22-مارس-2023
getty

حلف الناتو مستمر في سياسة استقبال دول جديدة من شرق أوروبا (Getty)

أقيم أمس الثلاثاء في مدينة بوزنان البولندية حفل افتتاح أول قاعدة عسكرية أمريكية دائمة، في بولندا، وجاء الإعلان عن هذه الخطوة في بيان نشرته وزارة الدفاع البولندية على موقعها. 

أقيم أمس الثلاثاء في مدينة بوزنان البولندية حفل افتتاح أول قاعدة عسكرية أمريكية دائمة في بولندا

وتزامنت الخطوة مع إصدار حلف شمال الأطلسي "الناتو" لتقريره السنوي  الذي قدّم جردًا بحساب 2022 وطرح تصورات عن التحديات التي تواجه الحلف في العام الجاري 2023.

قاعدة عسكرية أمريكية دائمة في بولندا

وفي خطوة متوقعة، أعلن في العاصمة البولندية وارسو عن افتتاح قاعدة عسكرية أمريكية دائمة، وبموجب هذا الإعلان تم "تحويل فريق الدعم الإقليمي البولندي ASG-P، إلى قاعدة عسكرية أمريكية تحت مسمى "حامية" US Army Garrison Poland، USAG-P".

وبحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع البولندية التي يقودها ماريوش بلاشتشاك، فقد تم إنشاء القاعدة العسكرية الأمريكية، "بناء على قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن، لعام 2022، بهدف دعم البنية التحتية للقوات الأمريكية المتمركزة في بولندا، وقيادة وإدارة المواقع المتقدمة للقوات الأمريكية فيها"، وفق البيان.

getty

وأردف بيان وزارة الدفاع البولندية أن "مهمة القاعدة الرئيسية هي التنسيق والإشراف على القوات البرية الأمريكية في أوروبا، والتخطيط العملياتي، وتنسيق التعاون والتزامن بين القوات الأمريكية وقوات دول الناتو الأخرى".

هذا وتعد القاعدة الأمريكية، في بولندا ثامن حامية دائمة للقوات الأمريكية في أوروبا، وأول حامية دائمة لها في بولندا، حيث يتواجد حاليًا قرابة الـ 10 آلاف جندي من دول الحلف في بولندا، غالبيتهم من الأمريكيين.

وقال وزير الدفاع البولندي ماريوش بلاشتشاك في حفل الافتتاح: "هذه لحظة تاريخية، وعلامة على التزام الولايات المتحدة تجاه بولندا وحلف شمال الأطلسي، وأننا متحدون في مواجهة العدوان الروسي".

من جانبها، صرح سفير الولايات المتحدة في بولندا مارك بريجنسكي، أن افتتاح القاعدة كان علامةً على أن "الولايات المتحدة ملتزمة تجاه بولندا وحلف الناتو، وأننا متحدون في مواجهة العدوان الروسي".

getty

من جانبه، قال المحلل في المعهد البولندي للشؤون الدولية (PISM) أرتور كاكبرزيك، أن أهمية الحامية الجديدة "رمزية في المقام الأول، ولكن لها أيضًا بُعد عملي"، موضحًا أنها تظهر تحول الوجود العسكري الأمريكي في بولندا إلى دائم.

ولا يمكن تفسير هذه الخطوة بعيدًا عن التحدي الروسي والحرب الحالية على أوكرانيا، ومساعي واشنطن وحلف الناتو إلى "إبقاء روسيا خارج أوروبا"، وهذا التحدي هو ما أكّده التقرير السنوي الصادر عن حلف شمال الأطلسي هذا الأسبوع.

تقرير الناتو السنوي.. حسابات وتحديات

قدّم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ  تقرير الحلف السنوي الذي تضمن كشفًا بمجريات عام 2022 وتصورات عن أهم مبادرات الحلف والتحديات التي تواجهه في العام 2023 الجاري.

حيث يبدو أن الحلف الذي تعرض لموجة تشكيك في جدواه من طرف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ولنقد حاد من طرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استعاد جزءًا من بريقه قبل نهاية عام 2022، إذ تبين أنه ما يزال آلية فعّالة لمواجهة روسيا وحماية أمن أوروبا، وتعزز ذلك الشعور بوصول الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن إلى سدّة الحكم وحرب روسيا على أوكرانيا، حيث عاد التأكيد مجددا على البند الخامس كما وقف الحلف بشكلٍ قوي إلى جانب كييف في مواجهة الغزو الروسي عبر الدعم العسكري والمالي. 

وفي هذا الصدد قام الحلف باتخاذ قرارات جديدة شملت: "زيادة كبيرة في أعداد القوات العسكرية المنتشرة في حدود الحلف الأطلسي الشرقية القريبة من روسيا، بالإضافة إلى نشر 4 كتائب قتالية في دول البلطيق الثلاث، وفي بولندا"

كما عززت الولايات المتحدة بشكلٍ كبير وجودها بأوروبا الشرقية، وخاصة بولندا ورومانيا، حيث يوجد هناك حوالي 40 ألف جندي يعملون الآن تحت قيادة الناتو بهذه الدول.

getty

كما يبدو أن الحلف مستمر في سياسة "الباب المفتوح" التي ترفضها روسيا وذلك باستعداده لاستقبال أعضاء جدد من بلدان أوروبا الشرقية. حيث قال ستولتنبرغ "أهم شيء هو أن تصبح كل من فنلندا والسويد عضوين كاملين في الناتو بسرعة". 

وقال الأمين العام للناتو: "حتى لو انتهت الحرب في أوكرانيا غدًا، فقد تغيرت البيئة الأمنية على المدى الطويل". مشيرًا إلى زيادة إنفاق دول الحلف على التسليح العسكري بواقع 2.2%.

وفيما يخص توجهات الحلف الخارجية، تتجه بوصلة الناتو صوب تعزيز علاقات الشراكة مع دول شرق آسيا، ضمن استراتيجية مواجهة "التحدي الصيني"، ولا يمكن فصل الزيارة التي نظّمها الأمين العام للحلف إلى سول وطوكيو الشهر الماضي  ومشاركة زعماء اليابان وكوريا الجنوبية في قمة الحلف التي عقدت في مدريد حزيران/يونيو 2022 عن هذا المسعى.

يبدو أن الحلف مستمر في سياسة "الباب المفتوح" التي ترفضها روسيا وذلك باستعداده لاستقبال أعضاء جدد من بلدان أوروبا الشرقية

وعلى ذكر قمة مدريد، فقد  وصفت الوثيقة الاستراتيجية الصادرة عن المؤتمر الصين بأنها "تحد منهجي للأمن الأوروبي الأطلسي" وكانت تلك المرة الأولى التي يتم إلقاء الضوء فيها على التهديد الصيني.

وبات من شبه المؤكّد أن "صعود وأطماع الصين العسكرية ستكون ضمن أهم قضايا جدول أعمال حلف شمال الأطلسي خلال عام 2023 الجاري"، بحسب تقديرات الناتو.