19-مارس-2020

إجراءات تشل الحياة في المغرب لمنع انتشار فيروس كورونا (Getty)

أعلن المغرب خلال اليومين الماضيين تسجيل عدة حالات جديدة مصابة بفيروس كورونا المستجد ليرتفع العدد الإجمالي لعدد المصابين فوق تُراب المملكة إلى 54 حالة، منها حالات وافدة من الخارج (إيطاليا، إسبانيا، فرنسا) فيما بلغ عدد الوفيات حالتين.

أعلن المغرب خلال اليومين الماضيين تسجيل عدة حالات جديدة مصابة بفيروس كورونا المستجد ليرتفع العدد الإجمالي لعدد المصابين فوق تُراب المملكة إلى 54 حالة

وتعمل وزارة الصحة المغربية منذ الإعلان عن تسجيل أول حالة في الثاني من الشهر الجاري على إبلاغ الرأي العام بكافة التفاصيل، بالإضافة إلى عقد ندوات مستمرة لمدير الأوبئة لتفصيل الحالات وأيضًا لصد الشائعات التي تجول في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي من شأنها، حسبه، أن تبُث الفزع في قلوب المواطنين.

اقرأ/ي أيضًا: كورونا في "حمى" نظام الأسد.. إجراءات مسرحية في الوقت الضائع

تعليق الحياة

تزامنًا مع ارتفاع عدد حالات الإصابة، أعلنت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، توقيف الدراسة بجميع الأقسام والفصول انطلاقًا من بداية الأسبوع الجاري حتى إشعار آخر، في إطار التدابير الاحترازية الرامية إلى الحد من العدوى وانتشار "وباء كورونا" (كوفيد 19).

وأعلنت الوزارة أن القرار يشمل رياض الأطفال وجميع المؤسسات التعليمية ومؤسسات التكوين المهني والمؤسسات الجامعية التابعة لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سواء منها العمومية أو الخصوصية، وكذا مؤسسات تكوين الأطر غير التابعة للجامعة والمدارس ومراكز اللغات التابعة للبعثات الأجنبية ومراكز اللغات ومراكز الدعم التربوي الخصوصية.

من جهتها قالت كل من وزارة الداخلية ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الصحة، في بلاغ مشترك، إن توقيف الدراسة ابتداء من يوم الإثنين، "لا يعني بتاتًا أن الأمر يتعلق بعطلة مدرسية استثنائية، ولكن يتعلق بتوقيف الدروس الحضورية وتعويضها بالتعليم عن بعد".

وأوضح البلاغ أن "الإجراء يأتي في إطار التدابير الاستثنائية الرامية إلى الوقاية وضمان السلامة الصحية للتلاميذ والطلبة والمتدربين، ولجميع المواطنين، حيث يرجى منهم التقيد بقواعد النظافة المعتادة وتجنب المصافحة وعدم مخالطة الأشخاص المسنين وكذا الذين هم في وضعية صحية هشة".

الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية لم تنحصر فقط في إقرار التوقيف عن الدراسة بل أعلنت عن إغلاق المقاهي والمطاعم والقاعات السينمائية، والمسارح، وقاعات الحفلات، والأندية، والقاعات الرياضية، والحمامات، وقاعات الألعاب، والملاعب في وجه العموم، وحتى إشعار آخر.

ولا تشمل هذه الإجراءات الأسواق والمتاجر ومحلات عرض وبيع المواد والمنتجات الضرورية للمعيشة اليومية للمواطنين، وكذا المطاعم التي توفر خدمة توصيل الطلبات للمنازل.

أيضًا أعلنت الداخلية المغربية اتخاذها مجموعة من الإجراءات التنظيمية التي تهم تدبير النقل العمومي بمختلف أصنافه، حفاظًا على صحة وسلامة المواطنات والمواطنين، من بينها حصر عدد مقاعد الركاب المسموح به بالنسبة لسيارات الأجرة الكبيرة، في ثلاثة مقاعد عوض ستة المعمول بها في الفترات العادية، والتزام حافلات النقل الحضري ومركبات الترامواي بعدم تجاوز الطاقة الاستيعابية المخصصة لكل منهما، من خلال احترام العدد المسموح به من الركاب بما لا يتجاوز عدد الكراسي المتوفرة.

أيضًا أُطلقت عملية تطهير وتعقيم واسعة لوسائل النقل العمومي عدة مرات في الأسبوع لتشمل مركبات الترامواي وحافلات النقل الجماعي بمختلف أنواعها و سيارات الأجرة من الحجمين الكبير والصغير.

ورغم حزمة الإجراءات التي اتخذتها الدولة المغربية للحد من سرعة انتشار فيروس كورونا في البلاد فرئيس الحكومة سعد الدين العثماني خرج ليُطمئن المغاربة في لقاء مباشر بُث في في القنوات الرسمية، يقول فيه إن المغرب سيظل متحكمًا في تطور الفيروس داخل البلاد، لافتًا الانتباه إلى أن "القرارات التي تصدر بطريقة مفاجئة ليست لوجود أي خطر، ولكن للوقاية من كل خطر سيأتي".

صندوق التكافل

أعطى الملك محمد السادس تعليماته للحكومة قصد الإحداث الفوري لصندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا، هذا الصندوق الذي ستوفر له اعتمادات بمبلغ عشرة ملايير درهم (100 مليون دولار)، سيخصص من جهة، للتكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية، سواء فيما يتعلق بتوفير البنيات التحتية الملائمة أو المعدات والوسائل التي يتعين اقتناؤها بكل استعجال.

ومن جهة أخرى، سيتم رصد الجزء الثاني من الاعتمادات المخصصة لهذا الصندوق لدعم الاقتصاد الوطني من خلال مجموعة من التدابير التي ستقترحها الحكومة، لاسيما فيما يخص مواكبة القطاعات الأكثر تأثرًا بفعل انتشار فيروس كورونا كالسياحة، وكذا في مجال الحفاظ على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة.

وفور الإعلان عن إحداث الصندوق بدأت يد المتبرعين تمتد من بينهم أثرياء المغرب كعزيز أخنوش وعثمان بنجلون المصنفين ضمن أغنياء البلد حسب تقرير فوربس الأخير، بالإضافة إلى تبرع الهولدينغ الملكي، ومؤسسات أخرى والجماعات الترابية وتنازل البرلمانيين عن معاش شهر واحد. الصُندوق فُتح في وساهم فيه عدد من الأطراف، بينهم الجماعات الترابية، والميزانية العامة للدولة، والمؤسسات، والشركات العمومية، فضلًا عن مساهمات من القطاع الخاص.

وسابقت الحكومة الزمن لإصدار مرسوم إحداث الصندوق، الثلاثاء، الذي يجعل الأخير تحت تصرف وزيري المالية، والصحة، وينص المرسوم على أن نفقات الصندوق تنجز من طرف الوزير المكلف بالصحة، والآمرين بالصرف، المساعدين المعنيين من لدنه، وفقًا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.

وحول طرق إنجاز النفقات، فقد حصرها المرسوم في سندات الطلب، ما يجعلها مستثناة من مسطرة الصفقات العمومية، التي يؤديها المرسوم، الصادر في 20 مارس 2013، مع عدم تقييد مبالغها بأي سقف، مع إمكانية إبرام صفقات تفاوضية دون إشهار مسبق، ودون إجراء منافسة مسبقة، أو تقديم شهادة إدارية.

تزامنًا مع الإجراءات التي تتخذها الحكومة المغربية، أصدر الملك محمد السادس، عشية الثلاثاء، وبصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تعليماته للمفتش العام للقوات المسلحة الملكية قصد وضع المراكز الطبية المجهزة التي سبق أن أمر بإحداثها لهذا الغرض بمختلف جهات المملكة رهن إشارة المنظومة الصحية بكل مكوناتها إن اقتضى الحال وعند الحاجة.

وترأس الملك جلسة عمل خصصت لتتبع تدبير انتشار وباء فيروس كورونا بالمغرب ومواصلة اتخاذ مزيد من الإجراءات لمواجهة أي تطور، بحضور رئيس الحكومة ووزير الداخلية، ووزير الصحة، والمدير العام للأمن الوطني وكل من المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، وقائد الدرك الملكي.

اقرأ/ي أيضًا: كورونا من منظور أوروبي.. أسئلة الوحدة والتفكك

كما أعطى الملك محمد السادس، الثلاثاء، تعليماته لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ولجميع القطاعات المعنية، باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة، والإعداد لمرحلة جديدة، بسبب انتشار فيروس كورونا، إن اقتضى الحال ذلك. وتُحاول الدولة ضبط الأسعار التي عرفت ارتفاعًا كبيرًا تزامنًا مع أزمة كورونا التي تجتاح العالم، وذلك بإعلانها عن حُزمة إجراءات للتحكم في سوق الأسواق التي تُزود المواطن بالمواد الغذائية والخضر والفواكه.

أعطى الملك محمد السادس تعليماته للحكومة قصد الإحداث الفوري لصندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا، ستوفر له اعتمادات بمبلغ عشرة ملايير درهم (100 مليون دولار)

وقررت وزارتا الداخلية والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بشكل مشترك، السماح بالتزويد المباشر للمحلات التجارية المتوسطة والكبرى بالخضر والفواكه عبر البيع المباشر من طرف المنتجين إلى هذه المحلات التجارية دون المرور عبر أسواق الجملة. وقالت وزارة الفلاحة في بلاغ لها، إن هذا الإجراء، يهدف لتعزيز التموين المباشر للمحلات التجارية المتوسطة والكبرى من الفواكه والخضر من قبل المنتجين وأيضًا لتخفيض الأسعار التي من شأنها أن تضُر بالمواطن المغربي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 فيروس كورونا.. من "مهزلة" الدولة المركزية إلى بروبغاندا اليمين الشعبوي