26-أبريل-2020

مستقبل مجهول للمغاربة العالقين خارج البلاد (Getty)

منذ إغلاق الحدود المغربية، البرية والبحرية والجوية، في إطار التدابير الاحترازية من انتشار فيروس كورونا الجديد، وجد آلاف المغاربة أنفسهم عالقين في عدة دول في القارات الخمس، معظمهم في أوروبا وتركيا، ومنهم من سافر لغرض السياحة أو العمل أو التطبيب، واشتكى هؤلاء من معاناتهم وطالبوا الدولة بإعادتهم.

منذ إغلاق الحدود المغربية، البرية والبحرية والجوية، في إطار التدابير الاحترازية من انتشار فيروس كورونا الجديد، وجد آلاف المغاربة أنفسهم عالقين في عدة دول

صراع البرلمان

تعالت الأصوات المطالبة بإعادة المغاربة العالقين في الخارج، ومنها أصوات حقوقية دفعت لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بالبرلمان المغربي إلى عقد اجتماع عاجل برئاسة نزهة الوافي، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة.

فقراء المغرب وأزمة كورونا.. محاولات رسمية لحماية حالة الطوارئ

الوزيرة وفي اجتماع اللجنة اختارت الحديث بلغة خشبية لم ينتج عنها أي قرار أو حتى تحديد للاتجاه الذي تسلكه الدولة اتجاه هؤلاء، واكتفت بتقديم إحصائيات لعدد المغاربة العالقين في الخارج مؤكدة أن المغرب لم يتأخر في إجلاء رعاياه من الخارج، والدليل قرار نقله للطلبة، الذين كانوا يدرسون في مدينة ووهان الصينية، حيث تم إجلاؤهم، وتخصيص الرعاية الصحية اللازمة لهم إلى حين تأكد عدم إصابتهم بالعدوى.

من جهته، قال خالد البوقرعي، النائب عن حزب العدالة والتنمية القائد للائتلاف الحكومي، إن المغرب يحتاج إلى نقطة ضوء في ملف المغاربة العالقين في الخارج مثل كل الدول التي تعاملت بمسؤولية مع مواطنيها، وفي مقدمتهم فرنسا، التي رحلت رعاياها من المغرب، ومن مختلف بقاع العالم، كما فعلت أمريكا، ودول غربية عدة.

وطالب بوقرعي الحكومة بتدخل سريع، خصوصًا أن لا أحد يعلم إلى متى سيستمر الوضع الحالي، الذي يعيشه العالم، مشيرًا إلى أن العالقين لا يمتكلون جميعًا الإمكانيات، التي تجعلهم يصمدون لمدة قد تطول إلى أشهر إضافية.

البوقرعي نبه إلى الوضع المقلق لآلاف الطلبة المغاربة في الخارج لأنهم كانوا قبل الأزمة يعملون خارج أوقات الدراسة لتسديد تكاليف الإقامة، لكنهم اليوم محتجزون، بعدما أقفلت الجامعات، وحتى أسرهم لم تعد قادرة على تحويل الأموال إليهم نظرًا إلى الظروف الاقتصادية الحالية.

وأكد البوقرعي أن عودة هؤلاء لن تكلف أكثر من 20 مليون درهم، وكثير منهم أبدوا استعدادًا لدفع سعر التذاكر كما أن أماكن الإيواء بعد وصولهم أيضًا متاحة بالثانويات، والمؤسسات العمومية، وغيرها، مع البدء بالفئات في وضعية صعبة.

رأي البوقرعي خالفه النائب عمر بلافريج الذي قال إن "مشكلة ترحيل المغاربة العالقين في الخارج لا تتعلق بما هو مادي، كما يعتقد بعضٌ ممن يقولون إنهم مستعدون لأداء تذاكر رحلات الإجلاء، وإنما بما هو صحي، كما أن فتح هذا الباب سيجعل 3 مليون مغربي يرغبون في الدخول إلى البلاد، بينما المنظومة الصحية للمملكة لا تتحمل هذه الأعداد".

بلافريج دعا إلى التمييز بين المغاربة العالقين في بلدان "أقل تقدمًا من المغرب" وبلدان أخرى حسب قوله، ومنهم الأطر العاملة في بلدان أفريقية، حيث لم يفرض حجر صحي، معتبرًا أن هؤلاء يحتاجون إلى إجراءات استثنائية، بخلاف من هم في بلدان أوربية، فرضت منذ أسابيع الحجر الصحي.

صوت حقوقي

بعد تعالي أصوات عدد من المغاربة العالقين في الخارج وجهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مراسلة عاجلة إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني تُطالبه بالتدخل من أجل تسهيل عودة المغاربة العالقين خارج التراب الوطني، والمدينتين سبتة، ومليلية.

الجمعية قالت إنها تلقت اتصالات، وطلبات تدخل، ورسائل مفتوحة من عدد من المواطنين المغاربة العالقين في عدد من دول العالم في ظل الحالة الاستثنائية، التي يعيشها العالم، والتي فرضت على الدول اتخاذ إجراءات شاملة، وغير مسبوقة، خصوصًا إقفال الحدود، ووقف حركة التنقل ما بين الدول، وقرارات إلغاء الرحلات من وإلى المغرب.

وأوضحت الجمعية الحقوقية أن معاناة المواطنين المحاصرين في عدد من الدول: إسبانيا، وفرنسا، وهولندا، وبلجيكا، وتركيا تتفاقم، في ظروف لا إنسانية، تهدد حياتهم بسبب الحالة العامة المرافقة للوضع الوبائي السائد، وتأثيرها على وضعهم النفسي، والصحي، والمادي والاجتماعي، الذي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، خصوصًا مع وجود نساء حوامل، ومرضى، وأطفال، وأرباب أسر.

المغاربة ليسوا وحدهم العالقين خارج أرض الوطن بل هناك أيضًا عدد من المغاربة الذين يعيشون خارج البلاد ممن علقوا في البلاد ووجدوا أنفسهم غير قادرين على العودة إلى حياتهم.

وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي" كشفت أنه من بين هؤلاء العالقين بالمغرب، عدد كبير يقيمون بشكل كبير في إسبانيا وفرنسا، يعيشون الحجر الصحي، منذ إعلان حالة الطوارئ يوم 20 مارس المنصرم، في بيوتهم الخاصة أو في بيوت أقاربهم، حيث يعانون بسبب قلة أو نفاد الأموال التي بحوزتهم، وفق المصدر ذاته، الذي أشار كذلك، إلى أن عدد المهاجرين المغاربة العالقين بالمملكة يتراوح ما بين 300 و700 شخص.

من جهتها وجهت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان نداء إلى الملك محمد السادس من أجل إطلاق رحلات جوية من وإلى المغرب، بهدف "تنظيم رحلات استثنائية للمغاربة العالقين بالخارج مع إخضاعهم للحجر الصحي 14 يومًا، قبل السماح لهم بزيارة عائلاتهم".

ودعت الرابطة ذاتها إلى تنظيم رحلات استثنائية للمهاجرين المغاربة العالقين في المغرب، والذين يعيشون أوضاعًا مأساوية (أسر تركوا أبناءهم وحيدين، ونساء حوامل، إضافة إلى مرضى مرتبطين بعمليات جراحية بالخارج، وأسر دون أي مدخول مادي أو سكن قار بالمغرب..).

هل يعود المغاربة؟

ووسط تفاقم أزمة المواطنين المغاربة العالقين بالخارج، خرج رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، للحديث عن التدابير، التي تنوي الحكومة اتخاذها للتنفيس من الأزمة.

العثماني وجه كلمته للمغاربة العالقين بالخارج، في حديثه خلال جلسة مساءلته الشهرية أمام مجلس النواب قائلًا: إن البلاد في وضع استثنائي داعيا إياهم بالصبر.

وتحدث العثماني عن التدابير، التي اتخذتها الحكومة للتخفيف من أزمة المغاربة العالقين في الخارج، من خلال التكفل بهم وإيوائهم، وتوفير الدواء لبعض الحالات، وتجنيد أطر طبية لضمان الرعاية الصحية لهم، كما أكد أن الحكومة تكفلت بمصاريف دفن عدد من المغاربة بالخارج.

اقرأ/ي أيضًا: كورونا في المغرب.. جائحة تشُل الحياة

من جهته حل ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي يوم الخميس الماضي، أمام مجلس النواب وقال أمام لجنة الخارجية إن عودة المغاربة العالقين خارج المغرب مؤكدة وقريبة لكن وزارة الخارجية تنتظر الضوء الأخضر من وزارة الصحة التي تدبر الوضع الصحي، وذلك بعد توفير إمكانات استقبالهم، لأنه يجب وضع جميع العائدين في الحجر الصحي، وهي عملية تتطلب توفير إمكانيات كبيرة.

تعالت الأصوات المطالبة بإعادة المغاربة العالقين في الخارج، ومنها أصوات حقوقية دفعت لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بالبرلمان المغرب إلى عقد اجتماع عاجل

الوزير كشف أنه بعد تحيين المعطيات الرسمية حُدد عدد المغاربة العالقين في الخارج في 22 ألفًا وأن السفارات والقنصليات المغربية في الخارج تكلفت بإيوائهم في الفنادق وإطعامهم، بالإضافة إلى تحويل اعتمادات مالية مخصصة للأنشطة الدبلوماسية للتعامل مع هذا الوضع.