08-مايو-2023
Getty

التقديرات تشير إلى توترات إعلامية بالأساس لن تصل إلى تفكيك الحكومة خلال هذه الفترة (Getty)

وضع وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، مجموعة من الشروط لإنهاء مقاطعة جلسات الحكومة الإسرائيلية المستمرة منذ العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة قبل أسبوع، وذلك احتجاجًا على شكل الهجوم الإسرائيلي على القطاع.

وارتفع التوتر بين إيتمار بن غفير وحزبه ’عوتسما يهوديت’ ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في أعقاب مقاطعة جلسات الحكومة والكنيست، حيث يرفض بن غفير ونوابه المشاركة في جلسة الحكومة الأسبوعية والتصويت مع الائتلاف في الكنيست.

يحاول نتنياهو من خلال الأزمة الحالية مع إيتمار بن غفير، إعادة تشكيل العلاقة معه

جذور التوتر بين بن غفير ونتنياهو، تعود قرار الأخير إيقاف خطة التعديلات القضائية بشكلٍ مؤقت، مما دفع إيتمار بن غفير للمساواة على القرار مقابل حصوله على قرار بتشكيل الحرس الوطني. لكن، التوتر الحالي جاء عقب استشهاد خضر عدنان في سجون الاحتلال، وقصف مستوطنات غلاف غزة من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية ردًا على ذلك، فيما رفض بن غفير الرد الإسرائيلي على القطاع، واصفًا إياه بـ"الضعيف"، داعيًا إلى التصعيد ومطالبًا بالاغتيالات، ومنذ ذلك الحين أعلن وفصيله في الكنيست عن مقاطعة جلسات الحكومة الإسرائيلية.

وصعد بن غفير من توتره مع الحكومة، عقب موافقة وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت على إعادة جثامين شهداء محتجزة منذ أشهر تعود لعناصر في مجموعة "عرين الأسود"، بالإضافة للإفراج عن النائب الأردني عماد العدوان.

وفي أحدث احتجاجات حزب بن غفير، ألغى عضو الكنيست عن ’عوتسما يهوديت’ زفيكا فوغل، رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست، جميع الجلسات للجنة اليمينية بالكامل. وكان من المقرر أن تعقد اللجنة التي يرأسها فوغل، والتي تتعامل مع القضايا المتعلقة بالأمن الداخلي لدولة الاحتلال، ثلاث جلسات هذا الأسبوع، أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء، وتم إلغاء جميع الجلسات.

Getty

مصالحة على الدم الفلسطيني

وكشفت هيئة البث العام الإسرائيلية (كان 11)، عن أن بن غفير، طالب بشن عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية المحتلة والمصادقة على تشريعات تتعلق بخطة الحكومة لإضعاف جهاز القضاء، ومشاركته بالمداولات الأمنية، وتشديد ظروف اعتقال الأسرى في سجون الاحتلال.

وقالت القناة الإسرائيلية إن نتنياهو حاول عقد تفاهمات مع بن غفير دون نجاح، نظرًا لكون نتناهو "ليس مستعدًا للسماح لبن غفير بالمشاركة في الاجتماعات الأمنية الحساسة"، حيث لم يشارك بن غفير في اجتماع الكابنيت الذي قرر الرد على صواريخ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وذلك بعد رفض نتنياهو دعوته للاجتماع.

انتقادات متبادلة والبحث عن تأثير

وهاجم بن غفير الحكومة الإسرائيلية، قائلًا: "الليكود قدم وعودًا. على الحكومة الإسرائيلية أن تبادر وتسعى إلى الالتحام وتبني مبادئ اليمين، علينا وقف التنازلات وسياسة الاحتواء"، وطالب بن غفير "بتبني مبادئ اليمين"، من أجل عودته للمشاركة في الحكومة.

وفي سياق انتقاده لنتنياهو، هاجم بن غفير وزير الأمن غالانت، بالقول: "في السنوات الأخيرة رأيت عشرات القتلى، نحتاج إلى وقف سياسة احتواء القتلى ووقف التنازلات، ووقف عمليات الإفراج عن الجثامين والأسرى، بل علينا قتلهم". 

وقال بن غفير إن "هذه حكومة يمينية، ولم يمنحنا الجمهور تفويضًا بإعادة الجثث أو الامتناع عن قصف غزة، لم يفت الأوان لقيادة سياسة أمنية قوية وهجومية"، مضيفًا أن كتلة "عوتسما يهوديت ستستمر في الامتناع عن التصويت حتى تغير الحكومة الإسرائيلية اتجاهها وتبدأ في تنفيذ السياسة التي انتخبت من أجلها".

من جانبه، رد غالانت على بن غفير، بما يخص الإفراج عن جثامين الشهداء، بالقول: إن احتجاز جثامين الشهداء لا يشكل "ورقة ضغط" على فصائل المقاومة الفلسطينية "إلا في حالات استثنائية جدًا تتعلق بشكل أساسي بحركة حماس".

وتبجح غالانت، قائلًا: "أنا لا أتأثر من هجوم يشن علي من قبل وزير، أفترض أنه رأى عددًا أقل من جثامين ’الإرهابيين’ مما رأيت أنا".

وفي رد على تصريحات بن غفير، قال رئيس لجنة الاقتصاد في الكنيست، دافيد بيتان (الليكود) إن "حزب ’عوتسما يهوديت’ يخلق ديناميكية لسقوط الحكومة". وأضاف أن "حكومة يمينية كاملة لا تعني أن علينا القيام بكل سياسات ‘عوتسما يهوديت‘. لا يمكنهم التهديد والتوقف عن التصويت".

Getty

كما هاجم وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، سلوك حليفه في الانتخابات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، خلال كلمة ألقاها، اليوم الإثنين، في مدرسة دينية تتبع للصهيونية الدينية، قائلًا: إن "طريق التغيير ليس بالتهديد بقلب الحكومة ومقاطعة الحكومة والتصويت في الكنيست، هذا هو وقت التماسك والانضباط الائتلافي".

وأضاف سموتريتش: "الطريق لإحداث التغيير ليس من خلال التهديد بإسقاط الحكومة ومقاطعة التصويت والائتلاف في الكنيست. أعظم مكافأة لـ’لإرهاب’ هي الإطاحة بالحكومة اليمينية وصعود اليسار، مع مؤيدي ’الإرهاب’ إلى الحكم"، مطالبًا بن غفير بالعودة إلى جلسات الحكومة والكنيست، وذلك مع اقتراب موعد التصويت على قانون الموازنة، والذي يعني سقوطه، حل الحكومي بشكلٍ مباشر.

من جانبه، قال وزير التراث اليهودي عميخاي إلياهو من حزب بن غفير: "لا أحد يريد أن تسقط هذه الحكومة، كلنا نتفهم مزاياها العظيمة. لكن، هناك نوع من التوتر الداخلي فيما يتعلق بالمسائل الأمنية"، مطالبًا نتنياهو بتنفيذ الوعود اليمينية الكاملة، وفق تعبيره. 

وفي السياق نفسه، هاجم عضو الكنيست عن الليكود أوفير أكونيس، تصرف بن غفير وحزبه، واصفًا إياه بالطفولي، وداعيًا للعودة إلى التصويت.

قلق انتخابي مبكر

ويسعى بن غفير لفرض وعوده الانتخابية، خاصةً مع ظهور استطلاعات رأي إسرائيلية تشير لخسارته قوته الانتخابية، مع ترجيح بعض الاستطلاعات عدم قدرته على تجاوز نسبة الحسم، وضمن هذه المساعي، قال بيان صادر عن حزب بن غفير "إن السياسة يجب أن تتغير ويجب أن تتحول الحكومة إلى سياسة يمينية بالكامل. تلقينا تفويضًا من الجمهور لتغيير الاتجاه وهذا يجب أن يحدث"، وفق قوله.

وما سبق، ظهر في تصريحات أوسط مقربة من بن غفير، التي أكدت على أن "لا مصلحة لديه بتفكيك الحكومة، لكن لا مصلحة لديه بالبقاء في حكومة يمين على الورق فقط". وكشفت المصادر المقربة أن "لدى بن غفير قائمة مطالب مؤلفة من أكثر من عشرة بنود، وجميعها وعود انتخابية ليس لـ’عوتسما يهوديت’، وإنما لليكود واليمين كلّه. فلينفذوا أمرين أو ثلاثة من كل ما وعدوا الجمهور به".

وعقب جولة التصريحات المتبادلة، أصدر نتنياهو بيانًا، باسم حزب الليكود قال فيه إن بن غفير ليس ملزمًا بالبقاء في الحكومة، رغم أن انسحاب الحزب يعني سقوط الائتلاف الحكومي في إسرائيل. 

من جانبه، ذكر موقع "زمان يسرائيل"، أنه في الدائرة المقربة من نتنياهو يصفون بن غفير بـ"المجنون"، ولذلك يفضل نتنياهو عدم دعوته لمداولات أمنية مغلقة، إذ يُتهم بن غفير بأنه يسرب معلومات من مداولات كهذه، ولهذا السبب يمتنع نتنياهو عن عقد اجتماعات للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت).

Getty

استدراك انتخابي

وتظهر استطلاعات الرأي في إسرائيل، عن تراجع شعبية الليكود وائتلاف اليمين بشكلٍ كبير، وبحسب استطلاع القناة الإسرائيلية 12 فإن تحالف المعارضة سيحصل على 63 مقعدًا، بينما سيحصل التحالف الحكومي على 52 مقعدًا. مع تفضيل بيني غانتس على نتنياهو لمنصب رئيس الوزراء، فيما اعتبر 61% من العينة أن أداء نتنياهو سيء، و69% وصفوا أداء وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بالكارثي.

وبحسب استطلاع القناة الإسرائيلية 13، فإن النسبة تتشابه مع فرض فوز المعارضة، فيما يرغب 56% من الإسرائيليين بإقالة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

خلافات جدية؟

من جانبه، يقول المعلق العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل، إن "الحلقة الضعيفة في الحكومة الإسرائيلية الحالية هي ’عوتسما يهوديت’ حزب بن غفير". مضيفًا "يعرف وزير الأمن القومي أن فرص ظهور أي شيء جيد من الائتلاف الحالي من وجهة نظره ضئيلة في الفترة الحالية"، مشيرًا إلى أن منصبه الحالي أكبر منه.

التحليلات الإسرائيلية تصف بن غفير وحزبه بالحلقة الأضعف في الحكومة الإسرائيلية الحالية

ويتابع هرئيل، متحدثًا عن استمرار العمليات الفلسطينية و"التفاوت بين وعود حملته الانتخابية [أي بن غفير] وفشله في التطبيق العملي"، مما جعله يخسر في استطلاعات الرأي وما يدفعه مع مرور الوقت لمحاولة إيقاف الخسارة السياسية والاستقالة.

ويرى هرئيل أن الخلاف بين نتنياهو بن غفير حتى الآن "عرض ترويجي عبر وسائل الإعلام"، موضحًا: "ما زال الوقت مبكرًا على بن غفير للاستقالة، ونتنياهو لا يزال بحاجة إليه، والصراع العام بينهما يخدم الطرفين إلى حد ما". حيث ترى تقديرات، أن بن غفير يحاول الاستمرار في إظهار تمسكه بالبرنامج الانتخابي الخاص به، فيما يسعى نتنياهو للابتعاد قليلًا عن بن غفير.