25-فبراير-2024
تطور الجودة الشاملة

تطور الجودة الشاملة ومراحله

في عالم يتسم بالتغير المستمر والتطور السريع في كافة المجالات، تبرز أهمية الجودة الشاملة كمحور رئيسي لضمان النجاح والتميز للمؤسسات والشركات. والجودة الشاملة ليست مجرد مفهوم نظري، بل هي ثقافة ونهج شامل لكل جوانب العمل، من التخطيط والتنفيذ إلى المراقبة والتحسين المستمر. ولقد مرت الجودة الشاملة بمراحل تطور متعددة، كل منها أضاف بُعدًا جديدًا للفهم والتطبيق، مما ساهم في تشكيل المفاهيم الحديثة لإدارة الجودة التي نعرفها اليوم. هذا المقال يسلط الضوء على مراحل تطور الجودة الشاملة، مبينًا كيف تطورت عبر الزمن وما هي الأسس التي قامت عليها، مع استعراض للتحديات والمعوقات التي واجهت تطبيق الجودة الشاملة وكيف أمكن التغلب عليها.

بعد تحديد الأهداف العامة لإدارة الجودة الشاملة، تأتي مرحلة التخطيط بوضع الخطط الاستراتيجية والتكتيكية لتحقيق هذه الأهداف.

 

ما هي مراحل تطور الجودة الشاملة

إن المتتبع لتطور الجودة الشاملة، يرى أنها مرت بعدة مراحل متداخلة أثناء تطورها، بمعنى أنه يصعب تحديد بداية ونهاية لكل مرحلة، إلا أن المرحلة الأولى كانت تشكل أساسًا ومنطلقًا للمراحل التالية، ولكن الكثير من الباحثين اقتصروا على أربعة مراحل، مع تقدير العمر الافتراضي لكل مرحلة. وإليك مراحل تطور الجودة الشاملة كالتالي:

  1. المرحلة الأولى

بدأت المرحلة الأولى من مراحل تطور الجودة الشاملة في أوائل القرن العشرين، وكانت مهتمة بفحص جودة المنتج أو الخدمة، وكان التركيز فيها على الكفاءة الإنتاجية من خلال الرقابة الصارمة. حيث كانت تتلخص في ضبط العامل، وكذلك ضبط رئيس العامل، بالإضافة إلى ضبط الجودة والتفتيش.

  1. المرحلة الثانية 

نشطت المرحلة الثانية من مراحل تطور الجودة الشاملة ما بين عام 1930م إلى عام 1950م، أي أنها استمرت 20 عامًا. وكانت مهتمة بمراقبة الجودة، وكان التركيز فيها على تقليل نسبة العيب في المنتج، وذلك من خلال استخدام الأساليب الإحصائية. وكذلك تتبع أسلوب فحص العينات، والاهتمام بعمليات الإنتاج.

  1. المرحلة الثالثة 

كانت المرحلة الثالثة من مراحل تطور الجودة الشاملة ما بين عام 1950م إلى عام 1970م، واستمرت 20 عامًا كذلك. وكانت مهتمة بتوكيد الجودة، ومرحلة توكيد الجودة تشمل ضمان الجودة بطبيعة الحال. وكان التركيز فيها على الدور الريادي المفترض أن يكون للإدارة من حيث التناسق والتكامل بين أدوار الإدارة داخل المنظمات.

  1. المرحلة الرابعة

أما المرحلة الرابعة والأخيرة من مراحل تطور الجودة الشاملة بدأت منذ عام 1970م، ويكون مجال تطبيقها في إدارة الجودة الشاملة. ويتم فيها الاهتمام بجميع الأفراد الذين تربطهم علاقات بالمؤسسة. وتهدف هذه المرحلة إلى التحسين المستمر للجودة والأداء، وعدم الاقتصار على التحسين وقت الحاجة.

هدف فلسفة الكايزن هو خلق ثقافة تحسين مستمر تساهم في تعزيز الكفاءة والفعالية وزيادة رضا العملاء.

 

ما هي مراحل تطبيق الجودة الشاملة؟

يمكن تحديد المراحل التي يجب أن يتم إتباعها في المؤسسات والشركات لتطبيق إدارة الجودة الشاملة فيها إلى 6 مراحل؛ كالتالي:

  1. مرحلة التحضير

هي الخطوة الأولى والأساسية في عملية تطبيق إدارة الجودة الشاملة، حيث يتم فيها إعداد البنية التحتية اللازمة لنجاح العملية. وتشمل هذه المرحلة تحديد الرؤية والرسالة والقيم المتعلقة بالجودة داخل المؤسسة، وإشراك جميع الموظفين من خلال التوعية والتدريب على مفاهيم وأهمية الجودة. كما يتم في هذه المرحلة تحديد فرق العمل والمسؤوليات وتحليل الوضع الحالي للمؤسسة للتعرف على الفجوات بين الوضع الحالي والأهداف المرجوة.

  1. مرحلة التخطيط

بعد تحديد الأهداف العامة لإدارة الجودة الشاملة، تأتي مرحلة التخطيط حيث يتم وضع الخطط الاستراتيجية والتكتيكية لتحقيق هذه الأهداف. ويشمل ذلك تحديد المؤشرات ومعايير الأداء، وتصميم العمليات والإجراءات اللازمة لتحقيق الجودة، وكذلك تخصيص الموارد اللازمة مثل الأفراد والمعدات والتكنولوجيا.

  1. مرحلة التقويم والتقدير

تتطلب هذه المرحلة تقييم الخطط الموضوعة والأساليب المقترحة لضمان أنها تلبي الأهداف المحددة بفعالية. يتم فيها استخدام أساليب تقويم مختلفة، مثل المحاكاة والتجارب التجريبية، لتقدير النتائج المتوقعة وتحديد المخاطر المحتملة وكيفية التعامل معها.

  1. مرحلة التطبيق

هذه المرحلة هي قلب عملية تطبيق إدارة الجودة الشاملة، حيث يتم تنفيذ الخطط والبرامج الموضوعة. ويشمل ذلك تطبيق الإجراءات الجديدة، وتدريب العاملين على استخدامها، وإدخال التغييرات على العمليات والمنتجات وفقًا للمعايير المحددة. وتتطلب هذه المرحلة التزامًا ومشاركة فعالة من جميع المستويات الإدارية والفنية داخل المؤسسة.

  1. مرحلة المتابعة والتغذية الراجعة

بعد تطبيق الخطط، يجب مراقبة العمليات وتقييم الأداء بشكل مستمر للتأكد من أن الأهداف تتحقق كما هو مخطط لها. وتعتبر المتابعة وجمع التغذية الراجعة من الخطوات الحاسمة لتحديد مجالات التحسين والتعديل على الخطط والعمليات حسب الحاجة. ويتم في هذه المرحلة أيضًا تحليل البيانات المجمعة لفهم الاتجاهات وتحديد فرص التحسين.

  1. مرحلة التحسين المستمر

هذه المرحلة تعتمد على فلسفة الكايزن، وهي السعي المستمر للتحسين في جميع جوانب المؤسسة. وتشمل تحسين العمليات والمنتجات والخدمات بشكل دائم من خلال التعلم من التجارب والأخطاء وتطبيق الابتكارات. والهدف هو خلق ثقافة تحسين مستمر تساهم في تعزيز الكفاءة والفعالية وزيادة رضا العملاء.

من عوامل التغلب على معوقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة، تحسين التواصل والتنسيق بين الإدارات

 

معوقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة:

على الرغم من كثرة المزايا والفوائد التي يتم تحقيقها من خلال تطبيق أنظمة إدارة الجودة في المنظمات، وعلى الرغم من وجود مبررات متعددة لتطبيق تلك الأنظمة، إلا أن هناك مجموعة من المعوقات والصعوبات التي تواجهها المنظمات عند تطبيق إدارة الجودة الشاملة، وتحول بينها وبين النجاح. ومن هذه المعوقات ما يلي:

  • ضعف التنسيق التنظيمي بين الإدارات والأقسام، وعدم إزالة الحواجز بينها.
  • نقص الخبرة الإدارية لدى بعض المسؤولين، وعدم القدرة على اتخاذهم للقرار.
  • عدم وضع الموظف المناسب في المكان والزمان المناسبين، وعدم قبول الموظفين للمتغيرات الداخلية والخارجية.
  • قلة تدريب العاملين وتطوير أدائهم وفق محددات أعمالهم.
  • التعجل في تحقيق الأهداف الموضوعة والحصول على نتائج.
  • البدء في تطبيق إدارة الجودة الشاملة قبل تهيئة البيئة لذلك.
  • اتباع أنظمة وسياسات لا تتناسب مع إدارة الجودة الشاملة.
  • التقليد والمحاكاة الحرفية لتجارب ناجحة في منظمات أخرى.
  • عدم الاهتمام الكافي بالعنصر البشري.
  • قلة التواصل ما بين العاملين والإدارة، والعاملين والعملاء.
  • عدم توثيق المعلومات عن الإنجازات المحققة.
  • عدم وجود توازن بين الأهداف القصيرة وطويلة الأجل.
  • الاهتمام بحل المشكلات الكبيرة، وتجاهل الصغيرة.
  • غياب العمل بروح الفريق، وفرق العمل.
  • مقاومة التغيير من قبل بعض العاملين.

 

النتغلب على معوقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة

للتغلب على معوقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة، يجب على المنظمات تحسين التواصل والتنسيق بين الإدارات، وتطوير الخبرات الإدارية من خلال التدريب، ووضع الموظفين المناسبين في المكان المناسب، والاستثمار في تدريب وتطوير العاملين، ووضع أهداف واقعية وتهيئة البيئة المناسبة للتطبيق. كما يجب تخصيص سياسات متوافقة مع مبادئ الجودة، وتجنب التقليد الأعمى، والاهتمام بالعنصر البشري، وتحسين التواصل، وتوثيق الإنجازات، وتحقيق توازن بين الأهداف القصيرة والطويلة الأجل، مع التركيز على حل المشكلات الصغيرة وتشجيع العمل الجماعي وإدارة مقاومة التغيير بفاعلية.

من خلال الغوص في أعماق تاريخ وتطور الجودة الشاملة، نجد أنفسنا أمام رحلة طويلة من الابتكار والتحسين المستمر الذي لا يعرف الحدود. وتبين لنا كيف أن كل مرحلة من مراحل تطور الجودة الشاملة كانت بمثابة استجابة لتحديات عصرها، مما أدى إلى تحولات جوهرية في طرق إدارة وضمان الجودة. اليوم، يُعد فهم هذا التطور أساسيًا لكل من يسعى لتحقيق التميز والنجاح في عالم الأعمال. وعلينا أن نعترف بالمعوقات التي قد تواجهنا وأن نستلهم من التاريخ طرق التغلب عليها، مستفيدين من الدروس المستقاة لبناء مستقبل أفضل يسوده الجودة والكفاءة في كل ما نقوم به.