06-أبريل-2023
getty

تجمع فصائل المقاومة الفلسطينية على رفض الانتهاكات الإسرائيلية وتحذر من إمكانية الوصول إلى مواجهة واسعة مع الاحتلال (Getty)

شهدت الليلة الماضية، تصعيدًا إسرائيليًا هو الأكبر في المسجد الأقصى بالقدس المحتلة، منذ بداية شهر رمضان، وذلك مع اقتحام قوات الاحتلال للمسجد والاعتداء على المعتكفين والمعتكفات داخله، واعتقال معظمهم، فيما شهدت ساعات صباح الأربعاء، محاولة إدخال قرابين لذبحها داخل المسجد الأقصى من قبل مستوطنين يهود.

يستمر التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، رغم الاجتماعات الأمنية التي عقدت الشهر الماضي

ومع بداية الاقتحام، انطلقت موجة مظاهرات في عدة مناطق بالضفة الغربية المحتلة والداخل الفلسطيني، بالإضافة إلى انطلاق أكثر من 10 صواريخ من قطاع غزة تجاه مستوطنات غلاف غزة. وأطلق اقتحام المسجد الأقصى موجة من الإدانات العربية والدولية.

وإلى جانب ما سبق، عاد الحديث عن التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، وإمكانية اندلاع موجة جديدة من المواجهة خلال الفترة القادمة، وذلك بعد جهود إسرائيلية واسعة ودولية وشملت عدة دول عربية والولايات المتحدة، من أجل محاولة الوصول إلى "تهدئة"، وذلك بعد اجتماعات العقبة وشرم الشيخ الأمنية.

getty

ورغم الهدوء النسبي خلال الأيام الماضية، مقارنةً بالأشهر الأولى من العام الحالي، وفي رمضان الماضي، إلّا أنّ إسرائيل التي سعت للضغط على السلطة الفلسطينية، من أجل زيادة دورها الأمني، تستمر في تصعيدها بالضفة الغربية تحديدًا.

أصوات من تحت الركام

وتتجه مكونات الحكومة الإسرائيلية نحو تصعيد متزايد، صباح اليوم الأربعاء، قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إنه طلب عقد مجلس الوزراء الأمني [الكابنيت] ​​بعد أحداث الليلة، داعيًا إلى عودة سياسة الاغتيالات في قطاع غزة، بالقول: "تحتاج الحكومة التي أنا عضو فيها إلى الرد بقوة على إطلاق الصواريخ من غزة، صواريخ حماس تتطلب ردًا يتجاوز قصف الكثبان الرملية والأماكن غير المأهولة"، مضيفًا: "يجب أن نحدد ثمن كل اطلاق صاروخ ولا نحيد عن معادلة تتطلب ردًا جادًا على كل صاروخ".

واستمرت العناصر الأكثر تطرفًا في حكومة الاحتلال بالتصعيد الخطابي، فقد قال وزير المالية الإسرائيلي والوزير في وزارة الأمن بتسليئيل سموتريتش، إنه من الواجب تغيير معادلة الرد تجاه غزة عبر ضربات موجعة أكثر، داعيًا لتنفيذ عملية "السور الواقي 2" شمالي الضفة الغربية المحتلة ضد المقاومة.

getty

وبحسب تقييم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فإن توثيق الاعتداءات الإسرائيلي في المسجد الأقصى كان أحد أسباب عمليات القصف الصاروخية. 

من جانبه، زعم رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك)، رونين بار، إحباط أكثر من 200 عملية منذ مطلع العام الجاري، وذلك قبل يوم من اقتحام شرطة الاحتلال المسجد الأقصى. وحذّر بار من "التوترات الأمنية المتصاعدة"، ووصف العمليات التي زعم أن الشاباك أحبطها بـ"الكبيرة"، وقال إنها تشمل حوالي "150 عملية إطلاق نار و20 عملية تفجير ودهس وانتحارية وخطف وغيرها من العمليات"، وذلك "في غضون ثلاثة أشهر فقط".

getty

وعقب الاعتداءات الإسرائيلية يوم أمس ومشاهد التنكيل بالمصلين في المسجد الأقصى، أجرى وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، اليوم الأربعاء، "تقييمًا خاصًًّا للوضع"، على خلفية "الأحداث الأخيرة التي وقعت في قطاع غزة" المحاصَر، تقرّر في نهايته "تعزيز العمل المشترك بين مختلف الأجهزة الأمنية"، كما أوعز غالانت بأن تبقى "كافة القطاعات بمستوى عالٍ من الجاهزية، لمواجهة كل الاحتمالات".

اقتحام الأقصى والقرابين

منذ يوم الإثنين، أوقفت الشرطة الاحتلال في القدس "رئيس حركة العودة إلى الجبل" رافائيل موريس - للاشتباه في أنه كان يخطط لتقديم "قرابين عيد الفصح اليهودي" في المسجد الأقصى، خلال توقف موريس، قال له الشرطي : "أعلمك بأنك معتقل للاشتباه في الإخلال بالنظام العام"، ليرد موريس "ما هو الترتيب الذي عطلته؟"، وأجاب شرطي الاحتلال: "مصدر قلق مستقبلي".

بالنسبة لهذه المجموعات القومية الدينية، فإن "ذبيحة الفصح هي أهم وصية يهودية"، وفي كل عام هناك مجموعات مصممة على اقتحام المسجد الأقصى، ومنذ بداية الأسبوع، أوقفت شرطة الاحتلال 9 يهود بعد محاولتهم إدخال الماعز للمسجد الأقصى.

getty

ومنذ صباح الأربعاء، يصل العديد اليهود الذين يحملون الماعز إلى البلدة القديمة، مع اقتحام آخر للحرم متوقع صباح الخميس.

من جانبه، قال الباحث الإسرائيلي عيران تزيدكياهو، عن المجادلة الفلسطينية بأن منظمات الهيكل هي امتداد للحكومة الإسرائيلية: "لقد كانت نبوءة تحقق ذاتها. إذا كان إيتمار بن غفير هو الوزير المسؤول عن الأمن في جبل الهيكل، فمن الصعب بالفعل معرفة الفرق".

احتمالات مفتوحة على التصعيد

وبحسب صحيفة العربي الجديد فإن المخابرات العامة المصرية، فتحت خطوط اتصال طوال الليلة الماضية وحتى ساعات الصباح مع حماس والجهاد الإسلامي وذلك "لمنع انزلاق الأوضاع لمواجهة عسكرية واسعة، محاولين إقناعهم بالاكتفاء برشقة الصواريخ التي أطلقت من القطاع كرد على ما جرى في المسجد الأقصى".

وتشير المصادر المصرية، إلى تمسك فصائل المقاومة الفلسطينية بـ"معادلة وحدة الساحات"، مع التأكيد على "الاستعداد للتصعيد ما لم يتم وقف الانتهاكات والاقتحامات في الأقصى"، وشملت الاتصالات المصرية دولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية.

getty

وكشفت مصادر العربي الجديد أن قيادة حركة الجهاد الإسلامي "رفضت تقديم أي تعهدات بعدم التصعيد أو عدم إطلاق صواريخ، بشكل مطلق، مؤكدة أن مسألة تقديم تعهدات من جانب واحد دون الطرف الآخر، في إشارة لحكومة الاحتلال ستكون أمرًا غير ذي جدوى".

من جانبه، قال المعلق العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل إن "بعد أسبوعين من شهر رمضان، تحققت التحذيرات الاستخباراتية [الإسرائيلية] جزئيًا"، مشيرًا إلى زيادة ملحوظة في محاولات تنفيذ العمليات، كان أبرزها إطلاق النار على مستوطنة معاليه جلبوع شمال جنين والواقعة داخل الخط الأخير، وعملية طعن لجنود الاحتلال في مستوطنة ريشون لتسيون.

getty

حذر قسم الأبحاث في مديرية المخابرات في الجيش الإسرائيلي عبر مذكرة حديثة تم إرسالها إلى كبار الضباط وصناع القرار الرئيسيين في المستويات الدفاعية والسياسية، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي.  تشير المذكرة إلى أن التأثير المباشر للحالة داخل دولة الاحتلال وفي المنطقة هي تآكل الردع الإسرائيلي، والذي سيؤثر لاحقًا أيضًا سلبًا على الأمن العام للبلاد والقوة الدبلوماسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، و"الخوف هو أن التراجع الاستراتيجي الإسرائيلي سوف يتفاقم مع اشتداد الاضطرابات في الداخل وتسارع العمليات من الخارج".

تتباين التقديرات الإسرائيلية، في تقييم التصعيد الإسرائيلي القائم حاليًا في المسجد الأقصى، حيث تشير تحذيرات إلى إمكانية اندلاع مواجهة واسعة، نتيجة التصرفات الاستفزازية من المستوطنين اليهود في المسجد الأقصى، فيما تشير تقديرات أخرى إلى الحالة تتجه للهدوء، مع نبرة "تهديدية إسرائيلية عالية".

getty

وتجمع التقديرات الإسرائيلية حاليًا، على أن اليوم المقبل، سيكون حاسمًا في تحديد اتجاهات الحالة القائمة حاليًا، سواء بالتوجه إلى تصعيد واسع والانتهاء منه خلال أيام.

بدورها، تجمع فصائل المقاومة الفلسطينية، على رفض الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، مع تحذيرها من إمكانية الوصول إلى مواجهة واسعة، نتيجة استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، ورغم سعي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى "الهدوء"، إلّا أنّ الاقتحامات الإسرائيلية لمدن الضفة الغربية مستمرة، ومع تفاقمها بالاعتداءات على المسجد الأقصى، وحالة استنفار كبيرة في محيطه، أسفرت عن استشهاد الشاب محمد العصيبي قبل أيام في الأقصى، مع عشرات الإصابات ومئات الاعتقالات خلال اليوم الماضي. 

تجمع فصائل المقاومة الفلسطينية، على رفض الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، مع تحذيرها من إمكانية الوصول إلى مواجهة واسعة

أمّا "الهدوء" الذي تبحث عنه إسرائيل في هذه الأيام، فهو استمرار الانتهاكات والاقتحامات الإسرائيلية، والاعتداء على المسجد الأقصى ودخول المستوطنين إليه، دون أي رد فلسطيني وهو ما تسعى إليه إسرائيل وعدة دول في المنطقة، ومع هذه الحالة القائمة، واستمرار التصعيد الإسرائيلي، فإن إمكانية توسع رقعة المواجهة، من ناحية الجغرافيا والأدوات تقترب بشكلٍ أكبر.