22-سبتمبر-2023
التطبيع مع السعودية وسموتريتش ونتنياهو

التقديرات تشير إلى إمكانية الموافقة على "تسهيلات" اقتصادية للسلطة الفلسطينية مقابل التطبيع مع السعودية (Getty)

يتصدر الحديث عن إمكانية عقد اتفاقية تطبيع بين السعودية وإسرائيل وسائل الإعلام والمحادثات، وذلك بالتزامن مع اجتماع الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لأول مرة منذ عودة الأخير إلى منصبه منذ ثمانية أشهر. بالترافق مع مقابلة لولي العهد السعودي ناقش فيها إمكانية التطبيع مع إسرائيل.

ومسار التطبيع مع دولة الاحتلال حتى الآن يبدو طويلًا، مع رغبة السعودية في الحصول على "الثمن" المناسب مقابل  هذه الخطوة، والذي يشمل مفاعلًا نوويًا، واتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة، و"تنازلات إسرائيلية" على صعيد القضية الفلسطينية، وهي خطوة تعتبرها الكثير من التحليلات "رمزية".

اليمين الإسرائيلي، يرفض الحديث عن "تنازلات" سياسية، حتى لو كانت رمزية، من أجل التطبيع بين الرياض وتل أبيب 

المفاوضات التي تجري بشكلٍ ثنائي حتى الآن، أي بين الرياض وواشنطن مع متابعة تل أبيب لها، تواجه رفض إسرائيل كسر احتكارها للسلاح النووي في المنطقة، ووجود الائتلاف اليميني الأكثر تطرفًا في تاريخ دولة الاحتلال، الذي يتحدث عن نيته "حسم الصراع"، فيما يدور الحديث عن تقديم "تنازلات" في القضية الفلسطينية، والذي يرفض حتى "المناورة"، ويخرج قادته في تصريحات عنصرية، بشكلٍ أسبوعي، تتراوح ما بين الدعوة إلى قتل الفلسطينيين أو محو قراهم، أو تمجيد الإرهابي الذي أحرق عائلة دوابشة عام 2015.

والنقاش حول حصول السعودية على مفاعل نووي، يدور بين المستويات السياسية والأمنية في دولة الاحتلال وطرح خيارات بديلة لها، ومعارضته الأساسية تتركز في أحزاب الوسط وقادة سابقين للمؤسسة الأمنية في دولة الاحتلال، فيما يبدو نتنياهو أكثر "مرونة" من أجل الدفع في اتفاق يرغب فيه نتنياهو ويحتاجه بايدن قبل الانتخابات الأمريكية.

اقرأ/ي: أين وصلت مفاوضات التطبيع بين الرياض وتل أبيب؟ إجابة إسرائيلية وأمريكية

أمّا الحديث عن القضية الفلسطينية، فهو يدور على مستوى النقاشات السياسية داخل الائتلاف اليميني، والحديث عن "تنازلات" لا يصل إلى مستوى تقدم سياسي حاسم أو التوصل إلى اتفاق نهائي، والتقديرات تشير إلى خطوات سياسية محدودة، مقابل ميل نحو الاقتصاد بشكلٍ أكبر.

وهذا السياق، يقف الائتلاف اليميني في إسرائيل، الذي أصبح أقرب للعزلة الدولية، نتيجة وجود وزراء على شاكلة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، في الموقف الرافض لتقديم أي "تنازل" جدي على صعيد القضية الفلسطينية، حتى لو كان ذلك يعني التنازل عن التوصل إلى اتفاق.

اجتماع نتنياهو.. نقاش داخل اليمين

وكشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن عقد نتنياهو مؤخرًا اجتماعات مع شركائه في الائتلاف لمناقشة التطبيع المحتمل مع السعودية و"الإيماءات التي قد ينطوي عليها ذلك تجاه الفلسطينيين".

وقال أحد المشاركين في الاجتماعات، لصحيفة "هآرتس" إن هدف الاجتماع هو تمهيد الطريق للتوصل إلى اتفاق والتحقق من قدرة نتنياهو الحفاظ على حكومته مع استمرار المفاوضات مع الرياض وواشنطن .

ولم تتم مناقشة أي مقترحات ملموسة، بحسب المصدر، الذي قال إن التركيز كان على رسم حدود التنازلات المستقبلية تجاه الفلسطينيين.

getty

وفي حديثه للصحفيين في نيويورك هذا الأسبوع، قال مسؤول إسرائيلي كبير إن نتنياهو لا يخطط لإجراء أي تغييرات في ائتلافه إذا أتى الاتفاق مع السعوديين بثماره. وهذه أفكار طرحت أمريكيًا، وبالأخص في مقالات مسؤول قسم الرأي في صحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان، الذي تحدث عن إمكانية دخول بيني غانتس ويائير لبيد للحكومة، وإخراج بن غفير وسموتريتش مقابل التطبيع مع السعودية. 

وأضاف: "إذا كانت هناك أحزاب تريد الانضمام إلى الحكومة مع الالتزام بمبادئها الأساسية، فهي موضع ترحيب، لكن ذلك لن يكون على حساب أحد".

وتقول الصحيفة العبرية: "لا يترك شركاء نتنياهو في الائتلاف مجالاً كبيراً للمناورة، مما يلقي بظلال من الشك على قدرته على تلبية المطالب الأمريكية والسعودية المتوقعة".

ويأتي ذلك، مع حديث عناصر بارزة في حزب الصهيونية الدينية الذي يتزعمه سموتريتش، "أنهم سيرفضون رفضًا قاطعًا أي تطبيع يتضمن إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية".

وقال مصدر في الحزب لـ"هآرتس": "طالما أن اللفتات تجاه الفلسطينيين تتوافق مع منطق أوسلو المتمثل في بناء دولة فلسطينية، فلن يتراخى نتنياهو هنا، وسوف نعارض أي خطوة من هذا القبيل".

getty

وبحسب هآرتس: "تجد مصادر الحزب صعوبة في الإشارة إلى الخطوات التي تجدها مقبولة، مقابل تلك التي تعارضها"، وتنقل عن أحد مصادرها في الحزب المتطرف، قوله: "سنعارض نقل الأراضي إلى الفلسطينيين، ومن المتوقع أيضًا أن تعارض الصهيونية الدينية أي تجميد للبناء في مستوطنات الضفة الغربية، ومنع إسرائيل من التدخل في البناء الفلسطيني".

ووفق الصحيفة الإسرائيلية: "يبدو أن سموتريش سيوافق في الغالب على خطوات اقتصادية مثل تحويل الأموال من السعودية لإعادة بناء مخيمات اللاجئين وبناء مراكز تجارية جديدة ودعم التنمية الاقتصادية الفلسطينية".

موقف صهيوني معلن

وفي هذا السياق، قالت وزيرة الاستيطان والمهام القومية وعضوة حزب الصهيونية الدينية أوريت ستروك: "لا أعرف ما إذا كان رئيس وزرائنا سيعود باتفاق مع السعودية، لكنني أعرف أن لدينا اتفاقًا مع الرب على هذه الأرض، هذا اتفاق قديم لا يمكن إلغاؤه، وقد نجانا من جميع أعدائنا، ونحن ملتزمون بهذا الاتفاق"، وفق قولها.

في المقابل، لا يكترث بن غفير كثيرًا في هذا المطلب، نظرًا للتشكيك في هذا المطلب من أساسه، وقناعتهم بإمكانية التطبيع مع السعودية دون أي تنازل للفلسطينيين.

وبحسب "هآرتس": فإن "أعضاء الدائرة الداخلية لنتنياهو يشعرون بالقلق من سموتريتش أكثر من بن غفير، ويذكرون ذلك لرئيس الوزراء في كثير من الأحيان. ومع ذلك، في ظاهر الأمر، يبدو عوتسما يهوديت [حزب بن غفير] متشددًا بنفس القدر".

وتقول شخصيات بارزة في حزب عوتسما يهوديت لـ"هآرتس"، إن بن غفير لن يوافق على تقديم تنازلات كبيرة والعودة إلى أوسلو، ويضيف مصدر في الحزب: "لن يكون هناك أوسلو ب، ولا أوسلو ج، ولا أي أوسلو. السلام [التطبيع] فقط مقابل السلام، كما في اتفاقيات إبراهيم [التطبيع]".

getty

ويعارض حزب إيتمار بن غفير، إخلاء المستوطنات، بما في ذلك تلك التي بنيت بشكل غير قانوني على أراض فلسطينية خاصة، أو الإفراج عن أسرى، أو تسليم أسلحة جديدة للأجهزة الأمنية الفلسطينية، رغم دعم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية للخطوة الأخيرة.

ولا يقتصر ما سبق على أحزاب اليمين المتطرف، فقبل ساعتين من لقاء نتنياهو بجو بايدن، نشر 12 عضوًا في الكنيست من حزب الليكود رسالة مفتوحة تهدف إلى الإشارة إلى قضية التنازل للفلسطينيين.

وجاء في الرسالة التي وقعها يولي إدلشتاين وتالي جوتليف وداني دانون وتسعة أعضاء كنيست آخرين من حزب الليكود، حديث عن عدم إمكانية تقديم أي تنازل على مستوى الأرض، أو تسليح للسلطة الفلسطينية، أو التوقف عن هدم المنازل الفلسطينية.

ورغم الرسالة السابقة، التي تحدثت مصادر عن صياغتها بموافقة نتنياهو نفسه لإظهار إشكالية أي تنازل داخل الحكومة، تقول "هآرتس": "من المرجح أن يحظى نتنياهو بالدعم في الليكود لأي قرار يتخذه. فهو يسيطر على الحزب، ويعرف الموقعون على الرسالة أن بإمكانهم الاعتماد على سموتريش وبن غفير. وقال أحدهم: أعتقد أننا يمكن أن نوافق على ما يوافقون عليه أيضًا".

وفي تعليقه على لقاء نتنياهو بايدن، قال الصحفي الإسرائيلي يوسي فيرتر، إن اللقاء "يوفر الفرصة لنتنياهو، الذي سئم منه أغلب الجمهور الإسرائيلي والعديد من الدول في الغرب، لإعادة نفسه إلى الإجماع العالمي. وهذا بشرط طبعا أن يخلص نفسه من ائتلاف مؤيدي الإرهاب اليهودي والمستوطنين العنيفين. لكنه على الأرجح لا يستطيع فعل ذلك. إن فرص تشكيل ائتلاف بديل خلال فترة الكنيست الحالية ضئيلة. وإجراء انتخابات مبكرة ليس في مصلحته".

كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن عقد نتنياهو مؤخرًا اجتماعات مع شركائه في الائتلاف لمناقشة التطبيع المحتمل مع السعودية و"الإيماءات التي قد ينطوي عليها ذلك تجاه الفلسطينيين"

وأضاف: "نتنياهو، كعادته، ذهب إلى أميركا ليأخذ، لا ليعطي. إن الاتفاق مع السعودية سيمنح نتنياهو الغطاء الذي يحتاجه لمواصلة الترويج للانقلاب القضائي"، مضيفًا: "تحليل تحركات نتنياهو إن نتنياهو أرد خطة التعديلات القضائية. كل ما يريده نتنياهو هو تقليص خسائره على المدى القصير وتحقيق مكاسب على المدى الطويل".

ويتابع، قائلًا: "نتنياهو يلعب لعبة طويلة. خطته هي انتزاع صفقة سعودية من إدارة بايدن والمراهنة على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد 16 شهرًا من الآن. وإذا عاد ترامب، فيمكنك الاعتماد على عدم صدور تصريحات من البيت الأبيض حول القيم المشتركة".