10-ديسمبر-2020

أثناء تجربة لقاح صيني في ليما عاصمة البيرو (إيرنستو بينافيداس/Getty)

في الوقت الذي تلقّى فيه العالم أخبارًا سارة وتبعث على الطمأنينة إلى حد ما، في ظل الحديث عن النتائج المبهرة التي حققتها التجارب السريرية لعدد من اللقاحات في الولايات المتحد وروسيا، برزت إلى الواجهة مشاكل ملحّة تتعلّق بآلية توزيع هذه اللقاحات، وقدرة الدول الفقيرة في الحصول على هذه اللقاحات.

طالبت الهند ومعها جنوب أفريقيا منظمة التجارة العالمية إعفاء لقاحات كوفيد – 19 من قانون حماية الملكية الفكرية، حتّى تتمكن المزيد من الشركات من إنتاجه

في حين بدأت بريطانيا بتوزيع لقاح Pfizer  على مواطنيها، أعلن الاتحاد الأوروبي عن شرائه لـ300 مليون لقاح سيتمّ توزيعها ابتداءً من مطلع العام القادم. كما تستعدّ الولايات المتحدة لبدء توزيع اللقاحات بعد أيام. وكانت روسيا قد سبقت هذه الدول بأيام، حيث بدأ عدد من العيادات في العاصمة الروسية موسكو بتوزيع لقاح سبوتنيك على المسنّين وذوي الأمراض المزمنة والطواقم الطبية والتعليمية.

اقرأ/ي أيضًا: منظمة الصحة العالمية: لن نوصي بأي لقاح دون التأكد من سلامته

بالتزامن، أعلن تحالف اللقاحات الشعبية، الذي يضمّ عددًا من المنظمات والجمعيات الصحية والحقوقية، كمنظمة العفو الدولية ومنظمة أوكسفام، أن 9 من أصل 10 أشخاص في 63 دولة نامية لن يتمكّنوا من الحصول على اللقاح خلال عام 2021. وقد طالب التحالف شركات الأدوية المصنّعة للّقاحات بمشاركة المعلومات الطبية التي توصلّوا إليها مع منظمة الصحة العالمية بهدف إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح، وبالتالي فإن التحالف يرى أن احتكار إنتاج اللقاح بهدف تحقيق الربح المادي، يسيء لأخلاقيات المهنة في الوقت الذي تشهد البشرية واحدة من أسوأ أزماتها الصحية في العقود الأخيرة.

وذكرت منظمة أوكسفام عبر حسابها الرسمي في منصة تويتر أن الدول الغنية التي تضم أقل من 14% من سكان العالم، اشترت حتى الآن أكثر من 50% من اللقاحات المتوفرة. وبحسب الدكتورة مهجا كمال ياني، كبيرة مستشاري سياسة الصحة وفيروس نقص المناعة  المكتسب - إيدز في أوكفسام، فإن الدول الغنية سيكون لها القدرة على إعطاء 3 طعومات لكل مواطن لديها في 2021، في الوقت الذي ستعجز معظم الدول النامية عن تأمين اللقاحات حتى لطواقمها الطبية، ولمن يعانون الأمراض المزمنة.

أوكسفام:  9 من أصل 10 أشخاص في 63 دولة نامية لن يتمكّنوا من الحصول على اللقاح خلال عام 2021

وفي تصريح أفادت به لوكالة رويترز، قالت كمال ياني أنه من غير المقبول أن تتسابق الدول لحجز اللقاحات، وأن بعض الدول تأخذ لقاحات أكثر من حاجتها. الخلل في توزيع اللقاحات اليوم مردّه إذًا لمعضلتين أساسيتين: أولهما السباق بين الدول للحصول على أكبر عدد من اللقاحات، وثانيهما مسألة حقوق الملكية الفكرية وعدم قيام شركات الأدوية التي طوّرت اللقاحات، بتشارك نتائج دراساتها مع منظمة الصحة العالمية بما يتيح إنتاج أكبر عدد من اللقاحات في أسرع فترة ممكنة.

الملكية الفكرية وتخزين اللقاح من أبرز العقبات

وكانت الهند وجنوب أفريقيا قد طالبتا منظمة التجارة العالمية إعفاء لقاحات كوفيد – 19 من قانون حماية الملكية الفكرية، حتّى تتمكن المزيد من الشركات من إنتاج اللقاح. وكانت الشركة المصنعة للقاح Pfizer  قد أعلنت أنها صاغت قانونًا ينظّم القدرة على توزيع اللقاح حول العالم بعد الإذن والموافقة. فيما رفضت الشركة المصنعة للقاح موديرنا التعليق على قضية المطالبة بإسقاط الملكية الفكرية.

اقرأ/ي أيضًا: لقاح فايزر يرفع الطلب العالمي على "الثلج الجاف".. فما السبب وراء ذلك؟

فيما اعتبر رئيس قسم العدالة الاقتصادية والاجتماعية في منظمة العفو الدولية، ستيف كوكبيرن  أن تخزين اللقاحات لدى الدول الغنية، يقوّض نشاط الجهود العالمية لضمان حماية جميع سكان الأرض أينما وُجدوا من فيروس كورونا. وأشار إلى أن هذه الدول لديها التزامات واضحة في مجال حقوق الإنسان، ليس فقط بالامتناع عن تخزين اللقاحات بما يضرّ الدول الفقيرة، لكن أيضًا في التعاون وتقديم الدعم لهذه الدول للحصول على اللقاح.

أما بالنسبة للحديث عن أسعار اللقاحات، فلا توجد أرقام واضحة حتى الآن، وهي تختلف بحسب الشركة، وبحسب الكمية، وبحسب الدول التي يُباع إليها. فالمكسيك مثلًا أعلنت أنها اشترت نصف مليون لقاح بقيمة مليار دولار تقريبًا، أي أن الجرعة الواحدة كلّفتها ألفي دولار!

بهذا تكون قدرة الوصول إلى اللقاحات قد أعادت تقسيم العالم من جديد، بين دول غنية قادرة على تخزين كميات إضافية من اللقاحات، فعدد اللقاحات التي اشترتها كندا على سبيل المثال يساوي خمسة أضعاف عدد سكانها، وبين دول فقيرة عاجزة عن تأمين اللقاحات حتّى للطواقم الطبية التي تختلط مع المصابين بشكل يومي. فقراء العالم يراهنون اليوم على نجاح عدد إضافي من الشركات في الوصول إلى لقاحات للفيروس، فتزيد الكميات المنتجة وتساهم المنافسة في خفض الأسعار ووفرة الكميات التي يمكن لدولهم الوصول إليها. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما الذي يعنيه نجاح لقاح "موديرنا" الأمريكي للدول الأكثر فقرًا؟

خبراء: لقاح كورونا لن يتوفّر على نطاق واسع قبل نهاية 2024