10-مايو-2018

ليبزيغ من الفرق التي استثمرت فيها ريد بول حتى جعلت منها رقمًا مهمًا في الكرة الأوروبية (روبرت مايكل/ أ.ف.ب)

رغم فوزه بهدفين نظيفين في مباراة الذهاب على أرضه، احتاج مارسيليا لشوطين إضافيين في مباراة العودة بالنمسا، ليتخطى عقبة سالزبورغ النمساوي، في نصف نهائي الدوري الأوروبي لكرة القدم. النقاد والمحللون اعتبروا الفريق النمساوي أهم مفاجآت البطولة، فقد نجح رجال المدرب ماركو روز في إقصاء فرق عريقة من البطولة، كلاتسيو الإيطالي وبروسيا دورتموند الألماني.

كان فريق سالزبورغ مصنفًا ضمن فرق الوسط بالنمسا، قبل أن تشتريه شركة ريد بول وتدفع به للمنافسة القوية حتى هيمن على الكرة النمساوية

وتأسس فريق سالزبورغ في عام 1933. والقرن الماضي، كان سالزبورغ يصنف ضمن فرق الوسط بالنمسا، حيث كانت السطوة والغلبة لفريقي العاصمة، رابييد فيينا وأوستريا فيينا.

اقرأ/ي أيضًا: أبرز 4 ليالٍ لم تنم فيها جماهير دوري الأبطال.. إنها "الريمونتادا"

نقطة التحول في مسيرة الفريق كانت في عام 2005، عندما اشترت شركة "ريد بول - Red Bull" المتخصصة في إنتاج مشروبات الطاقة، الجزء الأكبر من أسهم النادي، ليصبح النادي مملوكًا عمليًا من الشركة، وأصبح اسمه ابتداءً من 2005، "ريد بول سالزبورغ - Fc Red Bull Salzburg"، كما قررت الإدارة تغيير ألوان الزي الرسمي للفريق بما يتلاءم مع ألوان شعار ريد بول.

سنترا ستاديوم أو ريد بول أرينا في ألمانيا، من أبرز الملاعب التي اشترتها شركة ريد بول
سنترا ستاديوم أو ريد بول أرينا في ألمانيا، من أبرز الملاعب التي اشترتها شركة ريد بول

تحسنت نتائج فريق سالزبورغ بشكل ملموس ابتداءً من 2005، وبات الفريق اليوم يهيمن على الكرة النمساوية، على حساب فريقي العاصمة. وفاز سالزبورغ بالدوري تسع مرات في آخر 13 موسمًا، واحتل فريق سالزبورغ المركز الثاني في المرات الأربع المتبقية. وليس وصول فريق سالزبورغ إلى نصف نهائي الدوري الأوروبي، سوى انعكاس وترجمة للسياسة الناجحة التي تُسيّر الأمور في الفريق.

وكانت شركة ريد بول قد دخلت مجال الرياضة أيضًا لكن من باب سباقات الفورمولا وان، من خلال الرعاية الكاملة لفريق جاغوار، ابتداءً من العام 2004. وانغمست الشركة أكثر فأكثر في عالم سباقات السرعة، حتى وصل الفريق إلى بطولة العالم للصانعين والسائقين، عبر سيباستيان فيتيل، بين 2010 و2013. كما اشترت الشركة فريق ميترو ستارز الأميركي، وبات اسمه "ريد بول نيويورك" ويعد اليوم من أقوى الفرق في الولايات المتحدة.

أما أهم إنجازات ريد بول في كرة القدم، فقد تمثل في تأسيس فريق لايبزيغ في ألمانيا، في عام 2009، حيث بدأ الفريق مسيرته في بطولات المقاطعات، واستطاع مع الوقت، وبسرعة قياسية، الوصول إلى دوري الدرجة الأولى، بعد اكتساح المنافسين في بطولات الدرجات المتدنية، وصولًا إلى دوري النخبة.

استثمرت شركة ريد بول في العديد في تجديد وتوسعة العديد من الملاعب التي باتت تمثل مصدر دخل مهم لأنديتها

وفي الموسم الماضي، أدهش لايبزيغ جميع متابعي كرة القدم في أوروبا، وتصدر الدوري الألماني لفترة طويلة، قبل أن يخسره لاحقًا لصالح بايرن ميونيخ. إلا أن الفريق توّج موسمه بالتأهل إلى دوري أبطال أوروبا، في إنجاز غير مسبوق لفريق يلعب في الدرجة الأولى للمرة الأولى.

اقرأ/ي أيضًا: 5 أمور يكرهها جمهور كرة القدم

الجدير بالذكر أن تجربتي لايبزيغ وسالزبورغ تختلفان عن تجارب باقي الفرق التي تصعد بقوة إلى القمة من خلال ضخ الأموال في الصفقات النارية، واستقدام نجوم كبار لقيادة الفريق، بل إن العمل يتمّ بالأساس على بناء هيكلية إدارية وفنية ناجحة، وخطط طويلة الأمد تؤمّن الاستقرار المادي والفني والإداري.

ففي فريق سالزبورغ على سبيل المثال، قامت إدارة الفريق، وبدعم من الشركة المالكة ريد بول، بتجديد الملعب ثلاث مرات تباعًا، في الأعوام 2005 و2006 و2007، وأصبح اسمه ريد بول أرينا، كما تمت توسعة الملعب ليصبح جاهزًا لاستضافة مباريات يورو 2008. ريد بول أرينا الذي يعد تحفة فنية بكل معنى الكلمة، يشكل مصدر دخل كبير للنادي اليوم، ويساهم في الاستقرار المالي الذي يشهده النادي.

في ألمانيا أيضًا قامت ريد بول بإعادة تأهيل ملعب "سنترا ستاديوم" في العام 2010 وأصبح اسمه ريد بول أرينا هو الآخر. ويتمتع الفريق اليوم بشعبية كبيرة في مدينة لايبزيغ، ويمتلك الفريق اليوم 27 رابطة تشجيع تقوم بتنظيم التجمعات الداعمة للفريق في الملعب وخارجه، وبات الفريق يشكّل رقمًا صعبًا في الكرة الألمانية. إلا أن جماهير الفرق الأخرى لها رأي مغاير تمامًا.

ليبزيغ هو النادي الأكثر كرهًا في ألمانيا إذ يصفه الجماهير بنادي المال
ليبزيغ هو النادي الأكثر كرهًا في ألمانيا إذ يصفه الجماهير بنادي المال

فالفرق الألمانية وجماهيرها بشكل عام، معروفة بمحافظتها تجاه رؤوس الأموال الضخمة القادمة من الخارج، فلن تجد في ألمانيا مثالًا قريبًا من رومان أبراموفيتش أو ناصر الخليفي. لذا لا تروق لها كثيرًا تجربة ريد بول مع لايبزيغ، بل ترى أن هذا النوع من الاستثمارات يضر بكرة القدم، حتى أن بعض مباريات الفريق عرفت هتافات من جمهور الفريق المنافس، "تسخر" من كونه "نادي أموال".

وفي ذهاب دوري 2016/2017 قاطع جزء كبير من جمهور بروسيا دورتموند، مباراة فريقهم ضد لايبزيغ، احتجاجًا على أن نادي لايبزيغ "ينتهج سياسة تساهم في تحويل كرة القدم لمجرد استثمار مالي".

تعمل شركة ريد بول على مأسسة الفرق التي تشتريها وتحويلها لمشاريع اقتصادية ناجحة على المدى الطويل

وأخيرًا يمكن القول إنه بين الفرق التقليدية التي تحظى باستقرار مالي وإداري، وبين الفرق المملوكة لأصحاب المليارات الذين يجلبون الغالي والنفيس للنادي، تعمل ريد بول على مأسسة الفرق التي تشتريها، وتحويلها إلى مشاريع اقتصادية ناجحة على المدى الطويل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا لايبزيغ هو النادي الأكثر كرهًا في ألمانيا؟

5 حقائق يجب أن تعرفها عن دوري أبطال أوروبا