10-ديسمبر-2021

معرض "طرابلس سكوب"

ألترا صوت – فريق التحرير

تفتتح أمم للتوثيق والأبحاث، في الحادي عشر من كانون الأول/ديسمبر، معرضًا بعنوان "طرابلس سكوب.. عودٌ على طرابلسَ في ثقافتِها وممارساتها السّينمائيَّة" في شكا (مبنى خوري - حي البحر). يضم المتعلقات الخاصة بأرشيف "الشركة السينمائية التجارية طرابلس لبنان" (SCCTL)، تقف عليه وتنسقه ناتالي روزا بوشر، وتم بالشراكة مع المعهد الفرنسي في لبنان.

ترسم الوثائق المعروضة في معرض "طرابلس سكوب" خريطة استراتيجية لفهم الحياة السينمائية التي عرفتها مدينة طرابلس

الأرشيف الذي أنقذه فريق أمم يوثق آلية عمل صالات السينما في طرابلس، منذ أولى بدايات ازدهار السينما وانتشار الصالات في المدينة في السنوات الثلاثين من القرن الماضي إلى تسعينياته.

اقرأ/ي أيضًا: معرض "محمد ديب والفن".. الروائي الذي كان فنانًا

من خلال الوثائق المعروضة ترسم نتالي روزا بوشر شبه خريطة استراتيجية لفهم الحياة السينمائية التي عرفتها طرابلس في تلك الحقبة، مرورًا بما يقارب الإحدى وأربعين صالة عرض التي توزعت في أرجاء المدينة، محيطة بجوانب مختلفة، من التجاري إلى الفني إلى التقني ونحو ما هو أكثر خصوصية.

كان الافتتاح مقررًا في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2019 في الورشة 13 (المينا، طرابلس)، لكن تم تأجيله إثر قيام انتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر، فارتأت أمم في حينه تعليق جميع الأحداث الثقافية تضامنًا مع الانتفاضة وأعلنت الإضراب المفتوح.

لا ينفصل هذا المعرض، وإن كان يدور في فلك زمن بات منسيًا من تاريخ طرابلس، عن واقع المدينة اليوم الذي ظهرت إشكالياته وتبلورت أكثر من خلال انتفاضة 17 تشرين الأول التي أبرزت وجه التناقض بين الصورة المكرسة عن طرابلس في الإعلام اللبناني، الأقرب للكاريكاتورية في اختزالها المدينة كبؤرة للسلاح والإرهاب، وبين الصورة الأكثر شفافية التي عبر عنها الناشطون في الانتفاضة وهي صورة مدينة بالرغم من كل العوامل التي أدت إلى تهميشها لم تزل حيوية، وكان لها دور أساسي في توجيه مسار الانتفاضة، إضافة إلى دور ناشط في السينما وثقافتها.

الأرشيف الضخم للشركة السينمائية التجارية والذي عملت بوشر على إحيائه، يوثق جانبًا مهمًا من الأفلام التي عرضت في طرابلس ما بين 1940 و1970، إذ أن الشركة كانت تدير العديد من صالات السينما حينذاك.

تقودنا بوشر التي تتابع منذ 2013 بحثها حول السينما في طرابلس، وبحسب الثيمات المقسم إليها المعرض، إلى فهم حيوي وملموس لذلك التاريخ، مستعيدة إيقاعه عبر كل التفاصيل الاعتيادية واليومية التي كانت تشكل جوانب ذلك العالم، وتنسج رؤية دقيقة لآلية عمل صالات السينما بكل عناصرها ومدى تأثيرها في الاقتصاد المحلي. نجد ضمنها مراسلات قديمة، ووثائق تتناول الأفلام المعروضة على اختلاف أنواعها، ومجموعها العددي كما الأفلام العربية أو الأوروبية أو الويسترن، أو حتى الهندية، والكونغ فو، دون أن نستثني فئة الأفلام الإباحية "البورنو".

يسهم معرض "طرابلس سكوب" في إعادة تركيب الزمن الذي يبدو متخيلًا من تاريخ طرابلس، مقارنة بحاضر صالات السينما التي تواجه خطر الاندثار الكلي

اقرأ/ي أيضًا: بطاقات بلال خبيز.. بيروت الراهنة كما تظهر في نص قديم

تفاصيل أخرى كما تذاكر السينما والبطاقات البريدية وصور مقتطعة من الأفلام أو لممثليها، نكتشف عبرها الطرق المختلفة المعتمدة للترويج للشريط السينمائي في تلك الحقبة، كلها تسهم في إعادة تركيب ذلك الزمن الذي يبدو كأنه متخيل من تاريخ طرابلس مقارنة بحاضر كل صالات السينما المهجورة اليوم والتي تواجه خطر الهدم والاندثار الكلي. وتتلاقى الحياة السينمائية التي عرفتها طرابلس و كيفية تطورها وتراجعها مع تاريخ المدينة وانعكاسات كل التغيرات الاجتماعية والسياسية التي حلت بها منذ الحرب الأهلية في السبعينيات من القرن الماضي، إلى نشوء حركة التوحيد الإسلامي في الثمانينات منه أيضًا، مما أدى إلى توقف عمل غالبية صالات السينما المعروفة أو تغير توجهها، وبالمقابل وللمفارقة ازدهار الصالات التي كانت تعرض أفلام الأكشن المصنفة فئة ب، و"البورنو"، والتي كانت تتخللها مشاهد مقتطعة من أفلام الويسترن أحيانًا ضمن مونتاج عجيب من فعل هواة.

 

يضم المعرض صورًا فوتوغرافية نادرة تعود لتلك المرحلة من تاريخ المدينة، من مجموعة جان بيار وياسمينا زهار، إذ حصلت أمم على حقوق عرضها بالتعاون مع المؤسسة العربية للصورة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بارنيت نيومان.. تجفيف الزمن

رسالة من إيتيل عدنان إلى رشيد قريشي: حنين المستقبل