21-يونيو-2023
الدوري الألماني

"Getty" مشجّعوا شتوتغارت يشكّلون لافتة تؤيد قانون 50+1

       تحت ضغط المشجعين ورفضًا لأي خطوة استثمارية جديدة، سارت أندية الدوري الألماني بدرجتيه الأولى والثانية بخطى ثابتة وحازمة نحو إسقاط اقتراح رابطة الدوري الألماني، بدخول مستثمرين في المسابقة، مؤكدة تمسكها بقانون 50+1، فما هو هذا القانون؟

ما هو قانون الـ50+1؟

ينصّ الدوري الألماني على عدم السماح لشركة أو رجل أعمال في الاستثمار بنادي في الدرجتين الأولى والثانية، بنسبة تفوق الـ50%، وهو أمر حال كثيرًا دون وصول المستثمرين الجدد إلى ألمانيا، وحينما أتت الفرصة لتغيير هذا القانون، في أواخر شهر أيار/مايو الماضي، لم يحظ قرار التغيير بتصويت أغلبية الثلثين من أندية الدرجة الأولى والثانية، ما ضيّع على أندية ألمانيا فرصة تاريخية لتحسين الواقع المادي بشكل جذري.

 شكل "قانون ال50+1 " الدعامة الأساسية لهذا قرار، إضافة إلى الرغبة الملحة بالتمسك بسلطة القرار فيما يخص حقوق البث الخاصة بهذا الدوري. قانون الاتحاد الألماني لكرة القدم، ينص في المادة 26 الفقرة 3، على عدم إعطاء ترخيص لاي ناد محترف ما لم يطبق قانون ال50+1الذي نشأ عام 1998، و تم إعادة التصويت عليه مؤخرا.

الدوري الألماني

    وبالرغم من تصويت أندية بايرن ميونيخ، بوروسيا دورتموند، اينتراخت فرانكفورت، يونيون برلين و فرايبورغ على الغاء القانون وسنّ قانون آخر يدعم الاستثمار، الا أن 24 ناديًا صوّتوا في الجهة المقابلة، أي من اجل استمرار العمل بقانون ال50+1، والمفارقة أن أغلبية هذه الأندية تلعب في بطولة دوري الدرجة الثانية.    

بيئة مثاليّة للاستثمار

   القانون بشكله الحالي هو موضع دائم للنقاش والسجال بين جماهير الأندية الألمانية، خصوصًا مع نجاح تجارب المستثمرين في الدوريات الأوروبية الأخرى، وأبرز علامات النجاح كانت في إنكلترا مع تجربتي مانشستر سيتي ونيوكاسل يونايتد الناجحتين، وفي المقلب الآخر يبدو واضحًا أن اندية البوندسليغا العريقة تعاني بشكل كبير، كما هو الحال مع اندية هامبورغ وشالكه التي تتواجد في الدرجة الثانية، بالإضافة لأندية شتوتغارت وفيردر بريمن التي ابتعدت كثيرا عن مستواها في الفترة الأخيرة.

  ولكن الحال لا يبدو أفضل مع بقية الأندية، فباستثناء بايرن ميونيخ، تفشل بقية الأندية الألمانية من تقديم نتائج جيدة في البطولات الأوروبية، وبالرغم من أن وضعية بعض الأندية تبدو مناسبة جدًا من أجل جذب الاستثمارات، كما الحال مثلا مع فريق هامبورغ الذي يلعب للموسم الخامس على التوالي في دوري الدرجة الثانية الألماني، بمعدل حضور جماهيري يقارب ال55 ألف متفرج أسبوعيًا.

    زد على ذلك البنية التحتية والاقتصادية التي تمتلكها هذه الأندية، حيث تعتبر الملاعب الألمانية من أفضل الملاعب على الصعيد الأوروبي، دون نسيان عامل التاريخ، الذي يشجّع بعض المستثمرين على إعادة الأمجاد الضائعة، ولكن كما ذكرنا القانون المذكور يقف حاجزًا يحول حول قدوم أي مستثمر، بالإضافة لعقلية المشجّع الألماني التي لا تزال ترفض دخول " الغرباء" على انديتهم.

جماهير كولن لم تتعلّم من الدرس         

ومع أن هذا الاستثمار يفتح الباب على مرحلة جديدة للنادي، إلا أن جماهير كولن رفضت ذلك، فنادي كولن انصاعت إدارته لرأي اغلبية جماهير الفريق، والتي صوتت مع قانون كبح المستثمرين. الاستثمار كان كفيلًا بمساعدة كولن في التخلّص من مشاكله، وأولها العجز المالي الذي يعاني منه ويمنعه من مواصلة تحقيق النتائج الإيجابية.

ستبقى الأندية الألمانية الى أجل غير مسمّى أسيرة تقاليد كرّستها جماهير الكرة، وأصبحت فيما بعد مبادئ مقدّسة بالنسبة لهم، وقد تحرم هذه المبادئ الكرة الألمانية من التطور

     فبعد أن حقّق الفريق المركز السابع مع المدرب ستيفن باومغارت موسم 2021/2022، تراجع أداءه في الموسم المنصرم وحقق مركزًا بعيدًا عن المقاعد الأوروبية، وفشل في تحقيق نتيجة إيجابية في بطولة دوري المؤتمرات، وخرج من دور المجموعات، وكل هذا يعود بسبب ضعف سوق الانتقالات الصيفي الذي قام به الفريق.

الدوري الألماني

    فبدل أن يكون أي نجاح أو تقدم أمر يُبنى عليه في المستقبل، من أجل تحسين وضعية الفريق، تفشل أندية في ألمانيا في المحافظة على نجومها، أمام المغريات المالية التي تقدمها على سبيل المثال أندية البريمييرليغ.

      يمكننا القول إذن، أن الاستثمار والتقاليد الكروية الألمانية، صراع احتدم في الفترة الأخيرة، أي منذ بداية انتشار المستثمرين في الدوريات الأوروبية الكبرى، بشكل خاص في إنكلترا وبنسبة اقل في فرنسا واسبانيا، صراع سببه الأساسي إصرار نسبة لا بأس بها من جماهير الاندية الألمانية، على مبدأ عدم تقبل لا بل منع أي جهة من الاستحواذ الكامل ملكية على النادي.

ماذا عن لايبزيج وريد بول؟

   بطبيعة الحال، فان عقلية أغلب مشجعي الأندية الألمانية غير منفتحة على مشاريع الاستثمار، والدليل محاربة الجماهير التقليدية لنادي لايبزيج، والتي تعتبره الجماهير نادي مملوك لشركة، وهو ما يتعارض مع سياسة الجماهير الألمانية، ولكن قد يسأل البعض عن وضعية أر بي لايبزيج وكيف يلعب بالبوندسليغا رغم تبعيّته لشركة، الجواب هو ان النادي مملوك بالنصف بين شركة ريد بول النمساوية وشركاء اخرين.

 وبما أن النادي غير مملوك تماما للشركة، فيمنع تسمية الاسم على اسم ريد بول، وبطريقة ما ومن أجل بقاء النادي كواجهة لريد بول في الأراضي الألمانية، تم إطلاق اسم راسين بال سبورت لايبزيج على الفريق، وإنشاء شعار قريب جدًا من شعار ريد بول، كما يضع شعار ريد بول كراع رسمي على قمصانه منذ صعوده اول مرّة للبوندسليغا عام 2017.

الدوري الألماني

    إذن هو نوع من التحايل على القانون لكن من دون أي مخالفة، أي أن قانون الاستثمار منع سيطرة ريد بول على لايبزيج، على العكس تماما في رياضة الهوكي على الجليد حيث تستثمر فيها ريد بول بشكل علني، عبر فريق ريد بول ميونيخ الذي ينشط في دوري المحترفين.

بعض الاستثناءات

    في مطلق الأحوال، ما يعانيه لايبزيج عاناه من قبل هوفنهايم، النادي غير التقليدي الذي يتبع لقرية صغير في جنوب ألمانيا لا يتعدى عدد سكانها 3000 نسمة، والذي يمتلك 96% من أسهمه الملياردير الألماني ديتمار هوب، الذي استثمر في هوفنهايم فريق طفولته ومراهقته وصعد به الى الدرجة الأولى عام 2008، حتى وصوله للمشاركة بدوري ابطال أوروبا بقيادة جوليان ناغليزمان.

    لقد كان الأمر برمته غير مألوف في المانيا، الجماهير لم تتقبل هوب في الجسم الكروي الألماني، ووصل الأمر لقيام جماهير بايرن ميونيخ بشتم هوب، وتوجيه رسائل له عبر مجموعات الالتراس، بأنه غير مرحّب بوجوده في الاليانز ارينا، حينها امتعض لاعبي البايرن من تصرفات جماهيرهم، واستمروا بتناقل الكرة فيما بينهم رافضين فكرة اكمال المباراة بشكل طبيعي.

      طبعا هنالك سؤال هام، وهو كيف سُمح لديتمار هوب بامتلاك 96% من أسهم نادي هوفنهايم؟ الجواب بأن هنالك ثلاث استثناءات منحت لاندية تمتلكها شركات، أو لأندية يمتلكها شخص بأكثر من نصف الأسهم كما هو الحال مع ديتمار هوب وهوفنهايم.

الدوري الألماني

     تعود هذه الاستثناءات للأندية التي أسست على هذه القاعدة قبل إقرار القانون عام 1998، والأندية هي باير ليفركوزن التي تمتلكها شركة باير لصناعة الأدوية، فولفسبورغ المملوك لشركة فولكس فاغن، وأخيرا هوفنهايم الذي يمتلكه الملياردير ديتمار هوب، والذي تنازل مؤخرًا عن حصته من الأسهم بنادي هوفنهايم ليمتلك أقل من 50% من مجمل ألاسهم الاجمالية، ليصبح عدد الأندية المستثناة من القاعدة فقط اثنين، فولفسبورغ وباير ليفركوزن كما ذكرنا.

    قانون فتح الاستثمارات في الدوري الألماني سقط، وستبقى الأندية الألمانية الى أجل غير مسمّى أسيرة تقاليد كرّستها جماهير الكرة في المانيا، وأصبحت فيما بعد مبادئ مقدّسة بالنسبة لهم، ولكن يخشى كثيرين من أن تحرم هذه المبادئ الكرة الألمانية من التطور، ومجاراة أندية الدوريات الكبرى في أوروبا، وربما عدم وصول أي فريق الماني الى نهائيات البطولات الأوروبية الثلاث دليلًا بسيطًا على ذلك.