توجهت الأنظار في لبنان يوم السبت، نحو ساحات التظاهر في بيروت وطرابلس وغيرها من المناطق، عقب الدعوات التي وجّهتها أكثر من جهة وتنظيم، للعودة إلى الساحات مجدّدًا، بعدما كانت قد انحصرت التظاهرات ابتداءً من شهر آذار/مارس الماضي، مع انتشار فيروس كورونا في لبنان. وشكّل موضوع تظاهرات السبت الشغل الشاغل للمتابعين ولناشطي التواصل الاجتماعي، بعدما تضاربت الأنباء حول هوية الداعين إلى التظاهر، والعناوين التي يحملونها والتي يطالبون بها، ومدى تطابقها مع الشعارات التي حُملت خلال الانتفاضة التي اندلعت في وجه الطبقة السياسية ابتداءً من 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
توجهت الأنظار في لبنان يوم السبت، نحو ساحات التظاهر في بيروت وطرابلس وغيرها من المناطق، عقب الدعوات التي وجّهتها أكثر من جهة وتنظيم، للعودة إلى الساحات مجدّدًا
وقد برزت بشكل خاص في الأيام الأخيرة، دعوات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، للمشاركة في تظاهرات السبت تحت عنوان نزع سلاح حزب الله، بالرغم من أن موضوع السلاح يشكّل عامل انقسام داخلي لبناني، بين من يعتبر السلاح مقدسًا خارج أي نقاش، وبين من يرى أن هذا السلاح بات يكلّف لبنان أثمانًا باهظة، خاصة في ظل الحصار الدولي الذي يتعرض له لبنان مع سيطرة حزب الله عمليًا على جزء من الحياة السياسية. وقد أطلق أنصار حزب الله على وسائل التواصل الاجتماعي، حملة ضد منظمي التظاهرات ضد السلاح، لم تخلُ من تهديدات واضحة باستخدام العنف والقوة ضد المتظاهرين، وهو الأمر الذي أعاد إلى الأذهان اعتداء أنصار الحزب وحركة أمل على المتظاهرين بالضرب أكثر من مرة خلال أحداث انتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر.
اقرأ/ي أيضًا: مشهد سياسي لبناني جديد.. الترويج للتعاسة
بدا أن أبرز المتحمسين للتظاهر ضد السلاح كانت أحزاب الكتائب والقوات اللبنانية، وحزب 7، إضافة إلى شخصيات سياسية كالنائب شامل روكز صهر رئيس الجمهورية، الذي أعلن مؤخرًا انسحابه من تكتّل لبنان القوي الذي يرأسه جبران باسيل، إضافة إلى أشرف ريفي وبهاء الحريري نجل رئيس الحكومة الراحل سعد الحريري، والذي ظهر اسمه إلى العلن مجدّدًا، مع الحديث عن خلافات مع شقيقه سعد الحريري، ورغبته في خلافته على رأس التيار السني الأقوى في لبنان.
وبالإضافة إلى موضوع سلاح حزب الله، تضمنت الدعوات عناوين أخرى، كالمطالبة بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، واستقالة حكومة حسان دياب، ومكافحة التهريب على الحدود السورية وغيرها. وقد حملت حملات التهديد والتخوين الجهات الداعية إلى التظاهر، إلى التخلي عن مطلب نزع السلاح، مع الإبقاء على المطالب الأخرى. إلا أن بعض الآراء يشير إلى أن السلاح سيكون حديث الساعة في المستقبل القريب، مع تزايد الضغوطات الدولية على الحزب، وآخرها القرار الألماني بحظر كافة أجنحته في ألمانيا، بالتزامن مع الاستعداد لتطبيق قانون قيصر الأمريكي، ما قد يهدد بنوع من الانقسام والاستقطاب السياسي في المستقبل، يعيد إلى الأذهان ثنائية 8 و14 التي ظهرت على خلفية اغتيال رفيق الحريري عام 2005.
ميدانيًا، وبعد الهدوء النسبي الذي شهدته ساعات الصباح الأولى، ازداد عدد المتظاهرين مع الوقت في مختلف الساحات، وأبرزها كان في ساحة الشهداء وجسر الرينغ، حيث احتشد مئات المواطنين، وأطلقوا الشعارات المنددة بالحكومة وبالوضع المعيشي، واشتبكوا مع القوى الأمنية التي حاولت تفريقهم، قبل أن يصل العشرات من أنصار حزب الله وحركة أمل من منطقة الخندق الغميق، مطلقين شعارات طائفية ومذهبية، ومؤكدين على ولائهم لقياداتهم، وتمسكهم بسلاح الحزب واستعدادهم للدفاع عنه، وقد حاولوا الاعتداء على المتظاهرين، قبل أن تتدخل القوى الأمنية وتحول بينهم. وعند ساعات العصر، تحولت الأنظار إلى محور الشياح – الرمانة الشهير، الذي شهد مناوشات واشتباكات بين أنصار حزب الله وحركة أمل من جهة، وأنصار القوات اللبنانية من جهة أخرى، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني ويفصل بين الطرفين، من خلال إقامة متاريس فاصلة عند الحدود بين المنظقتين.
بالإضافة إلى موضوع سلاح حزب الله، تضمنت الدعوات عناوين أخرى، كالمطالبة بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، واستقالة حكومة حسان دياب
وفي طرابلس التي يطلق عليها الناشطون لقب عروس الثورة، تجمّع المئات في ساحة النور في وسط المدينة، فيما توجهّت عشرات الباصات من عاصمة الشمال باتّجاه بيروت، للانضمام إلى حشود ساحتي الشهداء ورياض الصلح. وخضعت الباصات لتفتيش دقيق من حواجز القوى الأمنية على امتداد الطريق. ولم تختلف الصورة في صيدا عاصمة الجنوب، حيث شهدت المدينة تظاهرات ابتداءً من مساء الجمعة، وردّد المتظاهرون شعارات انتفاضة 17 تشرين الأول، مطالبين بمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، بالرغم من قرار لجنة "حراك صيدا" بعدم تأييدها لمطالب تظاهرات بيروت، وإصرارها على حصر المطالب بالشؤون المطلبية والمعيشية وعدم تسييسها.
اقرأ/ي أيضًا: