08-فبراير-2023
getty

قانون الانضباط العسكري يشدد العقوبات وسط معارضة داخلية حقوقية (Getty)

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للغزو، تتواصل المعارك شرقي أوكرانيا، حيث تحاول القوات الروسية استكمال تقدمها على جبهات القتال، وأعلنت القوات الأوكرانية، يوم الثلاثاء، عن أن الساعات الـ24 الماضية كانت الأكثر دموية في الحرب حتى الآن للقوات الروسية، حيث أشارت إلى أن 1030 جنديًا روسيًا قتلوا الليلة الماضية، ليصل إجمالي قتلى الجيش الروسي منذ بداية الغزو إلى أكثر 133 ألفًا، بحسب المصادر الأوكرانية. 

أعلنت القوات الأوكرانية، يوم الثلاثاء، عن أن الساعات الـ24 الماضية كانت الأكثر دموية في الحرب حتى الآن للقوات الروسية، حيث أشارت إلى أن 1030 جنديًا روسيًا قتلوا الليلة الماضية

وأفادت وزارة الدفاع البريطانية، من خلال التحديثات اليومية للحرب أن الجيش الروسي يحاول منذ أوائل كانون الثاني/ يناير الماضي استئناف العمليات الهجومية الرئيسية للسيطرة على الأجزاء التي تسيطر عليها أوكرانيا في منطقة دونيتسك، لكنه لم يحرز حتى الآن سوى قليل من التقدم ميدانيًا، وأضافت أن الروس "يفتقرون إلى الذخيرة ووحدات المناورة اللازمة لهجوم ناجح".

إلى ذلك، رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قانون جديد يشدد العقوبات على الأفراد العسكريين الذين يرفضون الأوامر، وسط حديث مستمر داخل أوكرانيا عن قسوة القانون، وتقديم التماس من قبل 25 ألف أوكراني لزيلينسكي يطالبون فيه بإبطال القانون.

.

وقال زيلينسكي في رده الكتابي على الالتماس، "مفتاح انتصار أوكرانيا، هو الامتثال للانضباط العسكري"، لكنه وعد بأن مجلس الوزراء سوف ينظر بشكلٍ أكبر في كيفية تحسين الآلية التأديبية، دون أن يحدد متى يمكن إنجاز هذا الأمر، مؤكدًا على عدم وجود تعليق للقانون في الوقت الراهن.

وتقول مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، في تقرير لها، "لقد أذهل الجنود الأوكرانيون العالم بمرونتهم ونجاحاتهم في ساحة المعركة، حيث صمدوا أمام هجوم استمر لمدة عام من قبل القوات الروسية". مضيفةً، "لكن من بين القوات الأوكرانية، عدد كبير من المجندين الجدد، يفتقرون إلى الخبرة العسكرية أو التدريب الجيد، ويكافح البعض منهم للتعامل مع الوضع". وحول ذلك، تتابع "هناك من تمرد من الجنود على أوامر القادة، أو أساء التصرف، بسبب نقص الذخيرة والروح المعنوية، لقد فروا للنجاة بحياتهم، تاركين مواقعهم".

وسعيًا منه إلى تناسق قواته، وقع زيلينسكي في كانون الثاني/ يناير، على قانون عقابي يفرض عقوبات أشد على الفارين والجنود الرافضين للأوامر العسكرية، ويحرمهم من حقهم في الاستئناف.

.

ويهدف القانون إلى الصرامة في مواجهة تداعيات انتهاك القواعد وحسن الانضباط، والاستعداد القتالي للوحدات العسكرية.  ويعاقب القانون الأوكراني على العصيان بالسجن من خمس إلى ثماني سنوات، بدلًا من سنتين إلى سبع سنوات في القانون السابق. 

أمّا الهروب أو عدم الحضور للقيام بالواجب دون سبب وجيه،  تصل عقوبته إلى 10 سنوات. كما سيتم التعامل مع تهديد القادة، وشرب الكحول والجدال في الأوامر، والعديد من الانتهاكات الأخرى بشكلٍ أكثر قسوة، وربما تكون فترة السجن أطول. 

وتشير "بوليتيكو" بأن من  ضغطوا لصالح القانون الجديد، مثل هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، يجادلون بأنه سيجعل الانضباط أكثر عدلًا.

لأنه في السابق، كانت تنظر المحاكم في القضايا، وتحكم  على أساس كل حالة على حدة، وتمكن بعض الجناة من الإفلات من عقوبات مشددة، فيما صدرت أحكام أشد على آخرين لارتكاب مخالفات أقل خطورة، بحسب مذكرة تفسيرية رافقت القانون الجديد.

لكن الجنود والمحامين ومراقبي حقوق الإنسان انتقدوا هذه الإجراءات ووصفوها بأنها أداة غير مناسبة، وأن جلسة إقرار القانون لم تتعامل مع الأسباب الجذرية لعدم الانضباط العسكري. ودعا أكثر من 25000 أوكراني، الرئيس إلى استخدام حق النقض ضد القانون، في التماس تم تقديمه إلى الرئيس أواخر العام الماضي.

وقالت منظمة غير حكومية تُدعى تحالف "إنعاش الإصلاحات"، في بيان لها "سيكون لهذا القانون عواقب سلبية على حماية حقوق الأفراد العسكريين المتهمين بارتكاب جريمة، وسيقلل من مستوى المدافع أثناء الخدمة"، وأضاف البيان "يمكن أن ينطوي هذا على مخاطر على حدٍّ سواء، لحماية حقوق الإنسان، والقدرة الدفاعية للدولة".

من جهته، قال القائد العام للقوات المسلحة في أوكرانيا فاليري زالونجي في شريط مصور مؤيدًا القواعد الجديدة، إن "الجيش يقوم على الانضباط". لكن أفرادًا من القوات المسلحة الأوكرانية، الذين أعرب الكثير منهم عن احترامهم لزالوجني، أصيبوا بخيبة أمل شديدة بسبب دعمه للقانون الجديد.

ومنذ أن شنت روسيا غزوها الشامل في شباط/فبراير 2022، تضخمت القوات المسلحة الأوكرانية بسرعة، حيث أصبح عددها أكثر من مليون جندي، أي بزيادة 250 ألف جندي.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن تدفق مئات الآلاف من المجندين الجدد، الذين اضطرت أوكرانيا إلى تجهيزهم وتدريبهم أثناء تعرضهم لوابل من الصواريخ من روسيا، قد أضر بعملية التدقيق المعتادة، وهو ما جعل بعض الجنود غير المناسبين في جبهات القتال.

ويتحدث أحد الرقباء في الجيش الأوكراني ويدعى ماركوس، في تسجيل على يوتيوب أن القادة في كثير من الأحيان لم يفهموا المشاكل والنقص الذي تواجهه قواتهم على الأرض، بسبب فشل الرقباء في التواصل الجنود، وقام بتشغيل مقاطع فيديو لجنود يشكون من نقص في الأسلحة، أو أوامر غير مناسبة أو غير قانونية من قادتهم، قبل أن يخبر الجمهور أن معظم المشاكل يمكن حلها داخليًا من خلال القنوات المناسبة، بينما بثت علنًا شكاوى أساءت إلى مصداقية الجيش الأوكراني وقوضت محاولات مساعدة القوات.

يجادل أولئك الذين يعارضون القانون الجديد بأن أوكرانيا بحاجة إلى التعامل مع الأسباب الكامنة وراء الفرار من الخدمة العسكرية وسوء السلوك، بدلًا من معاقبة الجنود الذين يخالفون القواعد بقسوة أكبر.

يتحدث أحد الرقباء في الجيش الأوكراني ويدعى ماركوس، في تسجيل على يوتيوب أن القادة في كثير من الأحيان لم يفهموا المشاكل والنقص الذي تواجهه قواتهم على الأرض

وقال ضابط في الجيش الأوكراني غادر مؤخرًا مدينة باخموت على خط المواجهة، لـ "بوليتيكو"، وطلب عدم ذكر اسمه لأن الضباط غير مخولين بالتحدث إلى الصحافة، في "بعض الأحيان، يصبح التخلي عن المناصب هو السبيل الوحيد لإنقاذ الأفراد من الموت غير المبرر، إذا لم يتمكنوا من توصيل الذخيرة أو إراحة القوات، فعندما تجلس في الخنادق لعدة أيام دون نوم أو راحة ، فإن قيمتك القتالية تصل إلى الصفر".