21-سبتمبر-2019

يطالب اليمنيون بإنهاء أي علاقة مع الإمارات (أ.ف.ب)

جاء قرار الإمارات بالانسحاب الجزئي من اليمن، بعد سنوات من التدخل وتعزيز النفوذ في شمال البلاد وجنوبها، ودعم مالي وعسكري طال ميليشيات انفصالية وسلفية، ضم جزء منها مقاتلين تابعين لتنظيم القاعدة، وبعد أن قتلت طائراتها عشرات الآلاف من اليمنيين، ناهيك عن العمل على تمزيق الدولة اليمنية، وقصف القوات الحكومية التي كانت تدعمها خلال السنوات الأربع الماضية.

يبقى مستقبل العلاقة بين الحكومة اليمنية والإمارات، أو حتى التحالف السعودي، غامضًا، وسط ضغوط سعودية تسعى إلى تفريق دماء اليمنيين وكلفة الحرب الإنسانية والعسكرية، على حلفاء آخرين

في سياق ذلك، اتسعت رقعة المطالبات بطرد الإمارات من اليمن على المستوى الحكومي والشعبي، فخلال الأسابيع الماضية خرج المئات من أبناء الجالية اليمنية في العديد من البلدان العربية والعالمية في مظاهرات واحتجاجات ضد الإمارات وممارساتها، بالإضافة إلى مطالبة الرئاسة اليمنية والحكومة ومسؤولين آخرين بالاستغناء عن خدمات الإمارات ووقف دعمها للمليشيات المسلحة خارج الدولة.

اقرأ/ي أيضًا: تمدد الانتقالي في جنوب اليمن.. تقسيم البلاد برعاية أبوظبي!

قبيل انقلاب عدن الذي قاده المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي مطلع الشهر الماضي على الحكومة اليمنية، كانت المطالبات بطرد الإمارات تنحصر على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث شهدت عدة حملات إلكترونية من قبل ناشطين وإعلاميين يمنيين بارزين ومسؤولين، فضحت ممارسات الإمارات وأطماعها في احتلال اليمن وموانئه وجزره. لكن هذه المطالبات باتت اليوم تتوسع أكثر فأكثر، فالحكومة وجهت اتهاماتها المباشرة لأبوظبي بالوقوف وراء الانقلاب عليها، ودعت الأمم المتحدة للوقوف في وجه أطماعها ناهيك عن الغضب الشعبي ضد حكومة أبوظبي والمطالبات بطردها بالقوة إن لزم الأمر.

كان آخر هذه المطالبات دعوة وزير الداخلية أحمد الميسري، ووزير النقل صالح الجبواني، ونائب رئيس مجلس النواب عبدالعزيز جباري في بيان مشترك لطرد الإمارات من اليمن. كما أن الهيئة الوطنية لحماية السيادة التي تأسست مؤخرًا، من جهتها، دعت اليمنيين في داخل الوطن وخارجه إلى تشكيل جبهة وطنية واسعة  للدفاع عن الجمهورية، والوقوف في وجه الأطماع الدولية والإقليمية.

سحبت الإمارات قواتها من المحافظات اليمنية الشمالية، وخصوصًا من الساحل الغربي ومدينة مأرب نحو المحافظات الجنوبية، بالإضافة إلى إعادة العديد من قواتها إلى أبوظبي، خلال الأشهر الماضية، قبل بدء المجلس الانتقالي سيطرته على الجنوب، لكن انسحابها بقي محل تشكيك، خاصة بعد أن أتمت تدريب ودعم ميليشيات تابعة لها.

حيث إن أبوظبي وبعد أن دربت الآلاف من المليشيات المسلحة التابعة لها سواءً في الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي، أو في الشمال اليمني بقيادة طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بدت وكأنها تأخذ مسارًا جديدًا، يشير إلى تغيير في نمط علاقتها مع حليفتها التقليدية، الرياض، ومع التحالف السعودي إجمالًا.

لم تغامر الإمارات بقواتها الموجودة في اليمن، خلال عملية الانقلاب الأخيرة، فاكتفت بالدفع بالمليشيات المسلحة التابعة لها ودعمها بالمال والسلاح، بالإضافة إلى توفير الدعم الجوي من خلال قصف القوات الحكومية في محافظتي عدن وأبين. وتحاول الإمارات المحافظة على علاقتها بالرياض من خلال إعلان دعمها للشرعية، ووحدة موقفها ومصيرها مع السعودية، في الوقت الذي تضغط في الحكومة اليمنية على الرياض لطرد الإمارات من التحالف بعد أن انحرفت عن أهدافها المزعومة في استعادة الدولة وإعادة الحكومة إلى صنعاء.

بدت أبوظبي على دراسة بردة فعل الشارع اليمني والحكومة الشرعية على انقلابها والمطالبات بطردها، فعملت على دعم المجلس الانتقالي الجنوبي ومليشياته المسلحة ليكون قوة مناوئة للحكومة، وسلحته بأحدث الأسلحة، وساندت ميليشياته الانقلابية في السيطرة على العاصمة المؤقتة عدن، وما زالت حتى الآن تدعم المجلس المطالب باستعادة دولة الجنوب العربي.

ما زالت المفاوضات في مدينة جدة بين الشرعية، والمجلس الانتقالي مستمرة حتى الآن، لكنها لم تصل إلى أي حلول سياسية، فالإمارات تريد تثبيت تواجد الانتقالي والعمل على السيطرة على المحافظات الجنوبية الأخرى التي ما زالت تحت سلطة الحكومة، بحسب مراقبين. يأتي ذلك في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة بإنهاء الانقلاب، وتسليم الانتقالي الجنوبي المواقع العسكرية والسيادية التي سيطر عليها في عدن الشهر الماضي.

اقرأ/ي أيضًا: وجه الإمارات المفضوح في اليمن.. حرب على الشرعية وحقوق الإنسان

ضغوط سعودية

لا يمكن أن تجتمع الشرعية والإمارت تحت تحالف واحد بعد خيانتها الأخيرة للحكومة، لكن الرياض عملت على الضغط على حكومة هادي لكي لا تعلن صراحة ضرورة طرد الإمارات من اليمن، بحسب تصريحات صحفية، لعبدالعزيز جباري نائب رئيس مجلس النواب. فالرياض وإن أرادت أن تستفرد باليمن وثرواته وموانئه، لكنها لا تريد تحمل الفاتورة الإنسانية والاقتصادية للحرب التي شنتها منذ العام 2015 على اليمن، والتي أودت بحياة الآلاف من المواطنين وتدمير البنية التحتية للبلاد.

جاء قرار الإمارات بالانسحاب الجزئي من اليمن، بعد سنوات من التدخل وتعزيز النفوذ في شمال البلاد وجنوبها، ودعم مالي وعسكري طال ميليشيات انفصالية وسلفية

فضحت الأحداث الأخيرة التي شهدتها المحافظات الجنوبية الأهداف الحقيقية للتحالف الذي فشل في تحقيق أهدافه المعلنة للحرب، وكشفت الأطماع السعودية الإماراتية في موانئ اليمن ومخزونه النفطي. غير أن مستقبل العلاقة بين الحليفين، وكذا مستقبل العلاقة بين الحكومة اليمنية والإمارات، أو حتى التحالف السعودي، يبقى غامضًا، وسط ضغوط سعودية، تسعى إلى تفريق دماء اليمنيين وكلفة الحرب الإنسانية والعسكرية، على حلفاء آخرين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حوار جدة.. خطوة سعودية إماراتية لتمكين الانتقالي؟

بعد تواطؤ السعودية.. عدن تحت سيطرة الإمارات