14-يونيو-2020

تستمر الاحتجاجات على واقع الانهيار الاقتصادي في لبنان (Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير

شهدت المدن اللبنانية يوم السبت اشتباكات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن اللبناني وسط العاصمة بيروت، لليوم الثالث على التوالي، فضلًا عن سقوط عشرات الجرحى في مظاهرات طرابلس بعد محاولة المحتجين منع شاحنات معبئة بالمواد الغذائية من العبور كانت معدة للتهريب إلى سوريا، قام عناصر الجيش على إثرها باستخدام الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين الذي ردوا عليهم برشقهم بالزجاجات الفارغة والحجارة.

يصنف لبنان على أنه واحد من أكثر البلدان مديونية في العالم مع ديون سيادية تزيد على 170 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي

وبدأت المواجهات بعد محاولة المحتجين منع عدد كبير من الشاحنات الكبيرة المحملة بالمواد الغذائية المهربة من العبور إلى سوريا، وقام المحتجون باعتراض الشاحنات أثناء عبورها طريق التبانة – طرابلس باتجاه محافظة عكار خلال توجها لمعبر العبودية الحدودي شمالي البلاد مع سوريا، غير أن الجيش اللبناني اشتبك مع المحتجين الذين أرادوا إفراغ الشاحنات من حمولتها، فيما أفاد جهاز الطوارئ والإغاثة في الجمعية الطبية الإسلامية عن سقوط 72 جريحًا من الطرفين، بينهم 16 عسكريًا.

اقرأ/ي أيضًا: عودة التظاهرات إلى شوارع لبنان واشتباكات مع مؤيدي حركة أمل وحزب الله

وكانت المديرية العامة للجمارك في لبنان قد أوضحت أن تلك "الشاحنات تنقل مساعدات من مواد غذائية وغيرها لصالح جانب الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي من ضمن برنامج الأمم المتحدة الغذائي، وقد وردت إلى مرفأ بيروت برسم الترانزيت الدولي الى سوريا، وتنقل عبر الأراضي اللبنانية بواسطة شركة نقل مرخصة، علمًا أن هذا الأمر يتم علنًا وبشكل أسبوعي منذ بدء الأحداث في سوريا".

وفي بيروت تجددت الاشتباكات العنيفة بين المحتجين وقوات الجيش، استخدمت فيها القوى الأمنية الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين عمدوا لقطع الطرقات بالإطارات المشتعلة، ورشق القوى الأمنية بالحجارة والزجاجات الفارغة، والألعاب النارية، وذلك بالتزامن مع احتجاجات شعبية خرجت في عديد المناطق اللبنانية تطالب بإسقاط الحكومة اللبنانية المُشكلة حديثًا ردًا على عدم تنفيذها خطط إسعافية أمام الانهيار الاقتصادي في البلاد.

في الأثناء أظهرت مقاطع فيديو انتشارًا مكثفًا لعناصر من حزب الله وحركة أمل يرتدون السترات السوداء ويحلمون أجهزة لاسلكية، في منطقتي سليم سلام ومستديرة الطيونية، وعلى مداخل الخندق الغميق، قيل إنها لمنع أنصار الثنائي من التوجه إلى أماكن تجمع الاعتصامات وسط بيروت، بعد ليلة عنيفة تخللها مواجهات حتى ساعات الصباح الأولى بين المحتجين وقوات الجيش.

وبعد أقل من أسبوع يعيد التذكير ببدايات الحرب الأهلية اللبنانية على إثر الاشتباكات التي وقعت على خلفيات طائفية بين منطقة عين الرمانة التي يقطنها أنصار الثنائي المسيحي (الكتائب اللبنانية، القوات اللبنانية)، ومنطقة الشياح التي يقطنها أنصار الثنائي الشيعي، انضم أنصار الفريق الأخير إلى االاحتجاجات التي خرجت وسط العاصمة بيروت احتجاجًا على ارتفاع سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار إلى خمسة آلاف ليرة مقابل الدولار الأمريكي الواحد الجمعة. في مشهد وصفة محللون بأنه يناقض المقاطع التي انتشرت خلال الأسابيع الأخيرة عندما عمد أنصار حزب الله لتكسير وتخريب خيم المعتصمين في ساحة الشهداء، قبل أن يفرض لبنان التعبئة العامة للضغط على المواطنين للتقيّد بالتدابير الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا الجديد في الأسبوع الأول من آذار/مارس الماضي.

وبدأت الاحتجاجات من منطقة الضاحية الجنوبية التي يقطنها أنصار الثنائي بقطع الطرقات بالإطارات المشتعلة وحاويات النفايات، قبل أن يمتد احتجاجهم إلى ساحة الشهداء مركز الاحتجاجات الأساسي التي تخللها أحداث عنف، وتحطيم لواجهات المصارف والمحال التجارية، مع تركيزهم على أن تكون شعاراتهم موجهة ضد الطائفية وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، بدون أن يوجهوا هتفاتهم للمناداة بإسقاط الحكومة اللبنانية المدعومة من حزب الله.

وكان رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب قد اتهم في كلمة متلفزة المعارضة اللبنانية بتقويض جهود حكومته للتحقيق في قضايا الفساد والتحريض على إثارة الاضطرابات الأخيرة، مشيرًا إلى ضخ المعارضة السياسية "الأكاذيب والشائعات"، ومساهمتها "بتعميق أزمة الليرة اللبنانية"، مما تسبب بـ"أزمة كبرى"، الأمر الذي أدى لحصول المواجهات العنيفة خلال الأيام الماضية بين المحتجين وقوات الأمن.

وفقدت الليرة اللبنانية نحو 70 بالمائة من قيمتها منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عندما غرقت البلاد المدينة بشدة في أزمة مالية تسببت في رفع الأسعار وتقليص الوظائف وفرض قيود على صرف الودائع الدولارية مما جمد حسابات الادخار بتلك العملة، وارتفعت الليرة التي كان سعر صرفها يبلغ خمسة آلاف أمام الدولار، يوم الجمعة بعد إعلان حكومي عن قيام مصرف لبنان المركزي بضخ دولارات في السوق يوم الاثنين.

يصنف لبنان على أنه واحد من أكثر البلدان مديونية في العالم مع ديون سيادية تزيد على 170 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأعلنت الحكومة اللبنانية رسميًا عجزها عن تسديد ديونها البالغ قيمتها 1.2 مليار دولار من سندات يوروبوند في آذار/مارس الماضي، وهي عبارة عن سندات خزينة صادرة بالدولار، فيما قالت تقارير صحفية إن حجم الديون المتراكمة على لبنان يبلغ 92 مليار دولار.

وبدأت الحكومة اللبنانية محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات مالية مطلع الشهر الماضي، بعد توقيعها طلبًا رسميًا للحصول على مساعدة مالية من صندوق النقد، وسط معارضة جمعية المصارف اللبنانية التي قالت إن الخطة لا تعالج الضغوط التضخمية، وقد تؤدي عمليا إلى تضخم مرتفع جدًا، وسط تقديرات لحاجة لبنان إلى أكثر من 80 مليار دولار للخروج من الأزمة والنهوض بالاقتصاد، في ظل إحصائيات تتحدث عن وجود 45 بالمائة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر.

وكانت تقارير صحفية قد تحدثت عن رفض صندوق النقد الخطة الاقتصادية والمالية التي قدمتها الحكومة اللبنانية للحصول على منحة مالية، والتي اصطدمت بعدم استيفاء الحكومة للشروط المفروضة ممثلة بتحرير سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي، وإنهاء أزمة مؤسسة الكهرباء التي يتنافس عليها الحلفاء السياسيون، وسط تقارير تقول إن قطاع الكهرباء يستنزف نحو ملياري دولار من أموال الدولة كل عام بينما يعجز عن توفير الطاقة على مدار الساعة.

وإلى جانب إصلاح قطاع الكهرباء الذي يشهد خلافًا على أولويات إنشاء محطات توليد الطاقة بين حزب الله وحليفه الأساسي في الحكم التيار الوطني الحر، يشترط صندوق النقد إغلاق المعابر الحدودية غير النظامية التي تستخدم لتهريب السلع، وتحركات عناصر حزب الله الذين يقاتلون إلى جانب النظام السوري في سوريا، مصرًا على أن تخضع المعابر الحدودية مع سوريا لرقابة أممية ودولية، للموافقة على تمرير المنحة المالية.

 تقارير صحفية قد تحدثت عن رفض صندوق النقد الخطة الاقتصادية والمالية التي قدمتها الحكومة اللبنانية للحصول على منحة مالية، والتي اصطدمت بعدم استيفاء الحكومة للشروط المفروضة

وأعلنت الحكومة اللبنانية الجمعة أن مصرف لبنان المركزي سيقوم بضخ الدولار في الأسواق اعتبارًا من يوم الاثنين لمواجهة التدهور غير المسبوق في سعر الليرة، مطالبة الجهات الأمنية باتخاذ كافة التدابير اللازمة لملاحقة المتلاعبين بسوق الصرف ومهربي العملة، إضافة إلى تشكيل خلية أزمة برئاسة وزير المالية لمتابعة تطورات الوضعين المالي والنقدي.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

طرابلس تنتفض.. اللبنانيون إلى الساحات مرة أخرى