30-يناير-2024
هل سترد أمريكي على مقتل 3 جنود أمريكيين

(تويتر) بايدن يحمل إيران المسؤولية بشكلٍ مباشر، إلّا أنّه من غير المتوقع الرد في عمق إيران

تحولت الضربة التي استهدفت القوات الأمريكية، على الحدود السورية الأردنية، إلى نقطة بارزة في التصعيد المتواصل في المنطقة، بعد 160 هجومًا استهدفت القوات الأمريكية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وفي أعقاب الهجوم، حمّل الرئيس الأمريكي جو بايدن "الجماعات المسلحة المدعومة من إيران" مسؤولية الهجوم. قائلًا: "سنحاسب كل المسؤولين في الوقت وبالطريقة التي نختارها".

من جانبها، تنفي طهران المسؤولية عن الهجوم الذي استهدف القوات الأمريكية، موضحة: أن "ليس لها أي علاقة بالهجوم الذي وقع على الحدود الأردنية السورية".

بايدن يفكر في عامه الانتخابي، وبينما يخشى التوجه نحو حرب شاملة، فإنه لا يرغب في تمرير الهجوم بدون رد

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن المنطقة تمر بـ"وقت متقلب بشكل لا يصدق"، وأضاف "لم نر وضعًا خطيرًا مثل الوضع الذي نواجهه الآن في جميع أنحاء المنطقة منذ عام 1973 على الأقل".

ويواجه الرئيس الأمريكي، معضلة الرد في عام انتخابي، ويقع ما بين رغبته في "الرد"، والسعي نحو "الإبقاء على الرد تحت مستوى الحرب المفتوحة"، سواء مع المجموعات المسلحة في المنطقة أو إيران، التي تُصر الولايات المتحدة على تحميلها المسؤولية عن الهجوم. إذ يهدد الرد الأمريكي، سياسة واشنطن التي تسعى خلفها منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهي منع "اتساع رقعة الصراع".

مزايدة داخلية

والتقى الرئيس الأمريكي بايدن، مع كبار مساعديه يوم الإثنين لمراجعة الردود الأمريكية المحتملة على الهجوم. ودعا الجمهوريون إلى "انتقام شديد"، بينما يشعر البيت الأبيض بالقلق من الانجرار إلى صراع آخذ في الاتساع في المنطقة.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي: "نحن لا نسعى إلى حرب أخرى. لا نسعى إلى التصعيد. لكننا بالتأكيد سنفعل ما هو مطلوب لحماية أنفسنا ومواصلة تلك المهمة والرد بشكل مناسب على هذه الهجمات"، وفق قوله.

وانتقد الجمهوريون البيت الأبيض لعدم رده بشكل أسرع، ووصفوا بايدن بأنه "ضعيف"، واستشهدوا باغتيال إدارة ترامب لقائد فيلق القدس قاسم سليماني في عام 2020 كمثال على ضربة "رادعة ناجحة".

وقال النائب الجمهوري عن ولاية نبراسكا، دون بيكون، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، إن أي "رد أمريكي يجب أن يستهدف إيران مباشرة بدلًا من ملاحقة الجماعات التي تدعمها". وأضاف العميد المتقاعد بالقوات الجوية الذي خدم في احتلال العراق: "أستطيع أن أقول لك إن إيران لا تهتم إذا أصيبت قواتها. يهتمون إذا أصيبت إيران".

وبيكون، إلى جانب معظم الجمهوريين، لم يصل إلى حد مطالبة بايدن بضرب أهداف داخل إيران، مشيرًا إلى إمكانية ضرب البنية التحتية لتصدير النفط في إيران أو القوات البحرية. 

من جانبه، قال النائب الجمهوري ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، مايكل ماكول، إن "الولايات المتحدة يمكنها بسهولة ضرب أهداف تابعة للحرس الثوري، وليس فقط وكلاء إيران، في العراق وسوريا واليمن. لا أعتقد أننا يجب أن نستبعد أي خيارات من على الطاولة".

وكان السيناتور الجمهوري البارز ليندسي جراهام أكثر مباشرة، بالقول: "اضربوا إيران الآن. اضربهم بقوة".

أقل من حرب

وفي تصريح لصحيفة "إل باييس" الإسبانية، قال نائب وزير الدفاع الأمريكي السابق الذي يعمل الآن في مركز أبحاث المجلس الأطلسي ويليام ويشسلر، إن الولايات المتحدة "سيتعين عليها الرد بقوة على هذا الهجوم". ولكن يتعين على الولايات المتحدة أن تتأكد من أن رد فعلها "يقلل من خطر إثارة حرب إقليمية أوسع نطاقًا أو إرغام الحكومة العراقية على المطالبة بانسحاب القوات الأمريكية".

ووفق الصحيفة الإسبانية: "من بين الخيارات التي يتم النظر فيها في البنتاغون، يشير الخبراء إلى الاستيلاء على الأصول الإيرانية، بما في ذلك السفن، أو مهاجمة القوات الإيرانية خارج أو داخل الدولة، ومواصلة ضرباتها المعتدلة نسبيًا ضد المجموعات الموالية لإيران".

بدوره، قال نائب رئيس قسم السياسات في معهد الشرق الأوسط بريان كاتوليس لـ"الواشنطن بوست": "إنه توازن صعب حقًا، لأنه إذا لم يردوا أو لم يضربوا بقوة كافية، فيمكنك أن ترى استمرارًا لما حدث. لقد كان هناك الكثير من الهجمات [على القوات الأمريكية] وأنا مندهش من عدم حدوث المزيد من الوفيات".

وتضيف الصحيفة الأمريكية: "يدرك مستشارو بايدن تمام الإدراك أن تصرفات الرئيس الأمريكي في الشرق الأوسط لها تداعيات في عالم السياسة الداخلية. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن دعم الرئيس لإسرائيل يضعف دعمه بين الناخبين الشباب والعرب والمسلمين والأمريكان من أصول أفريقية أو لاتينية".

وفي تقرير لـ"نيويورك تايمز"، أشير إلى إمكانية شن ضربات على القوات الحليفة لإيران، ورغم شن "عشرات الهجمات عليها، إلّا أنّها فشلت في ردع الهجمات".

وتقول الصحيفة الأمريكية: إنه "يمكن أن يقرر بايدن ملاحقة الموردين الإيرانيين للطائرات المُسيّرة والصواريخ، ربما بما في ذلك داخل الأراضي الإيرانية، مما يشكل خطرًا أكبر بكثير. ومن الممكن أن تكون أهدافه الأولى هي أعضاء الحرس الثوري، الذين يتمركز العديد منهم في سوريا والعراق. واعتمادًا على كيفية تنفيذ هذه الضربات، يمكن أن يفتح ذلك جبهة أخرى في الحرب، ويدفع طهران إلى تسريع برنامجها النووي".

ويقول المسؤولون إن "هناك خيارات بينهما، ويمكن دمج الضربات مع رسائل عبر القنوات الخلفية للإيرانيين مفادها أنه ينبغي عليهم استيعاب الضربة وعدم تصعيدها"، مثلما حصل عند اغتيال قاسم سليماني، مع الإشارة للفارق في الظرف، الذي يمكن أن يقود إلى "حرب شاملة".

وقال القائد الأمريكي البحري المتقاعد جيمس ستافريديس: "لا توجد خيارات جيدة، لكن مقتل وجرح العديد من القوات الأمريكية والقوات الخاصة يتطلب ردًا قويًا".

وأضاف: "هناك ما يبرر شن حملة جوية لعدة أيام ضد جميع حلفاء إيران، إلى جانب تحذير طهران"، مضيفًا: "يجب على البنتاغون أن يخلق خيارات تستهدف بشكل مباشر منشآت إنتاج الأسلحة الإيرانية والأصول البحرية وأنظمة الاستخبارات في حالة رغبة إيران في القيام بجولة أخرى. وسيكون الهجوم السيبراني القوي خيارًا آخر قابلًا للتطبيق، سواء بمفرده أو بالتزامن مع الضربات".

أمّا مأزق إدارة بايدن، فهو بحسب مصادر في الاستخبارات الأمريكية، يرجع إلى أنه رغم توفير إيران الأسلحة والتمويل وأحيانًا المعلومات الاستخبارية لمجموعاتها، إلى أنه لا يوجد دليل على أنها صاحبة القرار، مما يعني أنها ربما لم تكن على علم مسبقًا بالهجوم.

قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن المنطقة تمر بـ"وقت متقلب بشكل لا يصدق"، وأضاف "لم نر وضعًا خطيرًا مثل الوضع الذي نواجهه الآن في جميع أنحاء المنطقة منذ عام 1973 على الأقل"

وترى التقديرات، بأن بايدن يتحدث عن مسؤولية إيران بشكلٍ أكثر وضوحًا هذه المرة، ولكنه "يفكر في العواقب، إذ تزداد الديناميكيات السياسية الداخلية والخارجية المحيطة بسياسته في الشرق الأوسط تعقيدًا بمرور الوقت".

والخيار المفضل للرئيس الأمريكي: "هو هجوم، من ِشأنه أن يكون رادعًا في المستقبل، مع عدم إشعال المنطقة المشتعلة بشكل أكبر"، بحسب صحيفة "بوليتيكو".

وتقول "بوليتيكو": "من بين الخيارات المطروحة على الطاولة أمام البنتاغون: ضرب أفراد إيرانيين في سوريا أو العراق أو الأصول البحرية الإيرانية في الخليج العربي. وبمجرد أن يعطي بايدن الضوء الأخضر، فمن المرجح أن تبدأ الهجمات في اليومين المقبلين على شكل موجات ضد مجموعة من الأهداف".

وأكدت مصادر عراقية متطابقة أن فصائل عراقية منضوية في مجموعة ما تسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" أخلت مقارها، خشية وقوع هجوم أمريكي "خاصة في المناطق التي تقع على حدود سوريا"، مضيفة في حديث لـ"العربي الجديد" أن الإخلاء كان كاملًا في عدد من المناطق.