29-أغسطس-2023
نجلاء المنقوش إيلي كوهين

التحليلات الإسرائيلية انتقدت قيام وزير الخارجية الإسرائيلي بنشر تفاصيل اللقاء (ألترا صوت)

تتواصل قضية لقاء وزيرة الخارجية الليبية السابقة نجلاء المنقوش، مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، بالتفاعل في أعقاب فرار المنقوش إلى تركيا، بعد انكشاف اللقاء، واندلاع احتجاجات واسعة في ليبيا، وغضب الإدارة الأمريكية من الكشف بشكلٍ علني عن اللقاء بين كوهين والمنقوش، مما يعني إفشال أو إبطاء عملية التطبيع واللقاءات الدبلوماسية.

وبحسب موقع أكسيوس الأمريكي، احتجت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على الحكومة الإسرائيلية وقرار وزير الخارجية الإسرائيلي الكشف عن اجتماع سري عقده مؤخرًا مع نظيرته الليبي.

تجمع التحليلات الإسرائيلية، على أن التطبيع مع إسرائيل، لن يحدث اختراقًا في العلاقات، في ظل الرفض الشعبي له، مستشهدة في مظاهرات ليبيا، التي انطلقت بعد الكشف عن لقاء نجلاء المنقوش مع إيلي كوهين

وكشف كوهين، عن اللقاء الذي عقد الأسبوع الماضي، يوم الأحد، مشيرًا لكونه عقد برعاية إيطالية.  فيما اعتبرت الخارجية الليبية "اللقاء بالعابر وغير الرسمي، ولم يتضمن أي نقاش أو تشاور"، وفقها.

في المقابل، وبعد ساعات من إيقاف المنقوش عن عملها وتحويلها إلى التحقيق، قرر رئيس الوزراء الليبية الإعلان عن إقالة المنقوش من منصبها من داخل السفارة الفلسطينية في ليبيا. وتحدثت مصادر إسرائيلية عن أن ترتيب اللقاء، جرى بطلب ليبي، وأكدت وكالة أسيوشيتد برس حصول اللقاء بمعرفة رئيس الوزراء الليبي.

ووفق موقع "أكسيوس"، قال أحد المسؤولين الأمريكيين إن إدارة بايدن فهمت أن اللقاء بين كوهين والمنقوش كان من المفترض أن يكون اجتماعًا سريًا، وتفاجأ المسؤولون الأمريكيون عندما كشفه كوهين في بيان صحفي رسمي.

بودكاست مسموعة

وزعم أحد مساعدي كوهين، متحدثًا إلى موقع أكسيوس، أنه كان هناك تفاهم خلال الاجتماع على أن الأمر سيصبح علنيًا في نهاية المطاف، لكن مسؤولاً أميركياً قال إن الليبيين لم يقصدوا أن يصبح الاجتماع علنيًا.

وبحسب كوهين، فإن قرار نشر البيان، الذي حذف لاحقًا، جاء بعد تواصل وسائل إعلام إسرائيلية معه، للتعليق عليه. وقال مسؤول أمريكي إنه حتى لو كان هناك تسريب، كان من الممكن أن يرفض كوهين التعليق.

وعن الاحتجاجات في ليبيا وإقالة المنقوش، قال دبلوماسي يمثل دولة عربية لها علاقات مع إسرائيل لـ"هآرتس"، إن الحدث سيضعف ثقة الدول الأخرى في المسؤولين الإسرائيليين، مضيفًا: "المظاهرات في شوارع ليبيا سيكون لها تأثير. وستفقد بعض الدول شجاعتها نتيجة لذلك. ولا يرغب أي زعيم في رؤية صور مثل تلك [الاضطرابات في ليبيا] في عاصمته".

ما بين اللقاء والتسريب

وتحولت قضية نشر البيان، إلى ساحة مواجهة درامية في إسرائيل، مع هجوم المعارضة على وزير الخارجية الإسرائيلي الذي "إحبط العلاقة مع ليبيا" بحسب تعبيرهم.

في المقابل،  أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للوزراء بطلب الموافقة على أي اجتماع سري أو نشر تفاصيله. وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن "ضرورة الموافقة على كل لقاء ومنشور سري مع نتنياهو، أمر غير عادي للغاية، ومن المفهوم أن نتنياهو كان غاضبًا من الفشل الذريع، بل وعبر عن نوع من عدم الثقة في وزير الخارجية إيلي كوهين".

أمّا عن تفاصيل اللقاء، فقد قال الموقع الإسرائيلي إنه تم بوساطة وتحت رعاية وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تياني، وتم الترتيب له مسبقًا، ووفق الموقع الإسرائيلي فقد تم التوافق على "نشر بيان صحفي خلال يوم أو يومين، ولكن تقرر أيضًا عدم نشر صورة مشتركة لوزيري الخارجية".

getty

ويضيف موقع "واينت" العبري، أن ما سرع من عملية نشر البيان، هي التسريبات التي كشفت عن انعقاد اللقاء، مما أفسد خطة وزير الخارجية بالنشر عن اللقاء يوم الثلاثاء.

ووفق المصادر الإسرائيلية، فإن كوهين نشر البيان "من أجل استباق التقارير الصحفية والسيطرة على الرواية عن اللقاء"، متهمًا مجلس الأمن القومي والموساد بتسريب اللقاء للإعلام.

ونقل الموقع الإسرائيلي، عن مصادر في الخارجية الإسرائيلية، قولهم إن النشر "يكشف عن سلوك الهواة في إدارة العلاقات الخارجية"، وأضافت المصادر: "الدول التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ستخشى إجراء اتصالات سرية، خاصة أن إسرائيل تعرف كيف تبقى الاجتماعات سرية". 

getty

وأشارت المصادر من الخارجية الإسرائيلية، إلى أنه "هناك اتصالات سرية كثيرة مع دول لا توجد علاقات معها، بهدف أن تنضج الاتصالات إلى علاقات دبلوماسية. بمجرد أن يتم المساس بمستوى مصداقية الجانب الإسرائيلي، فإنه يقطع احتمالات إقامة علاقات مع دول أخرى في المستقبل. الوزير يريد إدخال المزيد من الدول إلى دائرة التطبيع وما فعله أطلق النار على قدمه".

في المقابل، خرج وزير الخارجية كوهين عن صمته الليلة الماضية بعد يوم تقريبًا من الاضطرابات، قائلًا: إن "وزارة الخارجية تعمل بانتظام في القنوات المفتوحة والخفية، وبطرق متنوعة وسرية لتعزيز علاقات إسرائيل في العالم، وفي العالم العربي على وجه الخصوص"، وذلك في محاولة لرد الهجوم على المعارضة الإسرائيلية، التي هاجمت الكشف عن اللقاء بشدة.

من جانبه، يقول الكاتب في صحيفة "هآرتس" يوسي فيرتر، إن كوهين الذي يطمح للمنافسة على قيادة الليكود، قد حاول تسجيل أي إنجاز له، مع قرب انتقاله إلى وزارة الطاقة، وتسليمه الخارجية ليسرائيل كاتس، مضيفًا: "لقد تسبب في أضرار جسيمة للعلاقات الخارجية لإسرائيل، وللجهود الأمريكية لدفع التطبيع بين إسرائيل والمزيد من الدول العربية، وحتى لـ’المصالح الأمنية الأمريكية’"، وفق تعبيره.

زكي وزكية الصناعي

لا تطبيع صباح الغد

وفي مقال بـ"يديعوت أحرونوت"، قال الصحفي الإسرائيلي إيتمار إيشنر، إن التنافس بين الوزراء وأعضاء الليكود، كان وراء نشر اللقاء، مع محاولة كوهين تسجيل إنجاز لصالحه، مع الحديث عن إمكانية استبداله خلال الفترة المقبلة.

وأضاف: "لم يكن على وزارة الخارجية أن تنشر إعلانًا رسميًا عن هذا اللقاء لتفوز باللقب. وكان من الصواب إبقاء الأمر سرًا أو على الأكثر "تسريبًا". ولكن هذا هو ثمن المنافسة بين الوزراء، ومعظمهم من الليكود". وتابع موضحًا: "هؤلاء الوزراء يشعرون أنهم في "تنافس": من سينال اللقب الأكبر على الإنجازات السياسية؟ في مثل هذه الحالات، لا يفكرون دائمًا في ما هو الصواب الذي يجب فعله فيما يتعلق بمصلحة دولة إسرائيل".

وزعم إيشنر: "في وزارة الخارجية يحاولون إطفاء الحرائق. ويوضحون أنه بعد أن يهدأ الغبار وتهدأ الأمور، ستعود الاتصالات بين إسرائيل وليبيا إلى مسارها ولا يوجد حديث عن التطبيع صباح الغد على أي حال".

وكرر رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب في معهد السياسات والاستراتيجية في جامعة رايخمان ميخائيل ميلشتاين، الحديث عن محاولة "إضفاء طابع شخصي على القضية، من أجل حصد إنجازات سياسية وصورية"، مشيرًا إلى أنها "تغلبت على أي اعتبار دبلوماسي، وتسببت في النهاية في ضرر سياسي يرجح أن يتجسد في إحجام الأطراف الأخرى في الشرق الأوسط الاتصال بإسرائيل".

ويشير ميلشتاين، إلى نقطة رفض الشعب الليبي الواسعة للقاء مع كوهين، معتبرًا أن ذلك درس عميق "حول طبيعة العلاقات الحالية والمستقبلية بين إسرائيل والعالم العربي، وبالأخص مع الشعوب"، مضيفًا الحديث عن رفض الشعوب العربي قبول التطبيع مع إسرائيل، والفجوة بين الشعوب والمستويات السياسية العربية. وهي نقطة تتحدث عنها عدة مقالات أخرى، مشيرةً إلى أن التطبيع لن يحل أزمة إسرائيل الدائمة.

أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للوزراء بطلب الموافقة على أي اجتماع سري أو نشر تفاصيله

ويؤكد الكاتب الإسرائيلي تسفي بارئيل، أن ليبيا لا تزال بيعدة عن التطبيع مع دولة الاحتلال في المدى المنظور، مشيرًا إلى أن حكومة الدبيبة لا تحتاج تل أبيب كـ"رأس جسر إلى واشنطن".

وبحسب مصادر موقع "أكسيوس"، فإن الإدارة الأمريكية تعمل منذ عامين لمحاولة إقناع ليبيا بالانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، فيما تشعر إدارة بايدن بالقلق من أن فضح الاجتماع والاضطرابات التي تلته لن تؤدي فقط إلى قتل الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وليبيا، ولكنها ستضر أيضًا بالجهود الجارية مع الدول العربية الأخرى، فضلاً عن مصالح الأمن القومي الأمريكي.