23-يونيو-2017

محمد بن نايف ومحمد بن سلمان (فايز نورالدين/ أ.ف.ب)

قبَّل يديه أربع قبلات وانحنى على ركبتيه دون أن ينظرا في وجهي بعضهما طويلًا، فنطق محمد بن نايف آخر كلماته: "أنا برتاح الحين"، ثم ارتدى عباءته وغادر دون أن يلتفت إلى الكاميرا، محاولًا أن يمنع عينيه من لقاء سريع بعين محمد بن سلمان، وليّ العهد الجديد، أو بعدسة الكاميرا، التي كانت تنتظر أن تسرق منه لحظة هزيمة.

لم يحاول بن نايف أن يمنع بن سلمان من تقبيل يده، فيما بدا أنها محاولة للحفاظ على جانب من كرامته للحظة الأخيرة

كان المشهد تمثيليًا إلى حد كبير للدرجة التي جعلت الـ24 ثانية، التي تمت إذاعتها عبر عدّة منصات، للقاء أخير وبارد بين ابن سلمان، ولي العهد الجديد، وابن نايف، الجريح، تكشف جانبًا من الانقلاب الذي وقع في القصر الملكي السعودي على من كان يفترض به أن يكون ملك السعودية القادم، الذي نسج خيوط معركته على مهلٍ لكنها انتهت بالإطاحة به.

ابن نايف.. إيماءات الجريح

أرسل بن نايف عددًا من الرسائل ولكن بلغة الجسد، فسَّرها أحمد أدهم، خبير لغة الجسد والباحث في علوم التأثير النفسي، في حديث لـ"ألترا صوت"، في أربعة محاور رئيسية:

اقرأ/ي أيضًا: أبرز 5 قرارات ليلية للعاهل السعودي.. هنا الرياض بتوقيت واشنطن

1. لم يحاول ابن نايف أن يمنع ابن سلمان، الأمير الشاب، من تقبيل يديه أو انحناءه لتقبيل طرف الجلباب رغم إنه تنازل له عن الحكم، في محاولة للحفاظ على جانبٍ من كرامته في اللحظة الأخيرة، التي ستشهد خروجه من دوائر السلطة والحكم، وحاول أن يؤكد ذلك بقوله "أنا برتاح الحين" ليبدوَ الأمر أمام المشاهدين كأنه رغبة شخصية منه وليس انقلابًا.

2. عدم النظر إلى عينيْ الشخص الذي تصافحه يدلّ على عدم الثقة، وتوقّع الغَدْر في أي لحظة وعدم الاحترام. هذا وفق تعاليم لغة الجسد، وهو ما حدث، فابن نايف تحاشى في مقطع الفيديو بالكامل النظر إلى عينيْ محمد بن سلمان، كما أنه كان -في عدة ثوانٍ- يسدل عينيه لأسفل، وهو ما يدلّ على عدم الصدق فيما يقوله أو يفعله، ما يعني أنه تنازل عن ولاية العهد استسلامًا لمؤامرة تحاك ضده.

3. عدم تحريك الكتفين وانحناء أعلى الظهر والبطء في خطوة ابن نايف، فجسده لم يكن منتصبًا؛ يعني ذلك أنه تعرَّض لصدمة أفقدته ثقته في نفسه وشعوره بالقوة، كما تشير إيماءات رأسه الكثيرة إلى أنه فاقد الاهتمام بما يسمعه، وأنّه يسمعه فقط ليشعر الآخرين بأنه يحترمه.

4. حرص ابن نايف على عدم ارتداء العباءة خارج إطار الكاميرا، وانتظار خادمه أو حارسه ليأتي ويضعها على كتفيه وهو يتحدث إلى ولي العهد الجديد محاولة للاحتفاظ بشيء من سطوته، فها هو لا يزال يُعامَل باحترام من الجميع حتى أمام الملك المقبل، أو هكذا أراد أن يُوصِل.

ابن سلمان.. سلطة قلقة وسيطرة مدعاة

على الجانب الآخر، كان محمد ابن سلمان، وليّ العهد الأوّل الجديد، يكشف جانبًا ممّا يجري بحركة يديه وقدميه واتصاله الجسدي بولي العهد الجريح ابن نايف، ويفسّر لغة جسده، في حديث لـ"ألترا صوت"، خبير لغة الجسد ناجح عمران، على أربع محاور أساسية:

1. يحاول الكاذبون عدم تحريك أياديهم، ولذلك يضعونها وراء ظهورهم. مرجع آخر يشير إلى أنّ الشخص الذي يضع يديه خلف ظهره، كما بدا ابن سلمان في بداية الفيديو؛ فهو مستريح ومسترخ تمامًا كأنه خرج لتوِه من معركة انتصر فيها. وثمّة مرجع ثالث يشير إلى أنّ وضع الذراع خلف الظهر "ثقة تامة، أو ربما إحباط تام".

2. إمساك ابن نايف من ذراعه يعني محاولة إظهار السلطة والسيطرة، فهو يتحكّم به الآن وليس العكس، فالآخر بين ذراعيه.

3. تقبيل طرف الجلباب عادة و"بروتوكول" قَبَلي خاص ببعض الثقافات، ولا يشير إلى شيء إلَّا احترام الكبير، كما أن السعودية خفَّفت من طغيان تقليد تقبيل اليد، حتى لو كانت يد الملك، لكن ابن سلمان حرص عليه لحظة "انقلابه" على ابن نايف ليبدوَ الأمر -بالنسبة للآخرين- تنازلًا طبيعيًا برضا تام من الطرف الآخر، واحترام الأول الذي هو محمد بن سلمان، لابن نايف، حتى أنّه قبّل يديه وطرف جلبابه. وفكرة "نفي الانقلاب" أمام العالم بدت الغرض الأول من بث مقطع فيديو المبايعة.  

نظر محمد بن سلمان للأرض قد توحي بضعف شخصيته واستسلامه لشخص آخر له فضل في وصوله لهذا المكان، وهو مضطر للخضوع له

4. نظرة محمد بن سلمان الأخيرة للأرض قد تُوحي بضعف الشخصية والاستسلام النفسي لشخص آخر دفع به لهذا الموقف، والذي سيكون مضطرًا للخضوع له بعد أن ساعده على الإطاحة بولي العهد.

اقرأ/ي أيضًا: كيف روجت أبوظبي وواشنطن لمشروع محمد بن سلمان؟

إنّها إذن نظرة إلى مستقبل سيئ ينتظره رغم اقترابه من العرش، ولمس مقدّمة الرأس حركة لاشعورية تشير إلى الخبث، وربما محاولةٌ للفت النظر إلى تواجده في ثوب جديد.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حزمة أوامر العاهل السعودي.. خطة محمد بن سلمان للسيطرة على كل شيء

هل نشهد الآن حربًا خليجية ثالثة منزوعة السلاح؟