19-سبتمبر-2015

كان يعرف أنه سيصير نجمًا (كنزو تريبولينار/أ.ف.ب/Getty)

-على مقياس واحد إلى عشرة، كيف تقيم نفسك

-"بابتسامة واثقة" عشرة، هم يعلمون أنني جيد

بهذه الإجابة "المتوقعة" يرد زلاتان إبراهيموفيتش على مذيع CNN في اللقاء الذي أجري معه عام 2013.

طول قامته يجعل من تمييزه أمرًا حتميًا لا تخطئه العين، ملامحه حادة كأنه خارج لتوه من شجار شوارع، حتى تحركه ــ واعتراضه ونقلاته ــ تشي بمتمردٍ لا يحب أن يلتزم بسياق.

ومع كل ذلك هو واحد من المواهب الكبيرة في ملاعب كرة القدم، يعرف جيدًا كيف ينتج "المشهد" وكيف يحول فنيات كرة القدم إلى "استعراض"، ومن ثم حينما يخرج من إطار مجده خارج الملعب، يعيد إنتاج اللقطة مرارًا وتكرارًا في تصريحاته اللاذعة ومقولاته التي صارت جزءًا من حالته.

11عاما تفصلنا عن بداية "الحالة" التي اسمها إيبرا. الجميع يذكر الهدف المارادوني عندما كان يلعب في صفوف أياكس أمستردام، راقص إيبرا الجميع حتى الكاميرا تراقصت معه، قبل أن يضعها على يمين الحارس الذي تسمّر في مكانه، ظل الهدف يلاحق اللاعب السويدي البوسني الأصل كجزء من "ملحمته". في كرة القدم يكفي أن تحرز هدفًا "تاريخيًا" حتى تتذكرك الجماهير، حتى لو لم تكن ذا تأثير كبير مع فرقتك ومنتخبك، هل تذكرون "دينلسون"؟ بطل الخمس دقائق الأخيرة في حياة المباراة: إذا أردت أن تضيع الوقت فأدخل دينلسون إلى الملعب ليحتفظ بالكرة لأطول وقت ممكن، ويكمل الأسطورة البرازيلية عن الجينات الكروية الفارقة، في ذلك الوقت نفسه كان دينلسون هو اللاعب "الأغلى" (لريال بيتيس الإسباني) وكانت صفقة قدرت ب25 مليون دولار عام 1997 مدوية، هذا رقم لم تكن الملاعب قد اعتادته بعد.

مع زلاتان الأمور تبدو عملاقة. فمشهديته تمتد من وإلى الملعب. وهو صاحب الأهداف الاستثنائية، ترضي غرور مشاهدي "لقطات يوتيوب" لا محبي كرة القدم بما هي لعبة استراتيجية عمرها تسعون دقيقة أو أكثر.

قبل أياكس، كان إيبرا نجمًا لامعًا في نادي مالمو السويدي وهدافًا بتسعة عشر هدفًا. كان يعرف أنه سيكون نجمًا، وهو ابن هويتين: نازح من بلد حرب ومن حالة اجتماعية معدمة. "الإيجو" الهائل هو جزء من عدته وأحد أسلحته التي يشهرها وقت الحاجة. قبل أياكس كانت الظروف مواتية أن ينتقل إلى نادي أرسنال في 2001، أي قبل عام واحد من فريق أرسنال التاريخي، لكنه –حسبما كتب في مذكراته "أنا زلاتان": "رفضت أن يتم تجربتي للحكم على مستواي، كان عليهم أن يعرفوا من البداية أنني لاعب رائع، فأنا أعرف أنني لاعب مميز، ولست مضطرًا لإظهار مهاراتي". هكذا أسس لملحمة اسمها إيبرا.

الفارق بين أدونيس وإيبرا هو أن إيبرا موهبة حقيقية رغم أن حب الأنا يجمعهما كلاهما

بعد أياكس، انتقل إيبرا إلى الدوري الإيطالي السيدة العجوز (يوفنتوس) أولًا ثم الإنتر، في كل مرة له "لقطة" مع صحافي أو لاعب أو حكم، يقول له مثلما عنون مذكراته "أنا إيبرا": الإيجو هو من يتكلم لا لاعب ضمن منظومة هائلة واستراتيجية تعتمد على الجميع لا صورته وحدها.

هل سيكون من التعسف القول بأن إيبرا يذكر بأدونيس؟ ربما، لكن الاثنين يعيشان على المشهدية، أدونيس الخارج من بلد إلى آخر، ذو الدور "التأسيسي" في قصيدة النثر، موهبة كبيرة رغم كل ما التصق بها من هراءات فكرية، وكلما انحسرت عنه الأضواء خرج بتصريح شاذ عن أي سياق فقط ليثير الكثير من الغبار، أليس ذلك هو إيبرا بصورة ما؟

ومثل إيبرا تمامًا، أدونيس هو "النموذج" لمحبي الاعتراف الثقافي، طلاسمه الشعرية ودجله الفكري والسياسي بوابة لمن يحب أن يحصل على لقب مثقف متشحًا بسؤال: "هل قرأت أدونيس؟".

يظل الفارق الجوهري أن إيبرا ذو موهبة حقيقية ولافتة أهدرها في بحثه عمن يدفع أكثر ومن يحب مشهديته وفجاجته، ولذلك سيظل زلاتان نجًما مفضًلا لمقاطع يوتيوب، لا لملاعب كرة القدم وحسب.