18-يونيو-2020

من المنتظر أن يهز القانون من استقرار النظام السوري (أ.ف.ب)

ألترا صوت – فريق التحرير

دخل صباح الأربعاء قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين حيز التنفيذ الذي يفرض عقوبات اقتصادية أمريكية مشددة على النظام السوري، تهدف إلى حجب إيرادات مالية عن رئيس النظام السوري بشار الأسد، في مسعى للضغط عليه للعودة إلى طاولة المفاوضات التي  تقودها الأمم المتحدة، وفرض في النهاية التوافق على حل سياسي لنهاية الحرب المستمرة منذ ما يقارب عقد.

وصفت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت قانون قيصر بإنه إجراء "لمنع نظام الأسد من تحقيق نصر عسكري"

بينما وصفت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت قانون قيصر بإنه إجراء "لمنع نظام الأسد من تحقيق نصر عسكري"، فيما قوبل بانتقادات وجهها سفراء موسكو وبكين، باعتبار أنها، حسب وصفهم، خطة لفرض عقوبات اقتصادية من جانب أحادي.

اقرأ/ي أيضًا: هل عادت الفرصة لإسقاط الأسد؟

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صادق على مشروع قانون قيصر في كانون الأول/ديسمبر الماضي، على أن يدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من يوم 17 حزيران/يونيو الجاري، بعد شد وشذب بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكابيتول هيل ومجلس الشيوخ للتوافق على صيغة نهائية للقانون استمر ثلاثة أعوام.

وقالت الخارجية الأمريكية إن توقيع ترامب للقانون يوفر لواشنطن "أدوات للمساعدة في إنهاء الصراع الرهيب والمستمر في سوريا من خلال تعزيز المساءلة لنظام (بشار) الأسد"، وأضافت مشيرةً إلى أن "قانون قيصر يرسل إشارة واضحة بأنه لا ينبغي لأي ممثل خارجي الدخول في أعمال مع أو إثراء مثل هذا النظام".

ما هو قانون قيصر؟

تأتي تسمية القانون الأمريكي بـ"قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" من اسم المصور العسكري السوري السابق الملقب بقيصر، وهو شخص لا يزال مجهول الهوية حفاظًا على سلامته الشخصية، وقام بعد إعلان انشقاقه عن النظام السوري بتسريب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل قتلوا تحت التعذيب في معتقلات النظام السوري.

وأثارت صوره التي أظهرت جثثًا لأشخاص ملقين على الأرض ماتوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري ردود فعل غاضبة في أوروبا وواشنطن، حيث تم عرضها في مبنى الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وفي مبنى الكابيتول هيل الأمريكي، فضلًا عن حضوره شخصيًا إلى مبنى الكابيتول أكثر من مرة للحديث عن معاناة المعتقلين  في سجون النظام السوري.

يشمل القانون في مرحلته الأولى سلسلة من العقوبات الاقتصادية المشددة ضد النظام السوري وحلفائه، والشركات والأفراد المرتبطين به، وحلفاء النظام السوري الرئيسيين روسيا وإيران، وكل شخص أو جهة، أو دولة تتعامل معه، وتعتبر هذه العقوبات حال تطبيقها، الحد الأعلى ما دون التدخل العسكري المباشر الذي يمكن أن يتعرض له النظام السوري.

تشير وكالة الأناضول في معرض تعليقها على القانون الأمريكي إلى أنه ينسجم إلى حد كبير مع قراري مجلس الأمن 2118 و2254 الخاصين بسوريا، ويلقي بمسؤولية التنفيذ والالتزام على النظام وكل من روسيا وإيران، وبالتالي فهو يجعل من الروس "شركاء تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة"، كما يعزز من مدى العقوبات المفروضة على إيران لتشمل المؤسسات والهيئات ذات الصلة "غير المعلنة"، وتتحرك عبر يافطات مختلفة في لبنان وقبرص ودول أخرى.

من هم المستهدفون بقانون قيصر؟

تشمل المرحلة الأولى من العقوبات المفروضة على النظام السوري 39 شركةً ومسؤولًا سياسيًا، بما فيهم الأسد وزوجته أسماء الأسد، وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بيان يعلن المستهدفين بالعقوبات إن الخطوات الجديدة هي بداية حملة مستمرة من الضغوط الاقتصادية والسياسية على الأسد، متوعدًا بالمزيد من التحركات في الأسابيع المقبلة.

وأوضح بومبيو في هذا الشأن أن واشنطن "تتوقع فرض عقوبات أكثر بكثير ولن تتوقف حتى يوقف الأسد ونظامه الحرب الوحشية التي لا داعي لها ضد الشعب السوري وحتى توافق الحكومة السورية على حل سلمي للصراع"، مشيرًا إلى أن من بين المستهدفين شقيق الأسد وقائد الفرقة الرابعة ماهر الأسد.

يضاف إلى الأسماء المشمولة بالمرحلة الأولى من حزمة العقوبات المشددة، مدير مكتب الأمن في الفرقة الرابعة غسان علي بلال، وقائد اللواء 41 في الفرقة الرابعة سامر الدانا، ورجال الاقتصاد الداعمين للنظام السوري في عملياته العسكرية، ومنهم رجل الأعمال السوري، محمد حمشو، ولواء فاطميون المنضوي ضمن تشكيلات فيلق القدس الإيراني في سوريا، إضافة لأسماء أخرى من عائتلي الأسد وحمشو.

وأشار بومبيو إلى أن الأسماء المستهدفة بالمرحلة الأولى من العقوبات لعبت دورًا رئيسيًا في عرقلة حل الصراع سياسيًا، وخص بالذكر أسماء الأسد "التي أصبحت بدعم زوجها وعائلتها الأخرس، واحدة من أكثر المنتفعين من الحرب السورية".

أبرز النقاط الواردة في قانون قيصر

وفقًا لما ورد في نص القانون الأساسي فإنه يطلب من الرئيس الأمريكي اتخاذ إجراءات عقابية فيما يرتبط بحالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بسوريا، تتصل بالمصرف المركزي السوري، وشخصيات أجنبية تورطت في تعاملات مالية مع المصرف، على أن يتم التحقيق من هذين الأمرين خلال الـ180 يومًا من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ، والتأكد إن كان المصرف المركزي مؤسسة مالية هدفها "غسيل الأموال"، وتقديم الدعم المالي لعمليات النظام السوري العسكرية في مختلف المدن السورية.

وتوصي صيغة القانون المشددة بفرض عقوبات على شخصيات وكيانات وجهات رسمية قدمت أي نوع من أنواع الدعم سواء أكان ماليًا أم ماديًا أو تقنيًا أو قد تورطت، وهي على علم ودراية في صفقة مالية مهمة سوف تستخدم جميعها لأغراض عسكرية من قبل النظام السوري، أو أبرمت مع شخصية سياسية رفيعة المستوى ضمن قادة النظام.

ويشمل القانون كذلك فرض عقوبات اقتصادية على أي شخصية أو كيان أجنبي أو جهة رسمية عملت كوسيط عسكري بما يشمل تمويل النظام السوري بمقاتلين مرتزقة، أو قدمت الدعم لقوة لديها الدراية بأنها من ضمن القوى العسكرية المتحالفة مع النظام السوري داخل الأراضي السورية، وينطبق القانون كذلك على موسكو وطهران أحد أبرز حلفاء الأسد الأساسيين.

يلفت القانون إلى أنه يحق للرئيس الأمريكي بموجب قانون القوى الاقتصادية في حالات الطوارئ الدولية  أن يمارس صلاحياته فيما يخص حجب ومنع كل الصفقات المتصلة بالملكية والفوائد على الملكية التي تعود لشخصية أجنبية داخل الولايات المتحدة، أو ضمن ممتلكات مواطن أمريكي أو تقع تحت سيطرته في حال أقدمت هذه الشخصيات على التعاون مع النظام السوري.

فيما يرتبط بالمساعدات الأممية التي تصل إلى سوريا فإن القانون يلزم في فترة لا تتتجاوز 180 يومًا من دخول القانون حيز التنفيذ، لجان الكابيتول هيل الخاصة بمراقبة تنفيذ القانون، بتقديم خطة للرئيس الأمريكي لتسهيل عمل المنظمات الأممية على الوصول إلى الخدمات المالية لتسهيل تقديم الرعاية للسوريين بشكل آمن وفي الوقت المحدد.

ووفقًا لتقارير صحفية فإن القانون يعفي واردات السلع الغذائية الضرورية، وغيرها من ضرورات إنسانية، لكنه يشدد الفحص على مساعدات الأمم المتحدة والمنظمات الأهلية لضمان عدم استفادة النظام السوري منها، وعلى الرغم من أن بعض المنظمات الغربية غير الحكومية ترى أن نظام الأسد يستحق العقاب، فإنها تخشي أن يلحق أي عقاب محتمل ضررًا بالمدنيين.

اقرأ/ي أيضًا: "هذا زمان آخر".. احتجاجات السويداء تتوسع رغم التعزيزات الأمنية

يشير القانون في نهايته إلى أنه يجوز للرئيس الأمريكي تعليق العقوبات المفروضة على النظام السوري سواء بشكل كلي أو جزئي في حال لم ينص قانون قيصر على ما هو بخلاف ذلك، على أن تمتد فترة تعليقها لمدة 180 يومًا، في حال رأى الرئيس الأمريكي بالنظر لتقارير لجان الكابيتول أن النظام السوري وحليفته موسكو توقفتا عن استخدام المجال الجوي في سوريا لاستهداف المدنيين في مناطق المعارضة بالمقاتلات الحربية. بالإضافة إلى إنهاء النظام السوري الحصار المفروض على ما تبقى من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية بشكل كامل، والإفراج عن كافة معتقلي الرأي المخفييّن قسرًا في سجون النظام منذ سنوات، بما في ذلك السماح للجان دولية وأممية بالوصول إلى سجون النظام للتحقيق بتقارير الانتهاكات الإنسانية، وتوقف النظام السوري وحلفائه عن استهداف المدارس والمرافق الطبية، وأماكن المدنيين.

وعلى الرغم من أن بعض المنظمات الغربية غير الحكومية ترى أن نظام الأسد يستحق العقاب، فإنها تخشي أن يلحق أي عقاب محتمل ضررًا بالمدنيين

كما يفرض القانون على النظام السوري الالتزام بموافقته على تفكيك أسلحته الكيميائية وإيقاف استخدامها أو تخزينها، وحظر إنتاج وتخزين الأسلحة الجرثومية (البيولوجية) والسمية وتدميرها، فضلًا عن السماح للمهجرين بالعودة إلى مناطق سكنهم، وبدء النظام السوري بخطوات جادة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا، وتلفت مسودة القانون في نهايته إلى خروجه من حيز التنفيذ بعد مضي خمسة أعوام من لحظة سريانه.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تظاهرات في السويداء تطالب الأسد بالرحيل.. ما علاقة قانون قيصر بذلك؟