05-مايو-2017

عامل فرنسي يطالع ملصقان دعائيان للمرشحين ماكرون ولوبان (Getty)

لم يتبق للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية سوى يومين، ومع اقتراب موعد الحسم يزداد السباق الانتخابي سخونة بين مرشح الوسط إيمانويل ماكرون، ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، التي فاجأت الساحة السياسية الفرنسية بصعودها المزلزل، بعد أن استطاعت اجتياز الجولة الأولى إلى جانب ماكرون، بحصولها على %21.30 من أصوات الناخبين الفرنسيين، متفوقة بذلك على المرشح المحافظ فرانسوا فيون، ومرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون.

لكن رغم ذلك، لا يزال المرشح الرئاسي إيمانويل ماكرون أوفر حظًا للفوز بورقة دخول قصر الإيليزيه، اعتبارًا لمجموعة من المؤشرات، تقرأها لكم "ألترا صوت"، تُرجّح كفة ماكرون للفوز بكرسي الرئاسة، عن منافسته مارين لوبان.

1. ماكرون أكثر إقناعًا من لوبان

عُقدت مناظرة تلفزيونية مساء الأربعاء الماضي على البث المباشر، بين المرشحين الرئاسيين للانتخابات الفرنسية، إيمانويل ماكرون وماري لوبان، وتبادل فيها الطرفان المتنافسان الكثير من الاتهامات الثقيلة، حتى أن صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، كتبت معلقة: "من الصعب وصف الشجار الذي دار مساء أمس بأنه مناظرة". اتهمت لوبان منافسها بالتساهل مع "الأصولية الإسلامية"، ودعم "العولمة المتوحشة"، بينما وصفها ماكرون بالمرشحة "المعادية للقضاة والأجانب والجميع".

كشفت استطلاعات الرأي، عن أنّ الأغلبية ترى أن ماكرون أكثر إقناعًا من منافسته لوبان

المثير للاهتمام هو أن استطلاعات الرأي التي استقصت آراء متتبعي المناظرة التلفزيونية بين المرشحيْن الرئاسيين، كشفت أن إيمانويل ماكرون كان أكثر إقناعًا من منافسته ماري لوبان. ومن بين تلك الاستطلاعات واحدٌ لصحيفة لوفيغارو، شارك فيه 24 ألف و300 شخص، لتكون النتيجة لصالح ماكرون بنسبة 64%، وهو ما قد يُرجح كفة المرشح المستقل إيمانويل ماكرون في الفوز بالانتخابات الرئاسية الفرنسية، أمام منافسته اليمينية ماري لوبان.

2. ماكرون أنظف سياسيًا من لوبان

لا شيء أسوأ بالنسبة للمرشحين الانتخابيين في البلدان الغربية، من الفضائح المالية التي يقذفها الإعلام في وجوههم في ذروة الاستقطاب السياسي، إذ تنهار أسهمهم بشكل مطرد أمام الرأي العام، ويفقدون الكثير من أصوات مؤيديهم، ولعل هذا ما قاد إلى الخروج المبكر لمرشح اليمين المحافظ، فرانسوا فيون، من الانتخابات الرئاسية الفرنسية منذ الجولة الأولى.

اقرأ/ي أيضًا: ما الذي يجري في الانتخابات الفرنسية؟

وكان فرانسوا فيون قد صعد بقوة في الساحة الانتخابية الفرنسية، بعد أن تغلب على منافسيه الشرسين آلان جوبيه ونيكولا ساركوزي، وظفر بتمثيل أحزاب اليمين الفرنسية، إلا أن أسهمه سرعان ما تهاوت، إثر فضيحة مالية كشفتها إحدى الصحف الفرنسية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، تتهم فيها زوجة المرشح، بينيلوب فيون، بحصولها على 500 ألف يورو نظير وظائف وهمية.

لم تسلم كذلك الدائرة المقربة لزعيمة اليمين المتطرف ماري لوبان من شبهات الفساد المالية، فقد سبق للقضاء الفرنسي أن وجّه تهمة "سوء استغلال أموال اجتماعية" لأحد مقربيها، وهو فريديريك شاتيون، في إطار تحقيق قضائي فتح في نهاية تشرين الأول/أكتوبر حول الانتخابات البلدية والأوروبية التي جرت عام 2014 وانتخابات المقاطعات عام 2015.

كما سبق أن أثار المكتب الأوروبي لمكافحة الفساد، التابع للاتحاد الأوروبي، شبهات بشأن تورط مديرة مكتب مارين لوبان وحارسها الشخصي،  في وظائف وهمية بالبرلمان الأوروبي.

يحتفظ ماكرون بسجل نظيف على عكس منافسته لوبان التي تدور شبهات فساد حول بعض المقربين منها (إيريك فيفيربيرغ/ أ.ف.ب)
سجل ماكرون نظيف عكس منافسته لوبان التي تدور شبهات فساد حولها (إيريك فيفيربيرغ/ أ.ف.ب)

في حين، يحتفظ المرشح المستقل إيمانويل ماكرون بسجل أبيض في عمله بوزارة الاقتصاد خلال ولاية الرئيس فرانسوا هولاند المنتهية ولايته. ولم تطل شخص إيمانويل ماكرون أو دائرته المقربة أي شبهات فساد مالية، مما يعزز سمعته أمام الرأي العام الفرنسي بالمقارنة مع مارين لوبان، وبالتالي رفع حظوظه للفوز بكرسي الرئاسة.

3. استطلاعات الرأي في صف إيمانويل ماكرون

قبل عشرة أيام فقط من يوم الحسم للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، أظهر استطلاع للرأي، أجراه معهد "هاريس إنتراكتيف وانديد"، لصالح قناة التلفزيون البرلمانية، أنه من المرجح فوز إيمانويل ماكرون بفارق كبير على منافسته مرشحة مارين لوبان في الدورة الثانية من الانتخابات الفرنسية، المرتقبة في السابع من أيار/مايو من هذا الشهر، إذ حصل ماكرون في الاستطلاع على %61 من الأصوات، مقابل %39 لفائدة مارين لوبان.

وكان المعهد قد أجرى استطلاعًا مماثلًا، قبل شهر ونصف، تنبأ بحصول المرشح إيمانويل ماكرون على المركز الأول في الجولة الانتخابية الأولى، التي تمت في 23 نيسان/أبريل الماضي، وهو ما كان بالفعل، وتوقع المعهد حينها أيضًا فوز ماكرون بنسبة %65 من الأصوات، مقابل حصول غريمته لوبان على %35 فقط، في الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية، في السابع من أيار/ مايو.

4. المسلمون والمهاجرون في صف إيمانويل ماكرون أيضًا

يملك قرابة ثلاثة ملايين من المواطنين الفرنسيين ذوي الأصول المهاجرة، ومعظمهم ينحدر من شمال إفريقيا، حق التصويت، ومن ثمة فإن هذه الكتلة الناخبة لها تأثير غير يسير في حسم السباق الرئاسي الفرنسي بين إيمانويل ماكرون ولوبان.

ويضمن ماكرون مسبقًا أغلبية أصوات المهاجرين من حاملي الجنسية الفرنسية، وخاصة المسلمون منهم، الذين يمثلون الأغلبية الساحقة من المهاجرين في فرنسا، لتضاف إلى أسهمه الانتخابية دفعة جديدة يمكن أن تدخله قصر الإيليزيه.

اقرأ/ي أيضًا: "مارين لوبان".. الفاشية تبحث محاربة التطرف

ويعود الفضل لذلك إلى البرنامج الانتخابي المتشدد للوبان تجاه المهاجرين والمسلمين، والقائم على الخطاب الشعبوي المتطرف، وهو ما يجعلها أبعد ما تكون عن الكتلة الناخبة الفرنسية من العرب والمسلمين، وفي المقابل يحظى إيمانويل ماكرون بقبول في الأوساط المسلمة الفرنسية، نظرًا لرؤيته السياسية المنفتحة تجاه المهاجرين والمسلمين.

يذكر أن إيمانويل ماكرون كان قد صرح خلال زيارته للجزائر قائلًا، إن"تاريخ فرنسا الاستعماري ببجزائر كان جريمة ضد الإنسانية"، وهو اعتراف يمكن أن يكسبه أصوات المواطنين الفرنسيين من أصل جزائري، الذين يتجاوز عددهم المليون.

5. إيمانويل ماكرون ليس الأكمل لكنّه أفضل المتاح

في بداية سباق الانتخابات الفرنسية، كان اليميني المحافظ فرانسوا فيون، أكثر المرشحين قبولًا لدى الرأي العام الفرنسي، كما كانت تشير استطلاعات الرأي، إذ كان برنامجه الانتخابي يلبي تطلعات عامة الشعب الفرنسي، الذين يرغبون في حزم أكبر لمواجهة الهجرة والتطرف، وفي نفس الوقت دون أن يتخلوا عن السياسات الليبرالية وكتلة الاتحاد الأوروبي.

في نظر كثير من الفرنسيين، ماكرون ليس الأكمل، لكن في مواجهة لوبان هو أفضل الخيارين

إلا أن الفضيحة المدوية التي كشفت تورط زوجة المرشح فيون في شبهات فساد مالية، أفقدته الكثير من الزخم الانتخابي المساند له، وصار إيمانويل ماكرون البديل الضروري لمواجهة لوبان، حتى أن فيون نفسه أعلن دعمه لماكرون بعد خسارته، مطالبًا أنصاره بالتصويت له.

ويشبه الحال اليوم في فرنسا الانتخابات الرئاسية في عام 2002، عندما وصل والد مارين لوبان إلى الجولة الثانية من السباق الرئاسي، فاحتشد الناخبون من اليمين واليسار حول المرشح المحافظ آنذاك، جاك شيراك، من أجل منع اليمين المتطرف من الوصول إلى السلطة، ونفس الشأن يحدث مع إيمانويل ماكرون، حيث تشكلت "جبهة جمهورية" من اليمين واليسار، لقطع الطريق أمام لوبان، من احتمال وصولها إلى قصر الإليزيه.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بعد الدور الأول من الانتخابات الفرنسية.. ماكرون ولوبان وصراع النقيضين

هولاند.. نهاية فاترة لرئيس ضعيف