08-فبراير-2023
.

طردت مالي فرنسا قبل أشهر بشكلٍ نهائي وتتجه نحو توثيق العلاقات مع روسيا (رويترز)

التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في العاصمة المالية باماكو، التي وصلها أمس الثلاثاء قادمًا من العراق، رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي العقيد أسيمي غويتا ونظيره وزير الخارجية عبد الله ديوب الذي كان في استقباله بالمطار.

التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في العاصمة المالية باماكو، التي وصلها أمس الثلاثاء قادمًا من العراق، رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي العقيد أسيمي غويتا

وأدلى لافروف، بعيد وصوله باماكو بساعات، بتصريحات قوية دعا فيها الغرب إلى قبول"حقيقة أن العالم يتغير"، و"ضرورة احترام البلدان الأخرى"، معتبرًا أن ردود الأفعال السلبية القادمة من دول غربية، بزعامة فرنسا، على تعزيز روسيا تعاونها مع مالي هي مجرد ملمح من "مظاهر النهج الاستعماري" للدول الغربية تجاه أفريقيا.

وتستمر زيارة لافروف إلى مالي مدة 24 ساعة، وهي تجسد التقارب بين روسيا ومالي، حيث قرر حكام باماكو الجدد الاستعانة بالروس والتخلي عن الفرنسيين وشركائهم الغربيين، بحسب وكالة فرانس برس.

وبدأ التقارب الروسي المالي منذ أكثر من عام، زار خلالها وزراء ماليون موسكو مرات عدة، في حين تعتبر زيارة لافروف لهذا البلد هي الأعلى لمسؤول روسي رسمي.

وتعليقًا منها على الزيارة قالت وزارة الخارجية المالية في بيان لها إن الزيارة "تكرس الإرادة الصلبة لأسيمي غويتا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبث دينامية جديدة في التعاون في مجالات الدفاع والأمن والاقتصاد".

وانتهز لافروف الفرصة لتسجيل مجموعة من المواقف ضد فرنسا وشركائها عندما دعا في مؤتمره الصحفي مع نظيره المالي الدول الغربية إلى قبول"حقيقة أن العالم يتغير"، وإلى "ضرورة احترام البلدان الأخرى"، رابطًا ردود الأفعال السلبية لدول الغرب على زيارته لمالي بـ"مظاهر النهج الاستعمارية للقوى الغربية".

وتابع لافروف تصريحاته قائلًا: "الغرب يسعى لفرض هيمنته على جميع شعوب العالم"، مؤكدًا في هذا الصدد أنّ بلاده "ستواصل المساعدة في حل الأزمات في أفريقيا مع دعم الحوار بين الأطراف المحلية دون التدخل فيه"، على حد زعمه.

مضيفًا القول "روسيا ترى مع أصدقائها الماليين ومع الغالبية العظمى من البلدان الأفريقية الأخرى، أن العواصم السابقة، في إشارة للدول الغربية، بحاجة إلى نسيان كيف استولت على هذه الأراضي واستغلت هذه القارة، يجب أن يعتادوا على حقيقة أن العالم قد تغير".

وختم لافروف تصريحاته بجملة تعهدات لمالي بمواصلة دعمها، عبر "تحسين القدرات القتالية لقواتها المسلحة وجلب الأسلحة والمعدات العسكرية"، وأشار لافروف إلى أن ذلك حدث منه شيء، فخلال الأشهر القليلة الماضية، "سُلّمت كميات كبيرة جدا من معدات الطيران، مما زاد بشكل كبير من قدرة القوات المسلحة وقوات الأمن في مالي في القضاء على التهديد الإرهابي"، على حدّ تعبير وزير الخارجية الروسي.

وأضاف لافروف "سنخطط الآن لخطوات إضافية في مجال التعليم من خلال مؤسسات التعليم العالي العسكرية وفي مجال الإمدادات بالأسلحة والمعدات العسكرية"، رافضًا الخوض في التفاصيل. كما يتوقع أن تناقش الزيارة إرسال الأغذية والقمح والنفط ومشتقاته والأسمدة إلى مالي.

الجانب المالي ممثلًا في وزير الخارجية عبد الله ديوب، أكّد أن روسيا "تستجيب بشكلٍ فعال لطلبات مالي لتعزيز قوات الأمن والدفاع"، معتبرًا أن زيارة لافروف إلى باماكو"تنسجم مع ديناميكية جديدة، ألا وهي توسيع وتنويع الشراكة الاستراتيجية لمالي". قال ديوب: "لن نستمر في تبرير اختيارنا للشركاء، هذا قرار من الماليين ويتم اتخاذه بمسؤولية كاملة، ومالي تريد العمل مع روسيا".

يشار إلى أنّ السلطات المالية، استبقت زيارة لافروف بطرد "رئيس قسم حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) غيّوم نغيفا-أتوندوكو أندالي من باماكو".

وجاء هذا القرار حسب وكالة فرانس برس "بعدما نددت مجموعة حقوقية مالية الشهر الماضي أمام الأمم المتحدة بالوضع الأمني في البلاد، متّهمةً شركاء عسكريين روس للجيش المالي بارتكاب انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان".

ودعا خبراء الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إلى فتح تحقيق في "الجرائم الدولية" التي ارتكبتها مجموعة فاغنر في مالي. وذلك، عقب الإدلاء بشهادة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 27 يناير/ كانون الثاني، من قبل رئيس بعثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مالي.

علمًا بأن الأمم المتحدة، حسب ذات المصدر، ترسم صورة أكثر قتامة، حيث ترد معلومات مقلقة منذ أشهر من مناطق تمبكتو وغاو وميناكا (شمالي وشمال شرقي مالي) تفيد بأن القتال بين الجهاديين وجماعات مسلحة يتسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين وفي نزوح أعداد كبيرة من المدنيين.

وتخضع مالي لتدقيق دولي لتعاونها مع مرتزقة فاجنر الروس منذ العام الماضي، من قبل الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الحقوقية الدولية التي تدعو إلى التحقيق في مجازر ارتكبها المرتزقة العاملون مع الجيش المالي.

يتوقع أن تناقش الزيارة إرسال الأغذية والقمح والنفط ومشتقاته والأسمدة إلى مالي

وأشار كل من لافروف وديوب إلى جهود الأمم المتحدة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في مالي، وصف الوزيرين هذه الجهود بأنها "استعمارية جديدة"، وزعم ديوب أنها محاولة "لزعزعة استقرار" مالي.

وأفادت جماعات حقوقية وصحفيون عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها مرتزقة روس عدة مرات العام الماضي.