهوية الوطنية.

لقد رأى مصالحة على سبيل المثال، أن الاعتقاد بأن الهوية الفلسطينية هي ابتكار حديث، هو جزء من السردية الاستعمارية التي يسعى مؤرخون إسرائيليون ومفكرون فلسطينيون "متساوقون" مع هذا الطرح نشرها.

لا يجادل مصالحة بما يكفي للقول إن هناك هوية فلسطينية قديمة، ويكتفي بالاستشهاد، وإن بأدلة متنوعة ومتعددة، بتاريخ مفهوم "فلسطين"، الجغرافي أو الإداري. مع ذلك، فإنه ينتقل إلى خلاصة غاية في التعقيد، يفترض أنها مستخلصة من هذه الأدلة، وهي أن الهوية الفلسطينية موجودة منذ آلاف السنين.

أما زكريا محمد، فيفتتح دراسته عن "الجغرافي المقدسي والهوية الفلسطينية"، بالقول إن غياب المصادر التي يحظى بها الباحثون الفلسطينيون عن تاريخ الهوية الفلسطينية، يجعلهم يميلون إلى تصديق الرواية الصهيونية الرائجة، عن كونها هوية حديثة. حيث يرى في هذا السياق، أن "تاريخ الهوية الفلسطينية هو أكثر جوانب الثقافة الفلسطينية تلوثًا بالنص الصهيوني، فنحن في الإجمال نردد ما يقول هذا النص عن هويتنا وتاريخها"[6].

يكتفي زكريا محمد، مثله مثل مصالحة بإيراد أدبيات ورد فيها ذكر إقليم فلسطين، كجزء من سوريا الكبرى. ومن الملاحظ أن كلا الطرحين لا يستند إلى مجادلة واضحة بشأن وجود هوية فلسطينية راسخة، ويقتصر فقط على نوع من "الترجيحات"، فكما قال مصالحة إن وجود سكان على وحدة جغرافية محددة ومعرّفة لا بد له أن يخلق رابطًا بينهم وبين الأرض، فإن زكريا محمد، يذهب إلى نفس النهج، قائلًا إن "إقليم متبلور بهذا القدر (إقليم فلسطين) لا يمكن إلا أن يؤثر في هوية ساكنيه"[7].

ومن خلال الاستشهاد بفقرات من كتاب الجغرافي المقدسي "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم"، ترد فيها كلمة "فلسطيني"، فإن محمد يخرج بخلاصة سريعة، مفادها أن هذا النص يدحض فكرة حداثة الهوية الفلسطينية. وهي الخلاصة نفسها التي سبق وأن أوردها الباحث في كتاب بعنوان "في قضايا الثقافة السياسية".[8]

وعلى أية حال، فإنه من الملاحظ أن القائمين على هذا التوجه، يتخوفون من أن الإقرار بحداثة الهوية الفلسطينية، قد يكون بمثابة مصادقة على مساهمة إسرائيل في تخليق الهوية الوطنية.

يكرر زكريا محمد مثلًا في كتابه المذكور أعلاه، هذه الفكرة، مستشهدًا بما يقوله مئير بعيل بأن "الحركة الصهيونية من أنجح الحركات القومية في التاريخ، فهي قد بدأت بغرض تأسيس جماعة قومية واحدة، وانتهت بتأسيس جماعتين". ويورد في غير موضع من الكتاب، أن هناك باحثين فلسطينيين يؤكدون ما يزعم به بعيل.

اقرأ/ي أيضًا: الدراسات الثقافية الفلسطينية.. أداة مقاومة

يقع طرح زكريا محمد، ومجمل المخاوف التي يتحدث عنها، في خطأ شائع. حيث إن الاستعمار لا يساهم في تخلق هويات قومية، فنجاحه يعني انتهاء الهوية المقابلة. على العكس من ذلك، فإن ما يساهم في تخليق الهوية الوطنية، هو مقاومة نجاح الاستعمار، والسعي إلى إفشاله.

إن الاستعمار لا يساهم في تخلق هويات قومية، فنجاحه يعني انتهاء الهوية المقابلة. على العكس من ذلك، فإن ما يساهم في تخليق الهوية الوطنية، هو مقاومة نجاح الاستعمار

على أية حال، لا تقدم هذه المداخلة موقفًا يقبل أو يرفض الادعاء بوجود هوية قومية راسخة، لكنها تتبع التضاد مع العناصر القومية الحديثة للهوية، الذي وضعت هذه النماذج نفسها داخله، مقابل الانحياز إلى عناصر أقدم.  وتسلط الضوء على تيار جديد في التأريخ غير القومي للهوية الفلسطينية، منحاز غالبًا لتاريخ المفهوم وتاريخ المكان، لا لتاريخ الناس الموجودين فيه وتطلعاتهم.


المراجع:

 [1]  زكريا محمد، "الجغرافي المقدسي والهوية الفلسطينية"، مجلة الدراسات الفلسطينية. المجلد 16 العدد 62. ص 147 – 151.

[2] .Basem L.. Ra'ad. (2010). Hidden histories: Palestine and the eastern Mediterranean. London: Pluto Press

[3] .Nur Masalha. (2018) Palestine: A Four Thousand Year History. London: Zed press

[4] عزمي بشارة (2007). في المسألة العربية: مقدمة لبيان ديمقراطي عربي. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.

[5] .Nur Masalha, Op.Cit. Pp 16 

[6] زكريا محمد. مرجع سابق. ص 147

[7]  المرجع نفسه. ص 147.

[8] زكريا محمد (2002) قضايا الثقافة السياسية. رام الله: المؤسسة الفلسطينية للديمقراطية مواطن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

5 كتب أساسية عن القضية الفلسطينية

القدس من خلال 4 مذكرات شخصية