23-مايو-2024
انتخابات جديدة في بريطانيا

(Getty) سيبدأ ريشي سوناك وكير ستارمر حملتيهما الانتخابية، يوم الخميس، قبل ستة أسابيع من توجه البلاد إلى صناديق الاقتراع

دعا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، يوم الأربعاء، إلى إجراء انتخابات عامة في بريطانيا يوم 4 تموز/يوليو، قائلًا إن البريطانيين سيكونون قادرين على اختيار مستقبلهم في تصويت من المتوقع على نطاق واسع أن يخسره حزب المحافظين أمام حزب العمال المعارض بعد 14 عامًا في السلطة.

وقال سوناك "الآن هو الوقت المناسب لبريطانيا لتختار مستقبلها، وتقرر ما إذا كانت تريد البناء على التقدم الذي أحرزناه أو المخاطرة بالعودة إلى المربع الأول وعدم اليقين".

الانتخابات البريطانية المقبلة، تأتي في ظل تقدم حزب العمال في استطلاعات الرأي على حساب حزب ريشي سوناك

ورد زعيم حزب العمال كير ستارمر، الذي سحب الحزب إلى الوسط سياسيًا، في بيان ركز على كلمة واحدة "التغيير". وقال "في الرابع من تموز/يوليو لديكم الخيار، ويمكننا معًا وقف الفوضى، ويمكننا طي الصفحة، ويمكننا البدء في إعادة بناء بريطانيا وتغيير بلادنا".

ويتجه سوناك إلى الانتخابات ليس فقط متخلفًا كثيرًا عن حزب العمال في استطلاعات الرأي، ولكنه أيضًا معزول إلى حد ما في حزبه، ويعتمد بشكل متزايد على فريق صغير من المستشارين لتوجيهه. لكنه قرر، في ظل بعض المكاسب الاقتصادية مثل انخفاض التضخم ونمو الاقتصاد بأسرع وتيرة له منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، فإن الوقت الآن هو الوقت المناسب للمجازفة وتقديم أجندته لفترة ولاية جديدة رسميًا للناخبين.

وقال سوناك "حزب العمال يريدكم أن تعتقدوا أن هذه الانتخابات قد انتهت قبل أن تبدأ. سيظهر الشعب البريطاني لحزب العمال أنه لا يتقبل أن يُعتبر أمرًا مفروغا منه".

وقال العديد من أعضاء حزب سوناك، إن رئيس الوزراء البريطاني ربما أدرك أن التحديات القانونية يمكن أن تعرض للخطر مخططًا رئيسيًا لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، وأن الحكومة قد لا تكون قادرة على تنفيذ أي تخفيضات ضريبية أخرى كما وعدت.

وأشار مشرعون محافظون، إلى أن الظروف الاقتصادية قد تتفاقم، مما يعني أن الوقت مناسب لإجراء الانتخابات، لكن آخرين صدموا بقرار تقديمها من موعدها المتوقع في الخريف.

وتولى سوناك، وهو مصرفي استثماري ووزير مالية سابق، منصبه قبل أقل من عامين، وحاول سوناك مرات عديدة تغيير حظوظ حزبه من خلال إعادة صياغة نفسه كمصلح جريء، ثم كتكنوقراط فعال، ومؤخرًا كشخص "سيلتزم بالخطة" لتحسين الحياة تدريجيًا في بريطانيا، حيث لا يزال الملايين يعيشون في ظل ظروف صعبة، وتحت أزمة غلاء المعيشة.

وإذا فاز حزب العمال، الذي يتقدم بنحو 20 نقطة مئوية على المحافظين، في الانتخابات، فإن بريطانيا، التي كانت معروفة ذات يوم باستقرارها السياسي، سيكون لديها ستة رؤساء وزراء في ثماني سنوات لأول مرة منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر.

اتهامات متبادلة

ويتهم سوناك وحكومته حزب العمال بالاستعداد لزيادة الضرائب، إذا وصل إلى الحكومة، وأن الحزب لن يكون "يدًا آمنة لبريطانيا في عالم متزايد الخطورة؛ لأنه يفتقر إلى خطة".

ويتهم حزب العمال الحكومة بسوء الإدارة الاقتصادية على مدى 14 عامًا، مما ترك الناس في وضع أسوأ، مع سلسلة من الإدارات الفوضوية التي فشلت في توفير الاستقرار الذي تتوق إليه الشركات لتحفيز النمو الاقتصادي.

وعلى الرغم من تقدم حزب العمال في الاستطلاعات، فإن بعض مسؤولي الحزب يشعرون بالقلق من أن تفوقهم ليس قويًا كما يبدو، خوفًا من أن يظل العديد من الناخبين مترددين. وهم يعرفون أيضًا، بأن الحزب يحتاج إلى أغلبية قياسية في الأصوات للفوز بأغلبية برلمانية. وقال عضو مخضرم في حزب العمال، إن الحزب لم يكمل بعد اختيار جميع مرشحيه البرلمانيين.

ويأمل سوناك أن تؤدي الرحلات الجوية الأولى في مخطط إرسال طالبي اللجوء، إلى رواندا إلى تعزيز حظوظ حزبه. وسيكون أقرب موعد ممكن لهذه الرحلات هو 24 حزيران/يونيو، أي قبل 10 أيام من الانتخابات.

بداية حملة انتخابية

وسيبدأ ريشي سوناك وكير ستارمر حملتيهما الانتخابية، يوم الخميس، قبل ستة أسابيع من توجه البلاد إلى صناديق الاقتراع.

وسيقوم رئيس الوزراء البريطاني بجولة في استوديوهات البث قبل الشروع في رحلة تستغرق يومين في جميع دول المملكة المتحدة الأربع. وسيتوجه ستارمر إلى جنوب شرق إنجلترا في إشارة إلى رغبته في تحقيق تقدم في مناطق حزب المحافظين.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يصبح ستارمر رئيس الوزراء المقبل بعد تغيير حزب العمال منذ هزيمته التاريخية في الانتخابات قبل خمس سنوات تقريبًا.

وبحسب صحيفة "الغارديان"، أعطى خطاب سوناك فكرة عن الكيفية التي يخطط بها لخوض الانتخابات، مع التركيز على مسألة من يجب أن تثق به البلاد في الأوقات الصعبة، وحذر من أن الشعب البريطاني لا يستطيع تصديق أي وعد قدمه ستارمر.

وقال سوناك: "ستجرى هذه الانتخابات في وقت أصبح فيه العالم أكثر خطورة؛ مما كان عليه منذ نهاية الحرب الباردة. إن هذه الأوقات المضطربة تتطلب خطة واضحة وإجراءات جريئة لرسم مسار نحو مستقبل آمن. يجب أن تختاروا في هذه الانتخابات من لديه تلك الخطة".

وسعى زعيم حزب المحافظين إلى إثارة حالة "المستضعف"، من خلال الإشارة إلى أن حزب العمال يعتقد بالفعل أنه فاز. وقال سوناك: "سيظهر الشعب البريطاني أنه لا يتقبل أن يُعتبر أمرًا مفروغًا منه".

بعد إعلان سوناك، نشر ستارمر مقطع فيديو على موقع "إكس"، قائلًا إن الوقت قد حان للتغيير، ومحذرًا من أن خمس سنوات أخرى من حكم حزب المحافظين ستعني أن الأمور ستزداد سوءًا، بما في ذلك أوقات انتظار هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية ومياه الصرف الصحي. وأضاف: "أوقفوا الفوضى، واطوي الصفحة، وابدأوا في إعادة البناء". وفي وقت لاحق، قال في بيانه المتلفز: "الليلة أعلن رئيس الوزراء أخيرًا عن الانتخابات العامة المقبلة. لحظة احتاجها الوطن وكان ينتظرها. وحيث تعود السلطة إليكم بقوة ديمقراطيتنا. فهي فرصة للتغيير نحو الأفضل. مستقبلك. مجتمعك. بلدك".

إرث سياسي ثقيل

وقال كبير المراسلين السياسيين في صحيفة "الغارديان" بيتر ووكر: "إن الأعوام الأربعة عشر من حكم المحافظين، حتى الدعوة إلى إجراء انتخابات من المتوقع على نطاق واسع أن يفوز بها حزب العمال، ستشهد خمسة رؤساء وزراء، وسبعة مستشارين، وثمانية وزراء خارجية، وما لا يقل عن 16 وزيرًا للإسكان". مضيفًا: "لكن الأرقام التي من المرجح أن يتردد صداها لدى الناخبين المتضررين هي أرقام يومية أكثر. ووفقًا لبعض التقديرات، فإن وضع المواطن البريطاني المتوسط ​​يبلغ نحو 10 آلاف جنيه إسترليني سنويًا، أسوأ بالقيمة الحقيقية مما كان عليه في عام 2010، عندما تولى ائتلاف المحافظين والديمقراطيين الليبراليين زمام الأمور من حزب العمال".

واستمر في القول: "من المرجح على نفس المنوال أن تشكل نتائج الانتخابات والتقييمات المستقبلية لهذا العصر أرقام 4.3 مليون طفل يعيشون في فقر نسبي وقائمة انتظار هيئة الخدمات الصحية الوطنية التي تضم 7.5 مليون شخص في إنجلترا".

وتابع الصحفي بيتر ووكر: "سوف يجادل المحافظون، ببعض القوة، بأن الكثير من هذا يرجع إلى أحداث غير متوقعة ومزعزعة للاستقرار إطلاقًا، وخاصة وباء كوفيد والغزو الروسي لأوكرانيا". وواصل في النقطة نفسها، بالقول: "لكن عندما تُجمع كتب التاريخ الاجتماعي عن فترة الأربعة عشر عامًا هذه، فضلًا عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيشير النقاد إلى ما يمكن القول إنها السياسة التي شكلت قبضة حزب المحافظين الخانقة على السياسة أكثر من أي شيء آخر: التقشف".

وحول سياسة التقشف، قال: "كانت هذه هي المهمة المميزة لإدارة ديفيد كاميرون اللامعة في عام 2010، والتي لوح بها شركاء حزب المحافظين في ائتلاف الديمقراطيين الأحرار بكل سرور: الضغط غير المسبوق على الإنفاق العام، مع التركيز على نحو خاص على الخدمات اليومية التي تقدمها المجالس، بدءًا من المكتبات إلى المرافق الرياضية".

وعن سنوات الفوضى السياسية، انطلق من مرحلة ديفيد كاميرون، قائلًا: "في فجر ائتلاف كاميرون-نيك كليج، بدت الحكومة المشتركة عن طريق التسوية، أمرًا جديدًا وجريئًا ومثيرًا بالنسبة لسياسة بريطانيا".

وأضاف: "قاد كاميرون حزبه إلى انتصار صريح في عام 2015 متعهدًا بالاستقرار ضد الفوضى، وعمل على استرضاء نوابه اليمينيين المتشككين في الاتحاد الأوروبي بوعد بإجراء استفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي، وهي إحدى أكبر المقامرات السياسية في تاريخ بريطانيا الحديث. وكانت لعنة كاميرون هي اعتقاده أنه سياسي محظوظ بالفطرة: فقد سعى بالفعل، إلى تسوية قضيتين أخريين تبدوان مستعصيتين على الحل من خلال الاستفتاءات، وهي مطالبة الديمقراطيين الأحرار بإصلاح نظام التصويت واستقلال اسكتلندا" وفي المرتين كان قد فاز".

وواصل شرحه عن سياسة كاميرون، قائلًا: "المرة الثالثة سارت على نحو خاطئ. قبل التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أخطأ كاميرون وحزبه في الحكم على المزاج المناهض للمؤسسة، وعبقرية نايجل فاراج في الحملات الانتخابية، وقرار بوريس جونسون ربط مسيرته السياسية بقضية الخروج من الاتحاد الأوروبي. وفي المحصلة لقد تعرض للإهانة". مما دفعه إلى ترك رئاسة الوزراء والخروج من البرلمان، مما مثل بداية لمرحلة جديدة في حكم حزب المحافظين.

ووصل إلى مرحلة جديدة، وأشار إلى أن تيريزا ماي "أمضت ثلاث سنوات في رئاسة الوزراء، وفي تلك الفترة لم يمر أسبوع واحد تقريبًا دون جدل أو نزاع، ويرجع معظم هذا إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. مما أدى إلى إغراق حزبها في شبه حرب أهلية".

وحول فترة ماي، قال: "قامت ماي بمقامرتها الخاصة على غرار ما حدث مع كاميرون، حيث دعت إلى إجراء انتخابات مبكرة في عام 2017، ما أدى خسارة أغلبيتها ضد حزب العمال بقيادة جيريمي كوربين، والذي لم يأخذه المحافظون على محمل الجد. وأدت إزاحتها في نهاية الأمر في صيف عام 2019 إلى الفصل الثالث من حكم حزب المحافظين، حيث فاز الحزب الذي طالما نظر إلى نفسه على أنه الساكن الطبيعي للحكم المستقر لأول مرة بأغلبية 80 مقعدًا في عام 2019، ثم تمكن من التخلص منها".

إذا فاز حزب العمال، الذي يتقدم بنحو 20 نقطة مئوية على المحافظين، في الانتخابات، فإن بريطانيا، التي كانت معروفة ذات يوم باستقرارها السياسي، سيكون لديها ستة رؤساء وزراء في ثماني سنوات لأول مرة منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر

وعن سنوات الأزمة، فقد جاءت مع بوريس جونسون الذي وصفه بـ"شخصية غير جادة". وانتقل ذلك إلى مرحلة ليز تروس، التي لم تستمر في المنصب إلّا مدة 49 يومًا.

ولخص ما سبق، بالقول: "نحن الآن في ما قد يكون المشهد الأخير من الفصل الأخير لحزب المحافظين، حيث تمكن سوناك من تثبيت الأمور، في حين لم يفعل أي شيء لجعل الحزب يبدو أكثر جاذبية في نظر الناخبين".

ورجح أن تساعد المشاعر السياسية تحت عنوان "لقد حان وقت التغيير"، في وصول حزب العمال إلى السلطة. وقال: "في الحياة اليومية في جميع أنحاء البلاد، مع استخدام حوالي 2.5 مليون بريطاني لبنوك الطعام، والعديد من الخدمات العامة التي تعمل بصعوبة والشعور السائد بأن لا شيء يتحرك حقًا، يمكن أن يكون هناك شعور، أن الأشياء يمكن أن تتحسن. هل يمكن أن يساهم حزب العمال بذلك؟ سوف يبذل الحزب قصارى جهده. لكن مع ميراثه السياسي مما سبق، فإن الأمر غير واعد إلى حد كبير".