20-أغسطس-2019

تدخلت غوغل في تغيير نتائج البحث وفقًا لانحيازات سياسية (فيسبوك)

خرج أحد موظّفي "غوغل" السابقين إلى العلن، حاملًا ادّعاءات حول الترهيب والتلاعب بالانتخابات على يد عملاق التكنولوجيا وانحيازاته السياسية وممارساته الترهيبية، بما في ذلك "قائمة سوداء" تشمل بعض المواقع الإلكترونية. عرضت مجموعة التحقيق الصحفية Project Veritas  يوم الأربعاء، مقابلة كشف فيها زاكاري فورهيس، الذي فضح المستور، عن تسليمه حوالي 950 صفحة من الوثائق لقسم مكافحة الاحتكار التابع لوزارة العدل، تثبت تلاعب غوغل بخوارزمياته على نحو يجعل محرّك بحثها منحازًا ضدّ الإعلام المحافظ، والإعلام والجمعيات غير الربحية المسيحية، والجمهوريين.

 يبين الفيلسوف سلافوي جيجيك أن "الرقابة الحديثة أشدّ خطرًا من الشمولية المفتوحة، كونها مخفية ومدمجة في روتيننا اليومي"، لكن إخفاء الدوافع السياسية لقمع الأصوات على الإنترنت أكثر ما يقلقه

ذكر فورهيس (أحد موظفي غوغل لثماني سنوات) الذي أشار إلى قضيّته بـ"داود وجوجل"، في إشارة إلى قصّة من العهد القديم لداود وجالوت، أنه قرّر التقدّم بعد إدراك وجود شيء "شرير وشنيع" يحدث في الشركة. إذ يقول: "رأيتهم يقومون بخطوات شديدة السرعة.. كما كانوا يعتزمون نحت المشهد المعلوماتي، حتى يتسنّى لهم إنشاء نسختهم الخاصّة لما هو حقيقي موضوعيًا.. أدركت أنهم لم يكتفوا بالعبث في الانتخابات". تضمّنت الوثائق التي نشرها فورهيس، "قائمة سوداء بمواقع الأخبار على غوغل ناو"، ووضّح أنها قائمة سوداء تقيّد بعض المواقع وتمنعها من الظهور على التغذية الإخبارية لبعض منتجات أندرويد. ضمّت القائمة عددًا من مواقع الإنترنت، بما في ذلك The Christian Post و Newsbustersو Life Newsو PatheosوGlenn  Beckوغيرها. عُلّل وضع بعض المواقع على اللائحة بـ"معدل حظر المستخدمين العالي"!.

اقرأ/ي أيضًا: الأسد وبوتين وترجمة "غوغل"

يقول فورهيس إن "هذه المستندات كانت متاحة لكل موظّف داخل الشركة يعمل بدوام كامل.. وبصفتي موظّفًا بدوام كامل داخل الشركة، بدأت البحث عن بعض الكلمات المفتاحية، فبدأت تلك المستندات بالظهور أمامي، وبمجرّد العثور على وثيقة واحدة، عثرت على كلمات مفتاحية للمستندات الأخرى، وواصلت الحركة داخل تلك المتتالية، والمتابعة إلى أن أصبح لدي كنز وأرشيف من الوثائق، تكشف النظام وما يحاولون القيام به بلغة شديدة الوضوح". كما أضاف فورهيس: "من الواضح أن غوغل متحيّز سياسيًا"، وأضاف أن الشركة تلعب على الحبلين. فمن جهة، يقولون إنهم منصّة محصّنة ضدّ ملاحقة المحتوى المستضاف على مواقعهم والتحكّم به، أمّا من ناحية أخرى، فهم يتصرّفون كما لو كانوا ناشر محتوى! إذ يقومون برفض أجندة التحرير الخاصة بتلك الشركات، بينما يطبّقون أجنداتهم. إذا لم يكن الأشخاص يتماشون مع أجندة التحرير خاصّتهم، تُلغى تصنيفات مقالاتهم الإخبارية. أمّا إذا كانوا يتماشون مع أجندة التحرير خاصّتهم، حينها تُعزّز محتواهم ويرفع إلى قمّة نتائج البحث". 

تحدّث فورهيس مع Project Veritas في البداية كمجهول في حزيران/يونيو، عندما سرّب عددًا من مستندات غوغل الداخلية، كاشفًا عن "الظلم الخوارزمي" في تصنيفات البحث. كما حذّر فورهيس في شريط فيديو المقابلة من أن غوغل "ليس مصدرًا موضوعيًا للمعلومات". كتب محاوره جيمس كيف، بعد ذلك الكلمات "يستطيع الرجل" و"تستطيع المرأة" في شريط البحث. فتضمّنت اقتراحات الرجال عبارات مثل: "يستطيع الرجل إنجاب الأطفال"، و"يستطيع الرجل الحمل"، و"يستطيع الرجل المرور بالدورة الشهرية"، بينما تشمل عبارات المرأة: "تستطيع المرأة التصويت"، و"تستطيع المرأة فعل أي شيء"، و"تستطيع المرأة التطوّع في الجيش". يقول فورهيس: "ذلك جزء من خطاب العدالة الاجتماعية" (تختلف النتائج باللغة العربية).

كما كشف فورهيس أنه بعد تقدّمه بالمستندات في البداية، أرسلت غوغل له خطابًا يحتوي العديد من "المطالب"، وتأمره فيه بـ"التوقّف والكفّ عمّا يفعله". كما ادّعى فورهيس أن غوغل حاولت إثبات معاناته من مشكلة عقلية، وتلك، كما قال، طريقة شائعة تخوّف فيها الشركة الموظفين السابقين، الذين "يرحلون وينضمّون للمجموعات الفاسدة". وقال فورهيس أن موظفي غوغل الآخرين "خائفون" من ممارسات الشركة. ودعا إلى مزيد من الشفافية من غوغل، مضيفًا: "آمل أن يُجبر من يرغب في القيام بشيء ما على التصرّف". وأضاف: "لن يفهم الناس ما أتحدّث عنه حتى يروا الوثائق".

في تعليقه على ها التسريب الداخلي لروسيا اليوم، يبين الفيلسوف سلافوي جيجيك أن "الرقابة الحديثة أشدّ خطرًا من الشمولية المفتوحة، كونها مخفية ومدمجة في روتيننا اليومي". لكن إخفاء الدوافع السياسية لقمع الأصوات على الإنترنت أكثر ما يقلق جيجك.

اقرأ/ي أيضًا: جناية الإنترنت.. هل يجعلنا جوجل أغبياء حقًا؟

بعد نشر مجموعة الشفافية المحافظة Project Veritas المستندات هذا الأسبوع، رجح متابعون بالفعل إمكانية غوغل تعزيز أو إلغاء تصنيف مصادر الأخبار، استنادًا إلى مجموعة من القواعد الداخلية وتحيّزها كما يبدو. وشمل التسريب وثيقة تفصّل "القائمة السوداء لغوغل" التي تشمل حوالي 500 موقع، بما في ذلك وسائل إعلام محافظة ويسارية على حد سواء. ويعتقد جيجك أن ممارسة العملاق الإلكتروني المتمثّلة في وضع اللوائح السوداء والحظر الخفي، قد تكون فرصة للنشطاء اليمينيين من أجل إظهار أنفسهم كمجموعة تحارب سياسات المؤسّسة وتُستهدف لمعارضتها. ويضيف أن هذا التكتيك سيؤدّي إلى نتائج عكسية ضدّ الليبراليين من خلال منح "اليمين الشعبوي الجديد وضعًا يمكنهم من خلاله القول: كما ترى، نحن البديل الحقيقي، نحن المضطهدون الحقيقيون".

يعتقد جيجك أن ممارسة غوغل المتمثّلة في وضع اللوائح السوداء والحظر الخفي، قد تكون فرصة للنشطاء اليمينيين من أجل إظهار أنفسهم كمجموعة تحارب سياسات المؤسّسة وتُستهدف لمعارضتها

من المحتمل ألّا تكون غوغل الشركة التكنولوجية الكبرى الوحيدة ذات القبضة المشدّدة على القائمة الرقمية لمستخدميها. ويرى جيجك أن "القضية ليست نوعًا من المؤامرة الظلامية"، بل وضع مبهم "في مجتمع جديد يُسيطر عليه". مضيفًا: "المرعب  أنّنا لا نختبره كشيء يُسيطر عليه. نحن نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي وحسب، ونشتري الأشياء، ونذهب إلى الطبيب، وجميع البيانات المتعلّقة بنا موجودة. نعتبر أنفسنا أحرارًا في تلك الأشياء. إذًا ما نراه حرّيةً يصبح الأسلوب الذي يُسيطر به علينا".

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

كاثي أونيل: الرياضيات "ستربتيز" مجاني

شهادة من داخل كامبريدج أناليتيكا: تعاملنا مع بيانات فيسبوك كـ"الغرب المتوحش"؟