23-مارس-2023
getty

رئيس الوزراء الياباني كان آخر زعيم من مجموعة الدول السبع يزور كييف (Getty)

في الوقت الذي كان رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا يضع إكليلًا من الورد على نصب لضحايا الحرب الروسية في أوكرانيا خارج كنيسة ببلدة بوتشا القريبة من كييف، كان الرئيس الصيني شي جين بينغ يرفع نخب الصداقة بالعشاء الفاخر الذي أقامه على شرفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالعاصمة الروسية موسكو.

بعد بداية زيارة الرئيس الصيني لروسيا، جاءت زيارة رئيس الوزراء الياباني المفاجئة إلى كييف

الزيارات المتزامنة، جاءت لتكشف عن المزيد من الانقسامات بين الصين واليابان بالموقف من الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب  صحيفة الغارديان البريطانية.

دعم ياباني واسع 

تشير "الغارديان" في تقريرها، إلى أن كيشيدا يُعدّ أول زعيم ياباني يزور بلدًا في حالة حرب منذ الحرب العالمية الثانية، حيث وصل إلى العاصمة كييف للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في زيارة لم يعلن عنها مسبقًا. ثم قام بجولة في مدينة بوتشا، التي أصبح اسمها مرادفًا لـ"وحشية الحرب الروسية"، حيث تتهم السلطات الأوكرانية القوات الروسية بارتكاب مذبحة بحق المدنيين بعد احتلالها للبلدة لأسابيع مع بداية الغزو، وهو ما ينفيه الكرملين.

getty

وعن زيارته للبلدة يقول كيشيدا في تصريحات صحفية: "بعدما وطأت قدماي بوتشا اليوم وشهدت كل الوحشية التي حدثت هنا، انتابني شعور باستياء شديد"، وأضاف "العالم كله مصدوم من الفظائع التي ارتكبت في مدينة بوتشا"، متابعًا القول: "ستواصل اليابان مساعدة أوكرانيا بأكبر جهد لاستعادة السلام".

وتحظى أوكرانيا بدعم وتعاطف شعبي واسع في اليابان، بالموازاة مع ذلك يشعر الشعب الياباني بقلق كبير بشأن ما يمكن أن يحدث لبلادهم إذا ما أقدمت الصين على غزو تايوان، وسابقًا أجرت الصين وروسيا مناورات عسكرية مشتركة بالقرب من السواحل اليابانية. كما أن طوكيو انضمت إلى الدول الغربية التي أقرت عقوبات على موسكو، ووصف كيشيدا الغزو الروسي بأنه "وصمة عار يقوض أسس النظام الدولي".

وبحسب "الغارديان" فقد تصدرت زيارة كيشيدا إلى أوكرانيا عناوين الصحف اليابانية، وأثنت صحيفة "The Asahi Shimbun" واسعة الانتشار، على الخطوة التي أقدم عليها رئيس الوزراء الياباني، على الرغم من التحديات الأمنية التي رافقتها، مضيفةً أن على طوكيو أن تواصل تقديم الدعم لأوكرانيا "كدولة محبة للسلام". 

وأشارت الصحيفة إلى أنه "من غير المعتاد أن يقوم رئيس وزراء ياباني بزيارة بلد في حالة حرب"، مضيفةً أن "كيشيدا قد خلص إلى أنه لا خيار أمامه سوى إظهار دعمه لأوكرانيا، أسابيع قبل استضافة اليابان قمة مجموعة السبع بهيروشيما"، في شهر آيار/مايو المقبل.

من جهته، أشاد كينتا إيزومي، رئيس الحزب الدستوري الديمقراطي المعارض الرئيسي في اليابان، بزيارة كيشيدا، داعيًا إياه إلى "تقديم تقرير إلى البرلمان قريبًا".

getty

وجرت العادة، بأن يحصل الوزراء على موافقة البرلمان للزيارات الخارجية عندما يكون المجلس التشريعي منعقدًا، لكن الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم بزعامة كيشيدا قال إن "الموافقة المسبقة ليست ضرورية هذه المرة نظرًا للمخاوف الأمنية".

هذا وأشاد  الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي برئيس الوزراء الياباني، ووصفه بأنه "مدافع قوي عن النظام الدولي وصديق لأوكرانيا منذ فترة طويلة".

ترافقت زيارة كيشيدا إلى أوكرانيا، مع تحليق قاذفتين استراتيجيتين الروسيتين فوق بحر اليابان، لأكثر من سبع ساعات، وفق ما أعلنت عنه وزارة الدفاع الروسية، التي أشارت إلى أن الرحلة مقررة بشكلٍ مسبق، رغم أن التحليلات تعتقد أنها جاءت ردًا على زيارة كيشيدا لكييف.

getty

صداقة روسية صينية

خلال احتفال أقيم على شرف الرئيس الصيني في القصر الإمبراطوري القديم بموسكو وصف بوتين نظيره الصيني بـ"الصديق العزيز والرفيق"، مع التعبير عن الصداقة غير المحدودة بين روسيا والصين.

وفي نهاية الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام، أصدر بوتين وشي إعلانًا مشتركًا تعهدا فيه بمواصلة تعزيز التعاون الاستراتيجي، وتطوير التعاون في ملف الطاقة وصناعات التكنولوجيا الفائقة ومجالات أخرى، وتوسيع التعاون في التجارة المتبادلة لتقليل الاعتماد على الغرب.

وفيما يخص بأوكرانيا، أشاد بوتين بخطة السلام التي اقترحها الرئيس الصيني، ملقيًا باللوم على كييف والغرب في رفضها، قائلًا: "نعتقد أن بنودًا كثيرة في خطة السلام التي طرحتها الصين تتماشى مع المواقف الروسية، ويمكن اعتبارها أساسًا لتسوية سلمية حين يكون الغرب وفي كييف مستعدين لها. لكننا لا نرى، حتى الآن، مثل هذا الاستعداد من جانبهم".

getty

أما الرئيس الصيني فلم يتطرق للحرب بأوكرانيا، مكتفيًا بالقول إن "الصين تتبنى موقفًا محايدًا". ودعا شي نظيره الروسي لزيارة بكين، ومناقشة زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين، وهو أمر ظهر بالفعل منذ فرض العقوبات الدولية على روسيا، حيث ارتفعت التجارة الروسية الصينية بنسبة 30% العام الماضي إلى 185 مليار دولار، ومن المتوقع أن تتجاوز 200 مليار دولار هذا العام.

مواقف متباينة

تقول الغارديان إن المواقف المتباينة بين البلدين ستبرز أكثر عندما يستضيف رئيس الوزراء الياباني، قمة مجموعة السبع في مدينة هيروشيما. وخلال المؤتمر الصحفي المشترك مع كيشيدا، أعلن زيلينسكي مشاركته في القمة عبر تقنية الفيديو، فيما أكد كيشيدا من جانبه أن القمة يجب أن تظهر "الإرادة القوية لدعم النظام الدولي وسيادة القانون ردًا على الحرب في أوكرانيا".

تقول الغارديان إن المواقف المتباينة بين البلدين ستبرز أكثر عندما يستضيف رئيس الوزراء الياباني، قمة مجموعة السبع في مدينة هيروشيما

بدوره، قال سفير الولايات المتحدة في اليابان رام إيمانويل، إن "رحلتي الزعيمين الصيني والياباني إلى أوروبا، كشفتا الشراكات المتباينة"، وكتب السفير على حسابه في تويتر، "كيشيدا يقف مع الحرية، وشي يقف مع مجرم حرب"، في إشارة إلى مذكرة التوقيف الصادرة مؤخرًا عن المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.