20-مارس-2018

سجّل بيليه في مرمى فرنسا الهاتريك الوحيد له في كأس العالم (Getty)

انتظر الجميع بداية الأدوار الإقصائيّة في مونديال السويد 1958، حيث حفل دور المجموعات بالمفاجآت التي قضت على آمال فرق كبيرة كإنجلترا و الأرجنتين والمجر، فيما تأهلت فرق متواضعة نسبيّاً كويلز وإيرلندا الشمالية اللتان احتاجتا لمباراة فاصلة كي تضمنا التأهل، حيث تأهلت الأولى بعد مباراة فاصلة مع المجر، فيما تخطّت إيرلندا الشمالية  تشيكوسلوفاكيا.

كما برز بقوة الفريق الفرنسي والذي أشعل نجمه جوست فونتين البطولة بتسجيله لستة أهداف من 3 مباريات، وأبهرت البرازيل الجميع عندما ألحقت بالاتحاد السوفييتي أول خسارة بقيادة شاب نحيل اسمه بيليه، وأسفرت قرعة دور الثمانية عن لقاء أصحاب الأرض مع السوفييت، فيما اصطدمت ألمانيا الغربية بيوغوسلافيا، بينما سيلعب الفرنسيون مع إيرلندا الشمالية، والبرازيل مع ويلز.

الهدف الأول للبرازيل على فرنسا بالدقيقة 2

وقال المنطق كلمته فتغلّبت السويد على السوفييت 2-0، وسجّلت ألمانيا الغربية فوزاً صعباً على يوغوسلافيا 1-0 عن طريق مهاجمها ران، والذي سجّل في كأس العالم الماضية 1954 هدف الفوز على المجر، فيما سحقت فرنسا إيرلندا الشمالية بأربعة أهداف نظيفة أتى منها اثنين عن طريق جوست فونتين والذي رفع رصيده إلى 8 أهداف، قبل أن تنهي البرازيل مغامرة ويلز وتتغلب عليها بصعوبة 1-0، حيث سجّل بيليه هدفاً وصفه بأنه الأغلى في حياته الكرويّة، وكانت ويلز وصلت صدفة إلى المونديال بعد خروجها من التصفيات، حيث رفضت مصر وقبرص والسودان وتركيا اللعب مع فريق الاحتلال الإسرائيلي، فلم يرغب الاتحاد الدولي بتأهل منتخب الاحتلال مباشرة إلى النهائيات وعزم على إجراء تصفيات بين ويلز التي خرجت من مجموعتها وفريق الاحتلال ما أسفر عن تأهل الفريق البريطاني، وهو الحضور الوحيد لهذه الدولة في المونديال.

سجّل الفرنسي جوست فونتين 13 هدفاً في البطولة، وهذا الرقم ما زال صامداً حتى الآن في تاريخ المونديال

وفي دور نصف النهائي كان أصحاب الأرض في اختبار حقيقي أمام حامل اللقب منتخب ألمانيا الغربية، حيث تقدّم زملاء ران على السويديين في الدقيقة 24، واستطاع أصحاب الأرض أن يعدّلوا النتيجة بعد ذلك بـ6 دقائق فقط، وبعد بداية الشوط الثاني بربع ساعة طُرد من اللقاء الألماني يوسكوفياك، ما أعطى أفضلية عددية لأصحاب الأرض الذين سجّلوا هدفين في آخر 10 دقائق من المباراة التي انتهت بفوزهم 3-1.

تصارع الفرنسيون مع البرازيل للظفر بالمقعد الثاني إلى جانب السويد في نهائي كأس العالم، فالبرازيل التي كشف مدربها فيسنتي فيولا عن ورقتيه الرابحتين بيليه وغارينشا في لقاء الاتحاد السوفييتي بالدور الأول والتي لم تتلقّ شباكها أي هدف حتى الآن على موعد مع زملاء اللاعب جوست فونتين، والذي سجّل لوحده 8 أهداف، هذا اللاعب الذي وُلد في المغرب أتت به الأقدار إلى النهائيات، حيث أُصيب زميليه بنادي رينس رينيه بليار فأخذ مكانه في تشكيلة الديوك، قبل أن تبتسم له الأقدار وتجعله هدّافاً أسطوريّاً لكأس العالم.

ومن المفارقات التاريخية أن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم نسي إرسال أرقام لاعبيه للاتحاد الدولي لكرة القدم، فآثر الفيفا على توزيع الأرقام على اللاعبين عشوائيّاً، فكانت الأرقام غير متناسبة مع مراكز اللاعبين باستثناء بيليه، حيث ارتدى صدفةً القميص رقم 10، أيضاً جعلت الأقدار من ماريو زاجالو حاضراً في المونديال، حيث كان الجناح الأيسر للفريق البرازيلي يخاف من الطيران، فأخذ النجم البرازيلي زاجالو مكانه في تشكيلة السامبا.

حجز البديل ماريو زاجالو مكانه في تشكيلة السامبا بسبب خوف اللاعب الأساسي من الطيران

مع بداية المباراة المرتقبة استطاع اللاعب البرازيلي فافا أن يسجّل هدف المباراة الأول في الدقيقة الثانية، ولكن سرعان ما عدّل جوست فونتين النتيجة للفرنسيين في الدقيقة 9، قبل أن يسجّل ديدي الهدف الثاني للبرازيليين في الدقيقة 39، وقبل نهاية الشوط الأول بقليل تعرّض القائد الفرنسي روبير جوانكيه لكسر في الساق، ولأن نظام التبديل لم يكن معمولاً به اضطر اللاعب للبقاء في أرضيّة الملعب كي لا يتأثر فريقه بالنقص العددي، لكن وجوده في الملعب كان كعدمه.

في الشوط الثاني سجّل صاحب الـ17 عاماً 3 أهداف في الشباك الفرنسية وقضى على آمالهم في الوصول للمباراة النهائية، وهو الهاتريك الوحيد لبيليه في كأس العالم، وقبل نهاية المباراة سجّل الفرنسيون هدفاً انتهت به المباراة بواقع 5-2.

سجّل الفرنسي جوست فونتين 13 هدفاً في كأس العالم 1958

وهنا اضطرت فرنسا لخوض مباراة ترتيبية على المركز الثالث مع ألمانيا الغربية، فدخل فونتين اللقاء وبجعبته 9 أهداف، ومتخلّفاً بهدفين عن الهداف التاريخي لكأس العالم المجري ساندرو كوشيش، والذي أحرز 11 هدفاً في النسخة السابقة، فأمتعت فرنسا وألمانيا الغربية الحضور بمهرجان أهداف كان نصيب فونتين منها 4، حيث تغلّبت فرنسا على ألمانيا الغربية 4-3، وسجّل جوست فونتين اسمه بحروف من ذهب كهدّاف تاريخي للمونديال برقم لم يُكسر حتى الآن 13 هدف، يقول الهدّاف الفرنسي " في ستّ مباريات سددت 17 مرّة باتجاه المرمى وسجّلت 13 هدفاً، في حين تصدّى القائم لتسديدتين، والحارس لمثلهما، لم أهدر أي تسديدة خارج الخشبات الثلاث".

إذاً على البرازيليين أن يكسروا عقدة النهائيات التي زُرعت في أذهانهم عقب كارثة الماراكانا، فهم يطمحون ليظفروا باللقب العالمي لأول مرة في تاريخهم، وأن يكونوا أول فريق ينال الكأس خارج قارّته، بينما تأمل السويد أن تفعل ما فعلته الأوروغواي وإيطاليا في النسختين الأولى والثانية عندما فازتا بكأس العالم التي استضافتاها، فمن سيسطّر اسمه في صفحة أبطال كأس العالم لأول مرة بتاريخه؟

تابعونا في الجزء القادم..