23-فبراير-2017

في المكتبة الوطنية التونسية (الأناضول)

معطيان عرفتهما الساحة الثقافية في تونس مؤخرًا حملا على طرح هذا السّؤال، الأوّل ترفيع حادّ في معاليم الاشتراكات في المكتبة الوطنية، وهي أكبر المكتبات في البلاد، والثّاني تعيين المحامية المثيرة للجدل مايا القصوري كرئيسة للجنة اقتناء الكتب بوزارة الثقافة رغم أنها لم تنشر يومًا كتابًا واحدًا.

لاقى تعيين مايا القصوري على رأس لجنة اقتناء الكتب بوزارة الثقافة رفضًا واستنكارًا

فيما يتعلق بالترفيع في الاشتراكات بالمكتبة الوطنية، فقد ارتفع معلوم اشتراك الباحث لمدّة سنة من 5 دنانير (2.2 دولار) إلى 30 دينارًا (13 دولار)، أي بنسبة زيادة 500%. كما أحدثت المكتبة معلومًا لاستعمال القاعات الفرديّة للبحث بقيمة 10 دنانير (3.4 دولار) لليوم الواحد. كما شمل الترفيع معاليم استغلال البيبلوغرافيا الوطنية وفهرس المخططات.

اقرأ/ي أيضًا: مسرحية تونسية تطيح بوزير كويتي

وإضافة للترفيع في معاليم الاشتراكات للبحث، أحدثت المكتبة الوطنية معلومًا جديدًا لمأوى السيارات يبلغ 50 دينارًا (22 دولار)، وهو ما جعل أستاذ القانون في الجامعة التونسية عبد المجيد الزرّوقي يتساءل "لا أفهم أيضًا أن يتحوّل موقف السّيّارات في مؤسّسة عموميّة إلى مصدر دخل للدّولة"، مضيفًا في حسابه على موقع فيسبوك: "لكن أليس مدّ اليد والأخذ من طلبة مبلغًا بهذه التّفاهة هو البؤس عينه؟".

وأثارت هذه الزيادات المعلن عنها رفضًا من روّاد المكتبة الوطنية وغالبيتهم من الطلبة الباحثين ممّن لا يملكون راتبًا، حيث تمثل الزيادات الجديدة عبئًا ماليًا عليهم. كما تكشف هذه الزيادات، من جانب آخر، عن استغناء الدولة عن المعاليم الرمزية التي تمثل إحدى آليات تشجيع المرفق العمومي للقراءة والبحث، رغم أن تونس في ذيل ترتيب مؤشرات القراءة والبحث العلمي في العالم. ولا توجد أي جامعة تونسية في قائمة أفضل 50 جامعة عربية. 

والمكتبة الوطنية التونسية تأسّست في نهاية القرن التاسع عشر بتونس، وتتوفّر على رصيد هامّ من الكتب القديمة والحديثة التي يقدّر عددها بحوالي المليون كتاب، بالإضافة إلى حوالي أربعين ألف مخطوط، و16 ألف عنوان دورية. وتضم أرصدة منها رصيد المكتبة العبدليّة (القرن السّادس عشر) والأحمديّة (النّصف الأوّل من القرن التاسع عشر) وكلاهما كانا موجودان بجامع الزيتونة. وتدير المكتبة حاليًا الأكاديمية رجاء بن سلامة

والخشية أن يزيد الترفيع الحادّ في معاليم الاشتراك في أكبر المكتبات في تونس من العزوف على القراءة والبحث، خاصة مع ضعف القدرة الشرائية وارتفاع أسعار الكتب بسبب انخفاض قيمة الدّينار. ففي هذا السيّاق، اشتكت دور النّشر في "معرض تونس الدّولي للكتاب"، في دورته الأخيرة من التراجع الملحوظ في نسبة المبيعات.

يخشى التوانسة من تورّط الدولة في تفاقم أزمة القراءة بسبب سياسات غير محسوبة

من جانب آخر، تفاجأت الساحة الثقافية في تونس بتعيين المحامية والإعلامية المثيرة للجدل مايا القصوري على رأس لجنة اقتناء الكتب بوزارة الثقافة، لتخلف حياة عمامو عميدة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس. ولم يُعرف على القصوري أي نشاط ثقافي أو أدبي، ولم ينشر لها أيّ كتاب لتتولى رئاسة هذه اللجنة التي تُعنى باقتناء الإصدارات التونسية لفائدة المكتبات العمومية، وتتصرّف في ميزانية بقيمة مليون دينار (435 ألف دولار). ولذلك لقي هذا التعيين رفضًا من الوسط الثقافي حيث طالب "اتحاد الكتاب التونسيين" بإقالة القصوري، خاصة في ظل تسريب معلومات من اللجنة التي تترأسّها بأنها اعترضت على اقتناء الكتب الأدبية مقابل دعمها للكتب باللغة الفرنسية. 

اقرأ/ي أيضًا: أزمّور المغربية تمنح أجنحتها للزّجالين

والقصوري هي محامية وإعلامية محسوبة على التيار الفرانكفوني، وعُرفت بمواقفها المناهضة للإسلاميين وبدعمها للنظامين السوري والمصري. كما أثارت الجدل في تونس السنة الفارطة بنشرها لمقال في جريدة فرنسية أعلنت فيه تأييدها لقرار منع لباس البرقع في فرنسا.

ورغم أزمة القراءة التي تعيشها تونس، على غرار بقية الدول العربية، مقارنة بالمستويات العالمية لنسب القراءة، يخشى مراقبون أن تتورّط الدولة بنفسها في تفاقم هذه الأزمة عبر تنفير المواطنين من الإقبال على القراءة، وذلك بدلًا من أن تعمل على تشجيعهم وتحفيزهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

دحو فرّوج: لنحرّرْ مسرح الطفل من سذاجتنا

"الحارس المختار": هوليوود في مصر