08-أبريل-2018

حكم داعش لنحو 3 سنوات، 12 مليون نسمة (أحمد الربيعي/ أ.ف.ب)

اكتشف صحفيو نيويورك تايمز، آلاف الوثائق الداخلية الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، خرجوا منها بتحقيق مطوّل عن كيفية استطاعة التنظيم المتطرف، السيطرة على مساحات شاسعة ومئات آلاف من المدنيين، ولفترة ليست بالقصيرة. في السطور التالية ننقل لكم الجزء الأول من نتائج التحقيق.


في خمس رحلات إلى العراق الذي عصفت به المعارك، قام صحفيون من صحيفة نيويورك تايمز بتفتيش المكاتب القديمة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وجمعوا الآلاف من الملفات التي تركها المسلحون ورائهم مع انهيار "دول الخلافة" المزعومة.

لنحو ثلاث سنوات، سيطر داعش على مساحة شاسعة من الأراضي وصلت في مرحلة ما إلى مساحة بريطانيا، ويقدر عدد سكانها بـ12 مليون نسمة

وبعد أسابيع من سيطرة المسلحين على مدينة الموصل العراقية، بينما كان المقاتلون يتجولون في الشوارع، وأعاد المتطرفون الدينيون كتابة القوانين، دَوى أمرٌ من مكبرات الصوت في المساجد المحلية. مُعلنًا أنه على الموظفين العموميين، التوجه والحضور إلى مكاتبهم، وأماكن عملهم السابقة.

اقرأ/ي أيضًا: قصة داعش.. "تمدد" سريع وانحسار مُكلف و"بقاءٌ" محتمل

للتأكد من أن جميع الموظفين الحكوميين قد تلقوا الرسالة، تابع المسلحون الأمر بإجراء مكالمات هاتفية مع المشرفين. وعندما حاول أحدهم التوسل، مُدعيًا أنه يعاني من إصابة في الظهر، قيل له: "إذا لم تأت أنت، سنأتي نحن إليك ونكسر ظهرك بأنفسنا".

تلقى محمد ناصر حمود مكالمة هاتفية، وهو خبير في مديرية الزراعة العراقية، مُنذ 19 عامًا، بينما كان مختبئًا خلف بوابة منزله المغلقة مع عائلته. على الرغم من أنه كان هو وزملاؤه مرعوبين، لكنهم لم يكونوا متأكدين مما عليهم فعله، ولذلك توجهوا مرة أخرى إلى مجمع مكاتبهم المكون من ستة طوابق، والمُزين بملصقات البذور المُهجنة. وعندما وصلوا، وجدوا الكراسي مصطفّة في صفوف مرتبة، كما لو كانت محاضرة في فصل دراسي.

دخل القائد المسلح، وجلس في مواجهة الغرفة، وقد مد ساقه حتى يتمكن الجميع من رؤية المسدس الذي يحمله. للحظة، كانت الأصوات الوحيدة التي يُمكن سماعها هي الدعوات المُتعجلة لموظفي الخدمة المدنية وهم يتمتمون بها في أنفاسهم.

واتضح أن هذه المخاوف لا أساس لها. على الرغم من أنه تحدث بنبرة تهديدية، إلا أن القائد كان لديه طلب مفاجئ يحمل في طياته طابع الوداعة؛ فقد طلب منهم أن يستأنفوا عملهم على الفور، وأخبرهم. أن وثيقة لتسجيل الدخول ستوضع عند مدخل كل قسم. وأن أولئك الذين لن يحضروا سينالون العقاب.

عُقدت اجتماعات كهذه في جميع أنحاء الأراضي التي خضعت لسيطرة تنظيم الدولة في عام 2014. وسرعان ما عمد موظفو البلديات إلى إصلاح الحفر وآثار الرصاص، وطلاء ممرات المشاة، وإصلاح خطوط الكهرباء، والإشراف على كشوف المرتبات.

قال حمود: "لم يكن لدينا خيار سوى العودة إلى العمل. لقد قمنا بنفس العمل، الذي اعتدنا القيام به من قبل. إلا أننا كنا الآن نخدم جماعة إرهابية". وفي هذه الأثناء أسس المقاتلون الشُعث الذين انطلقوا من الصحراء منذ أكثر من ثلاث سنوات، "دولة" لم يعترف بها أحد سواهم. ومع ذلك، وعلى مدى ما يقرب من ثلاث سنوات، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مساحة كبيرة من الأراضي، وصل حجمها في مرحلة ما إلى مساحة بريطانيا، ويقدر عدد سكانها بحوالي 12 مليون نسمة.

وقد شملت في ذروتها على خطٍ ساحلي طوله 100 ميل في ليبيا، وقسمًا من غابات نيجيريا التي لا تخضع إلى القوانين، ومدينة في الفلبين، فضلًا عن مستعمرات في 13 بلدًا آخر على الأقل. وكانت الموصل أكبر مدينة تخضع لسيطرتهم.

كفاءة إدارية!

منذ إعلان "الخلافة" من قبل داعش في عام 2014، سيطر التنظيم على مساحات واسعة من الأراضي في العراق وسوريا. لكن بعد أن انسحب من الموصل والرقة عام 2017، خسر جميع أراضيه تقريبًا.

وقد فقد التنظيم الآن كل تلك الأراضي تقريبًا، لكن قد يساعد ما تركه المسلحون وراءهم في الإجابة عن السؤال المقلق المتعلق بقدرة التنظيم على البقاء طوال هذه الفترة، ألا وهو: "كيف تمكن التنظيم الذي أدى أعمال العنف التي قام بها إلى حشد العالم أجمع ضده، من الاحتفاظ بهذه المساحات الشاسعة من الأراضي لفترة طويلة؟".

يكمن جزء من الإجابة في أكثر من 15 ألف صفحة من الوثائق الداخلية لتنظيم الدولة الإسلامية، التي تمكنت نيويورك تايمز من العثور عليها خلال خمس رحلات إلى العراق على مدار أكثر من عام.

عُثر على تلك الوثائق في أدراج المكاتب التي كان المقاتلون يجلسون خلفها، وفي أرفف مراكز الشرطة التابعة لهم، وفي طوابق محاكمهم، وفي خزائن معسكرات التدريب الخاصة بهم، وفي منازل أمرائهم، بما في ذلك هذا المحضر الذي يُبيّن تفاصيل اعتقال صبي في الـ14 من عمره بسبب اللهو أثناء الصلاة!

عملت صحيفة نيويورك تايمز مع خبراء خارجيين للتحقق من صحة هذه الوثائق، وقضى فريق من الصحفيين 15 شهرًا في ترجمتها وتحليلها صفحة تلوى الأخرى. ويوثق كل مستند بشكل فردي، نشاطًا اجتماعيًا روتينيًا واحدًا، مثل: نقل ملكية الأراضي بين الجيران، وبيع طن من القمح، وغرامة ارتداء ملابس غير لائقة. ولكن عند أخذ جميع الوثائق معًا في عين الاعتبار، نجد أنها تكشف عن العمل الداخلي الدفين لنظام حكم معقد. فقد أظهرت تلك الوثائق أن التنظيم، ولو لفترة محدودة من الزمن، قد حقق حلمه المُتمثل في إقامة دولته الخاصة، وهي دولة دينية، تعتبر بمثابة "خلافة"، تعمل وفق تفسيرهم المتطرف للإسلام.

ويعرف العالم تنظيم الدولة الإسلامية بوحشيته، لكن المتشددين لم يحكموا بالسيف وحده، فلقد مارسوا السلطة عن طريق اثنين من الأدوات التكميلية، وهما: الوحشية والبيروقراطية. وأنشأ التنظيم حالة من الكفاءة والفاعلية الإدارية، التي انطوت على جمع الضرائب، والتقاط القمامة، وإدارة مكتب للزواج الذي أشرف على إجراء الفحوص الطبية لضمان أن يُرزق الزوجان بالأطفال، بالإضافة إلى إصدار شهادات الميلاد، مطبوعة على أوراق تحمل شعار تنظيم الدولة الإسلامية، للأطفال المولودين، تحت رايتهم السوداء. بل الأكثر من ذلك، أنهم أنشأوا إدارة لترخيص السيارات.

وتُظهر الوثائق والمقابلات مع عشرات الأشخاص الذين عاشوا تحت حكم داعش، أن التنظيم قدم في بعض الأحيان خدمات "أفضل" من الحكومة العراقية، وأنه قد أثبت أنه قد يكون أكثر قدرة على التعامل من الحكومة التي حلّ محلها! كما أشاروا إلى أن المسلحين قد تعلموا من الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في عام 2003 بعد غزوها للعراق، بما في ذلك القرار الذي انطوى على التخلص من أعضاء حزب البعث التابع للرئيس صدام حسين، من مناصبهم، ومنعهم من العمل في المستقبل. وقد نجح هذا القرار في التخلص من الدولة البعثية، ولكنه في نفس الوقت، أدى إلى تدمير المؤسسات المدنية في البلاد، ما خلق فراغًا في السلطة الذي سارعت جماعات مثل تنظيم الدولة إلى ملئه.

وبعد مرور أكثر من عقد من الزمان بقليل، والاستيلاء على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، نهج المسلحون نهجًا تكتيكيًا مُختلفًا. لقد بنوا "دولتهم" على أشلاء الدولة التي كانت موجودة من قبل، واستوعبوا المعرفة الإدارية لمئات القيادات الحكومية.

تعلم داعش من أخطاء الإدارة الأمريكية للعراق بعد الإطاحة بصدام حسين، فأبقى على البيروقراطيين لإدارة "دولة الخلافة" المزعومة

ويتمثل أحد أسرار نجاح التنظيم، في تنوع الإيرادات المتدفقة، فقد استمد داعش مصادر دخله من خلال العمل في العديد من المجالات الاقتصادية التي لم تكن الضربات الجوية وحدها كافية لشل حركتها.

اقرأ/ي أيضًا: هل تصبح الفلبين العاصمة الجديدة لـ"خلافة" داعش؟

وتصف دفاتر الحساب، وسجلات إيصالات الاستلام، والميزانيات الشهرية، كيف استطاع المسلحون تحويل كل شبر من الأرض التي قاموا بغزوها إلى مصدر للنقود، وفرض ضرائب على كل مكيال من القمح، وكل لتر من حليب الأغنام، وكل بطيخة بيعت في الأسواق التي يسيطرون عليها. فقد حصدوا مئات الملايين من الدولارات، من الزراعة وحدها. وخلافًا للتصور الشائع، فقد كان التنظيم ممولًا ذاتيًا بدرجة كبيرة، ولا يعتمد بشكل أساسي على الجهات المانحة الخارجية.

عنصران من داعش ينظمان المرور في الموصل (يوتيوب)
عنصران من داعش ينظمان المرور في الموصل (يوتيوب)

والأكثر إثارة للدهشة أن الوثائق تقدم دليلًا آخر على أن الإيرادات الضريبية التي حققها تنظيم الدولة الإسلامية، فاقت بكثير إيرادات مبيعات النفط. فلقد كانت المعاملات التجارية اليومية والزراعة، وليس النفط، هي ما ساعدت على بناء اقتصاد دولة الخلافة المزعومة.

وحاول التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، طرد داعش من المنطقة، كما حاول دون جدوى تضييق الخناق على التنظيم من خلال قصف منشآته النفطية. فمن الصعب للغاية قصف وتدمير حقل من الشّعير مثلًا. ولم يتخلّ المسلحون عن الموصل إلا في الصيف الماضي، بعد معركة عنيفة، لدرجة أنها قورنت بأسوأ معارك الحرب العالمية الثانية. وبينما انهارت دولة المسلحين في نهاية المطاف، فإن مخططاتها ما زالت باقية، ويمكن للآخرين الاستفادة منها.

الأرض لمن يأخذها!

في اليوم التالي للاجتماع، عاد حمود، وهو مسلم سُني المذهب، إلى العمل، ووجد أن الموظفين في قسمه الآن جميعهم بلا استثناء من السُنة، وهو المذهب الذي يقول داعش إنه ينتمي إليه. وفي المقابل، فرّ جميع زملائه من الشيعة والمسيحيين الذين كانوا يعملون معه في القسم.

ولفترة من الوقت، استمر حمود والموظفين الذين أشرف عليهم في قسم الزراعة، في العمل بنفس القدر الذي كانوا يعملون به من قبل، بل إن نماذج الوثائق الجاهزة التي استخدموها كانت هي نفسها، إلا أنهم تلقوا تعليمات باستخدام قلم تحديد للتغطية على شعار الحكومة العراقية.

لقد كان لدى الرجال ذوي اللحى الطويلة، الذين يُشرفون على إدارة حمود، خطة، وقد بدؤوا في تفعيلها ببطء. إذ حلم الجهاديون لأجيال بتأسيس الخلافة، وقد تحدث أسامة بن لادن مرارًا وتكرارًا عن ذلك، كما جرّبت الجماعات التابعة له، الحكم في منطقة التلال في جمهورية مالي، وفي الأراضي الوعرة في اليمن، وفي جيوب العراق.  وفي مدينة الموصل، أُعيدت تسمية المديرية الزراعية باسم "ديوان الزراعة". ويرجع مصطلح "ديوان" إلى فترات الخلافة الإسلامية.

وتُبيّن الأوراق المعنونة والمطبوعات الجديدة التي طبعها تنظيم الدولة الإسلامية، أنها وصفت ما لا يقل عن 14 مكتبًا إداريًا بمصطلح "ديوان"، وأعادت تسمية إدارات معروفة مثل التعليم والصحة. ثم أنشأ التنظيم دواوين لأشياء لم يسمع عنها الناس من قبل، مثل: ما يُسمي بـ"الحسبة"، التي سرعان ما علموا أنها إدارة تُمثل شرطة الأخلاق، التي لطالما انتابهم الخوف منها. وديوان آخر لنهب الآثار، وآخر مُخصص لـ"غنائم الحرب".

محمد ناصر حمود، شاهد على حكم داعش في الموصل (نيويورك تايمز)
محمد ناصر حمود، شاهد على حكم داعش في الموصل (نيويورك تايمز)

وما بدا وكأنه تغيير سطحي في إدارة حمود، سرعان ما أصبح تحول شامل، فقد أرسل المسلحون الموظفات النساء إلى منازلهن نهائيًا، وأغلقوا مركز الرعاية النهارية. وأغلقوا القسم القانوني في الإدارة، قائلين إن النزاعات ستتم معالجتها الآن وفقًا لـ"شرع الله". كما قاموا بالتخلص من إحدى المهام اليومية للإدارة، وهو جهاز قياس وضع في الخارج، لقياس نسبة هطول الأمطار. وقالوا إن "المطر هبة من الله، ومن هم حتى يجرؤوا على قياس هبته؟".

وقيل للموظفين أيضًا إنهم لم يعد بإمكانهم حلاقة لحاهم، وينبغي عليهم التأكد من أن ساق بناطيلهم لن تصل إلى الكاحل. وكما توضح المنشورات فاخرة المصنعية، مثل تلك الموجودة في الأسفل، حد اللباس الشرعي للرجل، الذي يُظهر حاشية الثوب عند عضلة الساق.

وفي نهاية المطاف، توقف حمود، البالغ من العمر 57 عامًا، عن شراء أمواس الحلاقة. وأخرج البناطيل التي يرتديها للعمل، وطلب من زوجته أن تقص خمس سنتيمترات من ساقيها.

لكن التغيير الأكبر حدث بعد خمسة أشهر من حكم الجماعة، إذ تحول مئات الموظفين الذين عادوا على مضض إلى العمل، إلى متواطئين مباشرين مع تنظيم الدولة الإسلامية. وشمل هذا التغيير في الإدارة ذاتها التي ترأسها حمود، والتي كانت مسؤولة عن تأجير الأراضي المملوكة للحكومة للمزارعين.

ولزيادة الإيرادات، أمر المسلحون الإدارة الزراعية بتسريع عملية تأجير الأراضي، ممّا أدى إلى تبسيط الإجراءات التي كانت تستغرق أسابيع في السابق إلى إجراء يمكن إنجازه في فترة ما بعد الظهر. وكانت تلك البداية فقط.

في ذلك الوقت، تلقى الموظفون الحكوميون أمرًا مفاده، أنه ينبغي عليهم أن يبدؤوا في تأجير الممتلكات التي لم تكن قط ملكًا للحكومة. ووضعت تعليمات في دليل مكون من 27 صفحة مع عبارة "الخلافة على درب النبوة". حدد الكتيب خطط الجماعة للاستيلاء على الممتلكات من الجماعات الدينية التي طردتها واستخدامها كرأسمال أولي للخلافة.

وينص الدليل على أن "المصادرة" ستطبق على ممتلكات كل من "الشيعة، والمرتدين، والمسيحيين، والعلويين، واليزيديين، بناءً على أمر قانوني صادر مباشرةً من وزارة العدل". ولم تتوقف المصادرة عند أراضي ومنازل العائلات الذين طُردوا فحسب. بل أُنشأت وزارة كاملة لجمع وإعادة توزيع الأسرّة والطاولات ورفوف الكتب، حتى أدوات المطبخ والشوك التي أخذها المسلحون من المنازل التي استولوا عليها. وأطلقوا عليها اسم ديوان غنائم الحرب.

يقع مقر هذا الديوان/الوزارة في مبنى ذي واجهة حجرية في غرب الموصل، أصابته غارة جوية أثناء معركة استعادة السيطرة على المدينة. وعلى الرغم من أن النيران الناجمة عن القصف قد دمرت هيكل المبنى وأحرقت جدرانه. إلا أن الأشكال المتفحمة التي خلفتها ما زالت تروي قصة، إذ كانت كل غرفة بمثابة مستودع للأغراض المنزلية العادية، فقد وضعت سخانات الكيروسين في غرفة، وأفران الطهي في غرفة أخرى، ومجموعة من مبردات الهواء، وخزانات المياه في غرفة منفصلة.

أظهرت الأوراق القليلة التي لم تحترق، كيف مُنحت الأشياء التي تم الاستيلاء عليها من الطوائف الدينية الذين عمل داعشعلى طردهم كمكافأة لمقاتليه

فقد جاء في إحدى الرسائل المكتوبة على أحد نماذج الوثائق الجاهزة من الهيئة الحكومية لشؤون الأسرى والشهداء التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية: "أرجو التكرم بالموافقة على طلب أسرة الأخ الراحل دريد صالح خلف". كان الطلب للحصول على موقد وغسالة. وتقول إحدى الملاحظات المكتوبة في الأسفل: "سيتم تزويدك بتلفاز بلازما وموقد فقط". وتوضح استمارة أُخرى من هيئة الاتصالات العامة، تطلب فيها من بين أمور أخرى، شماعات للملابس. وتعهد التنظيم بتقديم الرعاية الخاصة لذويه، بما في ذلك توفير السكن المجاني للمجندين الأجانب، الأمر الذي يُعد أحد وسائل الجذب التي تبناها التنظيم.

وكتبت "كآهينا الحضرة"، وهي فتاة فرنسية انضمت إلى داعش عام 2015، في رسالة عبر البريد الإلكتروني في ذلك العام، إلى معلمتها في المدرسة الثانوية، وفقًا لنص ورد في تقرير فرقة التحقيقات الجنائية بباريس، والذي حصلت عليه صحيفة التايمز البريطانية: "أنا الآن في مدينة الموصل، وأتلقى أفضل رعاية هنا، لدي شقة مفروشة بالكامل، ولا أدفع أي إيجار ولا حتى فاتورة كهرباء أو ماء. إنها حياة طيبة! لم أشتري أي شيء، ولا حتى شوكة طعام واحدة".

وعندما أرسلت لها تلك المعلمة ردًا على رسالتها، وقالت إنه على الأرجح أن هذه الشقة قد تم الاستيلاء عليها من عائلة أخرى، ردت "كآهينا الحضرة" قائلةً: "لقد نالوا ما يستحقون، أولئك الشيعة الفاسدين!".

تعهد داعش بتقديم الرعاية الخاصة لعناصره والمتواطئين معه، بما في ذلك توفير السكن المجاني للمقاتلين الأجانب، وكانت تلك من وسائل الجذب التي اعتمد عليها

وكانت "كآهينا الحضرة"، وفقًا لسجلات الشرطة، هي الزوجة الحامل لأحد الانتحاريين الذي فجر نفسه في قاعة الحفلات الموسيقية بمسرح باتاكلان الممتلئة بالجمهور، خلال هجمات باريس التي وقعت في عام 2015.

يتبع..

 

اقرأ/ي أيضًا:

بيروقراطية الشر.. كيف أدار داعش مدينة الموصل؟

داعش من "الدولة" إلى العصابة.. انحسارٌ مركزي وتمدد شبكي