21-يونيو-2017

يبدو أنّ العاهل السعودي يُفضل وقت ما بين الليل والفجر لإصدار أهم قراراته وأوامره الملكية (بندر الجلود/ الأناضول)

السابعة بتوقيت واشنطن، يقف عادل الجبير سفير المملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، ليعلن بدء عملية "عاصفة الحزم". ومع الساعات الأولى لليوم الجديد وحتى مطلع الفجر والناس نيام، انطلقت طائرات التحالف ومن بعدها انطلقت إدارة الملك سلمان في تكرار الأمر. 

إصدار قرارات وأوامر ملكية وإعلان حرب ومقاطعة دولة شقيقة، كل ذلك من منتصف الليل إلى ما بعد الفجر، وكان آخرها استيقاظ الشعب السعودي على مبايعة جديدة لولي عهد أوّل جديد صُعّد، هو نجل العاهل السعودي، ووزير الدفاع محمد بن سلمان، الذي أصبح الآن نائبًا لرئيس الوزراء، وقائمة طويلة من الألقاب، أو "السيد كل شيء" كما أسمته وكالة بلومبيرغ.

تصدر أغلب القرارات الهامة في وقت بين منتصف الليل أو قبله بقليل والفجر، وهو أمر يراه البعض خاضعًا لفرق التوقيت بين الرياض وواشنطن!

ومنذ إعطاء البيعة لسلمان بن عبدالعزيز ملكًا على السعودية في 23 كانون الثاني/يناير 2015، والعرف سارٍ على نهج "القرارات الليلية" أو "قرارات الفجر"، حيث تصدر أغلب القرارات الهامة خلال وقتٍ ما بين منتصف الليل أو قبله بقليل، والفجر، وهو أمر يراه البعض خاضعًا لفرق التوقيت بين الرياض وواشنطن، متمثلًا في ست ساعات بين البلدين، مصيرية في قرار القرار.

اقرأ/ي أيضًا: ترامب وسلمان والميكافيلية في أوج صورها!

وقد تكون تلك مقاربة قريبة لمنطق العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة، ليس فقط من جهة دفع السعودية 400 مليار دولار لترامب في زيارته للرياض، والتي ينظر إليها البعض "جزيةً" مُستحقة عن يد صاغرة، وإنّما أيضًا، وهو الأوضح، من جهة إعلان السعودية بأريحية مراجعتها الإدارة الأمريكية، أو مسؤولين أمريكيين، في كثير من القرارات. حينها على الأرجح سيكون توقيت من منتصف الليل إلى الفجر الأنسب بتقدير فروق التوقيت!

محمد بن سلمان وليًا للعهد

قرب فجر اليوم الأربعاء، أصدر العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، مرسومًا ملكيًا بقرارات تتركز على إعفاء محمد بن نايف من منصبه كولي للعهد، وتعيين ولي ولي العهد، وليًا للعهد، وهو نجله سلمان، محمد بن سلمان آل سعود، مع استمراره وزيرًا للدفاع، وبالضرورة نيابته لرئاسة مجلس الوزراء.

وأصدر الملك قرارات أخرى من بينها تعيين عبد العزيز بن سعود بن نايف وزيرًا للداخلية، وتعيين أحمد بن محمد السالم نائبًا لوزير الداخلية، وإعفاء ناصر الداود من منصبه وتعيينه وكيلًا لوزارة الداخلية. وكانت من أبرز التعيينات الأخرى، تعيين بندر بن فيصل بن بندر بن عبدالعزيز مساعدًا لرئيس الاستخبارات العامة، و تعيين بندر بن خالد بن فيصل بن عبدالعزيز مستشارًا بالديوان الملكي بمرتبة وزير.

تضمنت القرارات الملكية الأخيرة، نقطة محورية، تلك الخاصة بأن الحكم أصبح في الأحفاد شريطة ألا يكون الملك وولي العهد من فرع واحد

وتعد من أهم النقاط المحورية في القرارات الملكية الأخيرة، تعديل الفقرة في المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم، بحيث أصبحت:" يكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يكون من بعد أبناء الملك المؤسس ملكًا ووليًا للعهد من فرع واحد من ذرية الملك المؤسس"، ليكون بذلك ترتيب جديد يطرأ لأول مرة على نظام الحكم في المملكة المسماة على لقب أسرتها الحاكمة، السعودية من آل سعود.

اقرأ/ي أيضًا: هيئة البيعة السعودية.. أداة الصراع الملكي 3/3

وبصحبة قرار تعيين بن سلمان وليًا للعهد، جاءت قرارات بإعادة صرف جميع البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين، رغم أن نفس القرار كان قد صدر من أسابيع مضت مع قرارات وأوامر ملكية اُخرى بنفس الطريقة!

قراران مهدا الطريق 

كان لقرارات الليل والفجر يد في ترتيب الأوضاع وتهيئتها لمحمد بن سلمان، أبرزها الأوامر الملكية (25 أمرًا/ قرارًا دفعة واحدة) الصادرة في 29 نيسان/أبريل 2015، وأزاح فيها سلمان أخاه مقرن بن عبدالعزيز من منصب ولي العهد -وقيل إنه تقدم باستقالته- وصعّد مكانه محمد بن نايف، فيما عيّن محمد بن سلمان وليًا لولي العهد ونائبًا ثانيًا لرئيس الوزراء، بينما استمر في منصبه وزيرًا للدفاع، وهو المنصب الذي عُيّن فيه في 23 كانون الثاني/يناير 2015، إلى جانب تعيينه رئيسًا للديوان الملكي ومستشارًا خاصا للملك ورئيسًا لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.

هناك أيضًا حزمة الأوامر الملكية الصادرة قبيل منتصف ليل يوم 22 نيسان/أبريل الماضي، والتي عززت من تهيئة الأوضاع لمحمد بن سلمان، حيث تضمنت إنشاء مركز الأمن الوطني بالديوان الملكي الذي يُديره محمد بن سلمان، وكذلك تعيين خالد بن سلمان شقيق بن سلمان، سفيرًا للسعودية في الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الأوامر التي شهدت تصعيدًا لرجال مقربين من ابن سلمان، تضمّنت إعادة صرف جميع البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين، وهو الأمر الذي تكرر مع قرارات فجر اليوم!

عملية عاصفة الحزم 

تُعد عملية عاصفة الحزم واحدةً من أبرز القرارات التي أُعلن عنها فجرًا، فمع الساعات الأولى ليوم الخميس الموافق 26 آذار/مارس 2015، أعلن عادل الجبير -وكان آنذاك سفيرًا للسعودية في أمريكا- عن إعطاء العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، أوامر ببدء عملية عاصفة الحزم ضد مليشيا الحوثيين والمخلوع علي عبدالله صالح في اليمن.

رغم فشلها، إلا أنّ عملية "عاصفة الحزم" كانت مرحلة رئيسية في رحلة تلميع بن سلمان وصناعة نجمه بقيادته لغرفة عملياتها

وكانت عاصفة الحزم الممر الرئيسي لصناعة نجومية محمد بن سلمان وتصعيده وزيرًا للدفاع وقائدًا لغرفة العمليات. ورغم فشل السعودية حتى الآن في الحرب اليمنية الضروس وعدم تحقيق نجاحات تُذكر تحت قيادة بن سلمان لها، إلا أنّه أيضًا قرر التوجّه لأعمال أُخرى، فأعلن عن رؤية السعودية 2030، في نيسان/أبريل 2016، وأطلق نحو 80 مشروعًا حكوميًا عملاقًا تتراوح تكلفة الواحد منها ما بين ثلاثة إلى سبعة مليارات ريال سعودي، فضلًا عن زيارته للولايات المتحدة والتقارب مع عائلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

قطع العلاقات مع قطر

فجر الخامس من حزيران/يونيو الجاري، أعلنت السعودية بصحبة ثلاث دول أخرى، هي الإمارات والبحرين ومصر، قطع العلاقات بشكل كامل مع قطر، بما في ذلك إغلاق المنافذ الجوية والبحرية والبرية لهذه الدول أمام أي عبور باتجاه قطر.

اقرأ/ي أيضًا: اكذب ثم اكذب.. هكذا تشن حملةً ضد قطر

تلك المقاطعة التي هي من أهم القرارات الليلية - الفجرية، وأكثرها تأثيرًا على المنطقة والعالم في الفترة الأخيرة؛ جاءت بعد حملة دعائية مفبركة ضد قطر وأميرها تميم بن حمد آل ثاني، هذه الحملة الدعائية المفبركة التي تضمنت تصريحات نسبت زورًا إلى الأمير تميم، بدأت أيضًا فجر 24 أيار/مايو الماضي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

السعودية تستأنف رحلة تطبيعها الكامل مع إسرائيل.. تل أبيب محبوبة "العرب"!

أبوظبي والرياض في اليمن.. تغطية الفشل والصراع الخفي عبر اتهام الدوحة