07-أبريل-2020

تحاول الحكومة المغربية احتواء آثار حالة الطوارئ على الطبقات الفقيرة (فيسبوك)

منذ إعلان المغرب في العشرين من الشهر الماضي، لحالة الطوارئ الصحية بغرض تطويق فيروس كورونا المستجد ومنعه من الانتشار، والحكومة تعلن أنها تبحث عن صيغة تكافلية لدعم الفئة المتضررة من توقف الحركة الاقتصادية في البلاد، وهي الفئة التي تنتمي غالبا إلى الطبقة الفقيرة.

تُحاول الدولة المغربية من خلال السلطات ضبط الشارع العام والأحياء للالتزام بحالة الطوارئ، خصوصًا الشعبية منها، حيث ترتفع نسبة الفقر

وقالت الحكومة المغربية إن حالة الطوارئ ستستمر إلى غاية 20 نيسان/أبريل، أي مدة شهر، وتتضمن إغلاق المقاهي والمطاعم وقاعات الأفراح والمساجد والحمامات والأفرنة الشعبية، وتقنين فترة فتح أسواق الخضر والفواكه الأمر الذي تسبب في توقف آلاف المغاربة عن العمل.

اقرأ/ي أيضًا: كورونا في المغرب.. جائحة تشُل الحياة

وتُحاول الدولة المغربية من خلال السلطات ضبط الشارع العام والأحياء، خصوصًا الشعبية منها، حيث ترتفع نسبة الفقر، وذلك عن طريق خطاب سلمي لحث الناس على المكوث في منازلهم وعدم الخروج إلا للحاجة، وأيضًا عن طريق زجر المخالفين بعقوبات وصلت لاعتقال حوالي 5000 آلاف شخص.

وأمام كل هذه التدابير تُواجه طبقة من المجتمع المغربي السلطات التي تطالبها بالالتزام بالحجر الصحي، بسؤال "منين غادي ناكلو؟" (من أين سنأكل)، هذا السؤال الذي حاولت الحكومة أن تجد له حلًا من الأسبوع الأول لإعلان حالة الطوارئ والبحث عن صيغ لدعم الفئات المتضررة من الإجراءات المتخذة لمنع انتشار فيروس كورونا.

دعم القطاع غير المهيكل

بمجرد إعلان وزارة الداخلية لحالة الطوارئ الصحية، عُقد اجتماع للجنة اليقظة الاقتصادية التي أحدثتها وزارة الاقتصاد والمالية للبحث عن تدابير وطريقة لتعويض القطاعات غير المهيلكة والمتضررة مباشرة بالحجر الصحي.

قررت لجنة اليقظة الاقتصادية تقديم الدعم على مرحلتين، الأولى تهُم الأسر التي تستفيد من خدمة "راميد" (المخصصة للعلاج المجاني في المستشفيات العمومية)، وتعمل في القطاع غير المهيكل، وأصبحت لا تتوفر على مدخول يومي إثر الحجر الصحي. هذه الأسر يمكنها الاستفادة من مساعدة مالية تمكنها من المعيش والتي سيتم منحها من موارد صندوق محاربة جائحة كورونا، الذي انشئ تبعًا لتعليمات الملك محمد السادس.

هذه المساعدة حددتها الدولة في  قيمة 800 درهم (80 دولار) للأسرة المكونة من فردين أو أقل و1000 درهم (100 دولار) للأسرة المكونة من ثلاث إلى أربع أفراد، ثم 1200 درهم (120 دولار) للأسرة التي يتعدى عدد أفرادها أربعة أشخاص.

الدولة حددت طريقة للاستفادة من الدعم وعدم التردد على مقرات العمالات، والملحقات الإدارية، والقيادات وذلك عن طريق إرسال رسالة نصية تتضمن رقم بطاقة الراميد، وذلك ابتداء من نهاية الشهر الماضي، وتم توزيع المساعدات تدريجيًا ابتداء من الاثنين 6 نيسان/أبريل 2020 من أجل احترام الإجراءات الوقائية التي تمليها الجائحة.

وتتعلق المرحلة الثانية، بالنسبة للأسر التي لا تستفيد من خدمة راميد، والتي تعمل في القطاع غير المهيكل، والتي توقفت عن العمل بسبب الحجر الصحي، فسيتم منحها نفس المبالغ المذكورة سابقًا.

بحث الحكومة وقبل اتخاذ قرار الدعم المباشر للفقراء، عن صيغة توافقية تُمكن من صرف الدعم بطريقة سريعة وتستفيد منها الطبقة الفقيرة بشكل موضوعي، لكن أمام كل هذه التدابير التي حددتها الدولة هناك تحذيرات من استغلال الدعم الموجه للفقراء من طرف فئة ميسورة، لكنها تستفيد من بطاقة الراميد المخصصة للعلاج المجاني في المستشفيات العمومية.

دعم الأجراء

بالإضافة إلى دعم القطاع غير المهيكل قررت الحكومة المغربية استفادة جميع المأجورين المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في شباط/فبراير 2020، والمتوقفين عن العمل من طرف مقاولة في وضعية صعبة، من تعويض شهري ثابت وصافي قدره 2000 درهم (200 دولار)، بالإضافة إلى التعويضات العائلية وتلك المتعلقة بالتأمين الإجباري عن المرض، كما أنهم سيتمكنون من الاستفادة من تأجيل سداد القروض البنكية (قروض الاستهلاك وقروض السكن) إلى غاية 30 حزيران/يونيو 2020.

أيضًا، اتخذت تدابير لفائدة المقاولات المتوسطة والصغرى والصغيرة جدًا والمهن الحرة التي تواجه صعوبات، وذلك بتعليق أداء المساهمات الاجتماعية إلى غاية 30 حزيران/يونيو 2020، وتأجيل سداد القروض البنكية وتلك المتعلقة بقروض الإيجار  حتى 30 حزيران/يونيو بدون أداء رسوم أو غرامات، وتفعيل خط إضافي للقروض تمنحها البنوك ويضمنها الصندوق المركزي للضمان.

أما بخصوص التدابير الضريبية، فقد قالت لجنة اليقضة بوزارة الاقتصاد والمالية، إنه "يمكن للمقاولات التي يقل رقم معاملاتها للسنة المالية 2019 عن 20 مليون درهم، الاستفادة من تأجيل وضع التصريحات الضريبية حتى 30 حزيران/يونيو 2020 إذا رغبت في ذلك، كما تقرر "تعليق المراقبة الضريبية والإشعار لغير الحائز حتى 30 حزيران/يونيو 2020".

فيما بحثت اللجنة سلسلة جديدة من الإجراءات التي سيتم اتخادها لفائدة المأجورين، لغير المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، والذين يشتغلون في القطاع غير المهيكل.

قروض استثنائية

مقابل ذلك أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة عن إحداث آلية جديدة للضمان على مستوى صندوق الضمان المركزي، تحت اسم "ضمان اوكسجين"، ضمن التدابير المتخذة من طرف لجنة اليقظة الاقتصادية، والتي تهدف إلى تخفيف آثار الأزمة الناتجة عن جائحة كورونا، وتداعياتها على المقاولات.

وأوضحت الوزارة، في بيان لها نهاية الأسبوع أن المنتوج الجديد، الذي يهدف إلى تعبئة موارد مالية لفائدة المقاولات، التي عرفت خزينتها تدهورًا، بسبب انخفاض نشاطها، يغطي 95 في المائة من مبلغ القرض، مما يمكن البنوك من مد المقاولات بقروض استثنائية لتمويل احتياجات أموال الدوران، في ظرف وجيز.

وسجلت الوزارة أن التمويلات البنكية، التي تضاف إلى القروض الأخرى المتاحة، تغطي إلى حدود ثلاثة أشهر من المصاريف الجارية، والمتعلقة على وجه الخصوص بالأجور، وواجب الكراء، وتسديد أسعار المشتريات الضرورية، ويمكن لهذه التمويلات البنكية أن تصل إلى 20 مليون درهم.

أما بالنسبة إلى المقاولات، التي لا تتوفر على خطوط تمويل على المدى القصير، فإن القرض الاستثنائي يمكن أن يصل إلى 5 ملايين درهم، ويستفيد من هذه الآلية الجديدة للضمان، المقاولات الصغرى، والمتوسطة، والصغرى جدًا، التي لا يتعدى رقم معاملاتها 200 مليون درهم.

ونظرًا إلى الطابع الاستثنائي لهذه الأزمة، فإن المقاولات، التي يتراوح رقم معاملاتها ما بين 200 (20 دولار) و500 مليون درهم، يمكنها الاستفادة من هذا التسهيل.

وحتى تتمكن الأبناك من الإسراع في معالجة طلبات المقاولات للحصول على التمويل، أعطى صندوق الضمان المركزي تفويضًا لمؤسسات القروض، قصد استعمال ضمانه لجميع القروض، التي يقل مبلغها عن 2 مليون درهم.

 تُواجه طبقة من المجتمع المغربي السلطات التي تطالبها بالالتزام بالحجر الصحي، بسؤال "منين غادي ناكلو؟" (من أين سنأكل)

وكانت الموارد، التي تم ضخها في "الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا (كوفيد - 19)"، قد ارتفعت لتبلغ 28 مليار درهم، وذلك إلى حدود يوم الأربعاء الماضي، أي عشرة أيام فقط بعد إعلان الملك محمد السادس، إحداث الصندوق لتمويل تدبير ٱثار هذه الأزمة في مختلف أبعادها لاسيما الاجتماعية، والاقتصادية منها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 كورونا في الشرق الأوسط.. تداعيات اقتصاديّة "مريرة" وترقّب للأسوأ

امتثال وتمرد.. هل يتجاوز المغرب أزمة كورونا بإعلان الطوارئ؟