19-أبريل-2023
Lavrov

شرع وزير الخارجية الروسي في جولة تشمل البرازيل وفنزويلا ونيكاراغوا وكوبا. (GETTY)

شرع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في جولة خارجية تشمل أربعة بلدان في أمريكا اللاتينية هي تواليًا: البرازيل وفنزويلا ونيكاراغوا وكوبا، وذلك طيلة 5 أيام.

وتهدف جولة لافروف بحسب ما هو معلن من طرف الخارجية الروسية إلى "تعزيز التعاون متبادل المنفعة بين موسكو ودول المنطقة في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والتعليمية والإنسانية والثقافية وغيرها"، ولا يمكن فصل الجولة عن "تغير هوى" المنطقة بعد صعود دا سيلفا في البرازيل برؤيته المختلفة لقضايا دولية كثيرة وعن تقاطع هذه النظرة مع توجهات روسية وصينية تسعى إلى الحد من النفوذ الأمريكي والغربي خاصة على المستوى الاقتصادي والسياسي لصالح تعددية قطبية سياسيًا واقتصاديًا لطالما تبناها دا سيلفا.

لا يمكن فصل جولة لافروف إلى أمريكا اللاتينية عن "تغير هوى" المنطقة بعد صعود دا سيلفا في البرازيل برؤيته المختلفة لقضايا دولية كثيرة وعن تقاطع هذه النظرة مع توجهات روسية وصينية.

المحطة البرازيلية

كانت البرازيل المحطة الأولى في جولة لافروف اللاتينية، وفيها التقى الرئيس لولا دا سيلفا ونظيره وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا الذي التقاه قبل ذلك منذ نحو شهر على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في نيودلهي.

وبحسب صحيفة الغارديان فإن زيارة لافروف للبرازيل تسلط الضوء على سياسة لولا الخارجية "المحايدة" على الرغم من استياء الولايات المتحدة، فلافروف يصل البرازيل في الوقت الذي يعود فيه رئيسها لويز إيناسيو لولا دا سيلفا ، من زيارة إلى الصين. وكلا الزيارتين، حسب الغارديان "جزء من إعادة ضبطٍ دبلوماسيةٍ اتبعها لولا منذ عودته إلى السلطة هذا العام، إذ يسعى جاهدًا لاستعادة سمعة البرازيل الدولية بعد توليه الرئاسة بعدما قام سلفه جايير بولسونارو ، بتفكيك تقاليد البرازيل الراسخة في التعاون".

وتعني هذه الخطوة بالنسبة للبرازيل "إعادة بناء العلاقات مع جميع الشركاء والحفاظ عليها  بغض النظر عن التوترات الجيوسياسية في أماكن أخرى" حسب الغارديان.

البرازيل
زيارة لافروف للبرازيل تسلط الضوء على سياسة لولا الخارجية "المحايدة" على الرغم من استياء الولايات المتحدة. (GETTY)

وفي إطار هذا التوجه استغل لولا فرصة زيارة لافروف لعرض وساطة برازيلية لصنع السلام في أوكرانيا، وهي وساطة رحّب بها سيرغي لافروف.

 ويبدو، بناء على ذلك، أن مصدر الانزعاج الأمريكي هو: استقبال برازيليا لسيرغي لافروف في هذه اللحظة بالذات وتقاسم البرازيل ذات القراءة التي تقدمها موسكو فيما يخص الحرب على أوكرانيا.

ونقلت الغارديان تعليقا لروبنز دوارتي منسق مركز Mundolab ، قال فيه: "للعودة إلى السياسة الدولية يجب أن تكون للبرازيل علاقات إيجابية مع جميع البلدان". مردفًا القول أن "هذا يتفق مع سعي البرازيل التقليدي نحو التعددية".

ويشار إلى أنّ أهم الشركاء التجاريين للبرازيل هم الصين والولايات المتحدة  بينما تعتمد الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية بشكل كبير على روسيا لواردات الأسمدة.

لكن لولا يحمل أيضًا أهدافًا أكثر طموحًا في السياسة الخارجية، فهو يطمح إلى أن تلعب البرازيل دورًا وسيطًا للسلام في الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

وقد طرح لولا هذا المقترح لأول مرة خلال اجتماع مع المستشار الألماني أولاف شولتز في كانون الثاني/يناير الماضي، عندما رفض طلب المستشار الألماني للبرازيل بالمساهمة بالذخيرة في المجهود الحربي الأوكراني.

لولا كان قد أثار  فكرة "نادي السلام" للدول المحايدة مع عدد من القادة الأجانب بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن، للعب دور الوسيط في الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

وقد أثار منذ ذلك الحين فكرة "نادي السلام" للدول المحايدة مع عدد من القادة الأجانب بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبالتزامن مع رحلته إلى بكين الأسبوع الماضي للقاء شي جين بينغ، أوفد داسيلفا كبير مستشاريه للسياسة الخارجية  سيلسو أموريم لمناقشة آفاق السلام مع فلاديمير بوتين "في رحلة سرية إلى موسكو نهاية آذار/مارس المنصرم".

إن إيماءات كهذه، تضاف إليها زيارة لافروف التي هي جزء من جولة في أمريكا اللاتينية ستأخذه إلى فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا معاقل المشاعر المعادية للولايات المتحدة،  ليست مطمئنة لواشنطن حسب الغارديان، لأنها تبعث برسائل سلبية سياسيًا واقتصاديًا ودبلوماسيًا.

فعلى الرغم من أن البرازيل صوتت لإدانة العدوان الروسي في الأمم المتحدة في آذار/مارس الماضي إلا أن لولا غالبًا ما كان مترددًا بشأن الصراع الدائر هناك، وقد اقترح مؤخرًا أن تفكر أوكرانيا في التخلي عن شبه جزيرة القرم لتحقيق السلام، وفي حديثه إلى الصحفيين في الصين يوم السبت الماضي قال إن الولايات المتحدة يجب أن "تتوقف عن تشجيع الحرب" وأن الاتحاد الأوروبي "يجب أن يبدأ الحديث عن السلام" وفق تعبيره، مقترحًا من بكين "تشكيل مجموعة من الدول غير المتورطة في الحرب للتوسط في السلام" قائلًا للصحفيين "إنه ناقش الفكرة مع قادة الصين والإمارات" وفقًا لرويترز.

البرازيل
لولا يطمح إلى أن تلعب البرازيل دورًا وسيطًا للسلام في الصراع بين روسيا وأوكرانيا. (GETTY)

محطة فنزويلا

بعد البرازيل، حط داسيلفا الرحال في كراكاس أمس الثلاثاء حيث التقى نظيره الفنزويلي إيفان جيل بينتو ونائب رئيس الجمهورية ديلسي رودريغيز وتباحثا حول عدة ملفات اقتصادية وسياسية، ووجّه لافروف دعوة لنظيره الفنزويلي لزيارة موسكو في أقرب فرصة، مع الإشارة إلى ما تعانيه كراكاس من أزمة اقتصادية بعد التضخم الذي وصل مستويات كبيرة غير مسبوقة. ومن المنتظر أن يكمل لافروف جولته التي تنتهي في 21 نيسان/إبريل الجاري بزيارة نيكاراغوا وكوبا.

تعليق أمريكي على جولة لافروف

اكتفت واشنطن بتعليق دبلوماسي على جولة لافروف اللاتينية، إذ اعتبر منسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، جون كيربي أن دول أمريكا اللاتينية "ذات سيادة وتتخذ قراراتها الخاصة بشأن الشخصيات والمسؤولين الأجانب الذين يجب استقبالهم".

الإدارة الأمريكية علقت على الجولة قائلة إنها تأمل من قادة دول أمريكا اللاتينية أن يجدوا وقتًا في جداولهم المزدحمة للقاء المسؤولين الأوكرانيين شخصيًا.

كما عبر عن أمل الإدارة الأمريكية في "أن يقوم زعماء دول أمريكا اللاتينية بالضغط على لافروف، بما في ذلك سحب القوات الروسية من أوكرانيا".

وأضاف أن إدارته تأمل أيضًا "في أن يجد هؤلاء القادة ذوو السيادة وقتًا في جداولهم المزدحمة للقاء المسؤولين الأوكرانيين شخصيًا" في إشارة إلى انحياز بلدان أمريكا اللاتينية بهذه الخطوات لموسكو ووجهة نظرها حول الصراع.