19-أبريل-2019

يرفض الحراك السوداني أي دور للإمارات في بلاده (فيسبوك)

الترا صوت - فريق التحرير

قبل أن يبارح الشباب السوداني ميدان الاعتصام سرت بينهم المخاوف من إجهاض ثورتهم. وكانت الأعاصير قد هبت من قبل المجلس العسكري الذي تولى عسكرة البلاد بالكامل، بجانب المحاولات السعودية الإماراتية لاحتواء الثورة، وفرض الوصاية على الشارع.

أثار الدعم الإماراتي السعودي مخاوف وشكوك تجمع المهنيين السودانيين والقوى المتحالفة معه، بالإضافة إلى المحتجين في الميدان، رافعين شعارات تدعو أبوظبي والرياض لعدم التدخل

أصبح قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي (43) عامًا خلال الأيام الماضية الرجل الأقوى في المعادلة السياسية والأمنية، إذ أطاح في غضون ساعات بالمجلس العسكري السابق، ومن ثم بمدير المخابرات صلاح قوش ليصعد إلى سُدة القصر الرئاسي نائبًا لرئيس المجلس العسكري.

اقرأ/ي أيضًا: حراك السودان ومعركة الحكومة المدنية.. تحولات حاسمة

حميدتي الرجل المثير للجدل

كان حميدتي الرجل المثير للجدل في الماضي قائد ميليشيا قبلية، في غرب السودان، يتاجر في الإبل والقماش، قبل أن يستعين به البشير في مهام التصدي للحركات المسلحة، وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقيّة قد أصدرت بيانًا ندّدت فيهِ بما يقومُ به محمد حميدتي وذكرت في أحدِ تقاريرها "أنّ قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي مُتهمة بارتكاب عددٍ من الانتهاكات فضلًا عن سمعتها السيّئة في دارفور وفي مناطق أخرى"، كما برز اسمه خلال الحرب السعودية على اليمن، حيث ظلت قواته تقاتل هناك في جبهات متعددة، لكنه منذ بداية الاحتجاجات السودانية في 19 كانون الأول/ديسمبر 2018 قرر التأهب واستنفار قواته بالقرب من العاصمة الخرطوم، مع رسائل ناقدة لأداء حكومة البشير، وإبداء التعاطف مع مطالب المحتجين.

بمجرد تعيينه نائبًا لرئيس المجلس العسكري حرص حميدتي على تمرير رسالة وحيدة في بريد التحالف السعودي الإماراتي، رغم أن الأوضاع لا زالت غير مستقرة، وأعلن يوم الإثنين الماضي بقاء القوات السودانية المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، قائلًا "إننا متمسكون بالتزاماتنا تجاه التحالف وستبقى قواتنا حتى يحقق التحالف أهدافه".

لقاءات سرية

من جهتها أعلنت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر دعمها للمجلس العسكري، فيما اجتمع مجلس الوزراء السعودي، وشدد على حرص الملك سلمان على دعمه لإجراءات المجلس العسكري الانتقالي. بدورها أرسلت الإمارات وفدًا برئاسة وزير النفط، والفريق طه عثمان مدير المكتب السابق للرئيس البشير، الذي تربطه صلة قوية بالسلطات السعودية، حيث منحته المملكة جنسيتها وتم تعيينه مستشارًا لولي العهد محمد بن سلمان، لكن المثير في الأمر أنه لم تنشر أي صور للوفد الإماراتي مع رئيس المجلس الانتقالي عبد الفتاح برهان، ولا حتى مع نائبه حميدتي، ما أثار عديد الأسئلة حول دوافع الزيارة واللقاءات السرية.

رفض الوصاية الإماراتية

زيارة الفريق طه السرية برفقة وزير النفط الإماراتي، والتزام الدعم السريع بمواصلة القتال في اليمن، مقرونًا بلقاءات حميدتي مع السفراء الأوربيين، واحتلال قوات الدعم السريع للخرطوم بأسلحة ومعدات ثقيلة، وإغلاق شوارع الإذاعة والتلفزيون القومي تحسبًا لأي بيان أو انقلاب مناوئ ربما، بجانب وضع متاريس عسكرية لا يخر منها الرصاص، والحفاظ على رافعة ثورية عبر اعتصام شباب الثورة قبالة مقر قيادة الجيش، بدا كما لو أنه إشارة لانقلاب مدعوم من الخارج، استغل اضطراب الأوضاع وتمكن من إزاحة البشير وكافة الحرس القديم، قبل أن ينقض على الثورة.

غير أن الدعم الإماراتي السعودي أثار مخاوف وشكوك تجمع المهنيين السودانيين والقوى المتحالفة معه، وأعلن تحالف قوى الحرية والتغيير في السودان، أن "المجلس الانتقالي العسكري ليس مخولًا بالتفاوض لتشكيل الحكومة وإدارة المرحلة المقبلة"، مشددًا على رفض "أي تدخل أجنبي لتحديد مسار الانتفاضة السودانية"، كما رفض شباب الثورة في ميدان الاعتصام لافتات مكتوب عليها" لا للتدخل الإماراتي السعودي بوساطة مصرية، لا للدعم السعودي الإماراتي".

فيما أشارت تقارير صحفية أن رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان كان قد تولى في السابق عملية تنسيق إرسال الجنود السودانيين إلى اليمن، وأشرف على القوات البرية التي حاربت في صفوف التحالف السعودي الإماراتي، وهو على صلات وثيقة بكبار القادة العسكريين في الخليج بحكم مسؤوليته عن تنسيق الدور العسكري للسودان بالحرب، فيما كشفت مصادر صحفية عن إجراء الوفد الإماراتي مشاورات مع نائب رئيس المجلس العسكري الفريق حميدتي تضمنت مطالب بإرسال قوات من الدعم السريع إلى ليبيا، من أجل القتال إلى جانب حفتر.

اقرأ/ي أيضًا: عام الثورة على المأساة في السودان

العربية وتغطية الشائعات

من جهتها، كثفت قناة العربية الممولة سعوديًا اهتمامها بتغطية الأحداث السودانية بصورة بارزة، حيث ظلت تنقل عن مصادر مجهولة كثيرًا من الأخبار المغلوطة، من بينها خبر عن رفض السودان استقبال وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بعد وصوله لمطار الخرطوم، وذكرت قناتا "العربية" و"الحدث" أنه تم إبلاغ الوفد القطري أن الأعراف الدبلوماسية تتطلب التنسيق والاتفاق قبل الزيارة، رغم أن هذا أمر لم يحدث، بل إن الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الفريق الركن شمس الدين كباشي، سرعان ما نفى الخبر المفبرك الذي روج له الإعلام السعودي، منوهًا إلى عدم وصول أي طائرة قطرية للأراضي السودانية. 

بمجرد تعيينه نائبًا لرئيس المجلس العسكري السوداني حرص حميدتي على تمرير رسالة في بريد التحالف السعودي الإماراتي، لكسب ودهم، رغم أن الأوضاع لا زالت غير مستقرة

وقال الكباشي إن "هذا الخبر عار عن الصحة تمامٍا". وطالبت الخارجية السودانية أيضاً قناتي "العربية والحدث بـ"نفي ما نقلته مؤخرًا حول رفض السودان استقبال وفد قطري برئاسة وزير الخارجية"، ونشرت الوزارة بيانًا صباح يوم أمس الخميس أشارت فيه إلى عدم صحة ما روجت له القنوات السعودية، قائلة "نرجو أن تنفي ما نقلته إحدى القنوات الفضائية من أن السودان رفض استقبال وفد قطري برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية"، مؤكدة أن الترتيبات تجري لزيارة وفد قطري رفيع المستوى للخرطوم.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الشارع السوداني ينتفض ضد الجوع والقمع.. لا شيء لدى السلطة إلا "البوليس"

ضد الغلاء والفساد.. أبرز الاحتجاجات العربية في 2018