04-فبراير-2024
صبي فلسطيني أمام ملصقات الشهداء

(Getty) صبي فلسطيني أمام ملصقات الشهداء

تحاول إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن القفز على حقيقة أن العدوان الإسرائيلي على غزة ينعكس على مجمل التطورات في الشرق الأوسط، حيث غدا العنف وعدم الاستقرار السمة البارزة في المنطقة.

وفي هذا السياق، كتب الباحث دانيال لاريسون، مقالًا على موقع "ريسبونسبل ستيتكرافت"، استهجن فيه موقف الإدارة الأمريكية التي تنفي ربط التصعيد العسكري في اليمن والعراق وسوريا بما يحدث في غزة.

وأشار المقال، الذي جاء تحت عن عنوان "لماذا يصر بايدن على نفي ارتباط اضطرابات الشرق الأوسط بحرب غزة؟"، أن موقف الإدارة الأمريكية هو أن الحرب على غزة لن يكون لها عواقب سلبية خطيرة على الاستقرار الإقليمي وعلى القوات الأمريكية في المنطقة، في حين أن الواقع كان عكس ذلك. واعتبر لاريسون، أن الأمر ضار للشعب والعسكريين الأمريكيين على السواء.

واستشهد الباحث الأمريكي بالهجوم على القاعدة العسكرية "البرج 22" على الحدود السورية الأردنية، الأسبوع الماضي، الذي أدى إلى مقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة أكثر من 40 آخرين، وهو الحادث الأول الذي يُسجل فيه قتلى أمريكيون، بعد 150 هجومًا على القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا والعراق، منذ اندلاع العدوان على غزة، في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، بعد الهجوم على القاعدة الأمريكية، نفى أن يكون للهجوم أي صلة بالحرب على غزة والهجمات المتبادلة بين الحوثيين والقوات الأمريكية في البحر الأحمر.

على الإدارة الأمريكية ألا تسلك طريق التصعيد، وأن تتوقف عن تأجيج الحرب على غزة التي تعد أحد المحركات الرئيسية لعدم الاستقرار الإقليمي

 

وعند سؤاله بأن هذا هو "نفس الصراع الأكبر"، قال كيربي: "لا أتفق مطلقًا مع وصفك بالصراع الأكبر. هناك صراع يدور بين إسرائيل وحماس. ونؤكد من أننا سنواصل تزويد إسرائيل بالدعم الذي تحتاجه للدفاع عن نفسها ضد هذا التهديد الذي لا يزال قائمًا".

وأضاف: "كانت هناك هجمات على قواتنا ومنشآتنا في العراق وسوريا قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر"، وتابع: "أما بالنسبة للحوثيين فيمكنهم الادعاء بأن كل ما يريدونه مرتبط بغزة، لكن ثلثي السفن التي يضربونها ليس لها أي صلة بإسرائيل على الإطلاق، لذلك هذا ليس صحيحًا، إنه كذب".

ويصف لاريسون إجابة كيربي بأنها "مضللة وكاذبة"، مستندًا في ذلك إلى إعلان المجموعة العراقية، التي تقف وراء الهجوم في الأردن، بأن هجومها كان مرتبطًا بالحرب في غزة. في حين أكد الحوثيون أن هجماتهم ستستمر طالما استمر العدوان على غزة.

واعتبر الباحث الأمريكي أن إنكار حقيقة الارتباط بين هذه الصراعات سوف يدفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ "سياسات غير فعّالة وهدّامة، من خلال تجاهل حقيقة مفادها أن المفتاح إلى نزع فتيل التوترات الإقليمية يتلخص في إنهاء الحرب في غزة في أسرع وقت ممكن"، ويضيف:"لم يذكر كيربي أن هجمات الميليشيات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا توقفت لعدة أشهر قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، بسبب التفاهم الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وإيران، في ما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى"، وتابع: "لم تستأنف تلك الهجمات إلا بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، قبل أن ترتفع إلى مستويات قياسية".

ويلفت لاريسون، إلى أن لدى الميليشيات العراقية أسبابًا إضافية خاصة بها لاستهداف القوات الأمريكية قبل العدوان، لكننا لن نجد طريقة لفهم تصاعد تلك الهجمات بشدة، في الأشهر الأخيرة أو توقفها أثناء توقف القتال في غزة العام الماضي، دون الاعتراف بارتباطها ببعضها البعض.

وبحسب لاريسون، ينطبق الأمر نفسه على هجمات الحوثيين، فلم تشن الجماعة اليمنية هجمات ضد سفن الشحن التجاري خلال حربها مع التحالف السعودي.

وكانت هجمات الحوثيين الأولى بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر موجهة ضد "إسرائيل" نفسها. فقد حول الحوثيون تكتيكاتهم إلى استهداف السفن التجارية، لكن كان من الواضح أنهم كانوا يفعلون ذلك ردًا على الحرب على غزة.

ولفت الباحث الامريكي، أن لدى إدارة بايدن "حوافز سياسية قوية لإنكار الروابط بين هذه الصراعات المختلفة". وإذا اعترفوا بوجود علاقة بينها، فإن ذلك يجعل من الصعب عليهم تبرير دعمهم غير المشروط للعدوان الإسرائيلي بسبب التكاليف الكبيرة المترتبة على ذلك. بالإضافة لتقويض حجتهم للقيام بعمل عسكري ضد الحوثيين.

ويعتبر لاريسون أن البيت الأبيض بحاجة إلى أن يعتقد الأمريكيون أن تكاليف الدعم المستمر للعدوان أقل مما هي عليه الآن، كما يحتاج أيضًا إلى أن يقتنع الأمريكيون بأن الضربات على اليمن لا تتعلق بمعارضتهم المستمرة لوقف إطلاق النار في غزة.

والآن بعد أن سقوط قتلى أمريكيون جراء الهجوم الذي شنته ميليشيات عراقية، تريد إدارة بايدن فصل كل صراع حتى لا يستنتج الشعب الأمريكي أن الجنود الأمريكيين يقتلون بسبب حرب خارجية اختار الرئيس الأمريكي دعمها دون شروط.

ويخلص المقال إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تختار بين توريط نفسها بشكل أعمق في صراعات الشرق الأوسط، كما تفعل الآن، أو أن تدرك "عبث وحماقة السير على نفس الطريق المسدود" الذي سلكته من قبل.

وإذا اختارت الإدارة الأمريكية تجنب التورط في صراعات جديدة فعليها ألا تسلك طريق التصعيد، وأن تتوقف عن تأجيج الحرب على غزة التي تعد أحد المحركات الرئيسية لعدم الاستقرار الإقليمي.