06-أكتوبر-2015

عيون الشجر الواقف في غزة على الضفة (أ.ف.ب)

فجّرت العمليّات الفرديّة في الضفّة الغربيّة والقدس المحتلّة هبّة شعبيّة أرجعت أذهان الفلسطينيّين إلى أواخر الثمانينات، حينما انطلقت شرارة الانتفاضة الأولى، لتمرّ أذهانهم إلى العام 2000 واندلاع انتفاضة الأقصى الثانية. فمن وسط حدّة الإجراءات القمعيّة الاحتلالية استطاع شاب تنفيذ عملية طعن في القدس المحتلّة، أسفرت عن مقتل مستوطنين، بينهما حاخام، وإصابة ثلاثة آخرين، .

وتجتاح المواجهات مع قوّات الاحتلال والمستوطنين عدد من المدن الفلسطينيّة خلال الأيام الأخيرة، ما أسفر عن استشهاد أربعة وإصابة ما يزيد على 500 شخص. الأمر الذي يثير حيرة الفلسطينيّين في قطاع غزّة، وإمكانيّة تدخّل التنظيمات الفلسطينيّة في القطاع.

حول الموضوع يقول نور العايدي من غزّة أن "المواجهات في الضفّة الغربيّة فعل مقاومة شعبي صرف ضد وجود الاحتلال وممثليه الأبرز على ساحة الضفة الغربية". مضيفًا "أن لا أحدًا يملك ما يؤكّد به تحوّل هذه الشعلة إلى انتفاضة ولا أحد يملك أن ينفي إمكانية ذلك أيضًا رغم إيماني أن هذه المرة مختلفة عن مواجهات سابقة تمّت".

القرار الحقيقي للناس على الأرض، هم من يبتون أمر شكل المواجهة واستمرارها وتوقفها

فيما يعتقد معاذ أبو القمصان أنّ الهبّة الجماهيريّة في هذه المرّة "ستتّخذ شكلًا خاصًا بها، مغايرًا عن تجارب الأخرى، وأنّ القرار الحقيقي للناس على الأرض، في شكل الأمر وفي استمراره وتوقفه". ويتابع "أمّا عن غزّة فإنّني أعتقد أنّ الأمور تتجه للتصعيد رغم محاولة جميع الأطراف عدم الوصول للتصعيد، غزّة لن تكون بعيدةً عمّا يحدث رغم جراحها المستمرة غير المندملة، فنحن نعلم أن الحرب آتيةٌ لا محالة، وأنّ الاحتلال ليس بحاجةٍ إلى سبب ليعلن عمليةً عسكرية". ما يضفي طابع منطقي أكثر على ما توصل إليه أبو القمصان في أن الحرب على غزة هي المهرّب الأخير للاحتلال، خاصة إن استمر الاشتباك اليومي في الضفة وإن انتقل إلى الداخل، الفارق المهم هو تأثير اشتعال جبهة في غزة على شكل المواجهات في الضفة، ولندع الأيام القادمة تقرر تفاصيل الحدث.

اقرأ/ي أيضًا:اسمه جيش الاحتلال الإسرائيلي

 فيما يعلّق أسامة "رغم أن مزيد من المواجهات مع قوات الاحتلال تعني المزيد من الشّهداء والجرحى والمزيد من الوجع، إلا أنّ جانبًا منّي بالفعل لا يستطيع أن يخفي سعادته لرؤية ما يحصل حاليًا بالضفّة الغربيّة"، وينوّه إلى أنّ أحدًا لا يعلم بالضبط ما الذي يمكن أن تفضي إليه هذه الهبة الجماهيرية إذ يتمنّى أن تظل مستمرة.

إلى ذلك، يرى أسامة أن "صورة الفشل الذريع الذي مني به مشروع أوسلو "الانهزامي" رغم جميع المحاولات المستمرّة من قبل سلطة التنسيق الأمني والاحتلال لإبقائه على قيد الحياة، آن لها أن تفضح وتتوقف"، معبّرًا عن سعادته لرؤية مجهود عشرين عامًا من حقبة ما بعد أوسلو ضمنها 8 سنوات من مجهود كيث دايتون وفريقه الأمني "تضيع سدىً على يد شباب فلسطين"، مضيفًا "الجميل في الأمر أن تكون الشرارة لاشتعال هذه الهبّة هي عمليّة فردية".

وحول غزّة، فإن الأمر يبعث على الشعور بالحيرة، فأي ساحة اشتباك جديدة الآن ستسحب الأضواء عن الضفّة وما يجري فيها، وهذا ما حدث بالفعل خلال صيف العام الماضي عندما اشتعل القتال في غزّة بعد استشهاد الطفل محمد أبو خضير حرقًا على أيدي المستوطنين في القدس المحتلّة.

فيما تقول أسمى نعيم "كلّنا فلسطينيون وعلينا أن نسير على درب التحرير مهمّا كلّفنا الامر، وغزّة جزء لا يتجزّأ من فلسطين وعلينا تحمّل مسؤوليّاتنا في الأحداث الجارية".

وفي السياق عينه، يعتقد المحلل السياسي هاني حبيب أن هناك واقعًا جديدًا يفرض على الحراك الفلسطيني اتخاذ وسائل مغايرة لتلك التي تمّت في الانتفاضتين السابقتين. مضيفًا لـ"ألترا صوت"، "الأساس هو في تصاعد الحراك الاستيطاني وأقصد أن حراك المستوطنين بات أكثر تنظيمًا وتسليحًا ودعمًا من قبل الجيش الإسرائيلي، كما أن المجتمع الإسرائيلي بات أكثر يمينيّة وفاشيّة وعنصريّة تجاه الفلسطينيّين".

ويتابع حبيب بالقول إنه لم يعد من دور للقوى اليسارية في إسرائيل، الأمر الذي يعني تماسك القيادة الإسرائيليّة مع الرأي العام في مواجهة الحراك الفلسطيني القائم. إلى ذلك يستبعد إمكانية امتداد الأحداث لتشمل قطاع غزّة ويعتبر أن هذا القرار بيد إسرائيل، إذ أنها تعمل على استنزاف الحراك الفلسطيني دون تطوير الأمور إلى أن تبلغ العمليّات الفرديّة مداها وتعود الأمور لـ"طبيعتها".

اقرأ/ي أيضًا:إن شئتم أن تسمّوها انتفاضة