30-سبتمبر-2019

صدر عدد كبير من الكتب التي تناولت ظاهرة داعش (Getty)

منذ صعود نجمه، حظي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" باهتمامٍ محلّيّ وعالميّ واسع، وشغل الرأي العام، وبات على رأس أولويات الدول والمحطّات الإعلامية ومراكز الأبحاث وكذا الكتّاب والباحثين الذين أنجزوا عددًا هائلًا من المؤلّفات حول هذه الظاهرة على مدار السنوات الخمس الماضية. هنا، نعرض لكم أهم ثلاث مؤلّفات عربية تناولت هذه الظاهرة المفرطة في التوحش.

يُحيط كتاب عزمي بشارة "تنظيم الدولة المكنّى داعش: إطار عام ومساهمة نقدية في فهم الظاهرة" بأسباب صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ونموّه وتوسّعه، وكذا بسيرورة اختلافه وتمايزه

1. تنظيم الدولة المكنّى "داعش"

يُحيط كتاب المفكّر العربيّ عزمي بشارة "تنظيم الدولة المكنّى داعش: إطار عام ومساهمة نقدية في فهم الظاهرة" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2018) بأسباب صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ونموّه وتوسّعه، وكذا بسيرورة اختلافه وتمايزه عن بقية التيّارات التكفيرية والتنظيمات الجهادية، القاعدة تحديدًا. ويشتغل كذلك على تصنيف الكتب الموجودة في التداول، بين كتب تجارية وأخرى ألّفها رجال دين مسيحيون، اعتبروا أنّ التنظيم نموذج لحركة دينية متطرّفة ومتولّدة من النصوص الدينية الجاهزة التي تحضّ على العنف، ناهيك عن مؤلّفات رجال دين مسلمين تصدّت لمقولات الكتب السابقة، فضلًا عن نماذج متعدّدة من الكتب التي تناولت هذه الظاهرة انطلاقًا من مواقف سياسية مسبقة، وأخرى استغلت صعودها لخدمة أفكارها ومقولاتها.

اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة.. في تفكيك داعش

ويفرد عزمي بشارة حيّزًا واسعًا للبحث في مفهوم مصطلح "الجهاد" بين فكر تنظيم الدولة والحضارة الإسلامية، ذلك أنّ الجهاد عند التنظيم هو فرض عين على كلّ مسلم، بينما هو في الإسلام فرض كفاية. ويفرّق بشارة هنا بين الجهاد بمعنى قتال الكفّار في بلاد المسلمين، بغضّ النظر إن كانوا يحشدون بدورهم للقتال أو لا، وبين الجهاد بمعنى دفع الصائل المعتدي. مُميّزًا في الوقت نفسه بين مصطلح مجاهدين المعروف في الحضارة الإسلامية، وبين مصطلح جهاديين الذي لم يعرفه الإسلام قبلًا.

2. الأزمة السنية والصراع على الجهادية العالمية

يرصد كتاب "تنظيم الدولة الإسلامية: الأزمة السنية والصراع على الجهادية العالمية" (مؤسّسة فريدرش إيبرت، 2015) للباحثين حسن أبو هنية ومحمد أبو رمّان عملية ولادة التنظيم، وظروف انفصاله عن القاعدة، باعتباره انفصالًا أسّس لصعوده كتنظيمٍ مستقل يُخالف القاعدة في العديد من المسائل، أهمّها ضرورة قتال العدو القريب بدلًا من البعيد، أي الولايات المتّحدة الأمريكية. ويكشف الكتاب أسباب نموّ التنظيم، ويذهب نحو توضيح مرتكزاته الأيديولوجية، والبحث في الواقع السياسي والعقائدي الذي يعدّ البيئة الحاضنة لنموّه واتّساع نفوذه.

ويفرد المؤلّفان أيضًا حيّزًا للبحث في أسباب الخلاف بين تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، ووصوله إلى حدّ الاقتتال والتكفير المُتبادل بين الطرفين كمحاولةٍ لفهم المرجعيات الفكرية للدولة، وتنظيرات قادتها دون الأخذ بالتفسيرات الاستشراقية التي زعمت فهمها للظاهرة. ويرى أبو هنية وأبو رمّان أنّ التنظيم ليس غزو أو مؤامرة خارجية، وإنّما هو: "حالة من الإنكار المقصود للسياق السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي الذي أسس للانهيارات الكبيرة في البنية الفكرية والسلوكية العربية".

3. دولة الخلافة: التقدّم إلى الماضي

في كتابه "دولة الخلافة: التقدّم إلى الماضي" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2017)، يقدّم فالح عبد الجبّار تحليلًا موسّعًا عن المجتمع المحلّي العراقي في الفترة التي سبقت ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، وبعد ظهوره، مُستندًا في تحليله على رصد التفاعل بين المجتمع المحلّي العراقي المتمثّل بالسكّان، وبين مؤسّسات الدولة/ التنظيم الأكثر صلةً مع الحياة اليومية، مُقدّمًا كلًّ من المحاكم الشرعية وأجهزة الحسبة وديوان المال مثالًا.

منذ صعود نجمه، حظي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" باهتمامٍ محلّيّ وعالميّ واسع، وشغل الرأي العام، وبات على رأس أولويات الدول والمحطّات الإعلامية ومراكز الأبحاث 

يرى الباحث العراقي الراحل أنّ الدولة الفاشلة وعجز الأنظمة عن بناء دولة وطنية/أمّة، كان لها دورًا كبيرًا في صعود التنظيم، باعتبار أنّ سياساتها الفاشلة تُعتبر أساس نمو الحركات التكفيرية، وتحوّلها من مجرّد تيّارات اجتماعية صغيرة ومبغوضة، إلى تنظيمات ضخمة ومسلّحة تلجأ للعمل تحت مظلّة "الخلافة" بهدف إنشاء شعبية تُمكّنها من العمل والظهور العلني في المجتمعات المحلّية تمهيدًا لتمدّدها وتوسيع نفوذها، ومن ثمّ إدارتها باعتبار نفسها دولة قائمة بنفسها. ويُحذّر فالح عبد الجبّار في كتابه من الخلط بين صعود الإسلام السياسي عمومًا، وهيمنة التيارات التكفيرية على المشهد سياسيًا وعسكريًا.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف تموّل داعش؟ 

لا مكان للعائلة في داعش