04-أغسطس-2017

سياح ومتسولون في ذات الوقت، ظاهرة تثير آراء متباينة (بابلو بلازكاز/Getty)

"سائح أبيض" من إحدى دول أوروبا أو أمريكا الشمالية، بحقيبة ظهر كبيرة وشعر طويل، يخرج إلى بلاد الله الجميلة الواسعة في جنوب شرق آسيا، يختار وجهة ما قد تبدأ في ماليزيا أو هونغ كونغ وتنتهي به في تايلند وسنغافورة، وليس معه سوى قطعتين من الثياب ومبلغًا بسيطًا جداً من المال، إذا تعب سيجلس قليلاً على قارعة الطريق يتسول من المارة لإتمام سياحته وشراء ما يحتاج إليه من طعام وشراب. هذه الظاهرة شهدت تزايداً كبيرًا في الآونة الأخيرة في هذه الدول، وبعض المواطنين من الدول المقصودة يرون أنها أمر عجيب، بينما يراها آخرون أمرًا مخزيًا يثير الغضب، بعد أن وصفت بأنها "فانتازيا استشراقية" لبعض الشباب الغربيين.

يكون الرحالة المتسول عادة شابًا غربيًا يحسن عزف آلة موسيقية صغيرة فيسافر بها بلا قدرة مادية على دعم نفسه فيلجأ للتسول

ماذا يفعل الرحالة المتسول؟

يكون هذا الرحالة المتسول عادة شابًا غربيًا يحسن عزف آلة موسيقية صغيرة فيسافر بها بلا قدرة على دعم نفسه، ويذهب أينما شاء بجواز سفره الذي يفتح له الحدود ويوفر عليه مؤونة طلب التأشيرات وأذون الإقامة، دون الحاجة لإثبات ملاءته المالية، ويختار جنوب شرق آسيا عادة لتناسب فضوله ولأنها رخيصة نسبياً، ولا يجد سبيلاً لمتابعة رحلاته وسفره أو حتى العودة إلى بلده إلا بالجلوس على جانب الطريق والتسول من المارة.

اقرأ/ي أيضًا: أجمل الأماكن السياحية في تركيا

وسائل التواصل الاجتماعي تسلط الضوء على الظاهرة

انتقلت صور هؤلاء الرحالة المتسولين إلى وسائل التواصل الاجتماعي وأثارت جدلاً واسعًا بين سكان تلك البلاد بين مؤيد ومعارض، وذلك بعد أن انتشرت صورة لشاب وصديقته في سنغافورة يجلسان على الأرض في مكان عام ويحملان لافتة كتب عليها: "ادعموا رحلتنا حول العالم"، كانت قد صورتها فتاة سنغافورية تعجبت من ذلك المشهد.

صورة لشاب وصديقته في سنغافورة يجلسان على الأرض في مكان عام ويحملان لافتة كتب عليها ادعموا رحلتنا حول العالم

وصورة أخرى لاثنين أحدهما يعزف الغيتار والهارمونيكا في إحدى المحطات لنفس الهدف. وكان ذلك المشهد لهؤلاء الشباب، الذين لا يبدون فقراء بطبيعة الحال أو بحاجة ماسة للمساعدة، كفيلًا بإثارة فضول الناس فبدؤوا بالتقاط الصور ومقاطع الفيديو وتشجع آخرون وقدموا إليهم بعض المال.

عزف الغيتار والهارمونيكا لمواصلة الرحلة

استغلال للسكان المحليين وسخافة استشراقية

الرحالة المتسولون، ظاهرة غربية بين بعض الشباب الراغبين في السفر بأقل التكاليف، إلى حد استعدادهم لاستغلال السكان المحليين

يرى البعض أن الرحالة المتسولين يمثلون اتجاهًا مضادًا للرحلات السياحية المنظمة ذات التكلفة العالية، ولكن كثيرين يرون أيضًا أنها ظاهرة غربية بين بعض الشباب الراغبين في السفر بأقل التكاليف، إلى حد استعدادهم لاستغلال السكان المحليين.

وهنالك نسخة أخرى من هذه الظاهرة تبدأ بجمع المال عبر الإنترنت عبر مواقع خاصة بجمع التبرعات، حيث يقوم بعض الشباب بطلب المال من الآخرين لمساعدتهم في "مشروع" للتجول حول العالم، وقد انتشر ذلك بشكل خاص بعد تزايد الهوس بالسفر والمغامرات التي يقوم بها الشباب من دول غربية في وجهات شرقية وآسيوية خاصة، وقد تفجر هذا الهوس خصيصًا بعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الصور ومقاطع الفيديو عن السفر والرحلات في الأماكن البعيدة والجديدة مما شكل حالة من الهوس بين الكثيرين، خاصة من الشباب.

ويتساءل آخرون إن كان هذا السلوك سيكون مقبولًا في الغرب لو قام به سياح "شرقيون"، ويرون أن التمييز والعنصرية لا تزال قائمة في هذا العالم الذي يجد كل أمر يصدر عن "الأبيض" مقبولًا وينال التقدير والإعجاب. والدليل هو تعامل السلطات حتى في تلك الدول الآسيوية مع السياح أو المهاجرين الأجانب من الدول غير الغربية والتمييز ضدهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما هي أفضل وجهات السياحة العلاجية في العالم؟

ما هي أفضل أماكن السياحة البيئية في العالم؟