13-مارس-2024
 من العالم الذي اكتشف الإلكترونات؟

 يُنسب اكتشاف الإلكترونات إلى العالم جوزيف جون طومسون

 

 أُسّس علم الكيمياء على العديد من النظريات والاكتشافات المهمة، التي مهدت الطريق للكثير من الاختراعات المفيدة، وعند الحديث عن أهم الفرضيات والإنجازات لا يمكننا إغفال الذرّة، التي تتكون من البروتونات والنيوترونات والإلكترونات، وفي هذا المقال سنخصص الحديث عن الإلكترونات لنتعرف على ماهيتها، ومكتشفها والكثير من المعلومات الأخرى.

 

تعريف الإلكترونات

الإلكترونات هي جسيمات ذرية ذات شحنة كهربائية سالبة، وهي أحد المكونات الأساسية للذرات، إلى جانب البروتونات والنيوترونات، ففي الذرة تدور الإلكترونات حول النواة التي تحتوي في مركزها على كل من البروتونات والنيوترونات.

وتتميز الإلكترونات بأنها خفيفة الوزن للغاية مقارنة بالبروتونات والنيوترونات، إذ لديها كتلة نسبية تبلغ حوالي 1/1836 من كتلة البروتون أو النيوترون، وعلى الرغم من صغر حجمها فإنها تلعب دورًا مركزيًا في تحديد الخواص الكيميائية للعناصر وكيفية تفاعل الذرات مع بعضها البعض.

وتشارك الإلكترونات في العديد من العمليات الكيميائية، بما في ذلك تكوين وكسر الروابط الكيميائية، ويساهم ترتيبها في الأغلفة الإلكترونية أو المدارات حول النواة في تحديد السلوك الكيميائي للذرة وقدرتها على تكوين جزيئات مع ذرات أخرى.

ويمكن أن تشارك الإلكترونات أيضًا في التوصيل الكهربائي في المواد الموصلة مثل المعادن، إذ تتمتع الإلكترونات بحرية الحركة في جميع أنحاء المادة، مما يسمح لها بتوصيل الكهرباء، كما يمكن أن تتأثر الإلكترونات بالمجالات الكهربائية والمغناطيسية، بالإضافة إلى أهميتها في مجالات الفيزياء المختلفة، مثل ميكانيكا الكم والكهرومغناطيسية.

قدم اكتشاف طومسون للإلكترونات أول دليل على وجود الجسيمات الذرية ووضع الأساس لتطور النظرية الذرية والفيزياء الحديثة

العالم الذي اكتشف الإلكترونات

 يُنسب اكتشاف الإلكترونات إلى العالم جوزيف جون طومسون، وهوعالم فيزياء إنجليزي، وفيما يلي سنتتبع مسيرته في التوصل إلى هذا الاكتشاف الهام:

  1. أجرى تجارب في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في علم الكيمياء على الذرة.
  2. كان طومسون أستاذًا للفيزياء التجريبية في جامعة كامبريدج ومديرًا لمختبر كافنديش من عام 1884 حتى عام 1919، وخلال حياته المهنية عمل طومسون على جوانب مختلفة لتوصيل الكهرباء من خلال الغازات.
  3. في عام 1897 قام طومسون بسلسلة من التجارب التي شملت أشعة الكاثود، وهي عبارة عن تيارات من الإلكترونات المنبعثة من الكاثود (القطب السالب) في أنبوب مفرغ.
  4. لاحظ طومسون أن أشعة الكاثود يمكن أن تنحرف بواسطة المجالات الكهربائية والمغناطيسية، مما دفعه إلى استنتاج أنها تتكون من جسيمات سالبة الشحنة.
  5. اقترح طومسون أن هذه الجسيمات أصغر بكثير من الذرات وبأنها تحمل شحنة كهربائية سالبة، وأطلق طومسون عليها اسم "الجسيمات"، ولكن تمت إعادة تسميتها فيما بعد بالإلكترونات.
  6. في عام 1904 اقترح طومسون نموذجًا للذرة مبينًا من خلاله القوى الكهروستاتيكية التي تتضح من خلال مجال موجب الشحنة، ولتفسير ذلك اقترح بأن الجسيمات تتوزع في سيل من الشحنات الموجبة الكلية.
  7. قدم اكتشاف طومسون للإلكترونات أول دليل على وجود الجسيمات الذرية ووضع الأساس لتطور النظرية الذرية والفيزياء الحديثة، وقد أكسبه عمله جائزة نوبل في الفيزياء عام 1906.
  8. ألف جوزيف طومسون العديد من الكتب العلمية الهامة في الكيمياء ومنها "عناصر النظرية الرياضية للكهرباء والمغناطيسية"، وكذلك كتاب "تطبيقات ديناميكية للفيزياء والكيمياء"، وأيضًا كتاب "ملاحظات حول الأبحاث الحديثة في الكهرباء والمغناطيسية".

ومن المهم القول بأن طومسون لم يكن أول من وصف أشعة الكاثود، فقد بدأ العديد من العلماء بذلك قبله بكثير، كما أنه لم يكن الوحيد الذي قاس نسبة الشحنة إلى الكتلة لأشعة الكاثود، ولكن اكتشاف الإلكترون للمرة الأولى يعود إليه.

العالم الذي اكتشف الإلكترون
قدم اكتشاف طومسون للإلكترونات أول دليل على وجود الجسيمات الذرية

أهمية اكتشاف الإلكترونات

كان لاكتشاف الإلكترونات بواسطة جوزيف جون طومسون آثار كبيرةٌ على العلوم والتكنولوجيا، وفيما يلي بعض الأسباب الرئيسية التي تجعل اكتشاف الإلكترونات هامًا للغاية:

  1. فهم البنية الذرية

قدم اكتشاف الإلكترونات دليلًا على وجود الجسيمات غير الذرية، وأدى إلى تحول أساسي في فهمنا للبنية الذرية، لقد وضع الأساس لتطوير النموذج الذري المعروف حديثًا، والذي يصف الذرات بأنها نواة محاطة بالإلكترونات التي تسبح في أفلاك منفصلة لكل منها طاقة مختلفة عن الأخرى، بينما تتمركز البروتونات والنيوترونات في المنتصف.

  1. تطور ميكانيكا الكم

  أحدثت ميكانيكا الكم ثورة في فهمنا للعالم المجهري فهي ضرورية لشرح سلوك الذرات والجزيئات، إذ إن سلوك الإلكترونات محكوم بمبادئ ميكانيكا الكم التي ظهرت نتيجة الدراسات التي أجريت على الجسيمات غير الذرية وأهمها الإلكترونات، وكانت الأساس لعدد من التطبيقات المهمة في الحياة العملية مثل الليزر والترانزستورات وغيرها.

  1. الروابط الكيميائية

 يعد اكتشاف الإلكترونات وترتيبها في الذرات أمرًا بالغ الأهمية لفهم الروابط الكيميائية، فالتفاعلات بين الإلكترونات في الذرات المختلفة تحدد كيفية اتحاد الذرات لتكوين الجزيئات وخصائص تلك الجزيئات، وهو ما يمثل الفهم الأساسي للكيمياء وعلوم المواد.

  1. الكهرباء والإلكترونيات

تُعد الإلكترونات حاملة للشحنة الكهربائية، وتولد حركتها تيارًا كهربائيًا، ولقد أدى فهم سلوك الإلكترونات إلى تطوير الهندسة الكهربائية والإلكترونيات، كما مكّن العلماء من اختراع أجهزة مهمة مثل الأنابيب المفرغة، والدوائر المتكاملة، التي تشكل أساس الإلكترونيات الحديثة.

  1. التطبيقات التكنولوجية

 وُظفت خصائص الإلكترونات في مجموعة واسعة من التطبيقات التكنولوجية، بما في ذلك الاتصالات والحوسبة والتصوير الطبي مثل اكتشاف الأشعة السينية، ومسرعات الجسيمات، وتوليد الطاقة مثل الخلايا الشمسية والبطاريات، حيث تعتمد العديد من التقنيات الحديثة على فهمنا لسلوك الإلكترون.

  1. الفيزياء النووية

على الرغم من أن الإلكترونات نفسها لا تشارك في العمليات النووية، إلا أن اكتشافها مهد الطريق لمزيد من الأبحاث في علم النوى الذرية واكتشاف جسيمات غير ذرية أخرى، مثل البروتونات والنيوترونات، وقد وضع هذا الأساس للفيزياء النووية وزاد من فهمنا ومعلوماتنا عن التفاعلات النووية.

  1. إنتاج الطاقة وتخزينها

تلعب الإلكترونات دورًا مهمًا في العديد من التقنيات المتعلقة بالطاقة، بالإضافة إلى دورها في توليد وتوزيع الكهرباء، كما تشارك الإلكترونات في أنظمة تخزين الطاقة مثل البطاريات والمكثفات، إذ تلعب عمليات نقل الإلكترون دورًا ضروريًا في تحسين كفاءة وأداء أجهزة تخزين الطاقة.

  1. التصوير الطبي والعلاج

تُستخدم الإلكترونات في العديد من التطبيقات الطبية، بما في ذلك تقنيات التصوير مثل المجهر الإلكتروني والتصوير بالرنين المغناطيسي الإلكتروني (EPRI)، حيث تُستخدم حزم الإلكترون في العلاج الطبي والعلاج الإشعاعي لعلاج الأورام السرطانية، وتقديم جرعات مستهدفة من الإشعاع لقتل الخلايا السرطانية.

  1. المراقبة البيئية والمعالجة

تُستخدم التقنيات المعتمدة على الإلكترون في جهود المراقبة والمعالجة البيئية، فعلى سبيل المثال يُستخدم المجهر الإلكتروني لتحليل الملوثات في العينات البيئية، بينما يمكن استخدام تقنيات الشعاع الإلكتروني لمعالجة مياه الصرف الصحي وتنقية الهواء.

  1. استكشاف الفضاء

يعد فهم سلوك الإلكترون أساسيًا في استكشاف الفضاء وتكنولوجيا الأقمار الصناعية، وتشارك الإلكترونات في أنظمة الاتصالات وأدوات الملاحة وتوليد الطاقة للمركبات الفضائية، بالإضافة إلى ذلك، فإن دراسة الأشعة الكونية -والتي تشمل الإلكترونات عالية الطاقة- توفر نظرة ثاقبة حول بنية الكون وتطوره.

 

بشكل عام، كان اكتشاف الإلكترونات لحظة محورية في تاريخ العلوم، مما أدى إلى تقدم عميق في الفيزياء والكيمياء والهندسة والتكنولوجيا، مع آثار بعيدة المدى عن فهمنا للكون وحياتنا اليومية.

يعود الفضل في اكتشاف الإلكترونات إذن إلى العالم الإنجليزي جوزيف جون طومسون، والذي استخدم أشعة الكاثود في أنبوب مفرغ لتوليد مجال مغناطيسي، تمكن عبره من رصد الإلكترونات سالبة الشحنة.

ولقد استفادت البشرية كثيرًا من هذا الاكتشاف فهناك الكثير من التطبيقات القائمة على هذه الجسيمات، ومنها الروابط الكيميائية، وميكانيكا الكم، والإلكترونيات، والفيزياء النووية، والتصوير الطبي، والمعالجة البيئية، وعلوم الفضاء وغيرها.