09-ديسمبر-2018

شاركت قطر بتمثيل محدود في القمة الخليجية المنعقدة في الرياض (أ.ف.ب)

الترا صوت - فريق التحرير

بدت الصورة في العاصمة السعودية الرياض، حيث يعقد اجتماع مجلس التعاون الخليجي، اليوم الأحد، 9 كانون الأول/ ديسمبر، جزءًا من مشهد كامل، قوامه الفشل الشامل والعزلة والتخبط، لإدارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على كافة الأصعدة، محليًا وإقليميًا ودوليًا.

 أظهرت قطر من خلال المشاركة المحدودة في القمة الخليجية، تصورًا واضحًا، حول رفض استغلال تمسكها بالوحدة الخليجية، من أجل القفز عن تداعيات الحصار

وفي حين مثلت هذه القمة، محاولة أخيرة لإنقاذ مجلس التعاون الخليجي، بالنسبة للدول التي لم تأخذ موقفًا من الأزمة الخليجية، وما زالت حريصة على وحدة دول مجلس التعاون، على غرار الكويت، فإن هذا الاجتماع كان بالنسبة لدول حصار قطر، فرصة أخيرة من أجل الانسحاب من معركة خاسرة، من دون دفع استحقاقاتها، وبلا أي شعور بالمسؤولية تجاه الانتهاكات التي بدأتها السعودية والإمارات ودول تابعة لهما، منذ مطلع صيف عام 2017.

لم يشارك أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في القمة التي عقدت على أراضٍ يُحظر على مواطنيه دخولها، أو الطيران فوقها، وسط أجواء من الانقسام التي فرضها الحصار على البلاد، في حين شاركت الدوحة بتمثيل محدود، بوفد يقوده وزير الدولة للشؤون الخارجية، سلطان بن سعد المريخي. بينما حضر ممثلون عن دول الإمارات العربية المتحدة، وكذا أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والعاهل البحريني حمد بن عيسى.

اقرأ/ي أيضًا: الطريق إلى لاهاي.. انتهاكات الإمارات أمام استحقاق حصار قطر

بدأت النوايا السعودية تتضح منذ أيام، عندما أقدم العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، على تقديم دعوة بروتوكولية لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لحضور القمة الخليجية التي كان مزمعًا عقدها في السعودية. عقب ذلك، أفرجت السلطات السعودية عن مواطن قطري كان معتقلًا في سجونها، مع الإبقاء على آخرين ما زالوا معتقلين بسبب جنسيتهم. ورغم التوقعات بأن هذه الإجراءات كانت بادرة حسن نية، فقد أدركت الدوحة مبكرًا على ما يبدو، أن هذه الخطوات لم تكن إلا جزءًا من مساعٍ غير جدية، من أجل إخراج محمد بن سلمان من عنق الزجاجة، التي أدخل نفسه فيها مع مجموعة واسعة من الانتهاكات، ومع سياسة خارجية أصبحت مكشوفة على الملأ.

وبعد أن كان وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، قد أبدى انزعاجه من غياب أمير قطر عن القمة، قائلًا إنه "كان جديرًا به" أن يشارك. رد مدير المكتب الإعلامي في وزارة الشؤون الخارجية القطرية، أحمد الرميحي، في تغريدة عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، قائلًا إن "قطر تملك قرارها وحضرت قمة الكويت في حين غاب حكام دول الحصار عن الحضور، وقطر لا تحتاج نصائح من دول تبع".

بالتزامن مع اجتماع الرياض بدت السعودية في أوج ارتباكها، محملة بأعباء لم تتوقع أنها ستكون مضطرة على حملها وسط رهانها على مفاعيل المال السياسي

لقد أظهرت قطر من خلال المشاركة المحدودة في الاجتماع، تصورًا واضحًا، حول رفض استغلال تمسكها بالوحدة الخليجية، وبمجلس التعاون، من أجل القفز عن تداعيات الحصار، والجرائم التي وقعت بحق المواطنين والمقيمين فيها، جراءه. وفي نفس الوقت، فقد بينت أن رفضها للحصار، وسعيها الدائم لإنهاء الأزمة الخليجية بتعقل، لا يعني إمكانية إعادة العلاقات من دون إنهاء الحصار بشكل كامل، واتخاذ خطوات جدية وضمانات لعدم تكرار مثل هذا الإجراءات، التي انقلبت كما بدا على القائمين عليها.

اقرأ/ي أيضًا: واشنطن بوست: حصار قطر يبوء بالفشل!

لم تكن الدعوة الموجهة لأمير قطر، من أجل حضور دورة مجلس التعاون الخليجي، مبادرة من أجل إنهاء الحصار، حيث إنها لم ترتبط بأي تحرك دبلوماسي أو سياسي جاد، يحمل إشارات نحو المصالحة، وإنما كانت مجرد ردة فعل لضغوط واسعة، تتعرض لها المملكة، بقيادة ابن سلمان، منذ واقعة اختطاف واغتيال الصحفي والكاتب في صحيفة واشنطن بوست، جمال خاشقجي، في مبنى قنصلية بلاده في إسطنبول، وما ترتب على ذلك من حملة مقاطعة واسعة، خاضتها مجموعات حقوقية ودول. بالإضافة إلى ما سبق ذلك من فوضى في سياسات الرياض الخارجية، بدءًا من حصار قطر، ثم اختطاف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وإجباره على الاستقالة، إضافة إلى الأزمة المفتعلة مع كندا، وآلاف الجرائم والانتهاكات في الحرب التي تخوضها في اليمن، والتي تسببت بمجاعة على مستوى واسع.

إذا كان ثمة خلاصة، يمكن أن تترتب على ما جرى في الأيام الأخيرة في الخليج العربي، فإنها ستكون مرتبطة بظهور قطر أقوى من أي وقت مضى، مع موقف متماسك، لم يتغير منذ بدء الحصار في حزيران/يونيو من العام الفائت، في حين بدت السعودية في أوج ارتباكها، محملة بأعباء لم تتوقع أنها ستكون مضطرة على حملها، بعد أن تصورت أن المال السياسي، يمكنه إسكات كل صوت معارض للانتهاكات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الوزير "المقاتل" محمد بن عبد الرحمن.. من جولة الدفاع إلى تعرية دول الحصار

سنة على حصار قطر.. السعودية تختبئ وراء البلطجة والتشويش