23-فبراير-2019

يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن إلى الانقصال مدعومًا من الإمارات (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

لم تتوقف طموحات المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، المدعوم من الإمارات، عند حد، فبعد تمكنه من إنشاء قوات عسكرية وأحزمة أمنية، باتت تسيطر على مدينة عدن ومدن جنوبية أخرى، أصبح يستعد للقضاء على سلطات الحكومة اليمنية التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي في المحافظات الجنوبية، وتحقيق أهدافه في بناء دولة الجنوب العربي، والاستقلال عن المحافظات اليمنية الشمالية.

بسط الانتقالي الجنوبي سيطرته على المناطق الواقعة في جنوب وجنوب شرقي اليمن، بدعم إماراتي، بينما يحاول تقسيم البلاد

وتمكن الانتقالي الجنوبي، عبر مليشيات مسلحة تدربها وتمولها الإمارات من السيطرة والانتشار في معظم المدن اليمنية الواقعة في جنوب البلاد، والمنافذ البرية والبحرية والجوية.

اقرأ/ي أيضًا: وجه الإمارات المفضوح في اليمن.. حرب على الشرعية وحقوق الإنسان

وبعد ركود للتحركات السياسية للمجلس خلال الأشهر الماضية، عقب الإطاحة بأحمد عبيد بن دغر من رئاسة الحكومة، وصلت قيادات المجلس برئاسة عيدروس الزبيدي، محافظة حضرموت جنوب شرقي البلاد على متن طائرة إماراتية خاصة، لعقد اجتماع الجمعية العمومية للمجلس الخميس 14 فبراير/شباط الجاري.

أتت هذه الزيارة للمجلس الانتقالي إلى محافظة حضرموت، بعد تمكن المجلس بسط سيطرته شبه الكلية على العاصمة المؤقتة عدن.

أفصح عيدروس الزبيدي عن تطلعه في إنشاء كيان سياسي، يماثل المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، "شمال اليمن"، خلال مؤتمر صحفي في  الـ10 من أيلول/سبتمبر 2016، ليمثل تطلعات الجنوبيين في أي استحقاقات سياسية من أجل الحل السياسي في اليمن.

غير أن طموح عيدروس الزبيدي، أقاله من منصبه كمحافظ لعدن، كما أقال العديد من الوزراء والمسؤولين في حكومة هادي، منهم وزير الدولة هاني بن بريك، وأحمد حامد لملس محافظ محافظة شبوة، ومحافظ حضرموت أحمد سعيد بن بريك، والعديد من المسؤولين الآخرين الذين انضموا إلى المجلس، والذين يشكلون قيادته في الوقت الراهن.

حضرموت اليمنية

ويراهن الرئيس هادي على محافظة حضرموت التي ينتمي إليها الكثير من مسؤولي الحكومة اليمنية، ويمتلك فيها حاضنة شعبية كبيرة، والمنطقة العسكرية الثانية التي يرأسها محافظ حضرموت فرج سالمين البحسني، غير أن المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى لتمكين قوات النخبة الحضرمية التابعة له من الانتشار في كافة مناطق المحافظة الأكبر في البلاد.

وقبل وصول قيادات المجلس الانتقالي إلى حضرموت، وصلت قوات عسكرية كبيرة من مدينة عدن استقلت الطريق البري إلى مدينة المكلا عاصمة المحافظة.

جاء الدفع بقوات عسكرية لمحافظة حضرموت، لتأمين الحماية لقيادة المجلس من جهة، ورسالة لهادي وللعالم حول سيطرة المجلس الانتقالي على المحافظات الجنوبية من جهة أخرى.

في السياق ذاته، استقدمت قيادات في المجلس الجنوبي، قوات عسكرية من محافظة شبوة جنوب شرقي البلاد، ما جعل مدينة المكلا تعج بالمسلحين والعربات العسكرية، في شوارع المدينة، وهو ما أثار استياءً واسعًا في أوساط سكان حضرموت الأكثر أمنًا في اليمن.

أما في سياق ردود الفعل، علق الناشط اليمني، منصور باوادي على هذه الحادثة بمنشور على صفحته في فيسبوك بالقول: "دخول الجعاربة (أبناء محافظة الضالع) لمدينة المكلأ بهذه الصورة يشير إلى رغبتهم في كسر أنف الحضارم، وإيجاد هيبة لأنفسهم، ولكننا نعرف أن الغربان تظل غربانًا. لولا الضوء الأخضر من المملكة والإمارات، لحاجة في نفس يعقوب، لن يجرؤ لا عيدروس ولا قومه على الدخول بهذه الطريقة".

وأردف أنه "بهذه التصرفات الرعناء يضع التحالف نفسه في مرمى الهدف، فلا يلام الناس إذا رفعت أصواتها محتجة ومعارضة".

الناشط الإعلامي طارق باسلوم، من جهته، علق أيضًا بالقول: القوة العسكرية التي دخل بها وفد الانتقالي إلى المكلا تثير التساؤلات.. على الأقل (عشرات) العربات -لم أستطع أن أحصيها لكثرتها- وجميعها مليئة بالجنود والأسلحة القاذفة والرشاشة ومن بينها (مضاد طيران)!

ويتساءل باسلوم: "هل هذا طبيعي؟ لأنني لا أتذكر أن أيًا من المحافظين أو قادة المناطق العسكرية أو حتى رئيس الوزراء وربما رئيس الجمهورية نفسه قد اصطحب قوة بهذا الحجم في تنقلاته (بالمحافظات المحررة). إلى ماذا يرمي (أبوعصام) وجماعته؟ هل هي رسالة تخويف أم خوف؟ هل ما شاهدته عيناي طبيعي ويحدث دائمًا عند توفر الدعم؟".

وكان أول تهديد أطلقه المجلس عقب وصوله مدينة المكلا، هو إزالة المنطقة العسكرية الثانية التابعة للرئيس هادي، وبحسب كلمة لرئيس الجمعية العمومية للمجلس الانتقالي، أحمد سعيد بن بريك، فإننا "سنكنس كافة الألوية الموجودة في الوادي والوديعة، (حضرموت)، وبيحان بمحافظة شبوة". مؤكدًا أن مجلسه يسعى إلى فصل جنوب اليمن، مضيفًا "لن نتخلى عن استعادة الدولة الجنوبية وأصبحنا جاهزين بما في ذلك الدستور".

اتهامات كثيرة أطلقها بن بريك للحكومة اليمنية، بالفساد ونهب الأموال. كما هدد بمنع عقد جلسة للبرلمان اليمني، في مدينة عدن، واصفًا إياه بـ"المنتهي ولايته".مؤكدًا أن التحالف السعودي الإماراتي استمد شرعيته من المجلس الانتقالي، وليس من حكومة هادي.

التحركات المكثفة للانتقالي، لفصل اليمن، وتقويض سلطات الرئيس هادي بدعم مباشر من الإمارات الدولة الثانية في التحالف الذي تقوده السعودية لحرب اليمن، أجبر فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني باليمن، على الاعتراف به كقوة باتت تسيطر على الأرض. وفي تقريره السنوي، أكد الفريق أن هدف استعادة سلطة الحكومة اليمنية في جميع أرجاء اليمن بعيد المنال. مبينًا أن المجلس الانتقالي الجنوبي واصل تحديه لحكومة اليمن في جميع المناطق "المحررة".

إن من أبرز التحديات التي تواجه سلطة الحكومة اليمنية هو استمرار تآكلها. ورغم أن الرئيس هادي بقي في عدن لأكثر من ستة أسابيع في الفترة من حزيران/يونيو، إلى آب/أغسطس 2018، وزار محافظة المهرة، فإن الفريق لم يلاحظ أي إشارة تدل على أنه تمكن من تعزيز سلطته.

السيطرة على عدن

في كانون الماضي/يناير من العام 2017، أحكم المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على العاصمة المؤقتة عدن، وحصار الحكومة التابعة للرئيس هادي بقصر المعاشيق، عقب اشتباكات عنيفة دارت مع قوات الحرس الرئاسي الموالي لهادي، قتل خلالها العشرات من الطرفين. وخلال المعارك تمكنت قوات الحزام الأمني من السيطرة على معظم مديريات محافظة عدن والمقرات الحكومية، وأوشكت على اقتحام مقر الحكومة اليمنية بقصر المعاشيق، إلا أن التحالف العربي تدخل لوقف زحف قوات الانتقالي.

جاءت الاشتباكات بعد بدء تنفيذ الانتقالي أهدافه بالسيطرة على مؤسسات الدولة بالقوة، واستعادة دولة الجنوب العربي، وإعادة اليمن إلى ما قبل 1990. وتمكنت القوات الجنوبية، من السيطرة على مدن يمنية جنوبية ومواقع عسكرية وحيوية، في المحافظات الجنوبية، وباتت تستعد لثورة عسكرية قد تطيح بالحكومة اليمنية، التي يرأسها معين عبدالملك سعيد.

اقرأ/ي أيضًا: حرب الإمارات ضد الشرعية اليمنية

وتمكنت قوات المجلس الانتقالي المتمثلة بـ "النخبة الحضرمية والشبوانية والأحزمة الأمنية، ومكافحة الإرهاب"، من السيطرة على محافظة الضالع وأبين، ولحج، والانتشار في مختلف مناطق محافظة البلاد، تحت شعار القضاء على تنظيم القاعدة.

الاستعدادات الخارجية

يسعى المجلس الانتقالي لبسط نفوذه في المحافظات الجنوبية من جهة، وتوطيد العلاقات الخارجية مع الدول العربية والغربية، والأمم المتحدة أيضًا من جهة أخرى. وعقد المجلس اجتماعات عديدة مع مسؤولين بريطانيين وأوروبيين، بالإضافة إلى المبعوث الأممي مارتن غيريفث، باعتباره سلطة الأمر الواقع، في المحافظات الجنوبية.

يراهن الرئيس هادي في صراعه مع المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظة حضرموت التي ينتمي إليها الكثير من مسؤولي الحكومة اليمنية

كما بسط الانتقالي الجنوبي سيطرته على المناطق الواقعة في جنوب البلاد وجنوب شرقي اليمن، بدعم إماراتي، بينما يحاول توسيع علاقاته الخارجية؛ من أجل  تقويض سلطة الرئيس هادي، التي أضحت تفقد وجودها العسكري والسياسي على الأرض وشرعيتها الخارجية أيضًا يومًا بعد آخر. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

#أخرجوا_الإمارات_من_اليمن.. كفى تعذيبًا لشباب "اليمن الحزين"

أبوظبي والرياض في اليمن.. تغطية الفشل والصراع الخفي عبر اتهام الدوحة