15-فبراير-2024
ياسين بونو

ياسين بونو حامي عرين المنتخب المغربي

يعتبر حارس المنتخب المغربي ياسين بونو أحد أبرز الحرّاس في العالم، بل ويعتبر من أهم حراس المرمى في تاريخ الكرة العربية والأفريقية، وما زال حتى الآن يمتع المتابعين بتصدّياته الرائعة.

ياسين بونو حارس منتخب المغرب هو ظاهرة استثنائية في عالم الرياضة، لقد آمن بحظوظه حتى النهاية، وكافح كثيرًا حتى وصل إلى ما وصل إليه، وأتته الكثير من لحظات المدّ والجزر في مسيرته الكروية، لكنّ الحصاد أتى بعد صبر طويل والكثير من التعب والجدّ، أتى متأخرًا بعض الشيء، بيد أنّ الحصاد كان مثمرًا للغاية.

ياسين بونو وحياته الشخصية

في الخامس من نيسان/أبريل عام 1991، ولد ياسين بونو في مدينة مونتريال بكيبيك الكندية، وقتها كان والداه اللذان ينحدران من مدينة فاس قد رحلا من المغرب إلى كندا، بحكم عمل والده كبروفيسور في الفيزياء.
عاد ياسين بونو مع والديه إلى المغرب وهو بعمر الثلاثة أعوام، ونشأ بأسرة متعلّمة ما أثمر تميّزه بالأخلاق الحميدة وأدبه الرفيع، كما يعرف عنه موهبته في تعلّم اللغات، إذ يجيد التكلّم بخمس لغات، ويعتز بلغته العربية، فقد اشتهر بموقف تاريخي له في مؤتمر صحفي بكأس أمم أفريقيا في الكاميرون 2021، وقتها أصرّ على الحديث باللغة العربية رغم إجادته الفرنسية والإنجليزية والإسبانية، ملمحًا لاعتراضه على عدم وجود مترجم للغة العربية في البطولة التي أقيمت بالكاميرون.

ياسين بونو
ياسين بونو ولقب الدوري الأوروبي مع إشبيلية
​​​​​

ياسين بونو تزوّج في عام 2012 من فتاة مغربية اسمها إيمان، وتكلّل زواجهما بإنجاب طفلة، ويعتبر متكلّمًا جيّدًا يبرع في الحديث لوسائل الإعلام خاصّة بالمؤتمرات الصحفية، واشتهر بروحه الرياضية العالية وأخلاقه الرفيعة في أرضية الملعب وخارجها، إضافة إلى أهمّ سمة يتميّز بها وهي التواضع.

مسيرة ياسين بونو الرياضية

عندما انتقل ياسين بونو مع والديه إلى الدار البيضاء، كان عمره ثلاث سنوات، وحينما أصبح يبلغ الثامنة، لاحظ والده مهارته الكروية، فأرسله إلى نادي الوداد، والذي لاحظ مدربوه أنه قادر على شغل مركز حارس المرمى، فنمّى موهبته وصقلها، إلى أن شارك ياسين بونو مع الوداد لأول مرة في عام 2010 وهو يبلغ 19 عامًا.

مسيرة بونو مع الوداد كللت بالفوز بلقب الدوري المغربي، وحاز مع أحمر كازابلانكا على وصافة مسابقة دوري أبطال أفريقيا، لكنّ بونو أراد المقامرة، والذهاب بعيدًا إلى الملاعب الأوروبية، واختار اللعب مع أتلتيكو مدريد، أو بالأحرى الانتقال إلى الفريق بانتظار فرصة اللعب عام 2012، لأنه سيكون الحارس الثالث في النادي، خلف حرّاس يصعب خطف مقعدهم أمثال تيبو كورتوا، وهو ما دفع بونو ضريبته، فلم يشارك بأي مباراة مع نادي العاصمة الإسبانية، واكتفى باللعب في الفريق الرديف المشارك بدوري الدرجة الثالثة.

بقي بونو حبيس مقاعد البدلاء في أتلتيكو مدريد، فقرر الانتقال إلى ريال سرقسطة على سبيل الإعارة، فلم يضمن مشاركته أساسيًا أيضًا رغم أن سرقسطة يلعب بدوري الدرجة الثانية، وانتهت تجربته في سرقسطة بعد عامين، ليقرر الذهاب إلى ناد آخر ينشط في الدرجة الثانية اسمه جيرونا، كان ذلك في عام 2016.

قضى ياسين بونو ثلاثة مواسم مع جيرونا، قدّم فيهم مستويات مميزة، وساهم خلالهم في إيصال الفريق لدوري الدرجة الأولى، لكنّ الفريق هبط مرّة أخرى للدرجة الثانية، ففضّل بونو القيام بمغامرة أخرى، ورحل إلى إشبيلية على سبيل الإعارة عام 2019، مدركًا أنه سيكون الحارس الاحتياطي، ولكنّه في الوقت نفسه انتظر هديّة من السماء، علّها تساهم بمنحه فرصة العمر واللعب أساسيًا في ناد كبير كإشبيلية.

وبعدما كان ياسين بونو حارسًا احتياطيًا في الفريق للتشيكي توماس فاكليك، أصيب الحارس الأساسي، فانقضّ ياسين بونو على الفرصة الذهبية التي سنحت له، موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" يصف حالة ياسين بونو في ذلك الوقت: "الحارس الأساسي لإشبيلية فاتشليك يصاب في الفترة الحاسمة من الموسم، وبونو ينقض على فرصة العمر كالأسد الجائع".

ياسين بونو
تألّق مبهر لياسين بونو مع المغرب في كأس العالم 2022

لقد قدّم  ياسين مستويات رائعة في هذه الفترة، قاد بها فريقه للفوز بلقب الدوري الأوروبي عام 2021، ناهيك عن الحصول على المركز الرابع في الدوري الإسباني، وهنا يتساءل موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم: "كيف لهذا السد المنيع أن يقضي موسمًا كاملًا في الاحتياط؟" ومن حينها بات بونو الحارس الأساسي لإشبيلية، بغضّ النظر عن شفاء الحارس التشيكي أو عدمه، حيث اشترى النادي الأندلسي عقده، ومدده حتى عام 2025.

كان قرار نادي إشبيلية بالتعاقد مع بونو هو من أفضل القرارات التي اتخذها، ففي الموسم التالي 2021-2022، حقق ياسين بونو إنجازًا غير مسبوق، لقد توّج بجائزة زامورا لأفضل حارس بالموسم، بعد تحقيقه أكبر عدد من المباريات بشباك نظيفة في الدوري الإسباني، وهو أوّل عربي وأفريقي يفعل ذلك، والوحيد في تاريخ نادي إشبيلية الذي يظفر بهذه الجائزة.

ياسين يونو

ومن أهم إنجازات ياسين بونو أيضًا في الدوري الإسباني، أنّه حافظ على نظافة شباكه لمدة 528 دقيقة متتالية مع فريقه إشبيلية، محطمًا الرقم القياسي الذي كان بحوزة الحارس البرتغالي وحارس إشبيلية السابق بيتو بـ516 دقيقة، خلال موسم 2014- 2015. وليكون أكثر حارس يحافظ على نظافة شباكه في أوروبا في ذلك الموسم، حيث تمكن من الخروج بشباك نظيفة في 32 من أصل 59 مباراة لعبها.

هل انتهت إنجازات ياسين بونو عند هذا الحد؟، لا طبعًا، الأفضل لم يأت بعد، والمغرب على موعد مع كتابة التاريخ في كأس العالم 2022، وأحد أهم عناصر هذا الإنجاز هو الحارس المتألّق ياسين بونو.

لقد قدّم الحارس المغربي مستويات خرافية في كأس العالم 2022 مع أسود الأطلس، حينما ساهم بصدارة المغرب لمجموعتها، متفوّقة على فرق كبيرة، عندما هزمت بلجيكا وكندا، وتعادلت دون أهداف مع كرواتيا، قبل أن ينجز ملحمة كروية أمام إسبانيا، حينما حافظ ببسالة على نظافة شباكه، وأنقذ مرماه من أهداف محققة، ليقود أسود الأطلس لركلات الترجيح، حارمًا المنتخب الإسباني من تسجيل أي هدف في تلك الركلات.

مغامرة أخرى خاضها ياسين بونو أمام منتخب البرتغال المدجج بالنجوم، بداية من كريستيانو رونالدو ونهاية ببيرناردو سيلفا، لكنّه صمد أمام تسديدات الجميع، وقاد المغرب لإنجاز غير مسبوق، وهو الوصول لنصف نهائي كأس العالم، كأوّل حارس عربي وأفريقي يفعل ذلك.

ياسين بونو
ياسين بونو قاد إشبيلية للقب الدوري الأوروبي

انتهى كأس العالم، وعاد صخب الملاعب الأوروبية، ومع ذلك لم يتوقّف ياسين بونو عن العطاء، فقاد ناديه إشبيلية للتتويج بلقب الدوري الأوروبي، بإبداعه في إنقاذ مرمى فريقه في ركلات الترجيح، ليسطّر مجدًا جديدًا في مسيرته، والتي وصلت إلى محطة الهلال السعودي، حيث يغرّد الفريق عاليًا في صدارة الدوري السعودي، والفضل يعود للعديد من العناصر، أبرزهم الحارس ياسين بونو.

أرقام ياسين بونو القياسية

  • أكثر حارس مرمى حافظ على نظافة شباكه في الدوريات الأوروبية، 32 مباراة بشباك نظيفة في كل المسابقات.
  • أوّل حارس عربي يرشّح لجائزة الفيفا وجائزة الكرة الذهبية لأفضل حارس في العالم
  • جائزة زامورا "أفضل حارس بالدوري الإسباني"
  • جائزة أفضل حارس أفريقي
  • التشكيلة المثالية للدوري الإسباني
  • التشكيلة المثالية للدوري الأوروبي
  • رجل المباراة النهائية للدوري الأوروبي
  • أول حارس عربي يفوز بلقب أوروبي
  • أوّل حارس عربي وأفريقي يحافظ على نظافة شباكه في ثلاث مباريات بنسخة واحدة من كأس العالم
  • أوّل حارس في تاريخ إشبيلية يفوز بجائزة زامورا
  • أكثر حارس حفاظًا على نظافة شباكه مع نادي إشبيلية لمدة (557) دقيقة متتالية، محطمًا رقم الحارس السابق البرتغالي بيتو (516) دقيقة

ياسين بونو سطّر الأمجاد مع المنتخب المغربي والأندية التي لعب معها، خصوصًا إشبيلية الإسباني، لكنّ الأهم من كل ذلك هو روحه الرياضية العالية التي يتميّز بها، والكفاح والإصرار، والمغامرة التي وصفها البعض بالمقامرة، حينما حدد خيارات صعبة في حياته، واختار الطرق الصعبة، منتظرًا فرصته كي يثبت جدارته، فلم ييأس، وقاتل حتى النهاية، وكسب التحدي في النهاية.