07-أكتوبر-2016

أحد مسلحي الجيش السوري الحر خلال معارك عملية "درع الفرات" (Getty)

احتدم الجدال بين الفصائل الإسلامية والمنظرين الجهاديين في شمال سوريا، وتحديدًا في ريف إدلب، على خلفية تبني ما يُعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية" لتفجير سيارة مفخخة، الخميس، 6 تشرين الأول/أكتوبر، بتجمع لقوات المعارضة في "معبر أطمة" الحدودي مع تركيا، أثناء توجههم لريف حلب الشمالي، للمشاركة في عملية "درع الفرات".

حمَّل نشطاء سوريون مسؤولية "تفجير أطمة" للحركات الجهادية وشيوخها ممن هاجموا الفصائل المتعاونة مع تركيا

التفجير خلق عاصفة من الجدل بين الفصائل الإسلامية، وخاصة بعد الهجوم على المنظر الجهادي، أبو محمد المقدسي، رغم كتابة الأخير تغريدة عبر صفحته الرسمية على "تويتر"، يقول فيها: "تفجير المعابر والمطارات المدنية وكل ما يمثل بوابات ومتنفسًا للمسلمين للعلاج والمرور والإغاثة: عمل غبي فوق كونه إجرامي، أيًا كان فاعله"، إلا أن العديد من المعلقين حملوه مسؤولية التفجير بسبب هجومه على الفصائل التي استهدفها هذا التفجير.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تحولت مكاسب روسيا في سوريا وأوكرانيا لخسائر؟

جذور الخلاف تعود إلى أكثر من 40 يومًا، عندما أعلن عدد من الفصائل اشتراكهم في عملية "درع الفرات"، التي تقودها تركيا، وتدعمها جويًا مقاتلات التحالف الدولي، حيثُ أفتى عدد من المنظرين بعدم إجازة التنسيق مع الجيش التركي، بفتوى أنه "جيش محتل"، وكان من بينهم أبو محمد المقدسي، والشرعي أبو يقظان المصري، الذي قدم استقالته من حركة "أحرار الشام الإسلامية"، إضافة للبيان الصادر عن جبهة "فتح الشام"، الذي هاجم الفصائل المتعاونة مع تركيا. ولذلك حمل العديد من النشطاء السوريين كل من أصدروا بيانات تنديد بالفصائل المشتركة في عملية "درع الفرات"، المسؤولية الأخلاقية لتفجير "أطمة"، لكونهم قد وفروا الغطاء الشرعي والسياسي لمن قاموا بالتفجير.

وفي مسألة التعاون مع الجيش التركي، كانت حركة أحرار الشام قد استبقت بيان "فتح الشام"، بإصدار مجلسها الشرعي فتوى تجيز التنسيق مع الجيش التركي، وهو ما أثار ردود فعل سلبية عند معظم الفصائل، منها انشقاق كتيبة "مجاهدو أشداء" عن الأحرار، وإعلان حركة "نور الدين الزنكي" انضمامها لتحالف "جيش الفتح" الذي تقوده "فتح الشام"، وإصدار "الكتيبة الثانية" في لواء "صقور الجبل"، بيانًا أعلنت من خلاله انضمامها لـ"فتح الشام".

تطور آخر سريع ظهر في وقت متأخر من أمس الخميس، وذلك بعد إصدار فصيل "جند الأقصى"، الذي يلتزم الحياد اتجاه قتال "تنظيم الدولة"، وأعلن انفصاله عن "جيش الفتح" الذي أفتى بقتال "تنظيم الدولة"، بيانًا هدد عبره بإيقاف "غزوة مروان حديد" في ريف حماة، والتوجه لحماية أنفسهم من مقاتلي "أحرار الشام".

اقرأ/ي أيضًا: هل ستضرب أمريكا الأسد هذه المرة جديًا؟

المقترح الدولي بإخراج "فتح الشام" من حلب إلى إدلب، في حال تنفيذه، سيعني تغييرًا كاملًا لخارطة التحالفات العسكرية في الشمال السوري

وتعود خلفيات الحادثة، وفق ما تناقلته صفحات معنية بتغطية أخبار الفصائل الإسلامية، إلى اعتقال أحد حواجز أحرار الشام في مدينة "سراقب" بريف إدلب، لمجموعة كان في داخلها مقاتلين لـ"تنظيم الدولة"، وأحد عناصر الجند المبايعين للتنظيم. وردت الأخيرة بخطف المسؤول عن عملية الاعتقال، وطالبت بالإفراج عن العناصر المعتقلين لدى الأحرار مقابل الإفراج عن مقاتلها، ليتطور الأمر لاحقاً بمنح الأحرار مهلة 24 ساعة للجند من أجل الإفراج عن العناصر المعتقلة، وهو ما رد عليه الجند برفض المهلة.

وللتنويه كان تنظيم الدولة استهدف بعملية مماثلة، في منتصف آب/ أغسطس الفائت، "معبر أطمة" أثناء توجه مقاتلي المعارضة لريف حلب، قضى على إثره أكثر من 35 مقاتلًا من المعارضة السورية، في حين قُتل ما لا يقل عن 40 مقاتلًا في عملية أمس.

القراءة السابقة، توضح لنا خارطة سير الفصائل الإسلامية، الأكثر ظهورًا في ريف إدلب، ويظهر الانقسام بينها أن الأمور آخذة بالتصعيد إلى حد ينذر بمواجهة لإثبات الوجود بين الطرفين. والواضح أن التصادم بات قاب قوسين أو أدنى بين هذين الفصيلين، وما يعزز ذلك، أن الأحرار في أكثر من مناسبة هددت بالقضاء على الجُند، لكن الشرعي العام لـ"جيش الفتح" حال دون ذلك، هذا أولًا، ويأتي في المرتبة الثانية أن الفصائل التي ترفض التنسيق مع الجيش التركي، بدأت في الفترة الأخيرة تتهم الفصائل المشاركة في عملية "درع الفرات" بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وأنها شريك في حصار أحياء حلب الشرقية.

والتصريحات الدولية الأخيرة، تشير إلى أن هناك مقترح لإخراج "فتح الشام" من حلب إلى إدلب، وفي حال تم ذلك، فإن الشمال السوري، حيث تتمركز الفصائل الإسلامية والفصائل المعارضة، ومن بينها حركة أحرار الشام، التي تؤكد، في معظم بياناتها، التزامها بالخط العام للثورة، سيشهد تحالفات جديدة، وإعادة تموضع للقوى العسكرية مرًة ثانية، لكنها لن تكون بالتأكيد دون معارك فيما بينها.

اقرأ/ي أيضًا:

هل تعزل موسكو نفسها دوليًا؟