08-مارس-2021

ضمن احتجاجات بيروت يوم 2 آذار/مارس 2021 (Getty)

يمر على النساء اللّبنانيات يوم المرأة العالمي الذي يصادف الثامن من آذار/مارس من كل عام، في الوقت الذي دخلت فيه جائحة كوفيد-19 في لبنان عامها الثاني، ويعيش اللبنانيون أسوأ أزماتهم الاجتماعية والاقتصادية منذ إعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920. كما لم تسلم غالبية الّلبنانيين من تداعيات الانهيار الذي يعيشه بلدهم، والذي انعكس ترديًا في الخدمات، وزيادة في الجرائم، وتصدّعات في الحياة الاجتماعية، وارتفاعات في معدّلات الفقر والبطالة. وقد دفعت المرأة اللبنانية ثمن هذا الانهيار بشكل مضاعف، ماديًا ومعنويًا. 

آلاء حميد: ارتفعت معدلات العنف ضد النساء في لبنان بنسبة 150% في ظل جائحة كوفيد-19

العنف المنزلي في وقت الجائحة

ارتفعت معدلات العنف المنزلي ضمن الحجر الصحي في لبنان، وترافقت هذه المسألة مع خسارة الكثير من النساء لوظائفهن، الأمر الذي أثر على استقلالهن المادي ومختلف تفاصيل الحياة المادية والاجتماعية. وفي حديث مع ألترا صوت، قالت الناشطة الحقوقية والنسوية والمعالجة النفسية، آلاء حميد "إن جائحة كوفيد-19 أثّرت بشكل سلبي على المرأة اللبنانية، حيث ارتفعت معدلات العنف ضد النساء بنسبة 150% منذ انطلاقة الجائحة. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى اضطرار المرأة للبقاء مع الرجل المعنّف ساعات أطول داخل المنزل، سواء كان زوجًا، أخًا أو أبًا". وانتقدت حميد غياب دور الدولة اللبنانية في حماية النساء المبلَغات عن حالات العنف المتكررة ضدهن، وعدم إقرار الحكومة لقوانين العنف الأسري التي من شأنها أن تردع المعنِّفين. وأشارت حميد إلى الصعوبة التي واجهتها الجمعيات الحقوقية والنسوية في التواصل مع المعنّفات وتأمين ملاجئ آمنة لهن في ظل جائحة كوفيد-19. وقالت حميد إن "المرأة اللبنانية ستحتفل هذا العام بيومها العالمي في أسوأ ظروف ممكنة، فبعض النساء سيشهدن هذا اليوم وهنّ مسجونات في المنزل مع المعنّف بسبب الحجر، وبعضهن الآخر بعيدًا عن أطفالهن بسبب قوانين الحضانة، في الوقت الذي لا تزال المرأة اللبنانية محرومة من إعطاء الجنسية لأبنائها".

اقرأ/ي أيضًا: اتهامات جنسية تلاحق عضو كونغرس أمريكي وحاكم ولاية نيويورك

كما تحدثت الناشطة النسوية فرح درويش لألترا صوت،  عن زيادة العنف الأسري خلال فترة الحجر الصحي، وأشارت إلى خطورة تواجد المرأة مع المعنّف لساعات أطول، خاصة مع عدم وجود ملاذات أخرى تذهب إليها بسبب الإغلاق. وقالت درويش "الشوارع باتت أكثر خطورة خلال فترة الحجر الثاني، بعد إطلاق الوزارة منصة للاستحصال على أذونات تنقّل". وأضافت درويش إن "الكثير من الفتيات في لبنان يتردّدن قبل تقديم شكاوى إلى قوى الأمن في حال تعرضهن للعنف الأسري أو غيره. ومن أهم هذه الأسباب الشعور بعدم جدوى هذه الشكاوى". وقالت درويش"تعاني المرأة من غياب القوانين المدنية التي تحميها، وانحياز القوانين للرجل، إضافة إلى المجتمع الذي لا يقف إلى جانب المرأة المعنَفة، بل أنه يحملها المسؤولية أحيانًا!".

وبالحديث عن الأرقام التي نشرتها قوى الأمن الداخلي، والتي توضح الزيادة في عدد حالات العنف الأسري المبلغ عنها في فترة الجائحة، وبلغت بالمجمل حوالي 1500 بلاغ، قالت الناشطة غدي.م. إن عدد الحالات المعلن عنها لا يعكس الصورة الحقيقة، وهو أقل بكثير من عدد الحالات الحقيقية بسبب تردّد الكثير من النساء في التبليغ خوفًا من نظرة المجتمع إليهن. وقالت غدير.م. إن "أنواع العنف الذي تعرضت له النساء خلال الحجر متعددة ومتنوعة، من العنف الجسدي، إلى العنف اللفظي، والعنف الاقتصادي، إضافة إلى العنف الإلكتروني من خلال التحرش والابتزاز". 

ارتفاع سعر الدولار وهبوط مستوى المعيشة

أوجه كثيرة للمعاناة تعيشها كثير من النساء في لبنان بعد تدهور سعر صرف العملة الوطنية مقابل الدولار الأمريكي، الأمر الذي انعكس زيادة غير معقولة في أسعار الخدمات والمواد والمستلزمات في مختلف القطاعات، ومنها قطاعي التجميل والصحة. إذ تواجه النساء اللبنانيات نتيجة لذلك صعوبات كبيرة في الحفاظ على وتيرة نمط الاستهلاك والتسوق الذي كان معتمدًا لديهن حين كان سعر صرف الدولار الأمريكي ثابت بقيمة 1500 ليرة. ومن الجدير ملاحظته عند تناول القدرة الشرائية للنساء اللبنانيات مستوى ارتفاع البطالة في لبنان الذي يطال النساء أكثر من الرجال، وكذلك التفاوت والتمييز في الرواتب والمناصب، ويضاف إلى كل ذلك ما يتم تداوله عن أن نسبة اللبنانيين الذين يعيشون تحت خطر الفقر باتت تشكل حوالي 55%.

وصلت صعوبة الأوضاع المعيشية في لبنان إلى حدود صارت تواجه عندها النساء صعوبات مادية في تأمين الحاجات الصحية الأساسية كمسكنات الألم والفوط الصحية، وفي هذا الصدد تقول معلمة المدرسة دعاء بلوق، 30 عامًا، في حديثها لألتراصوت "صار كل شيء صعب علينا، وبعض النساء لا يتحملن مصاريف السلع اللازمة للتعامل في فترة الدورة الشهرية"، وأضافت "تخيل أن تصل المرأة إلى مرحلة التقشف في الفوط الصحية!". وبعد استطلاع الأسعار في إحدى محلات الألبسة النسائية الداخلية في بيروت تبين أن معدل سعر القطعة الواحدة يساوي 150 ألف ليرة.

اقرأ/ي أيضًا: جائحة كوفيد - 19 تهدد 10% من متاحف العالم بالإقفال الدائم

ضمن هذا السياق قالت المواطنة اللبنانية روان ناصيف، 32 سنة، وتتقاضى 1.5 مليون ليرة شهريًا، أن طبيعة عملها تفرض عليها أن "تكون بأبهى حلة وأن تلتزم بالـ Dress code، وهو أمر مكلف". وأضافت"أحب أن أصفف شعري لدى الكوافير باستمرار، وأن أزين أظافري وأن ألبس الماركات وأن أتسوق براحة تامة، لكن بعد أن أتت الأزمة صار معاشي لا يكفيني وتقلصت قدرتي على توفير متطلباتي الشخصية النسائية". كما أشارت روان إلى توقفها عن  الذهاب إلى الطبيب المختص ببشرتها أو شراء المراهم اللازمة لوجهها وجسدها.

فيما شاركت رشا سماحة، 27 سنة، وهي امرأة عاملة يصل راتبها إلى مليوني ليرة شهريًا، تجربتها بالقول "شعري خفيف بعض الشيء وكنت دومًا أقوم بإضافة خصل شعر إكستنشين، لكن الأن صار تسعير الخصل بالدولار ويصل إلى 150 دولار وفق سعر السوق" وتشير رشا إلى أنها كانت تستخدم العطورات الأصلية والمتنوعة، بينما اليوم بات من المتعذر عليها دفع 100 دولار ثمن زجاجة عطر أصلية، مما يعني دفع نصف راتبها الشهري. 

من جانب آخر قالت سارة نور الدين، 26 سنة، لألترا صوت "الضغط الاجتماعي على المرأة كبير جدًا، ويمكن ملاحظة ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث يسخرون من المرأة ويصفونها بالذكورة إذا لم تستوفي معايير الجمال والأناقة والترتيب والنظافة التي يفرضها المجتمع لتنال المرأة الرضى الاجتماعي وفق صورة محددة، وهو ضغط مخيف والنساء ضحايا لهذه الدعاية". فيما قالت مالكة صالون التجميل غنى قبرصلي عن تجربتها "صارت معظم النساء يأتين إلى الصالون مرة كل ثلاثة أشهر بينما كن يأتين مرتين في الشهر، وهناك من توقفن عن المجيء إلى المحل"، وأضافت "هناك أشياء تخلت عنها النساء وبدأن بفعلها بأنفسهن في منازلهن" وأشارت قبرصلي إلى أن أسعار كل المواد المستخدمة في مجال عملها أصبح ثمنها بالدولار. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مطالبات واسعة بالإفراج عن صحفي أسوشيتد برس المعتقل في ميانمار

تعقيب من الصليب الأحمر على صعوبة الوضع الإنساني في سوريا