15-سبتمبر-2023
gettyimages

أكدت الدول الأوروبية على استمرار تمسكها بالحل الدبلوماسي مع إيران (Getty)

قرّرت حكومات المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا عدم رفع العقوبات المفروضة على إيران المتعلقة بالصواريخ الباليستية، وهي عقوبات كان من المفترض أن تنتهي تشرين الأول/أكتوبر المقبل بموجب الاتفاق النووي الإيراني الذي سبق التوصل إليه في 2015. 

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، يوم الخميس، إن بلاده جاهزة لتنفيذ الاتفاق الذي توسطت فيه قطر مع الولايات المتحدة، والذي ستطلق بموجبه واشنطن سراح خمسة سجناء مقابل نفس العدد من جانب طهران، إضافة إلى الإفراج عن ستة مليارات دولار من الأصول الإيرانية المحتجزة في كوريا الجنوبية.

بالتزامن مع تقدم مفاوضات طهران وواشنطن في ملف تبادل الأسرى والأموال، تؤكد الدول الأوروبية عدم نيتها الالتزام برفع العقوبات عن إيران بموجب الاتفاق النووي 2015

رفض رفع العقوبات

ومن شأن خطوة رفض رفع العقوبات، أن تثير غضب طهران وتعرض استمرارية الاتفاق لخطر أكبر وفقًا لصحيفة الغارديان البريطانية.

فبموجب شروط الاتفاق الأصلي، كان من المقرر رفع بعض العقوبات في 18 من تشرين الأول/أكتوبر 2023 كجزء من بند الانقضاء الذي سيسمح لإيران باستيراد وتصدير الصواريخ الباليستية، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المُسيّرة التي يبلغ مداها 300 كيلومتر.

وفي رسالة إلى جوزيب بوريل، مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، قالت الدول الأوروبية الثلاثة الموقعة على الاتفاق، المعروف باسم E3، أمس الخميس، إن إيران ارتكبت انتهاكًا خطيرًا للاتفاق، فيما يتعلق بمستويات اليورانيوم المخصب المخزن بالإضافة لعدة انتهاكات أخرى كشفها المحققون الدوليون، وعليه فإن العقوبات المتعلقة ببرنامجها للصواريخ الباليستية يجب أن تظل سارية.

وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في بيان، إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا أبلغت الاتحاد الأوروبي بأنها تعتزم الإبقاء على عقوبات مفروضة على إيران تتعلق بالصواريخ الباليستية وأضاف بوريل في بيانه "يقول وزراء الخارجية إن إيران في حالة عدم امتثال منذ عام 2019 ويعتبرون أنه لم يتم حل الأمر وفقًا لآلية تسوية المنازعات الخاصة بخطة العمل الشاملة المشتركة"، في إشارة إلى الاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية.

getty

وأردف البيان أن الدول الثلاث "عبروا عن عزمهم عدم اتخاذ الخطوات المتعلقة برفع المزيد من العقوبات في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023".

وترى الدول الثلاثة أن رفضهم رفع العقوبات بما يتماشى مع بند الانقضاء الأصلي لا ينتهك الصفقة لأن الاتفاقية تحتوي على آليات في حالة وجود أي نزاع حول ما إذا كان أحد الأطراف قد انتهك الاتفاقية.

وقال الاتحاد الأوروبي إنه سجل نزاعًا بشأن عدم امتثال إيران في عام 2020، لكن إيران لم ترد على الإطلاق.

وكانت العقوبات الأممية التي كان من المقرر رفعها في 18 تشرين الأول/أكتوبر، مفروضة على أفراد وكيانات متورطة في برامج إيران الصاروخية والنووية وغيرها من الأسلحة. وسيتم الآن دمجها في التشريعات المحلية في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا.

وأكّدت المملكة المتحدة أنها وشركاؤها ما زالوا ملتزمين بمنع إيران من تطوير سلاح نووي، لكن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب كان عند مستوى "يتجاوز كل المبررات المدنية المعقولة"، وفقًا للغارديان.

وفي هذا الصدد، نقلت الغارديان عن متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية قوله "تواصل إيران انتهاك التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة وتقدم برنامجها النووي بما يتجاوز كل المبررات المدنية الموثوقة"، مضيفًا القول "لقد اتخذنا، إلى جانب شركائنا الفرنسيين والألمان، خطوة مشروعة ومتناسبة ردًا على تصرفات إيران".

وتابع قائلًا: "لا تزال المملكة المتحدة وشركاؤنا ملتزمين بالحل الدبلوماسي، لكن يجب على إيران الآن اتخاذ خطوات واضحة نحو وقف التصعيد"، مؤكدًا التزام الدول الثلاث "بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية".

وتؤكّد المملكة المتحدة أنّ مخزون إيران من اليورانيوم المخصب يزيد 18 مرة عن الحدود المنصوص عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة، فضلًا عن بناء ونشر مئات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة. 

وبررت إيران تصرفاتها تلك بأنها رد فعل مشروع بعد أن قام دونالد ترامب بإزالة الولايات المتحدة من الاتفاق.

وفي اجتماع لمجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت سابق من يوم أمس الخميس، وقعت 63 دولة على بيان يقول إن إيران انتهكت تعهدها بشرح اكتشاف جزيئات اليورانيوم في مواقع غير معلنة للمفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة.

وقامت إيران مؤخرًا بتخفيف جزء صغير من مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%.

ووفقًا لإسرائيل، تمتلك إيران ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة نووية واحدة في غضون أسبوع، لكنها لا تملك القدرة على إطلاق مثل هذا السلاح.

مفاوضات وضغط

وهددت الولايات المتحدة وثلاثة من حلفائها الأوروبيين، إيران بإصدار قرار آخر في مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابع للأمم المتحدة يطالب باتخاذ إجراء بشأن قضايا عدة، مثل تفسير آثار اليورانيوم التي عثر عليها في مواقع غير معلنة، لكنها تركت الباب مفتوحًا بشأن ما إذا كان سيتم المضي قدما أو متى.

ويأتي التحذير الذي وجهته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة إلى الاجتماع ربع السنوي لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الوقت الذي تعقدت فيه المواجهة بين الغرب وإيران بسبب المحادثات السرية بين الولايات المتحدة وإيران.

ويأمر قرار صدر في تشرين الثاني/ نوفمبر طهران بالتعاون بشكل عاجل مع التحقيق الذي تجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وجود جزيئات اليورانيوم في ثلاثة مواقع غير معلنة، ومنذ ذلك الحين تم تقليصه إلى موقعين.

getty

وقد أدانت القوى الغربية مؤخرًا، إيران بسبب عرقلتها عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا الشأن وغير ذلك من القضايا مثل كاميرات المراقبة التي أعيد تركيبها والتي أزيلت في العام الماضي، وتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60%، وهي درجة قريبة من درجة نقاء الأسلحة النووية. لكن بالتوازي مع ذلك، يقول دبلوماسيون إن الولايات المتحدة أجرت محادثات سرية "لخفض التصعيد" مع إيران، مما قد يؤدي إلى تعكير الأمور.

ويقول دبلوماسيون إن محادثات خفض التصعيد هذه، التي لا تعترف بها واشنطن، تغطي قضايا مثل تباطؤ إيران الأخير في عملية التخصيب إلى درجة نقاء 60%، والأموال الإيرانية المجمدة في الخارج، وتبادل الأسرى.

خفض التصعيد

جدد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أمس الخميس، التأكيد على جاهزية بلاده لتنفيذ الاتفاق الذي توسطت فيه قطر مع الولايات المتحدة، والذي ستطلق بموجبه واشنطن سراح خمسة سجناء مقابل نفس العدد من جانب طهران، إضافة إلى الإفراج عن ستة مليارات دولار من الأصول الإيرانية المحتجزة في كوريا الجنوبية.

وفي العاشر من آب/ أغسطس، أُعلن عن الخطوط العريضة للاتفاق الأميركي الإيراني الذي سيسمح لأميركيين تحتجزهم إيران بالمغادرة، مقابل نقل الأموال لبنوك في قطر، والإفراج عن خمسة إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية أن عبد اللهيان أثنى، في محادثة هاتفية مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على دور الدوحة البنّاء خلال المفاوضات التي استمرت لأشهر وأسفرت عن إبرام الاتفاق.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية يوم الاثنين إنه من المتوقع تنفيذ الاتفاق في الأيام القليلة المقبلة.

وخلال الأسبوع الماضي، أفادت وكالة "رويترز" للأنباء، أنها اطلعت على وثيقة أصدرتها وزارة الخارجية الأمريكية مرسلة للكونغرس، تتضمن استثناء من العقوبات الأمريكية، للسماح بنقل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة، من كوريا الجنوبية إلى قطر في خطوة تدخل في إطار اتفاق لتبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران، سبق الإعلان عنه.

وتقول وثيقة الخارجية الأمريكية، التي اطلعت عليها "رويترز"، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن قرر أن الاستثناء من العقوبات يصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة. بالإضافة إلى أن تحويل الأموال لن يقدم سوى "فائدة محدودة لإيران"، لأنه لا يمكن استخدام الأموال إلا  للتجارة لأغراض إنسانية، وفق الوثيقة.

وشددت الوثيقة على "السماح بتحويل هذه الأموال من الحسابات الإيرانية المقيدة الموجودة في كوريا الجنوبية إلى حسابات في قطر، أمر ضروري لتسهيل إطلاق سراح هؤلاء المواطنين الأمريكيين".

وأوضحت الوثيقة، أن الاستثناء ينطبق على "بعض المؤسسات المالية التي تقع ضمن الاختصاص القضائي الأساسي لألمانيا، وإيرلندا، وقطر، وكوريا الجنوبية وسويسرا للمشاركة في معاملات مع شركة الوطنية الإيرانية للنفط، والبنك المركزي الإيراني والمؤسسات المالية الإيرانية الأخرى الخاضعة للعقوبات الأمريكية".

أكد وزير الخارجية الإيرانية خلال حديثه مع نظيره القطري على التزام واستعداد بلاده لصفقة تبادل الأسرى

وتعتبر هذه الوثيقة أول إقرار رسمي من الحكومة الأمريكية بأنها ستطلق سراح خمسة إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة في إطار اتفاقية من أجل تحرير المواطنين الأمريكيين الخمسة. وذكرت وكالة "رويترز"، أن الإدارة الأمريكية أعلمت الكونغرس منذ بداية العملية.

وأكدت الإدارة الأمريكية أن الولايات المتحدة "لم ترفع أيًا من عقوباتها على إيران، التي لن تحصل على أي تخفيف للعقوبات".