11-أكتوبر-2016

يأمل طلاب اللبنانية أن تتحول من صرح أكاديمي تقليدي نظري إلى صرح علمي متجدد(كافي كازامي/Getty)

اعتاد طلّاب الجامعة اللبنانية على تحوّل واقعهم الجامعي إلى نكتة سمجة. رئيس الجامعة الوطنية السّابق، الدكتور عدنان السّيد حسين كان يجيد العربية فقط، مع أنّ الكليات بجميع اختصاصاتها وفروعها كانت تتبع له، أما الرّئيس الحالي اليوم، فيعكس تعيينه حجم الاستخفاف بالتّعليم الرّسمي/الحكومي والجامعة الوطنية، فالدّكتور المعيّن حديثًا، فؤاد أيوب، دكتورٌ في اختصاصاتٍ لم تسمع بها الجامعة، التي تخرّج منها في الاتحاد السوفيتي.

الرئيس الجديد للجامعة اللبنانية متهم بتزوير شهادته الجامعية وبالرغم من رفع العديد من الشكاوى ضده، إلا أنه يرفض إبراز أي صورة عنها

الرّئيس الجديد، الدّكتور أيوب متهم بتزوير إفادة حصوله على شهادة الدكتوراه في الطب الشرعي العام، وبالرّغم من رفع العديد من الشكاوى ضده، إلّا أنّه يرفض إبراز أي صورة عن شهادته، يُقنع بها الرأي العام وخبراء الجامعة اللبنانية بكفاءته. حتّى أن ملف معادلة شهادة الدكتوراه الخاصة به في وزارة التربية "مفقود"، بحسب ما يقول معنيون في الوزارة.

اقرأ/ي أيضًا: شباب الجامعات اللبنانية.. إلى الطائرة تحرك

يبقى السّؤال، كيف حصل أيوب على شهادة الدكتوراه في الطب الشرعي قبل أن يحصل على دبلوم في الطب العام أو دبلوم في جراحة الوجه والفم والفكين، ودراسة أي من هذين الاختصاصين، تخول للطالب لاحقًا دراسة الطب الشرعي بحسب النظام المعمول به في جامعات الاتحاد السوفيتي السابق، حيث حصل على الشّهادة الأولى في سنة 1993 بينما الثّانية في 2001؟

علمًا وأن شهادته الطّبية الأولى كانت من معهد وليس جامعة، وهو معهد الطب الحكومي في كالينين في الاتحاد السوفيتي. وكيف لشخصٍ مشكوكٍ في صحّة شهادته العلمية أن يتبوّأ منصب عميد كلية طب الأسنان في الجامعة اللبنانية، ورئيسًا للجامعة ككلٍ اليوم؟

بعد غيابٍ طويل، اجتمعت الحكومة، وأقرّت سلسلة تعييناتٍ من ضمنها رئاسة الجامعة اللبنانية، بعد أن توافق أصحاب الحصّة، أي الطّائفة الشّيعية على اسمٍ واحد، بدل أن يكون المعيار هو الكفاءة والبرنامج التّنموي الذي ينهض بالجامعة اللبنانية، فيحولها من صرحٍ أكاديمي تقليدي نظري، إلى صرحٍ علمي متجدّد، يجرّب فيه الطّالب ويختبر ما يتعلم نظريًا، إضافة إلى إعادة تأهيل المناهج العلمية، وتعديل الاختصاصات وزيادة بعض المواد كما شطب أخرى، عدا عن تعديل نظام التّعليم ليتحوّل من سنوي إلى فصلي.

تعتمد المحاصصة الحزبية والطائفية، إلى اليوم في لبنان، لتحديد اسم رئيس الجامعة اللبنانية، وهو منصب من حصة الطائفة الشيعية

اقرأ/ي أيضًا: كلية الإعلام في لبنان..600 دولار وإلا..

للجامعة اللبنانية فروع عديدة، ولا تزال لليوم رائدةً في الهندسة والطّب، لكن ترتيبها من حيث الجودة يتراجع لصالح الجامعات الخاصّة، كالجامعة الأمريكية واليسوعية. تصرف هاتين الجامعتين ميزانيةً تعادل ضعفي ميزانية الجامعة اللبنانية، وتواظبان على تمكين الكادر التّعليمي من متابعة التّقنيات المستحدثة، مما يُجبر الطّلاب على اختيار الجامعات الخاصة، مع ما تحمله من أعباء ماديةٍ كبيرة، لغياب الدّعم عن الجامعة اللبنانية أولاً، ولأفضلية خرّيجي الجامعات الخاصّة عن العامة في سوق العمل ثانيًا.

بلغت حصّة الجامعة اللبنانية الوطنية في العام الدراسي 1999-2000، 60.2% (62602 طالب)، ليرتفع عدد الطّلاب لاحقًا الى 73698 طالبًا في العام الدراسي 2011-2012، وهو العدد الأعلى المسجل في الفترة الممتدة من عام 1991 إلى عام 2014، قبل أن تتهاوى حصّة الجامعة اللبنانية إلى 38.8% من مجمل طلاب التعليم العالي في لبنان لاحقًا، لتصل إلى 36% في العام الدراسي 2013-2014، وهي الحصة الأدنى منذ عام 1991، علمًا وأن عدد طلاب الجامعة اللبنانية تراجع إلى 69609 طالب في العام الدراسي الماضي، فيما مجمل عدد طلاب التعليم العالي ارتفع إلى 193003 طالب، أي بزيادة 89134 طالبًا عن العام الدراسي 1999-2000.

هكذا تواصل نسبة الطّلاب في الجامعة اللبنانية تراجعها بسبب المنافسة من قبل الجامعات الخاصة، وقدرتها على الاستقطاب بشكلٍ أكبر، وبوسائل أكثر حداثةٍ بعد إهمال المسؤولين للجامعة اللبنانية وفرز ميزانية ضئيلة تُعنى بتطويرها.

المحاصصة السّياسية نجحت في تقويض صرحٍ تعليمي مميز، مع أنّه لا يزال يناضل بطلّابه ومحاضريه، مواجهًا الظّروف والتّحديات، لعل الجامعة اللبنانية تعود من جديد لتقف على رجليها، ولعل الدّولة اللبنانية تلتفت للجامعة وضرورة حمايتها أكاديميًا ومادّيًا.

اقرأ/ي أيضًا: 

الجامعة الأمريكية ليست "الشيطان الأكبر"

خريجو الجامعات اللبنانية: "بالنسبة لبكرا شو؟"